على أصوات الله أكبر.. والموت لعدو ليس له وجود تتحول المنازل الى ركام. يقف عليها أطفالها. وتبكي بجانبها النساء، أما الرجال فترسم وجوههم قهرا زرع في ملامحهم.. "أم صالح" تفقدت عيناها الباكيتان الركام فتساقطت دموعها على شفتين تلهج بالدعاء على جماعة حولت منزلهم إلى أنقاض، وشردتهم للعراء ولفضاء مجهول. في عالم تتعدد فيه الجماعات والميليشيات المسلحة التي تتنافس على الظهور والصدارة، وتسعى للتميز عن نظيراتها ظهرت جماعة الحوثيين إلى الواجهة بعد فشل المسميات التي تطلقها على نفسها في منحها شهرة تتجاوز حجمها فلا تمر مليشيات الحوثي على مدينة يمنية إلا وتغير ملامحها، ورغم أن الأعراف اليمنية تجرم الاعتداء على منازل الخصوم إلا أن تلك المليشيات دمرت المئات من المنازل في مناطق مختلفة انتقاما من أصحابها، وهذا الفعل ذنب في الشرع وعيب في العرف وجريمة حرب في القانون الدولي. تذكر "أم صالح " للصحوة نت" تلك اللحظات المفزعة ومحاصرة المليشيات لمنزلهم.. مليشيات الحوثي لم يمهلونا حتى دقائق نجمع فيها ثيابنا والمهم من الأثاث وهددونا بتفجير المنازل فوق رؤوسنا فخرجنا مهرولين بحياتنا قبل أن يقضي علينا تحت الأنقاض". أم صالح كانت تعيش مع عائلتها في "قرية الجنادبة بأرحب" عندما دخلها الحوثيون وفجروا "18" منزلا فيها وتشردت الأسر، ولم تكتف بذلك بل قامت "باعتقال أهلها وقتلهم". تضيف: من ذلك الوقت ونحن مشردون من بيت لبيت، ورجالنا البعض منهم معتقل، وهناك من قتله الحوثيون، وآخرون ملاحقين في كل مكان. وتوضح نبيلة سعيد وهي إعلامية وناشطة حقوقية "إن اللافت في الأمر يعود لتميز المليشيات باتباع نمط معيّن خلال توسعها من صعدة حتى بقية المحافظات، ويعتمد هذا النمط على تفجير منازل المواطنين ودور العبادة، بدءًا بمنطقة دمّاج في صعدة شمالي البلاد، وحتى مديرية حيفان في تعزجنوبًا". مؤكدة: إن ممارسات مليشيا الحوثي وتفجيرها لمنازل المواطنين هو إحياء للثقافة الإمامية وعقيدة الحقد التي تحاول إحياءها بين أفراد المجتمع اليمني المتسامح". صرخات موت فوق الركام أمام كل منزل كانت تفجره ميليشيات الدمار تنطلق صرخاتهم بمعنى الموت لأمريكا.. عندما يفجرون بيت فلاح يمني لا يسمع بالولايات المتحدة إلا عبر التلفاز إن وجد أو الراديو!! كانت تلك حكاية آل المحبشي الذين فجر الحوثيون منزلهم بصعدة وبداخله 16 من النساء والأطفال قتل يومها "(14) شخصا منهم 5 نساء و7 أطفال. يقول أحد أقارب الأسرة" للصحوة نت " منعت مليشيا الحوثي الناس يومها من إنقاذ من كان تحت الأنقاض، وغابت أرواحهم وهم يأنون تحتها.. أمهم العجوز وطفلة صغيرة أصيبت بشلل في الدماغ بسبب بقائها فترة طويلة تحت الأنقاض. يضيف: لا ذنب لهم ولا جرم.. أسرة بسيطة لا تملك سوى قوت يومها.. قتل معظم أفرادها.. وشرد من بقي انتقاما من أفرادها لأنهم كانوا جنودا في الدولة سابقا. ضحية أخرى " من أبناء صعدة هرب منها وأسرته الصغيرة بعد تفجير منزله إلى صنعاء منذ سيطرة الحوثيون عليها، وعند دخولهم صنعاء؛ كتب عليه رحلة تشرد أخرى. يقول "س ، ع "للصحوة نت " أجبرتنا مليشيات الحوثي على التشرد والنزوح من مكان لآخر منذ سيطرتها على صعدة أهلكت النسل والحرث.. وفجرت "43" منزلا في مدينة صعدة وحدها، ثم اتجهت بعدها لدماج وحاصرت أهلها وقتلت منهم الكثير ثم شردتهم وفجرت بيوتهم وهدمت دار القرآن ودار الحديث، وأكملت مسيرتها التفجيرية في كل مكان احتلته. وأكد "س.