خرج مئات الآلاف من أبناء العاصمة صنعاء صباح اليوم الخميس في تظاهرات حاشدة تلبية لنداء الهبة الشعبية التي أطلقها اللقاء المشترك لرفض التمديد والتوريث للحاكم، والمطالبة بحياة حرة وكريمة وآمنه يسودها العدل والمساواة والديمقراطية. وردد المتظاهرون هتافات مدوية تشق عنان السماء (ارحل.. ارحل) ورفعت لافتات قماشية مكتوب عليها (افهمونا.. قبل ألا نفهمكم) (لا لحكم الأسرة الواحدة) (جمهورية جمهورية.. لا فردية ولا ملكية)، وقالوا: (مللنا خطابات مكررة ودعوات زائفة)، في إشارة إلى خطاب رئيس الجمهورية أمس أمام مجلس النواب والشورى الذي قاطعه ممثلي المشترك والمستقلين . وقدرمراقبون عدد الحاضرين في مهرجان المشترك اليوم بأمانة العاصمة ب "حوالي نصف مليون مشارك" حيث امتلأ شارع الدائري من أمام بوابة الفرقة الأولى مدرع إلى ما بعد جولة القادسية كما امتلأت الشوارع المجاورة: شارع الحرية، والعدل إلى قرابة المنتصف. وقد قرر المشترك في وقت متأخر من مساء ليلة أمس نقل المهرجان أمام جامعة صنعاء بعد أن كان مقررا إقامته في ميدان التحرير تفاديا لحدوث صدام مع مسلحي الحزب الحاكم الذين احتلوا يوم أمس ميدان التحرير ونصبوا الخيام هناك لمنع إقامة مهرجان المشترك. وتقدم مهرجان العاصمة كلا من أمين عام حزب الإصلاح الأستاذ عبدالوهاب الآنسي والدكتور ياسين سعيد نعمان أمين عام الاشتراكي ومحمد سالم باسندوة رئيس اللجنة التحضيرية للقاء المشترك والدكتور محمد المتوكل رئيس المجلس الأعلى للمشترك، وسلطان العتواني أمين عام التنظيم الناصري، وحسن زيد أمين عام حزب الحق، ومحمد الصبري الناطق باسم اللجنة، والدكتور نجيب سعيد غانم عضو الكتلة البرلمانية للمشترك، فيما توزع بقية قيادات المشترك على مهرجانات الجمهورية. وفي المهرجان ألقى الأستاذ محمد سالم باسندوة رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني وزير الخارجية الأسبق كلمة عبر فيها عن اعتزازه وتقديره بكافة الجماهير المشاركة في فعاليات المشترك وشركاؤه اليوم في العاصمة والمحافظات بروح وطنية ومسئولة تتطلع للتغيير والخلاص من نير الفساد والاستبداد. كما وجه تحية إكبار وإجلال لطلاب جامعة صنعاء البواسل الذين بادروا في تنظيم اعتصامات تعبر عن تطلعات وآمال الشعب في حياة حرة وكريمة وآمنة، وأخرى لمناضلي ونشطاء الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية ونشطاء ساحة الحرية بالعاصمة صنعاء. وحيا باسندوة جماهير الشعب التواقة للتغيير والخلاص من الظلم والفساد والاستبداد قائلا: لقد صبرتم طويلا وتعقلتم كثيرا حتى بلغ السيل الزبى ونفد صبركم جراء السياسات الرعناء والخرقاء للسلطة الحاكمة طوال العقود الماضية حتى أوصلت البلد إلى حافة الانهيار والانسداد. واعتبر باسندوة هبة الشعب اليمني اليوم إيذانا ببداية عهد جديد بإذن الله ، معلقا على ما جاء في خطاب رئيس الجمهورية أمس بقوله: إنها مجرد أفكار لا تتسم بالوضوح ولا تنم عن وجود نوايا جادة وصادقة لإخراج البلاد من براثن الأزمات التي تهدد حاضرنا ومستقبلنا. كما قال: إنها لا تعبر عن إدراك واع ومسئول لما يمر به الوطن. وجدد باسندوة التأكيد على ضرورة إجراء حوار وطني شامل لا يستثني أحد تحت رعاية عربية وإقليمية وبإشراف أصدقاء اليمن ، مشددا على ضرورة تحديد القضايا الرئيسية للتحاور والتي تعاني منها البلاد وفي مقدمتها تحقيق التداول السلمي للسلطة والشراكة الوطنية، وقضيتي الجنوب