ممارسات الشركاء في حكومة الوفاق تبدو غير منطقية ، وغير مبررة أيضاً والحديثُ هنا عن نصف الحكومة اليوم وكل حكومة الأمس ، إذ من المفترض أن يقوم كل وزير بدوره المكلف به حسب اختصاصات الوزارة ؟ هكذا يتساءل المواطن اليمني حين يجد أن هناك شبه شلل لأداء الحكومة وبعض وزرائها ، يبلغ السؤال مداه من المواطن مغلفاً بحيرة أيضاً : إذا لم يقم كل موظف بدوره فعلى الأقل يجب أن لا يقف حجر عثرة أمام التغيير!! وتجد الحيرة قائمة حقاً وهناك من يعمل على ذات المسار في عرقلة الأداء لمهام الحكومة وبعض مكاتبها في أغلب المحافظات ليأتي السؤال: هل هذا ثمن الوفاق؟ يعترف الجميع أن أبرز دوافع الثورة هو جحيم الفساد الذي دفع الشعب اليمني إلى المخاطرة بكل شيء من أجل انقاذ ما تبقى من مؤسسات الدولة وكانت هي التركة الأثقل للنظام السابق على كاهل الشعب اليمني ووجعه الأخطر الذي لن يبرأ منه على المدى المنظور حسب ما تقول التقارير الرسمية والدولية ، ويمتد الاعتراف ذاته إلى أن الفساد منتج حصري بالنظام السابق والذي كان المؤتمر الشعبي العام القطب الوحيد العامل على مدى سنوات في مؤسسات البلد ، وبحجم الكارثة كانت ساحات الثورة تمتد في ربوع الوطن تندد بموروث سيء وتخشى ان تتحمل تبعاته اليوم حيث يقول نشطاء في الثورة الشعبية أن اعلام النظام السابق يستخدم الفساد كأداة لتيئيس المواطن من التغيير مع انه من أنتجه طيلة عقود ويذكرون بأن الثورة انتفضت على كتلة ضخمة من الفساد فقد كانت اليمن ضمن أكثر الدول الفاشلة حسب تقارير دولية ، لكن أرقام الفساد مخيفة حقاً تظهر تباعاً بأرقام صادمة خصوصاً منذ بدء مؤتمر الحوار الوطني الشامل حيث يكشف المحامي فيصل خليفي عضو الحوار الوطني عن مجموعة كفاءة الإدارة ومحاربة الفساد في فريق الحكم الرشيد رئيس منظمة " نسكويمن "أول منظمة مناهضة للفساد في اليمن أن هناك ملفات كثيرة متعلقة بالفساد وصلت إلى أكثر من 3 ملايين تقرير منذ العام 1990م ذمار نموذجاً في محافظة ذمار كان وزير المالية قد اتخذ قرارا بتغيير مدير عام مكتب المالية بمحافظة ذمار غير أن محافظ المحافظة اللواء يحيى علي العمري رفض ذلك القرار وقال مقربون من العمري أنه برر ذلك بأن التغيير سيكشف عن مساوئ المؤتمر الشعبي العام وعهد النظام السابق ، في محافظة ذمار لا شيء يسير إلى الأمام !! لا شيء ، في غمضة عين تجد أزمة ما إما في المواد البترولية والمحروقات أو في المواد الغذائية أو حتى في أي موضوع يمس حياة المواطن ، يبلغ بأهالي ذمار الضيق إلى الحلقوم ويسخط الذماريون على أداء المحافظة ومكتبها التنفيذي هناك ، كل شيء في ذمار لم يعد على ما يرام يقول الثوار أنهم يشعرون أن يداً تعبث بالوظيفة العامة من أجل أن توصل رسالة للمواطن في ذمار مفادها أن الثورة لم تثمر سوى الحنظل!! ، يقف سائقو الشاحنات الشهر الماضي أمام المدخل الشرقي للمدينة ليقطعوا الخط العام عن الداخلين إليها، لقد بذلوا كل الوسائل واتخذوا كل أسلوب من اجل أن يلتفت المحافظ ومكتب الأشغال العامة لمطالبهم بردم الحفريات التي تمتلئ في كل شوارع المدينة حتى لا تكاد تقطع متراً إلا وفيه عدد من الحفر ، يقول سائقو الشاحنات " سيحتجون ان