لم يكن يتخيل للمشاهد اليمني أن الخيانة الوطنية كانت وليدة اللحظة التي تعيشها العاصمة صنعاء بعد سقوطها بيد الحوثيون وبدون أي مواجهات تذكر ، فلقد بدأ سيناريو السقوط ابتداء من سقوط دماج في طرفة عين في أمر دبر بليل ، بعد أن كانت الحشود القبيلة والمؤيدين لهم ولمظلوميتهم يطوقون صعده من كل جانب ، رغم أن جماعة الحوثي لم تستطع إسقاط دماج وهي مجرد قرية ودار للحديث وظلت صامدة لعدة شهور دون أي تقدم ، وعندما بدأت الخيانة الوطنية بمباركة قيادات كبيرة في الجيش اليمني بالتنسيق مع المخابرات الخليجية والأمريكية والإيرانية وبدعم مفتوح وبمباركة زعيم النظام السابق ، تمت المؤامرة لإسقاط دماج وتهجير السلفيين في ثلاثة أيام وبصورة لم تكن واضحة المعالم لثمن البيع والشراء دون أي مواجهه مجتمعية أو تحرك تجاه ما يواجه به السلفيون، مما كثر السخط في الأوساط الشعبية وكيف تخلت القبائل المناصرة ، كيف تم شراء الولاءات مقابل حفنة من الأموال الخارجية ، وكان موقف الحياد للجيش والقوات المسلحة هو بداية الخيانة الوطنية ، فسقطت دماج وسقطت عمران وسقطت بسقوطهما صنعاء ، وكان موقف القوي السياسية المشاركة في الحكم مجرد ديكور لم يكن لهم أي دور ايجابي تجاه ما حدث أو تحليل للمواقف ومراجعات للأحداث المتسارعة وفق الخطة المحكمة لإسقاط مخرجات الحوار الوطني في وثيقتها التاريخية التي شهد لها العالم الايجابي أما البعض السلبي الداخلي والخارجي فقد ضايقهم النجاح وصمموا على إفشال النجاحات التي تحققت في ولاية الرئيس هادي كمرحلة استثنائية رغم مشاركتهم الشكلية في الحوار ، كما أن للمخابرات الأمريكية الايرانية دورا كبيرا لإشعال الفتنة الطائفية في اليمن لتحقيق مكاسب إقليمية كون اليمن تقع في خاصرة الجزيرة العربية وتقع على مضيق باب المندب ، فكانت المؤامرة تهدف إلي إسقاط نفوذ الإخوان المسلمين في اليمن ، وإشعال حرب طائفية بين أنصار الله وبينهم مما قد تستمر المواجهات لعدة سنوات قد تمتد بظلالها إلي محافظاتاليمن جميعا كحرب طائفية قذرة بين أبناء اليمن المتعايش ، ولكن القرار السياسي الأخير للإصلاح وان كان متأخرا جدا أفشل المؤامرة في أخرها رغم أنها أسقطت صنعاء ونهبت مقدرات الدولة من الآلات والمعدات العسكرية والمدنية بما فيها مقرات ومؤسسات تابعة لهم ، وقد تساءل الكثير من الأكاديميين والمحللين السياسيين عن الموقف المتأخر جدا لقيادة الإصلاح كحزب مستهدف وانسحابه من مشهد المواجهات المسلحة التي كانت تستهدفه فحصل عكس ما حصل في مصر من انقلاب عسكري حيث سقط الإخوان ولم تسقط الدولة وفي اليمن سقطت الدولة وهيبتها ولم يسقط الإخوان ولكن ماحدث ليس مبررا لعدم محاسبة قيادة الإصلاح على الأخطاء التي تراكمت منذ سقوط دماج وما بعدها ، وهو ما يعجل بكشف الحساب والشفافية والمراجعة المستعجلة للمرحلة بكاملها وبدون إلقاء اللوم على الآخرين والتهرب من المسئولية التاريخية تجاه الأجيال الذين أصيبوا بالصدمة مما حصل منذ عام والقيادات الوطنية ظلت مكتوفة الأيدي على ما يحدث وكان الأجدر بالمستشارين الالتفاف حول الرئيس هادي كرئيس شرعي توافقي منتخب من 7 مليون مواطن يمني لاستكمال استحقاقات وثيقة الحوار الوطني ، ولكن حدة الخلاف بين الحكومة والرئاسة وكذلك فشل الحكومة في تسيير الأوضاع ومعالجة الجوانب الاقتصادية وإنزال جرعة قاتلة لها وللمرحلة برمتها