وصعدة، وتوفير الضمانات الكافية لاحترام الدستور والالتزام بعدم التمديد والتوريث، واجتثاث الفساد وبناء دولة المؤسسات. وتمنى باسندوة أن يكون رئيس الجمهورية جادا هذه المرة في حديثه عن رفضه التمديد والتوريث وليس بهدف المناورة أو لمجرد الشعور بضغط اللحظة الراهنة فيما يحدث ببعض الأقطار العربية. وقال: إننا نؤيد هذا التوجه بصدق وبدون تردد وإذا كانت هذه المبادرة جادة وصادقة بهدف إخراج البلد من الأزمات وإعادة اليمن إلى المسار الصحيح وإحداث إصلاحات حقيقية وشاملة. وحيا باسندوة الشعبين التونسي والمصري الذين قدموا نماذج يحتذى بها في التضحية من أجل الحرية والكرامة، داعيا في السياق ذاته أبناء الشعب اليمني أن يكونوا على أتم الاستعداد للتضحية من أجل رفعة وتقدم وازدهار اليمن، وقال إنا مستعد أن أفدي اليمن بروحي وأرجو أن ألقى الله واليمن حرا آمنا مزدهرا. من جانبه أكد الدكتور نجيب سعيد غانم أن وقت التغيير قد حان، وقال اليوم آن الأوان للشعوب أن تتحرر من الأصنام الطغاة المستبدين. وأضاف: نحن اليوم على مفترق طرق وأمام لحظة فاصلة في حياة اليمنيين ،علينا أن نقف وقفة رجل واحد لنقول بالصوت العالي والفم المليان لا للإقصاء لا للتهميش لا للاستبداد والاستعباد نعم للحرية والعدالة والمساواة، لا لتزوير إرادة الشعب لا لنهب الثروات واحتكار السلطة. ومضى غانم قائلا: اليوم يوم الحرية يوم الانطلاق لتحقيق كل غاياتنا النبيلة.مؤكدا في ذات السياق على التزام المشترك نهج النضال السلمي لنيل كافة الحقوق المشروعة للشعب. وخاطب الحاضرين قائلا: نعاهد الله ونعاهدكم أننا سنكون أمناء أوفياء وصادقين معكم وحراسا لمكتسباتكم ومنجزاتكم، نحن دعاة حرية وكرامة وخير وسلام، نحن دعاة تنمية وحياة كريمة ومتساوية لكل أبناء الشعب. ودعا الدكتور نجيب غانم في ختام كلمته المشاركين إلى الانصراف بهدوء وسلام وتفويت الفرصة على كل من يحاول الانحراف بمسار هذه التظاهرة لإحداث فوضى أو شغب. كما ألقيت كلمة عن منظمات المجتمع المدني ألقاها الدكتور محمد الظاهري عضو نقابة هيئة التدريس بجامعة صنعاء أستاذ العلوم السياسية بالجامعة أكد فيها على ضرورة مواصلة النضال السلمي لإحداث تغيير جذري وحقيقي في البلد. وحيا الظاهري قيادة المشترك وتحضيرية الحوار الوطني على مشاركتهم الشعب وإلتحامهم بالجماهير قائلا: إنهم أثبتوا بأنهم ليسو في أبراج عاجية أو بدرومات بعيدين عن الشعب ومعاناته. وأكد أنه ما لم يحدث تغيير فوري وشامل فإن كل ساحات اليمن ستتحول إلى ساحات للتظاهر للمطالبة بالتغيير وبرحيل هذا النظام. وردا على خطاب رئيس الجمهورية قال الظاهري "الوعود كثيرة لقد سئمناها، كنت قبل أسابيع تتحدثون عن قلع العداد وتأبيد الحكم، نقول لكم بكل وضوح إذا كنتم جادين وصادقين فاعزلوا وأقيلوا أبناءكم وأقاربكم عن قيادة المؤسسات العسكرية والأمنية". كما ألقيت كلمة عن الشباب والطلاب أكدت على ضرورة التغيير، معتبرة أن اليمن اليوم تشهد بدء عهد جديد تتطلب تكاتف جهود كل أبناء الشعب للخلاص ممن وصفهم ب" الأماميين الجدد ". كما ألقيت قصيدة شعرية لشاعر النضال السلمي كما يصفه البعض فؤاد الحميري نالت الاستحسان . وكان المشاركين قرؤوا الفاتحة على أرواح شهداء الثورة التونسية والمصرية، وقد انصرف عقب إنتهاء برنامج المهرجان بهدوء وسلام دون أن تقذف حجرة أو يكسر غصن شجرة، وقامت لجان النظام والخدمات بتنظيف الشوارع عقب انصراف المتظاهرين.