بالأمس، ثُرنا على نظام كان يعرض لنا دبة الغاز ب375 ريالاً مع خدمة الفحص والتوصيل، ويبيع لنا دبة البترول ب1100 ريال، خالياً من الرصاص وبدون انتظار أو طوابير، ويوفر برميل الديزل ب6000 ريال لجميع المزارعين، ويحسب "كيلو" الكهرباء ب7 ريالات، بدون فصل أو اشتراك أو تغيير. بالأمس، استبدلنا نظاماً كان يدعم القمح والحليب والزيت والسكر وألف سلعة ضرورية أخرى، ويمنح رخص الاستيراد وفق حاجة السوق ومعايير التصنيف، ويشترط المقاييس والمواصفات والجودة في الصناعة والاستيراد، ويراقب التجار والسوق واستقرار الأسعار، ويشجع الاستثمار ويجذب المستثمرين، ويصرف الأراضي، ويمنح الإعفاءات الضريبية والجمركية، ويوفر آلاف الفرص والدراسات الاستثمارية الجاهزة.
بالأمس، أسقطنا نظاماً كان يمشي في ظله الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخشى "حتى" الذئب على غنمه، لا يعترضه عارض ولا يشوبه شائب ولا يرى قطعة سلاح في مدينة أو شارع، آمنين في سفرنا وفي حلنا وترحالنا، مطمئنين على أنفسنا وأموالنا وأهالينا، نجوب اليمن بالبطاقة للضرورة، والعالم بالجواز، رافعين رؤوسنا دون تحقيق أو اشتباه أو سؤال.
بالأمس، انقلبنا على نظام كان يوفر الوظائف العامة وفرص العمل الأخرى، ويسمي المناصب والدرجات والرُتب، ويحدد فترات التعيينات والترقيات وسن التقاعد، ويضع استراتيجيات الأجور العامة والخاصة، ويضيف البدلات والعلاوات والمكافآت، ويفرض التأمينات، ويجري مسوحات الضمان، ولم يتأخر يوماً واحداً أو يعتذر عن صرف المرتبات.
بالأمس، غيّرنا نظاماً كانت أكبر مشاكله الري بالتقطير ومكافحة التصحر، وملاحقة سجائر التهريب، وربط حزام الأمان أثناء القيادة، وتحديد أماكن وضع أكياس الزبالة، وحل الثارات، ومحو الأمية، وتعليم الفتاة، والمحافظة على الآثار، وتشكيل المنتخب، واستمرار الدوري، وتحديد مواسم الصيد، وتحسين بذور البطاطس، ودخول اليمن في ال"دبليو تي أو".
بالأمس، أزحنا نظاماً كان يُعلم أبناءنا وبناتنا بالمجان، ويبني المدارس والمراكز والمعاهد والجامعات، ويرسل البعثات تلو البعثات، ويرعى مراكز تحفيظ القرآن والعلوم الشرعية، ويفتتح المشافي والمستوصفات ومراكز الأمومة والطفولة، وينفذ حملات التحصين، ويداوي الفراد والمحتاجين برسوم رمزية، ويصرف المنح وتذاكر السفر العلاجية، ويؤسس لأكبر مرحلة تأمين صحي في المؤسسات.
بالأمس، شققنا نظاماً كان يشق الطرقات، ويبني الجسور والأنفاق، ويقيم الحواجز المائية والسدود ومجاري السيول، ويوصل خدمات المياه والكهرباء والاتصالات، ويُشيّد المطارات والموانئ، وينشئ الملاعب والمسارح ودور الثقافة والمكتبات والمتاحف، ويفتتح المجمعات الحكومية ومباني الوزارات والفروع، ويبني دولة من الصفر.
بالأمس، هدمنا نظاماً كان فيه دستور وتشريعات وقوانين وأنظمة ولوائح، وكان فيه رئاسة وبرلمان ومجلس شورى وحكومة ومجلس قضاء وإعلام وصحافة، وكان فيه أحزاب ونقابات واتحادات وجمعيات ومجالس محلية وانتخابات، وكان فيه وزارة ومصلحة وهيئة، وجهاز ومؤسسة، ومحافظة ومديرية، ومعسكر ولواء، ومنتدى وديوان قبيلة، وكان فيه حقوق وواجبات وحريات سقفها الثوابت أو السماء... فكان الجزاء من جنس العمل!