كانت مبرمة وتم التوقيع عليها من القوى السياسية لتكون مدخلا للثورة المضادة التي تمت في مطابخ الإمارات بنكهات أمريكية إيرانية خليجية ولم يكن بمقدور القيادة السياسية في ظل الانقسام للجيش والقوات المسلحة وهو ما صرح به الرئيس هادي الذي لاحول له ولا قوة فيما حدث رغم تواطؤ قيادات عسكرية وقبلية يقودها الرئيس صالح الذي شارك في إسقاط صنعاء بما يقارب 30 ألف مسلح منهم 5 ألف حوثي والباقي من القبائل اليمنية الموالية لصالح والكثير منهم حرس جمهوري وقوات خاصة لازالت تدين بالولاء للرئيس السابق وهم من اسقطوا صنعاء نكاية بالشعب اليمني ولعنة تاريخية في خيانة الوطن والجيش والقسم الوطني ، وحصلت الخيانة رغم الحصانة والتوافق عبر المبادرة الخليجية كتسوية سياسية وبداية صفحة جديدة ولكن تهديد صالح السابق بقلب الطاولة على اللعبة السياسية بتحالفه مع الحوثيين واستغلال النفوذ السابق في الدولة العميقة لإسقاط صنعاء نكاية بالخصوم الشخصيين له ، ولولا التسهيلات والخيانة العسكرية لما سقطت صنعاء كما سقطت الموصل في نصف ساعة ، ولذلك ما يجب على الشباب والمجتمع اليمني بترك الأحزاب المتسلطة والمختطفة والعمل على تأسيس لافته شبابية ديمقراطية تعمل على تحريك الشباب وفقها برؤية إستراتيجية وطنية يلتف فيها جميع الشباب والشابات وبدون أي إقصاء أو بيروقراطية بل يجب إن يكون الاحتواء ملاذا أمنا للشباب للانطلاق بطاقاتهم الشبابية لتقديم النموذج الايجابي في حماية المكتسبات الوطنية والسياسية والاجتماعية وهو ما نتوقعه أن يكون قريبا وذلك بعد فشل الأحزاب التقليدية في تقديم النموذج الأفضل بما فيها المؤتمر والإصلاح وحلفائهما التي عفا عليها الزمن وأصبحت مختطفة لاشخاص لا تقبل المراجعات والتحديث ولذلك كان لها دور سلبي في ما وصلت اليه الاوضاع في اليمن فالكل مسئول عما حدث من انهيار متكامل الأركان لنظام الدولة وجيشها وعلى الجميع كشف الحساب ومحاسبة المتورطين في الخيانة الوطنية أمام الرأي العام ليعرف الشعب اليمني أن بيع الوطن في سوق النخاسين لا يمكن أن تمر دون ثمن، وهو ما ننتظره من أنصار الله بعد توقيع وثيقة السلم والشراكة الوطنية أن يكفوا عن نهب مقدرات الدولة وإعادتها وكذلك مقدرات المواطنين وأن يعيدوا الثقة للشارع اليمني بأنهم يحملون قيم التعايش والسلم والأخلاق كما عليهم الالتزام بالاتفاق نصا ومعنا كما عليهم السعي على محاسبة كل الفاسدين أينا كانوا خصوم وحلفاء وأعضاء فالثورة لا تقبل الفاسدين ولا يمكنها ان كانت ذلك أن تنال الرضا من الشعب إلا إذا كانت تحمل القيم والتعايش والوطنية وإلا فهي ثورة ثارات وتصفية حسابات لطرف على حساب الوطن ومقدراته العسكرية والمدنية العامة والخاصة والمستفيد هم أنصار الله فقط وليس الشعب والوطن وسيكون الرهان الخاسر هو إشعال حرائق الفتنه الطائفية التي لا يتقبلها أبناء الشعب الذي عاش مئات السنين في محبة وسلام وهذا ما يريدة ابناء الشعب هو تحقيق لغة الحوار والتعايش والشراكة الوطنية والاستفادة من احداث دول الجوار العراق وسوريا فاليمن وطن الجميع وتاريخ الحضارة وقيادة رسالة السلام والقيم الي العالمين واي مؤامرة على سيادتها ووحدتها وتاريخها فمصيرها الفشل فصنعاء لم تسقط ولن تسقط رغم تواطئ أبنائها واستلام ثمن الخيانة في سوق النخاسين. [email protected] كاتب ومحلل سياسي في الحكم الرشيد