ع "للصحوة نت" أنه مايزال ملاحقا منذ دخول الحوثيين صنعاء وسيطرتهم عليها، مردفا: أنه لا يستطيع حتى زيارة أسرته التي تعيش الخوف والهلع بانتظار اقتحام الحوثيين للمنزل في أى وقت، وتشريدهم مرة أخرى. و لم يستطيع الاستقرار حتى يجد له ولأسرته وطنا خاليا من مليشيا الموت والدمار. واقع مخيف بلغة الأرقام أرقام على الأرض تكشف الواقع المر الذي يتجرعه اليمنيون في عهد الحوثي منذ تمددهم من كهوف صعدة الى ساحات صنعاءوالمحافظات الأخرى، فقد كشف تقرير لمنظمة السلم الاجتماعي والتوجه المدني "وهي منظمة محلية "في تقريرها الحقوقي للفترة 2014-الى 2015" عن "450 "منشأه فجرتها جماعة الحوثي بينها 348 منزلا تم تدميرها بشكل كلى في 17محافظة يمنية عبر استخدام عبوات ناسفة مشحونة بمادة "تي ان تي». محافظة إب نالت النصيب الاوفر من تلك الأعمال التفجيرية التي استهدفت "70" منزلا تليها محافظه البيضاء بواقع "65" منازل، ثم محافظة صنعاء بمعدل"51" منزلا معظمها في مديرية أرحب شمال العاصمة. في حين احتلت محافظة مأرب المرتبة الرابعة بمعدل "36" منزلا تم تفجيرها بمادة الديناميت، وتأتي بعدها محافظة لحججنوب البلاد ب"28"، منزلا وجاءت محافظة تعز في المرتبة السادسة ب"26" منزلا، تليها محافظة الضالع بواقع "23 منزلا، كما رصدت المنظمة تفجير 13" منزلا في محافظة ذمار، و9 منازل في محافظه عمران، إضافه الى 8 منازل بأبين و6 منازل في محافظة الحديدة ومثلها في محافظة شبوة ومنزلين في محافظة حجة" كما رصدت المنظمة نحو 500منزل تضرر بشكل جزئي في أماكن التفجير. عنتر الذيفاني، أحد الأشخاص الذين دُمرت منازلهم، قال ل"للصحوه نت: إن الحوثيين أجبروا أفراد أسرته المكونة من 13 فرداً، بينهم أطفال ونساء وكبار في السن، على الخروج من المنزل دون أن يحملوا أي شيء معهم، ليقوموا بعدها بتفجيره بما فيه. وتابع الذيفاني "كانت أسوأ لحظات حياتي، عندما رأيت أفراد أسرتي وأطفالي وقد هربوا بالملابس التي عليهم، لمنطقة همدان. قصه الذيفاني كانت جزء من مشهد يتكرر لعائله تهرب ومن خلفها ترى أنقاض منزلها يتناثر في الهواء على أصوات تكبيرات وهو نفسه المشهد الذي نراه في فلسطين عندما يقوم اليهود بتفجير منازل الفلسطينيين.. اختلفت فقط الوجوه ومكان الحدث.. ولكن الجرم واحد. التدمير بخلفية إمامية يتكرر مشهد التفجير بشخصٌ ملثّم يوصل عدداً من الأسلاك بعضها ببعض، يخرج من المنزل مسرعاً، يضغط على جهاز التحكّم من بعد، فينفجر المنزل وتتطاير شظايا وسط الغبار والتراب، فيما صيحات "الله اكبر" تتصاعد من أفواه الرجال الملثّمين. تتلاشى صور الدمار. يغادر الملثّمون المنتشون بصرخات النصر ورايات "الجهاد". تتوقف الصورة على مشهد صبي صغير، أشعث الشعر، يقعد يائساً حزيناً أمام منزل أهله المهدم؛ ضعيفاً، معزولاً، شارد البصر نحو مستقبل مجهول وحياة قاسية. كان ذلك المشهد للطفل "على الأرحبي" الذي دمرت مليشيا الحوثي منزله وتركته على أنقاضه يودع أحلامه .. هذان المشهدان يمثّلان التسارع المتزايد لظاهرة تفجير المنازل، كجزء من ممارسة "العقاب السياسي". ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه فتفجير المنازل لها خلفيات تاريخية كشفتها بحوث ودراسات ذكرها مؤرخون يمنيون منهم محمد بن الأكوع الذي أكد أن تفجير بيوت الخصوم السياسيين عادة إمامية قديمة ومتجذرة في أنظمة الحكم الإمامية -التي يهدف مشروع الحوثي إلى إعادتها منذ وصول الهادي الرسي إلى اليمن قبل أكثر من ألف عام" التفجير والتدمير هو المشروع الوحيد الذي تفوقت فيه ميليشيات الحوثي، فضلًا عن مشاريع القتل والاختطاف، عنصريه وثقافة حاقد ستتلاشى بيد طفل شرد وهجر من منزله الذى فجره الحوثيون.. طال الزمن أو قصر.