عندما أراد أبرهة الأشرم الحبشي هدم الكعبة ، و خرج بجيش جرار متوجها به إلى مكة لتنفيذ رغبته العدوانية، توارت الكيانات العربية يومها - و هي مجرد كيانات قبلية ، لا يربطها رابط جامع - عن مواجهة أبرهة، و منعه عن تنفيذ ما يريد من اعتداء تجاه البيت الحرام التي يرونها شرفهم، و أعظم مقدساتهم. لكن لم تخل الساحة يومها من آحاد الناس أو المجاميع الصغيرة التي أبت علها كرامتها أن تخضع أو تخنع و لا يكون لها موقف. ففي اليمن تصدى رجل يقال له ذو نفر و معه عدد قليل من قومه لأبرهة ، و لكنه هزم فأخذ أسيرا. و في الطائف كرر عربي آخر ما فعله ذو نفر فلقي نفس المصير، غير أن رجلا من ثقيف، يكنى ( أبو رغال ) لم ينكر على أبرهة جريمته، بل تمادى في ممالأته و خيانته لمقدساته و عروبته ، فرضي أن يكون دليلا لأبرهة إلى مكةالمكرمة، و هو يعلم رغبته و قبح صنيعه المزمع . إلا أنه لم يمض معه غير قليل فمات في الطريق قبل ان يصل الى مكة، فصار كل شخص يمر بقبره فيما بعد يرجمه ، تعبيرا عن سخطهم لموقفه و فعله الدنيء . أبرهة أراد يومذاك هدم الكعبة، و( نتن ياهو) اليوم يريد تنفيذ تخطط له الصهيونة من قديم و هو إغلاق المسجد الأقصى، تمهيدا لهدمه . فهل سيقف مجددا ذو نفر وحيدا في غزة و أكناف بيت المقدس ، أم ستكون - لا قدر الله - شاكلة أبي رغال أكثر حضورا !؟ تقف المقاومة الفلسطينية اليوم و منذ أعوام بكل صلابة و عناد و إصرار ، في وجه الصلف الصهيوني، فيما تتوارى مواقف الكيانات العربية يوما بعد يوم. ترفض عواطفي أن تقول ، فضلا عن أن تقر نفسي أو تعترف أن أحدا في عروبة اليوم يمكن أن يلعب دور أبي رغال ، حتى و لو قيل ( دحلان ) ! نفسي ترفض ان تصدق أن هناك أبو رغال جديد . لكن نفسي في المقابل تلمس بوضوح خذلان قومي للأقصى و من حوله . أن يخذلك أخوك بالصمت و التشاغل عنك مشكلة ، و أن يخذلك عن تقديم أي دعم فهي كارثة، و لكن لا تطاوعني نفسي و لا يمكن أن تعترف عواطفي العروبية أن يكون هناك أبو رغال ، يسند العدو و يمشي في ركابه ! أما الخذلان يا أيها الأقصى المبارك؛ فإنني أقف في عمق يقين التصديق ، أمام فقرة من حديث النبي المختار ( لا يضرهم من خذلهم ) ! سيكتب النصر للأقصى و لفلسطين بإذن الله و بقوم يحبهم و يحبونه، و سيقول - يومها - لسان حال الشعب الفلسطيني الصامد ، معاتبا إخوانه العرب :
لو أن كل معد كان شاركنا في يوم ذي قار ما اخطاهم الشرف