يبدو أن بعض قيادات الحراك مازالت تستخدم نمط التفكير القديم ولم تستطع مواكبة المتغيرات المحلية والدولية ومازالت تمارس الغنج السياسي والتمرد على الواقع وتحريض العزل المتحمسين لمواجهة ما يسمى الاحتلال ونشر ثقافية الكراهية المناطقية وتخوين الخصوم الجنوبيين وممارسة لغة التهديد والتشهير بالآخرين تحت راية الحرية والكرامة وأملا في فرض فكرة فك الارتباط واستعادة الدولة كخيار جنوبي وحيد. لم تدرك هذه القيادات أن دعاوى المظلومية التي قام عليها الحراك أصبحت اليوم أقل تأثيرا في ظل الاعتراف بتلك المظالم والاستعداد لمعالجتها تحت أي سقف وبإشراف إقليمي ودولي، مما يضع القضية الجنوبية في مرحلة جديدة من التعقيد، ويحتم على القيادات سرعة اتخاذ موقف موحد ومعتدل يجمع كل الفرقاء الجنوبيين. على القيادات أن تحمل الهم الأكبر والدور الحقيقي لها وان تغير فكرة تهييج الشارع لممارسة العدوان على الغير وحرق المقرات الحزبية والمحلات التجارية، والاعتماد على جثث ودماء البسطاء كورقة ضغط لتمثيل القضية ورفع صوتها، لابد أن تجد هذه القيادات وسائل سياسية أكثر حنكة. إذا صدقنا منطق وفلسفة القيادات الخرفة وواجهنا بعضنا كأعداء، وأصبح هدف كل منا تصفية الآخر فلنا أن نتوقع ما هي النتيجة، استطيع الجزم أن أحدا لا يحمل أي نية مسبقة للقتل أو الاعتداء على الآخرين، لكن وتجسيدا لذلك يجب أن نصنع منطقا خاصا بنا نحفظ به دماء بعضنا ونجعل التصادم بالفكر لا بالدم ويصبح نضالنا سياسيا لا انتقاميا. مشكلتنا كشعوب أننا لم نفهم اللعبة كما ينبغي, حيث ببراءتنا نصدق كذب القيادات وخطاباتها وما تبثه إلينا من إيحاءات وجرعات حماسيه، ونندفع نحو أهداف سامية لا تتحقق حتى بعد تضحيتنا بأرواحنا لأجلها، لم ندرك بعد أن القيادات المختلفة لا تتصادم مع بعضها كما نفعل نحن، بل تتفاهم بطريقتها التي تحفظ مصلحة كل طرف، وعلينا كمناصرين وجمهور أن نتفاهم مع من نختلف بلغتنا وبمشاعرنا نحن لا بمشاعر قياداتنا، لكي نبقى في النهاية أخوة وبني جنس واحد ودين واحد ويحقق كل منا حلمه المشروع دون الإضرار بالآخر. * المنتصف