تواجه دول الخليج العربية تحدياً جديداً لأمنها قد يهدد خطط التنمية والاستقرار السياسي في هذه المنطقة، ويأتي هذا التهديد من تعاظم دور الجماعات الإرهابية الدينية في اليمن والصومال، خاصة في الوقت الذي تستعد فيه الولاياتالمتحدة الأميركية لسحب جزء من قواتها الشهر المقبل من العراق، وسحب باقي القوات في العام القادم، وكما تنوي سحب قواتها من أفغانستان قبل عام 2012. لإعلام الأميركي يحذر من بروز أفغانستان جديدة في اليمن، فهذا البلد مؤهل حالياً ليكون"أفغانستان الجديدة"، لأن تضاريسه الجبلية صعبة، ويسود فيه الولاء القبلي والديني، والدولة المركزية تواجه مشكلات عدة، ليس في المناطق القبلية فقط، بل تواجه تحديات من أهل الجنوب في عدن، وتحدٍيا آخر من الحوثيين في المناطق المتاخمة للسعودية. أرض اليمن قد تبدو خصبة لانتشار الأصولية الإسلامية المتشددة، فالنظام الجمهوري واجه عقبات على طريق تحديث اليمن. وكل المساعدات العربية والدولية لليمن لم تحقق الهدف المرجو منها. الأخبار المتسارعة من اليمن تشير إلى استيلاء "الحوثيين" على مواقع عسكرية شمال البلاد واعتقال المئات من الجنود. وتزايدت قوة "الحوثيين" وأخذهم مواقع جديدة بعد أكثر من خمسة أشهر على توقف الحرب السادسة بينهم وبين السلطة والجيش اليمني، يدل دلالة قاطعة على حجم المشكلات التي تواجهها الحكومة المركزية. وربما تحاول الحكومة اليمنية إرسال رسائل إلى حلفائها بالغرب بأن عليهم الاستمرار في تقديم مساعداتهم المالية والعسكرية. لكن ما هي التحديات المتاحة أمام دول الخليج ودول التحالف الغربي؟ لا أحد يقبل سيطرة الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها "القاعدة" على اليمن، لأن ذلك تهديد مباشر لكل دول الخليج العربية والمصالح الغربية في المنطقة ككل. ما هي خيارات دول الخليج؟ هل ستستمر في دعم الحكومة اليمنية؟ بالتأكيد هنالك أكثر من سياسة خليجية في كيفية التعامل مع اليمن، لكن الاستمرار في دعم الوضع الحالي ليس بجديد، لأن الأمور تتعقد وتتفاقم بشكل متسارع. هل دول الخليج العربية قادرة على الردع والتصدي للإرهابيين في اليمن؟ أعتقد لا، فهذه الدول وضعت كل إمكانياتها للتصدي للإرهابيين في بلدانها وتجد صعوبة كبيرة في القضاء عليهم. الحل الوحيد والمنطقي هو، تعاون دول الخليج مع قوى التحالف الغربي خصوصاً الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية. لكن هذه الدول تواجه صعوبة في إقناع شعوبها بجدوى الحرب واستنزاف أرواح الشباب الأميركي والأوروبي في حروب عبثية لا معنى لها في العراقوأفغانستان. دافعو الضرائب الأميركان غير مستعدين لدفع المال والرجال في بلدان تسودها الحروب القبلية والدينية. لذلك حرص الرئيس الأميركي الجديد على سحب قواته بأسرع وقت ممكن من العراقوأفغانستان. ربما تستطيع دول الخليج إقناع الدول العظمى بأهمية مصالحها في الخليج وأن تواجدها في اليمن أمر ضروري. لكن ماذا عن الشعوب العربية في الخليج؟ هل تحب التواجد المكثف للقوى الأجنبية في اليمن، وخصوصاً أن لدينا حركات سياسية إسلامية نشطة في الخليج لا تزال تدعم الإرهابيين في أفغانستانوالعراق؟ وأخيراً نتوقع تحركاً عربياً خليجياً سريعاً لوضع تصور موحد تجاه الأحداث في اليمن. لكن في النهاية لا يمكن عمل أي شيء فعال من دون التنسيق مع القوى الكبرى في العالم.