الخارجية اليمنية: نقف مع سوريا في مواجهة الإرهاب    تفكيك أكثر من 1200 لغم وذخيرة حوثية خلال أسبوع    رسائل ميدانية من جبهات البقع ونجران و الأجاشر .. المقاتلون يؤكدون: نجدد العهد والولاء لقيادتنا الثورية والعسكرية ولشعبنا اليمني الصامد    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    اعلام اسرائيلي يتحدث عن الحاجة لوقف اطلاق النار والطاقة الذرية تحذر وأكثر من 20 ألف طلب مغادرة للاسرائيلين    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    كأس العالم للأندية: ريال مدريد المنقوص يتفوق على باتشوكا المكسيكي بثلاثية    إيران تنتصر    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    مرض الفشل الكلوي (9)    ورطة ترامب    30 صاروخاً على دفعتين.. رشقة صاروخية كبيرة من إيران وإصابات مباشرة في "تل أبيب" وحيفا    ردود أفعال عربية ودولية منددة بالعدوان الأمريكي على إيران    "وثيقة".. مشرفون بحماية اطقم ومدرعة يبسطون على اراضي القضاة غرب العاصمة صنعاء    - رئيس الجمارك يطبق توجيهات وزارة الاقتصاد والمالية عل. تحسين التعرفة الجمركية احباط محاولةتهريب( ربع طن)ثوم خارجي لضرب الثوم البلدي اليمني    منظمات أممية تحذر من مجاعة في مناطق سيطرة الاحتلال    مناقشة مسودة التطوير الإداري والمؤسسي لمعهد للعلوم الإداري    - ظاهرة غير مسبوقة: حجاج يمنيون يُثيرون استياء جيرانهم والمجتمع.. ما السبب؟*    انتشال جثة شاب مات غرقا بسد التشليل في ذمار    - وزير خارجية صنعاء يلتقي بمسؤول أممي ويطالبه بالاعتراف بحكومة صنعاء \r\n*الأوراق* تنشر عددًا من الأسباب التي    ذمار.. المداني والبخيتي يدشّنان حصاد القمح في مزرعة الأسرة    إيران: ارتفاع عدد الشهداء الرياضيين جراء العدوان الصهيوني إلى 32    51 شهيدا في غزة بينهم 7 من منتظري المساعدات خلال 24 ساعة    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الدكتور الأفندي بوفاة شقيقه    "عدن التي أحببتُها" بلا نازحين.!    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    كشف أثري جديد بمصر    ريال أوفييدو يعود إلى «لاليغا» بعد 24 عاماً    الرئيس الزُبيدي يبحث مع سفيرة بريطانيا ومسؤولي البنك الدولي آخر المستجدات السياسية وأزمة الكهرباء    إشهار الإطار المرجعي والمهام الإعلامية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    الفريق السامعي: إرادة الشعوب لا تُقصف بالطائرات والحرية لا تُقهر بالقنابل ومن قاوم لعقود سيسقط مشاريع الغطرسة    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    فئة من الأشخاص عليها تجنب الفراولة    الحديدة و سحرة فرعون    الدولار في عدن 3000    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    السلبية تسيطر على ريفر بليت ومونتيري    من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    روايات الاعلام الايراني والغربي للقصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية وما جرى قبل الهجوم    هاني الصيادي ... الغائب الحاضر بين الواقع والظنون    بتواطؤ حوثي.. مسلحون يحرقون منزلاً في محافظة إب بعد نهبه    الدفاعات الإيرانية تدمر 12 طائرة مسيرة صهيونية في همدان    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرامة تأبى الانتقاص
نشر في الصحوة نت يوم 20 - 03 - 2011

لقد كرم الله عز وجل الإنسان و أخبر بذلك في قوله تعالى : ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ )) ، وقد كرم الله عز وجل الإنسان بان نفخ فيه من روحه واسجد له ملائكته ورزقه نعمة العقل وبعث له الأنبياء والرسل وخلق كل هذه الأرض وهيأها تماماً لهذا الإنسان ليعمرها وليعش فيها بكرامته.
و إنّ الحفاظ على هذه الكرامة هو في مقدمة ما ينشده الإنسان وان اضطر أحياناً ليُقدم ثمناً باهظاً في سبيل ذلك ، الكرامة قيمة أساسية للإنسان السوي لا تُقدر بثمن ، وهي مصدر للعزة والفخار ، هي حاجة أساسية للإنسان ، أكثر قيمة عنده من الماء والغذاء حاجة أساسية يحتد من اجلها و يتحول إلى أسد هصور من اجل ذلك ، وقد يدفع حياته ثمناً لكرامته ، فلا يرضى حياة بدون كرامة ، إنها مرادف للعزة ، عزة النفس والضمير ، و إذا كانت هناك كرامة للإنسان كفرد فهناك كذلك كرامة جمعية ، للمجتمع ، للأمة ، للطائفة ، و هي في العقل الجمعي تستحق الفداء والبذل لتحقيقها وللحفاظ عليها من قُطاع الطرق ، وفي حال تتعرض للسلب والانتهاك فان القط الوديع الناعم الملمس الكامن في صميم وجدان الإنسان يتحول إلى قط مُكشر عن أظفاره وأنيابه لاستردادها كقيمة لا غنى له عنها ، وهو مستعد لدفع الضريبة اللازمة والكافية لاستردادها غير نادم ولا متأسف .