وضع البلد سيء وأن المحافظة لا يوجد لديها موارد ، نحن ندفع لهم إيرادات من الكوشن كل يوم لو كان بيد أحدنا لأصلحنا الطريق وعبّدنا طرقاً إضافية" يشتكي هؤلاء السائقين أن خساراتهم أصبحت باهظة جداً ، يتذمرون من التجاهل لأنهم "يخسرون مئات الآلاف في إصلاح مركباتهم ، بين الحين والآخر تجدنا عند أصحاب الورش" يقول أحدهم "لقد قالوا لنا أن الطريق ليس من اختصاصاتهم" يقصدون المحافظ ، وفي موقف ذات اتجاه آخر قال طلاب بجامعة ذمار أنهم توجهوا إلى محافظ المحافظة للشكوى عن وضع الجامعة غير انهم تفاجأوا برد المحافظ بشكل متشفي وشامت قائلاً لهم " خلوا الثورة تنفعكم " !! يتحرك المحافظ العمري بهذه السياسة وينطلق من هذا المسار حاقداً على الثورة التي أطاحت بنظام صالح ، يقول العمري أن الأداء لو تحسن فإن رضى الناس سينتشر ، وسيحقدون على النظام السابق باعتباره منتجاً للفساد. تواصلت الصحوة مع مكتب الأشغال العامة لسؤال عن هذا الشأن لكنها لم تلق إجابة منهم سوى من موظفين قالوا أنهم فعلا يشعرون بالذنب ، يقول المهندس محمد ريده وهو مدير إدارة في مكتب الأشغال العامة بذمار" ما يقوم به المكتب من أعمال في المحافظة منافياً لكل المعايير والمواصفات ، كميات المواد ونوعيتها لا تكاد تذكر لذلك آثارها واضحة للعيان اليوم " ويشير إلى الحفريات التي تنتشر في شوارع المدينة كلها ، في ذات المحافظة يناضل أكاديميون من اجل التغيير وطلابهم في جامعة ذمار منذ سنتين في محاولة لإقالة رئيس الجامعة الذي يتهمونه بالفساد اللامحدود حسب وثائق انتشرت في وسائل الإعلام المتنوعة غير أنهم لم يجدوا من يسمعهم ،يدافع عن رئيس الجامعة محافظ المحافظة ورئيس مجلس النواب يحيى الراعي ، إنهم لا يريدون أي تغيير في المحافظة مع ان أسماء طرحت في مكاتب العموم هناك كانت أغلبها مؤتمرية نزيهة لكنهم يرفضون ذلك ، هي معركة يعتبرها اللواءين يحيى الراعي ويحيى العمري معركة وجود إما الدفاع عن الماضي بفساده أو ان يأتي التغيير أياً كان حتى من ذات الوجهة لكنه لن يزيد صورة المؤتمر إلا سواداً لو لمس المواطن شيئاً من المسئولية ، يدافعون عن الفساد كما لو كان أحد منجزات المؤتمر الشعبي العام المقدسة!! وفساد الراعي .. نموذجاً أسوأ أن تصل تكلفة فاتورة يحيى الراعي للتلفون إلى مائة وخمسين ألف ريال شهرياً تدفع من خزينة البرلمان أي بما يساوي رواتب خمسة موظفين يعولون أسرهم برواتب يصرفها رئيس البرلمان بدل اتصالات فقط لا بل الأشد منه أن يصل قيمة ما ينفقه رئيس السلطة التشريعية والرقابية على إصلاح سياراته إلى سبعة ملايين ريال بحسب مصادر برلمانية للصحوة موبايل ، ورئيس البرلمان اللواء يحيى علي الراعي يشغل منصب الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام ، تقول الوثائق التي كشفت عنها منظمة قيم لتعزيز النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد والتي تقول أنها من إعداد الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة التابع لمكتب رئاسة الجمهورية ممهورة بتوقيع مدير مكتب رئيس الجمهورية ومرفوعة بدورة للأخ رئيس الجمهورية , تأكد وجود فساد في مشروع خاص سمي باسم الأخ رئيس مجلس النواب