بسبع من القصص القصيرة الأشد حزناً في عالم اليوم البائس تسجل الأديبة العراقية إرادة الجبوري؛ إضافة رائعة لمكتبة السرد العربية بإصدارها لمجموعتها القصصية الجديدة عن اتحاد الأدباء اليمنيين. (فقدانات) كان اسم المجموعة الجديدة، لكن أياً من القصص ال(7) لم تحمل اسم المجموعة فقد كانت القصص بعموم أشجانها شاهد إثبات لما يدور في أرض النخيل.. أرض النحيب. الأديبة والإعلامية إرادة الجبوري التي تستعد لمناقشة رسالة الدكتورة بعد أسابيع قليلة في جامعة بغداد فاض بها الوجد واعتصرها الألم والحزن لما يحدث في أرض بابل وجلجامش وحمورابي، هذا الأخير الذي كان أول من قنن الأعراف أصبحت بلده مأوى للذئاب والغزاة وهواة الدماء.. فوضى وحصار.. ودماء.. فأين أنت يا حمورابي؟!! لكن قصص الجبوري ال(7) ترفض بأن يكون العراق وأهله وحده ضحايا الحرب ففي (مشهد من تَلَّة) تقول: (كلانا وحيد بطريقة ما. الحرب أكلت حياتنا جميعاً) . حقاً ومن منا ليس له (فقدانات) هنا وهناك. وأي تنويه أو دراسة لكتاب يوثق للأحزان لن يفيه حقه، فألف خطبةٍ عصماء لا يمكن لها أن تقنع جائعاً بأنَّ الخبز قيمة معنوية. نهر الأشجان المتدفق من أصابع إرادة الحانية لم يتوقف بين دفتي كتاب، بل تجاوز حتى الغلاف الخلفي للمجموعة القصصية ليعبر بين عيني القارئ إلى حيث .. لاحصار.. لا دماء.. لاغزاة.. كتبت إرادة على الغلاف الخلفي ل(فقدانات): .. يسير دجلة من دون أن يلتفت إليّ أو للنوارس.. للمدينة وأحلامها المتناثرة على طاولات المكاتب والكافتيريات والمطاعم.. يسير غير عابئ بالأخبار المؤلمة، شائعات الأمل، صوت المذيع، مشاكل النص المسرحي، مقص الرقيب، الجرائم وصور المفقودين، التوابيت الملفوفة بالأعلام، أسعار المواد الغذائية.. شموع النساء عند مرقد خضر إلياس، صراخ الأطفال المحتضرين في مدينة الطب المطلة عليه، نحيب الأمهات، أصوات المرضى، وصرخات أناس يرون المشارط في غرفة العمليات بلا مخدر.. يمضي بهدوء مبتلعاً كل شيء بصمت، مثلما ابتلع أحبار الكتب من قبل ودماء من أحبوه. يسير من دون أن يلتفت إليّ...