في أول صفحات أنشطة اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني، توجد عدة نقاط بعضها بيضاء تفاؤلية وأخرى سوادء حزينة ومخجلة لمن أوجدها ويدافع عنها في مرحلة تتطلب حرصاً ودقة في اختيار الموضوعات والمضامين الوطنية الرئيسية التي تتسق وأهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية، فما من شك، أن ثمة بنود حددها الأعضاء كمرتكز رئيسي تقوم عليه طاولة الحوار الوطني القادم؛ المعول على نتائجه، إعادة بناء اليمن وفق عقد اجتماعي يكتبه كل الأطراف.. وهي إيجابية بمجملها، غير أن هناك بعض الأخطاء البسيطة في اختيار بعض البنود أو الموضوعات الجانبية التي هي محل جدل أصلاً منذ مدة..إذ أنها ستكون حاضرة طبعاً، في طاولة الحوار لكن في سياق البناء القانوني والتشريعي الجديد للدولة. لقد أثار الحديث عن إدراج قضية زواج القاصرات في برنامج عمل مؤتمر الحوار الوطني القادم، جدلاً واسعاً في الأوساط اليمنية المهتمة بمراقبة أنشطة اللجنة الفنية التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، والتي شكلت بقرار رئاسي ونال تنوعها إعجاب كثيرين فضلاً عن عدم وجود ثمثيل داخلها على أساس قبلي أو عسكري.. ولم يكن حريٌ بأعضاء اللجنة الذين أصروا على إدراج هذه القضية في مؤتمر حوار يفترض أن يخصص للعناوين الرئيسة في أزمتنا اليمنية..ليس من شك، أن هناك حقوق للطفل وللمرأة وللمهمشين وللعمال ولكل فئات الشعب اليمني الذي يبحث عن حياة جديدة ومغايرة، لكن بعض هذه التفاصيل ليس من المعقول أن يتم التوقف حولها وإحداث شرخ في أوساط اللجنة المنوعة الأطياف، أو إثارة الجدل حول عملها مما يساهم هذا الجدل الذي قد يستغل سلبياً، في تثبيط عزائم أعضاء اللجنة والرئيس هادي والقوى السياسية والمشرفين الدوليين. لا أحد يستطيع أن يوفق موجة الانتقادات التي وجهت للجنة إثر هذا الأمر، إذ تدافع الكتاب والصحفيون والنشطاء على تسطير انتقاداتهم اللاذعة لفكرة إدراج زاوج القاصرات في أجندة أعمال المؤتمر الوطني، ذلك من الطبيعي بل والمفترض أن تأخذ بعين الإعتبار في أي قرار لنشاط قادم تقوم به اللجنة الموقرة.. ومن بين العناوين التي طالعتها وراقتني مقالة للزميل سامي نعمان بعنوان "مؤتمر حوار وطني لزواج القاصرات" وغير هذه الكثير من الكتابات التي انتقدت موضوع ادراج زواج الصغيرات في طاولة الحوار الآن. وتوالت إلى ذلك، ردود الأفعال من المراقبين والمهتمين بحيث تؤكد جميع الانتقادات ما مفاده أن عشرين نقطه قدمت من قبل اللجنة للرئيس هادي للأخذ بها كأرضية ملائمة للحوار الوطني القادم، وجل ما كتب يؤكد حقيقة أن تلك النقاط يشوب بعضها السواد وعدم الوضوح وربما الفهم والوعي من قبل أعضاء اللجنة. ولقد شدني أكثر من بين كل ما كتب هو رأي رئيس تحرير صحيفة النداء سامي غالب على صفحته بالفيس بوك، إذ يقول سامي غالب: بعد مرور 10 أيام على لقاء الرئيس هادي باللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني التي اقترحت عليه 20 نقطة (لاتخاذ قرارات بشأنها) من أجل التهيئة للحوار الوطني, يعتمد الطرفان سياسة صرف الاهتمام نحو قضايا أخرى: الرئيس باتجاه القاعدة وخطرها, واللجنة الفنية باتجاه "زواج الصغيرات"! وأضاف الصحفي غالب: القاعدة تحد خطير يواجه اليمن في المرحلة الانتقالية, وزواج الصغيرات ممارسة تنطوي على انتهاك جسيم للطفولة, لكن الرئيس هادي واللجنة الفنية مطالبان بالتهيئة للحوار الوطني والتحضير الجيد له, فالقاعدة تحد مستمر, قبل الحوار وبعده, لكن حوارا وطنيا جادا من شأنه توفير أرضية سياسية واجتماعية تمكن الرئيس هادي من التعامل الكفؤ حيال هذا التحدي. وبحث ظاهرة زواج الصغيرات في أجواء صحية بعيدا عن المزايدات والسجالات الاعلامية وذهنية التحريم. وفي سياق اقراحاته للجنة الفنية قال غالب: اللجنة الموقرة, مع التقدير لنبل مقصد بعض أعضائها, مطالبة أولا بالضغط من أجل الوفاء بما كانت قد اعتبرتها ضرورات تهيئ للحوار الوطني, من دون تحقيقها لن يكون بوسعها المضي قدما في التحضير للحوار. وأضاف في قراءته الموضوعية لأنشطة اللجنة الفينة للتحضير للحوار: بوسعي أن أفهم موقف بعض القوى السياسية الممثلة في اللجنة, خصوصا المؤتمر الشعبي واللقاء المشترك, وهاتان القوتان تتقاسمان "حكومة الوفاق الوطني" التي لا تبدي أي اكتراث حتى اللحظة بكل ما يمت للحوار بصلة, وهما اعتادتا على اطلاق الوعود ثم النكث بها, مثلما أدمنتا الهروب من الاستحقاقات أو الالتفاف عليها, لكن ماذا يفعل المستقلون والحوثيون وأولئك الذين يمثلون الجنوب (حسب زعمهم او بمقتضى قرار تكليفهم) في اللجنة؟ لعلهم يتلقون دروسا من المؤتمر الشعبي واللقاء المشترك في فن هدر الوقت وخفض الحساسية الوطنية وتكديس القضايا في جدول الأعمال! وقال الكاتب سامي غالب في خاتمة رأيه: إذا ضبطت اللجنة الفنية إيقاعها على نغمة الرئيس هادي وطرفي اللعبة السياسية العتيقة في اليمن (مؤتمر ومشترك) فإنها ستقود البلد إلى حوارية فوضوية لا إلى حوار وطني. المستقلون, كما كتبت بعد ساعة من إعلان تشكيل اللجنة, هم من يعول عليهم إحداث الفارق, لأن الحزبيين أدمنوا الإقامة في خيمة الفشل... وأخشى الآن أن يستقيل المستقلون عن مسؤوليتهم فيكونون "خيبتنا الأخيرة"! ببساطة، لا يجب أن تغفل اللجنة نصائح المهتمين وأن تتسم بالشفافية سواء في اجتماعات لمفردها أو مع القوى السياسية المحلية او مع جمال بن عمر، لتخرج هي والحوار واليمن إلى طريق النور، بحيث أن الجميع داخل البلد من أي الاتجاه كان، حريص على مستقبل أطفاله في يمن ينعم بالخير والامن والنماء.