قال البرلماني عبدالرزاق الهجري, إن سعي الحزب الحاكم لتأبيد منصب الرئاسة عن طريق تعديل الدستور يعتبر خيانة لمبادئ الثورة ونسف لمشروع دوله الوحدة التي قامت على أساس الشراكة السياسية والتعددية الحزبية. ورأى الهجري في تلك الإجراءات ضياع الأمل بإمكانية تحقيق مبدأ التداول السلمي للسلطة, وإذكاء الأوضاع بالمحافظات الجنوبية بموجب هذا التعديل الذي أقصاها تماما من الوصول إلى منصب الرئاسة. وحذر الناطق باسم كتل المشترك البرلمانية, في مقابله مع أسبوعيه"المصدر" المستقلة في عددها أمس الثلاثاء, من تفاقم الأوضاع وتزايد النزعات الانفصالية بتلك المحافظات, كما سيصعب موقف القوى الوطنية في الحفاظ على الوحدة. واعتبر الهجري خطوة الحزب الحاكم بمثابة إعلان لشراره الانفصال من العاصمة صنعاء, وأردف متسائلا:"هل لا يكتسب المرء صفته الوحدوية إلا إذا آمن وبصم على أن يكون الرئيس من الشمال، ويعد انفصالياً إذا دعا إلى رئيس من محافظات جنوبية؟!". وأكد الهجري إنهم في المشترك لن يشاركوا بما وصفه" جريمة تعديل الدستور", وسيستمروا في مقاطعه جلسات البرلمان, رافضا أي دعوه للمعارضة بتقديم رؤاها حول التعديلات, ولن يقبلوا التعامل كأمر واقع ما لم يكون التعديل منبثقا عن كافه القوى السياسية عبر الحوار المفضي إلى صيغه جامعه وموحده. وقال الهجري, وهو عضو اللجنة الدستورية بالبرلمان, إن ما حصل في بداية يناير الجاري بمجلس النواب هو ذبح للدستور واعتداء على هذه الوثيقة التي تعاهد عليها اليمنيون وناضلوا من أجلها عشرات السنين. وردا على سؤال حول إجراءات الحزب الحاكم قال:"لقد أقدم المؤتمر بصورة همجية على النيل من دستور الجمهورية اليمنية، بالمخالفة لكافة الأعراف وأخلاقيات العمل السياسي وأعراف الدول والأحزاب الحاكمة", مؤكدا أن أي تعديلات دستورية، هي مساس بحقوق أساسية للشعب ما لم تكن هذه التعديلات بناء على توافق وطني بين كافة القوى والمكونات السياسية والمدنية وكل فئات الشعب وشرائحه، باعتبار الدستور عقداً اجتماعي ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ويضع أسس بناء الدولة وشكل النظم السياسي ويحدد حقوق المواطنين وواجباتهم، كما يرتب لعلاقة المواطنين ببعضهم وعلاقة الدولة بغيرها. وأشار الهجري إلى أن المؤتمر الشعبي العام لا يفهم الدستور على هذا النحو، وإنما يتعاملون مع الدستور باستخفاف وكأنه نظام أساسي لحزب أو لجمعية الصالح, لكنه قال إن نزوع الحزب الحاكم نحو هذا السلوك معناه السير حثيثاً للتفرد بكل شيء، وتعزيز حكم الفرد والأسرة، والسير بخطى سريعة نحو التوريث، الذي يعني العودة نحو النظام الشمولي والحقبة الإمامية وحكم العائلة، مما يعد خيانة صريحة لدماء الشهداء ونضالات الشعب اليمني ومكتسباته العظمى - حد تعبيره. وأضاف في رده حول خيارات المشترك إزاء التعديلات:"نحن نعول على جماهير الشعب صاحبة المصلحة الحقيقية في الحفاظ على المكاسب الدستورية، وندعو الزملاء في كتلة المؤتمر الشعبي العام أن يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية وأن يرفضوا هذا المشروع الذي يستهدفهم هم بالدرجة الأولى إذا كانوا أصحاب رأي وقرار، ونحن نتمنى أن لا يكونوا أدوات للقضاء على النظام الجمهوري ومضامين دولة الوحدة وتكريس سلطة الفرد الواحد في اليمن الواحد". وحول مقاطعه الانتخابات البرلمانية المقبلة, قال الهجري"لن يشارك المشترك في انتخابات مزورة سلفاً وبشروط السلطة وحزبها ليكون شاهد زور على تغييب إدارة الناخب وإعادة إنتاج الفساد من جديد", مؤكدا أن أمام المشترك كل الخيارات الدستورية والقانونية للحيلولة دون تزوير إرادة الناخب وذلك عبر المراهنة على إدارة الناخبين أنفسهم. وعزا الهجري إقدام المؤتمر لإقرار هذه التعديلات إلى إلغاء المادة 112 من الدستور المتعلقة بتحديد فترات الرئاسة, لصالح التمديد وحصر المنصب في شخص واحد مدى الحياة, وقال إن التركيز على هذه المادة لا يعني أن بقية المواد المعدلة نزيهة، وإنما هي تحمل من السوء الشيء الكثير. وتابع متسائلا:" فهل يعقل أن يكون هناك مجلس شورى له صلاحيات مجلس النواب في التشريع والرقابة على أداء السلطة التنفيذية، وفي ذات الوقت ينتخب من السلطة المحلية التي تعتبر الفرع الثالث من السلطة التنفيذية في الدستور؟! يا للمهزلة!! والبقية معينون من الرئيس". وأوضح أن هذه الخطوة بحد ذاتها عودة إلى العهد الشمولي ونسف كل مكاسب عهود الديمقراطية، أما المجالس المحلية واسعة الصلاحيات، فهي أكذوبة كبيرة ولا تنطلي على أحد، وفي اعتقادي أن هذه المواد هي عبارة عن بهارات تنضج المادة 112 المتعلقة بتأبيد منصب الرئيس - حد قوله. وقال الهجري إن أهداف الحزب الحاكم المضي منفرداً في الانتخابات والتفرد بالحياة السياسية تماماً ليفصَّل الدستور والقانون بمقاساته الخاصة ولضمان البقاء، وتأبيد الفساد، وغياب الدولة، واتساع دوائر الفقر والبطالة والحروب، والدخول في أزمات جديدة, داعيا السلطة للاستفادة من تجارب بعض الدول القريبة منا التي غامر الحاكم فيها في البحث عن شرعية شكلية لبقائه وأدار ظهره لأحزاب المعارضة والقوى الوطنية، وكان الثمن باهظاً، تقسيم البلاد إلى شمال وجنوب, كما دعا الشعب أيضا أن يحول دون ذلك.