حقق المسلسل اليمني الرمضاني "همي همك" الذي تبثه قناة السعيدة نجاحا منقطع النظير على مستوى الوطن لما يمثله من دراما معبرة عن معاناة أهلنا في تهامة كمثال لمعاناة المواطن اليمني في كل أرجاء الوطن من قبل الظلمة والمتسلطين والناهبين ومنتهكي الحقوق بسلوك استعلائي مستبد لا يوجد إلا في اليمن التي كانت سعيدة قبل أن يسوسها الفاسدون وناهبو خيرات الوطن. يسوسون البلاد بغير علم ... ينفذ أمرهم فيقال ساسه. فأف للبلاد وأف مني... ومن زمن رئاسته خساسة. ولقد صال مسلسل همي همك حديث الناس في المقايل والمنتديات وفي الشارع العام وصارت بعض عبارات بطل المسلسل الفنان فهد القرني أشبه بالشعارات للصغار والكبار يتلونها وهم سائرون أو قاعدون كلما ألتقوا مع بعضهم وبصورة طريفة تبعث على التندر الضاحك وتدل على مدى تغلغل فكرة المسلسل إلى الوجدان والمشاعر لتفرز سخطا شعبيا على تلك السلوكيات المعوجة والمظالم القاسية التي يتجرعها المجتمع اليمني من أولئك الفاسدين الذين تمادوا في غيهم وتسلطهم حيث يستكين الناس ويستسلموا في معركتهم مع الظلم والاستبداد والانتهاكات الفظة التي تحدث في الوطن وليس في تهامة وحدها. إن النجاح الكبير الذي وصل إليه مسلسل همي همك قد أحدث ردود فعل كبيرة وواضحة لدى الشارع اليمني ولدى الناهبين والمسلطين الفاسدين أيضاً ففي محافظة أبين أحدث ردة فعل غاضبة لدى كل من شاهده فخرجت المناقشات والتداولات لمضمون المسلسل إلى الشارع فمن الناس من يرى أن المسلسل كان وسيلة مهمة لإنجاز المظالم والانتهاكات إلى العلن وذلك سيقود إلى الحد منها على الأقل في مواجهة الضغط الشعبي على الناهبين والمتسلطين ومحاولة إثارة الذين يقع عليهم هذا الفعل للتمرد والرفض لهذا الظلم المجحف في حقهم ومن الناس من رآه كمثل قضية العبودية التي كشفتها قناة الجزيرة لكن سرعان ما تلاشت لأن الناس في بعض مناطق اليمن قد استمرأوا المظالم ولم يعد في مقدورهم مقارعها في ظل عجز المعارضة عن لعب دور فاعل في فضح هذه الانتهاكات ومساعدة الناس على الثورة ضدها.. أما الآراء الأكثر حدة وسلبية في النفس الوقت فقد ظهرت لدى بعض نشطاء الحراك وسرعان ما اقنعوا بها بعض المواطنين المعارضين للحراك ومفادها: أن هذه المظالم الفضيعة لا قبل للجنوبيين بها وقد ذاقوا طعم الحرية وأنها تأكيد آخر على صوابية فك الارتباط مع سلطة هذا ديدنها وشعب لا يأبى الظلم، لكن ردة الفعل التي تمثل اعترافاً صريحاً بدورهم في ممارسة هذه المظالم هي محاولة بعض النافذين والمتسلطين الضغط على قناة السعيدة لوقف المسلسل الذي فضح ممارساتهم ولما لم يفلحوا اتجهوا إلى كاك بنك فأقنعوه بوقف رعايته للمسلسل وتلك ضربة في الصميم لشهرة هذا البنك الذي بدأ متواضعاً وما لبث في زمن قياسي أن صار عملاقا يلتهم ما دفنه، وموافقته على سحب رعايته للمسلسل ستكون شاهدا على ضلوع القائمين عليه في عمليات النهب والاستحواذ وربما كشفت سر انتشاره وتمدده وطغيانه على البنوك المحلية في زمن قصير يثير التساؤلات. أما ردة الفعل الأكثر غرابة واندهاشا هي ما كانت من بعض منتسبي الصحافة الذين كتبوا نقدا سلبيا على المسلسل يفيض من كلماتهم مدى قوة الجرح الذي أصابهم من هذا المسلسل وكأنهم جزءا اساسياً من تلك الممارسات وبدلا من إثراء المسلسل بالنقد الهادف إلى التقييم والمؤازرة لما يساعد على فضح المظالم وتعرية السلوكيات الخاطئة آثر هؤلاء ال"كتاب عرض الحال" إلى التهكم على المسلسل وعلى الكوميديا اليمنية ككل ووصفوها بعديمة الحيلة كما جاء في صحيفة الثورة فأين أمانة الكلمة الهادفة المعبرة عن هموم ومعاناة الناس في صاحبة الجلالة؟؟ أما أننا في زمن أختلت فيه الموازين وانقلبت المعايير وأصبح فيه جزء من أعضاء السلطة الرابعة والغين في الفساد؟ عشنا وشفنا وتصبحون على وطن خال من الفساد.