تلك الكرامة لطالما دبج فيها الشعراء شعرهم وسطر لأجلها الأدباء والبلغاء أحرف من نار ونور :
قال الشريف الرضي :
فأوسعني قبل العطاء كرامة وَلا مَرْحَباً بالمَالِ إنْ لَمْ أُكَرَّمِ
وإني إذا ما قلت في غير ماجد مديحاً كأنّي لائك طعم علقم
فالكرامة عنده أولى وارفع من المال وكرامته تأبى عليه ان يمتدح من لا يستحق المدح
وهذا الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري يقول مصوراً حال بعض الكرامة :
وهَوَت كرامةٌ تولَّت أمرها خِططٌ ، تولَّى امَرها إحكام
فكرامةٌ يُهزَى بها ، وكرامةٌ يُرثى لها ، وكرامةٌ تُستام
ومن الشعر العامي يقول الحميدي الثقفي مصوراً مكانة الكرامة :
كرامة النفس عندي فوق في القمة
وتثور من دونها .. ناري ، ودخاني
و نختم من ديوان العرب بالقول المشهور لعنترة بن شداد العبسي :
لا تسقيني ماءَ الحياة ِ بذلة ٍ بل فاسقني بالعزَّ كاس الحنظل
ماءُ الحياة ِ بذلة ٍ كجهنم وجهنم بالعزَّ أطيبُ منزل
ان للإنسان كرامة ولدت بمولده ، وهناك كرامات مُضافة من بعد ميلاد : كرامة تدينه وتنسكه لله خالقه ومولاه ، وكرامة يكسوها عليه مجد أمته وشرفها ، وهو يكتسب من كرامة أمته كرامة ، ولعل كرامة امرؤ أفاضت على مجتمعه وأمته شرفاً وكرامة ، وما كرامة الأمة إلا كرامة أفرادها ودينها وتاريخها مجتمعه . والكرامة تنتقل من البشر إلى ما كرمه رب البشر ، والى ما اكتسب في التجربة الإنسانية نوع كرامة وعزة ، فهو كريماً يستحق الذود بالمهج والفداء بالأرواح .
ويميل الإنسان إلى كل ما يعزز شعوره بالكرامة فيؤيده أنى وسعته القدرة والحيل ، ويفرح لانجازاته و تنغص حياته المتاعب ان واجهها ، و يعطي الإنسان ولاءه لما يزيد نصيبه من الشعور بالكرامة والتمتع بمزيد دلالاتها ومضامينها والعكس صحيح .
و تبقى مع هذا قلة من الناس باعت كرامتها وشرفها وعزتها ورضيت لكل ذلك بالدنس والتدنيس مقابل متاع من الدنيا حقير و زائف وزائل وهذا انتكاس في الفطرة قد تصحى منه وتعود الى كرامتها المُهدرة ترممها وتعززها وتُعيد لها مجدها ، وقد تستمسك بهوانها وخستها ودنائتها وتمضي بهذا كله الى القبر المادي بعد ان قبرت نفسها معنوياً وهي تدب بمهانتها و وضاعتها على الارض.
ويضرب لنا مثلاً في الاستماتة الفردية من اجل الكرامة الشاب الشهير التونسي محمد البوعزيزي الذي حوّل جسده إلى صاعق ، وهو لم يدر بخلده أن يكون كذلك ، صاعق لقنبلة الغضب التونسي المحبوس في قمقمه ، و موقف الشرع الحكيم من هكذا عمل وتصرف معلوم ، ولكن علينا كأمة عربية إسلامية مؤمنة أن تدعي لهذا الشاب بالرحمة المغفرة وان تتصدق عنه ،وقد وجدنا في هذا الشاب الجامعي ، بائع الخضار على عربته ، الذي تعرضت له شرطية بالضرب على وجهه شُلت يديها ورجليها ولا أراها الله سرورا في حياتها ما عاشت وجزاها ما تستحق على دناءتها وخستها محترقاً احتجاجاً منه على فعل ووضع مزرٍ لم تحتمل كرامته معهما عيش ، علينا نحن العرب الذين وجدناه صاعقاً فجر قنبلة الغضب الشعبي العارم في تونس الأبية لتضرب لنا أروع نموذج معاصر نحن أحوج ما نكون إليه في الثورة والتثوير الذي يعصف بالجبابرة المعتقدين في ذواتهم البقاء متسلطين جاثمين على أعناق شعوبهم ، لا بل ويورثون استبدادهم وتسلطهم لإقربائهم ، علينا كأمة عربية إسلامية أن لا ننسى أن نبتهل إلى الله عز وجل في صلاتنا سجوداً خصوصاً ، وفي غيرها ان ندعو لمحمد البوعزيزي بالرحمة والمغفرة وان يصفح الله عنه ويتجاوز عنه ونتوسل إليه جل جلاله الرحيم الودود من اجل ذلك ، وهذا اكبر عرفان ممكن نقدمه للشاب التونسي عزيز النفس محمد البوعزيزي ، وليكفل الموسرين في العالم العربي أسرته المكلومة أو لتفعلها الحكومة التونسية ، وفي المقابل فانه شرعاً لايجوز ولا ينبغي لإي عربي أن يقدم من بعده على فعل كفعله فهو كان بجسده الصاعق لقنبلة الشعب التونسي و كفى بها وحدها صاعقاً يفجّر كل الشعوب العربية الواقعة تحت عسف الطغاة وأذنابها ، ومثال شعوبنا وتونس و البوعزيزي من دنيا العلوم قنبلة هيدروجينية صاعقها قنبلة نووية وصاعقها فتيل بداخلها ، البوعزيزي صيّر جسده الفتيل والشعب التونسي القنبلة النووية ولنكن نحن الشعوب العربية القنبلة الهيدروجينية . لقد غدا البوعزيزي رمز للكرامة التي تأبى الانتقاص .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.