قامت ثورات الربيع العربي في مختلف البلدان العربية بالتزامن مع بعضها فنجحت الثورة في مصر وتونس وليبيا وفي سوريا بدأت بوادر النصر تلوح في الافق أما ثورة اليمن فلا نستطيع ان نطلق عليها نجاحا كاملا نظرا للأخطاء الفادحة التي ارتكبها السياسيون في إدارة الثورة. كل الثورات العربية لم تكن لتنجح لولا فضل الله تعالى ثم التضحيات التي قدمت والدماء التي سالت وما من ثورة في العالم الا ودماء الشهداء هي الوقود والدافع لها. ولهذا يعتبر دم الشهيد أغلى وأعظم الدماء التي تتفاخر بها الأمم في كل زمان ومكان لأنه مات من أجل أن تحيا أنت وقدم روحه رخيصة من أجل أن يهيئ لك حياة سعيدة تنعم بها أنت والجيل الذي يأتي بعدك. حقوق الشهداء مكفولة في جميع الشرائع السماوية والدساتير والقوانين والأعراف الدولية، وتتكون من شقين ( العدالة والرعاية). فالعدالة من الحقوق التي يجب على الدولة تحقيقها في معرفة القاتل وإدانته خاصة وان شهداء ثورة الشباب في اليمن قتلوا عمدا مع سبق الاصرار والترصد دون أي جرم اقترفوه. أما الحق الآخر فهو رعاية أسرهم وهذه أيضا مسؤولية الدولة يجب عليها أن تتحملها ليس تفضلا ومنة بل هي واجب وشرف تحظى به ان تخدم أسر شهداء الثورة. كل الشهداء الذين قضوا في الثورات العربية تركوا خلفهم أسرا تفتخر بهم وتباهي بأسمائهم (ابني اخي ابي زوجي ... شهيد) فخر ما بعده فخر لكل أسرة قدمت شهيد. ففي مصر في جانب العدالة تمت محاكمة القتلة والمجرمين ابتداء برأس الهرم المخلوع حسني مبارك وكل من عاون أو شارك أو أمر أو نفذ وأودعوا جميعا السجن. وفي الجانب الرعائي تكون المجلس القومي لشهداء الثورة وبداء فورا بجمع البيانات وتوثيقها وإعداد الخطط اللازمة لرعاية أسر الشهداء وفعلا بدأت الأسر تلمس الثمرة في واقع حياتهم. وأذكر أن أول عمل فعله الرئيس المصري المنتخب بعد الثورة مقابلة أسر شهداء الثورة وكأن همه الأول هو الوفاء للشهداء. وفي ليبيا قامت حكومة الثورة باستحداث وزارة للشهداء تقوم على رعايتهم والاهتمام باسرهم وأبنائهم. وتونس أيضا لم تكن أقل من سابقتها فقد حوكم القتلة والمجرمين ابتداء بالهارب زين العابدين بن علي وكل معاونيه وصدرت ضدهم أحكام قضائية، كذلك بادرت الحكومة برعاية أسر شهداء الثورة التونسية. لكننا للأسف عندما نتحدث عن وضع أسر الشهداء في اليمن وما واجهوه من إهمال وتجاهل من قبل الحكومة ورئاسة الجمهورية يخيل إلى المتابع لأحوالهم أن ما تقوم به الجهات المذكورة إنما هو عقاب لهم لأنهم تركوا أولادهم يثورون ويقدمون أرواحهم رخيصة من أجل أن تحيا اليمن حياة مختلفة. 1335 شهيدا وأكثر من 400 معاق إعاقات مختلفة، وآلاف الجرحى يئنون ولم تحرك الدولة ساكنا، فالجرحى تكفلت قطر وتركيا بعلاجهم وكأن الدولة ليست معنية بهم ما يقارب 2000 أسرة شهيد ومعاق يموتون قهرا من رؤية قاتل شهيدهم يسرح ويمرح ويعيش حرا طليقا بل ويتحدى، وفي نفس الوقت يتألمون من إهمال الدولة لرعايتهم لا سيما وأن عائلهم الوحيد قد قضى شهيدا. الغالبية العظمى منهم أسر فقيرة لكنها في الوقت نفسه أسر عزيزة كريمة لم نرها تخرج يوما تطلب من الدولة رعايتهم أو توفير لقمة العيش لهم برغم ما بهم من حاجة ماسة لكل ذلك وهو حق مكفول لهم لكنهم أبوا إلا أن يكون همهم الأول استكمال أهداف الثورة التي قضى من أجلها شهداؤهم. المفترض أن تقوم الدولة بواجبها بدون أي مطالبة او تذكير من قبل أي جهة كانت ولكن للتذكير أن كانوا مؤمنين نحن كمجلس شهداء وجرحى الثورة السلمية نطلب من الحكومة التالي: ا- الإسراع بتشكيل لجنة التحقيق المستقلة في جرائم وانتهاكات عام 2011 بحسب قرار مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان رقم 51 لسنة 2012. 2- تشكيل هيئة وطنية لرعاية أسر الشهداء والجرحى والمعاقين مرتبطة مباشرة برئاسة الوزراء وتضم في عضويتها الوزارات ذات العلاقة كذلك تظم في عضويتها ممثلين عن أسر الشهداء. إن لم تقم الدولة بما يجب عليها وتنكرت لدماء الشهداء فهي الخيانة بعينها وفي هذه الحالة لا نلومهم بل نلوم أنفسنا حينما رضينا بأنصاف الحلول وأفسحنا المجال لغير القوي الأمين كي يتقدم الصفوف ويتولى قيادة الدفة. وفي الأخير أتذكر مقولة قالها من جربوا قبلنا (الحقوق تنتزع ولا تستجدى). [email protected]