اليمني الحالي - مشروع توصيل التيار للأخ يحيى الراعي - بمبلغ (7.666.646,36) ريال قيمة توصيل التيار الكهربائي لرئيس مجلس نواب الشعب اليمني , حيث أن تكلفة المشروع خارج إطار صلاحيات أي مسئول يمني حتى وأن كان رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية وفقا لقانون المناقصات رقم (23) لسنة 2007م ولائحته التنفيذية عند تنفيذ أعمال المقاولات كمخالفة أولى , والعمل على تنفيذ الأعمال المنفذة كمخالفة ثانية للقانون , وعدم استرداد المبلغ الزائد عن أعمال المشروع من المقاول المنفذ كمخالفة ثالثة للقانون النافذ والمقر من مجلس النواب الموقر وفي عهد ولاية الأخ يحيى الراعي لمجلس النواب الحالي. وفي فسادٍ آخر ذي صلة باللواء يحيى الراعي حسب مصدر في البرلمان كشف عن صرف مليون ريال لمستشفى خاص مقابل خدمات طبية ل يحيى الراعي، كما يتم صرف 100 ألف ريال شهريا تحت مسمى بدل طبيعة عمل لنجل يحيى الراعي كما نبّهت المذكرة وزير الخدمة إلى منح مدير مكتب رئيس مجلس النواب نجل يحيى الراعي علاوات سنوية من قبل وزارة الخارجية، واعتبرته ازدواجاً وظيفياً، لافتة إلى أنه يستلم راتباً من المجلس 163 ألف ريال، وبدل طبيعة عمل 100 ألف ريال، كما يتقاضى من وزارة الخارجية 163 ألف ريال، كما يظهر في كشوفات الراتب المرفقة للوزير. هيئة مكافحة الفساد ... معركة ضد الوفاق وفي هيئة مكافحة الفساد المؤسسة المناط بها حماية المرافق الحكومية من شبح الفساد والمفترض أن تكون حصن النزاهة يسعى أطراف في المؤتمر الشعبي العام إلى استمرار تعطيل دورها وإعاقتها عبر ترشيح تقدمت به كتلة المؤتمر الشعبي العام في مجلس الشورى الشهر الفائت بدون مراعاة التوافق الذي يعتبر الشرعية الوحيدة في البلاد كأحد مخرجات ثورة الحادي عشر من فبراير ، لكن كتلة المؤتمر لم تراع ذلك فتم تقديم مرشحين بإجراءات قالت المحكمة أنه مجلس الشورى زوّر بعض بيانات المرشحين التي لم تدخل ضمن أسماء المتقدمين للترشيح حسب حكم المحكمة الإدارية التي اصدرت حكماً بإلغاء إجراءات مجلس الشورى في اختيار المرشحين لهيئة مكافحة الفساد لعدم مشروعيته في السادس من الشهر الماضي. وكان القاضي بدر الجمرة رئيس المحكمة الإدارية قرر ان الحكم يلزم مجلس الشورى بإعادة الانتخابات لقائمة المرشحين وذلك وفقا للمادة التاسعة من قانون هيئة مكافحة الفساد.. فسادٌ أم إفساد!! يطول البحث عن ممارسات الفوضى الممنهجة لبعض أعضاء المؤتمر الشعبي العام وموظفيه في أغلب قطاعات الدولة وخصوصاً أصحاب التأثير والقرار منهم وقيادات السلطة المحلية أيضاً ، حيث يبدو جلياً وقوف أبرز محافظي المحافظات مع إرباك عملية التغيير والعمل ضد مصالح الناس التي تتوافق مع أهداف ومبادئ الثورة الشعبية المباركة ، وكأن المؤتمر كحزب ومسيرة هو الخاسر الوحيد من عملية التغيير ولو كان على أيادي مؤتمرية في بعض المحافظات، ليترك سؤالاً عريضاً عن علاقة المؤتمر الشعبي العام بالفساد؟! أسياسة هو يستخدمها المؤتمر في هذه المرحلة من أجل عرقلة عجلة التغيير وتأخيرها إلى ما بعد الانتخابات القادمة ليستطيع تقديم نفسه من جديد ؟ أم أنه أصبح منهج وطبيعة لمن يديرون حزب المؤتمر حتى اللحظة!!