تشهد محافظ الحديدة جملة من الاحداث والتداعيات يتداخل فيها الموضوعي مع الدرامي، موضوعية تتمثل بالمطالب المشروعة للسكان الذين حرموا منها طوال سنوات الحكم العائلي، وعبرت عنها الثورة الشبابية الشعبية في مسيراتهم المتتالية التي حملت اشواق واوجاع السهل التهامي، فهناك ثورة في تهامة تطمح لتجاوز كل مخلفات الماضي البائد بكل مساوئه ومظالمه وفساده. وهذا الذي اكد شرعية ومشروعية الثورة اليمنية انها عبرت عن احلام وتطلعات اليمنيين قاطبة. وهناك للأسف احداث وحركات تصنعها قلة من مراكز النفوذ وأصحاب المصالح والارتباطات الشخصية المتضررة من انتهاء النظام البائد، تحاول استغلال اعمال تخريب تقوم به بقايا النظام في محاولة يائسة لخلق مشكلات وتحديات امام الثورة ودعاة التغيير والاصلاح الوطني الشامل الذي يتطلع اليه اليمنيون اليوم، وحين نعدد الاحداث التي تشهدها محافظة الحديدة يتجلى لنا العديد من الاستفهامات والحقائق والوقائع التي تتكشف وتتجلى في عدد من الاحداث والتداعيات اليومية، فالأحداث الامنية المتكررة كاختطاف اجانب ومحاولة اغتيال آخرين كما حدث خلال 4 الاشهر الماضية في محافظة الحديدة، اضافة الى قيام بعض مراكز النفوذ بالتحريض ضد الخدمات العامة التي تشهد تدهورا منذ عقود من السنين مستغلين غضب المواطنين من انقطاع التيار الكهربائي اضافة الى تدهور الخدمة وتفشي الفساد في بعض هذه المؤسسات والتي تؤكد كل الشواهد والدلائل بأنها مدروس وممنهجة ومحاولة بائسة لخلق ثورة مضادة من قبل بقايا نظام المخلوع وهم قلة مدعومة من المخلوع ومعروف انتماؤها وارتباطاتها واهدافها لكافة ابناء السهل التهامي تحاول الوقوف تجاه ما انجزته الثورة الشبابية على ساحة الوطن رغم كل التحديات. فخروج ساحة جديدة لجمعة في الكورنيش تطالب بالكهرباء اعتبره البعض بأنه احتجاج لم يكن يحمل مطلبا حقيقيا بقدر ما هو مسيس ويهدف لخلق مشكلات وتحديات مقرونة بالفوضى وليس بالاحتجاج السلمي كما دأب عليه ابناء تهامة في مختلف احتجاجاتهم، خاصة وان ثمة تصريحات وخطوات بثت عن حملات تصعيدية تدعو لقطع الشوارع واعمال شغب غير مبررة بل اندفع بعضهم يهتف للمخلوع، والمتصدرين لهذه الاعمال لم يسمع لهم صوت اثناء الازمات التي مرت بها البلاد في عهد النظام المخلوع لم يحرك احدهم ساكنا ازاء اعمال النهب والفيد التي تعرضت له الحديدة وسكانها، بل كان البعض مشاركا في عمليات تحويل ابناء الحديدة الى مجرد جمهور مصفق للحاكم الفرد، في المواسم الانتخابية بينما اكتفي البعض منهم بالفرجة ازاء ما تعرضت له الحديدة من حرمان وقهر وتسلط ونهب وفيد وفساد مروع في العهد العائلي البائد. الشيخ هادي هيج وهو احد الشخصيات التهامية المعروفة تحدث بالقول، ان أي احتجاج في هذه الفترة الثورية خارج ساحة التغيير وخارج التنسيق الثوري المترابط بالأهداف العامة للثورة اليمنية اليوم لا يعد عملا ثوريا لان مطالب الثوار معروفة للجميع ثورة سلمية ذات مطالب حقيقية تسعى لتحقيقها ضمن الاهداف العامة وهو ازالة النظام العائلي الفاسد ومن يتبعه من ذوي المصالح التي لا تقدر العيش بدونه لأنها مثل السمكة لا تعيش الا في البحر.. هكذا نظام على صالح المخلوع بالنسبة للفاسدين. ويضيف الهيج: رغم ان هناك نوايا حسنة وتحظى بحس وطني الا ان هناك من يحاول التغرير بهاو ادراج مطالب الناس ضمن سياسة عصابة الحكم العائلي، لكن هذه النوايا اصيبت بالإحباط وهي ترى ان هذه التجمعات الصغيرة التي تظهر هنا او هناك وسرعان ما تتجزأ وتتشظى وتنقسم بها الاموال والمصالح، فخلقت لها مبرر للهتاف للماضي وللمخلوع على وجه الخصوص كوسيلة للضغط على رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق وهذا ما يريده المخلوع في ادارته للتخريب والازمات على امتداد ربوع الوطن، لكن اعتقد ان الناس شبو عن الطوق ووعوا كثيرا حجم التحديات التي يواجهها اليمن اليوم من خلال بقايا النظام الذي يسعى جاهدا العودة بعقارب الساعة الى الوراء. من جهته يتساءل الأديب والشاعر في تهامة احمد بهال: لماذا لم ينظم هؤلاء الى الثوار في ساحتهم؟ ولماذا يحصرونها في الكهرباء فقط بينما نظام المخلوع ترك الحديدة على رصيف ساخن في العراء تكابد الحرمان والقهر والفاقة والفقر وفي كافة الخدمات، واليوم يعرف الجميع من يدمر الكهرباء ومن يسعى لتخريب مؤسسات البلاد؟!.. لماذا لا يخرجون منددين بعصابات الحكم العائلي؟. ويتحدث المحامي صلاح احمد بأسى عن لجوء البعض للتخريب بدعوى الاحتجاج، لان التخريب والفوضى لا تبني ولا تساعد على الاصلاح والبناء بقدر ما تدفع الى الهدم والفوضى وهذا هو مطلب النظام البائد وما يسعى له طوال هذه الفترة الماضية والسابقة؟!.. ماذا يستفيد المواطن من تخريب ابواب ومباني مكاتب الكهرباء؟ او ضرب محولات، هناك من يسعى الى تكرار سيناريو مأرب في الحديدة، لان المطالب تنتزع بالطرق السلمية وليست بالعنف والفوضى الذي لا يستفاد منها سوى اعداء اليمن ، ودعاة التخريب واثارة المشكلات امام أي هدف للبناء والاصلاح. بسيم الجناني وهو ناشط حقوقي يقول ان محافظة الحديدة والتي تعتبر من المحافظات الاكثر عددا في السكان والاكثر ايرادا لخزينة الدولة، كان النظام البائد يمارس فيها ابشع انواع النهب والفيد والفساد بينما سكان المحافظة يغرقون في الفاقة والفقر والبؤس وتنهار الخدمات العامة دون ان يحرك احدا ساكنا ازاء ما كان يحدث، واليوم وفي الوقت الذي يحاول الجميع لم الشمل وتوحيد الجهود لتجاوز الماضي البائد والبحث عن حقوق هذه المحافظة المنهوبة يتقدم الناهبون والمتواطئون مع النظام السابق ثورة مضادة ضد نوايا الاصلاح الوطني. ويرى ابراهيم علان – شخصية اجتماعية في مديرية القناوص - أان الشعب الذي صبر 33 عاما على الظلم والقهر والاستبداد عليه ان يصبر على الارث الذي خلفه النظام العائلي البائد، لان الذي يبني ليس كمن شأنه الهدم. وقال: نحن بحاجة الى الاستمرار في هذه الثورة التي لا تزال قائمة في ساحاتها مطالبة باستكمال اهدافها الثورية حتى الانتهاء من بقايا الحكم العائلي الذي لا يزال البعض يحن اليه ويحاول ان يلتف على الثورة، متناسين ان الشعب اليمني ثار وسيمضي في ثورته حتى النهاية ولن يسمح بعودة الماضي أيا كانت التضحيات فالشعوب تمضي في مشاريع التغيير والنهضة ولا تتراجع للوراء هكذا تقول سنن التاريخ.