كانت مهمة قتل مركزية بامتياز، تلك التي نفذتها المليشيا الحوثية المسلحة أمس السبت ال18 من أكتوبر، بمدينة يريم التابعة لمحافظة إب، واستهدفت القيادي في التجمع اليمني للإصلاح: الشيخ علي مسعد بدير، الذي يرعى أعمالاً خيرية عديدة، بينها إشرافه على مؤسسة كفالة الأيتام، جعلت القتلة أقزاماً أمام انجازاته الإنسانية. نعم كانت مهمة قتل مركزية بأبعادها السياسية والأيديولوجية والإقليمية والدولية، فمن خلال مهمة القتل القذرة التي نفذتها مليشيا طائفية متوترة ومتربصة، تتجلى أهدافُ المركز السياسي المقدس متمثلاً بصنعاء،باعتبارها رمزاً لتمركز السلطة واحتكارها وضداً للشراكة الوطنية ولكل مفاهيم الدولة الحديثة، التي تتأس على مبادئ الحرية والمساواة وسيادة القانون، وعلى قدرٍ كافٍ من اللامركزية، وتستمد سلطاتها ومؤسساتها مشروعيتها من الشعب باعتباره مصدر السلطة، وليس من ادعاءات التفويض الإلهي. ومهمة القتل المركزية هذه، تستدعي بالضرورة المسئولية الأخلاقية الغائبة لسلطة النظام الانتقالي، التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهي مسئولية يجري التفريط بها بشكل لا يمكن فهمه واستيعابه، كما لا يمكن احتماله، خصوصاً وأن سلطة الرئيس هادي، لا يمكن أن تتبرأ من الدماء التي تسيل اليوم تحت ضربات الأسلحة الثقيلة للمليشيا الحوثية، والتي جلبتها من مخازن الجيش ومن أموال الشعب اليمني الفقير. مركزية مهمة القتل هذه تأتي أيضاً، من النظرة الاستعلائية للغرب ممثلاً بأوروبا وأمريكا الشمالية، الذي ينظر لنفسه دائماً بأنه المركز، وبقية العالم أجزاء لا قيمة لها تتناثر في شرقه الأقصى والأدنى وفي جنوبه، هذا الغرب، قرر عبر القوة العظمى أمريكا، تكريس حالة التناقض المذهبي في أمتنا، وإعادة تمترسها في خنادق للمواجهات العبثية الميدانية التي تساند طائراته بدون طيار وهي تتولى مهمة قتل من تراهم خطراً على مصالحها الحيوية. وما نفهمه اليوم أن الحوثيين هم الطرف الذي فوضته واشنطن للقيام بمهمة القتل بصلاحيات مطلقة، والهدف دائماً معروف هم أولئك الذين تسميهم واشنطن إرهابيين. قتل الشيخ بديرن نعتبرها مهمة قتل مركزية، من جهة ارتباطها بالدور الإيراني الذي تحاول (طهران) السياسية و(قم) الدينية، من خلاله أن تتأسس كمركز إقليمي مؤثر ومهيمن، أدواته المفضلة وهي اللعب بالورقة الطائفية وإثارة نزعات الثأر الطائفي التي تتغذى من إرث مثقل بالأحقاد يزيد عمره عن 1400 سنة، ويرهن مستقبل الأحفاد لتصورات غير منطقية عن الترتيبات التي اعتمدت لإدارة شئون الدولة الإسلامية في عهد الأجداد. مهمة القتل القذرة التي نفذها الحوثيون ضد الشيخ والإنسان الشيخ علي مسعد بدير، متفقٌ عليها مركزياً، وكل هذه الأطراف المركزية المحلية والإقليمية والدولية، تتحمل مسئولية وقوعها على هذا النحو الذي لم يبقِ شيئاً من أخلاقيات التدافع، التي تجري حالياً عبر أداة واحدة هي القتل، وكل شيئ يبدو مبرراً إذا كان بوسعه أن يجر قوة سياسية مثل الإصلاح إلى مواجهة طائفية مع المليشيا المفوضة بصلاحيات مفتوحة ولا متناهية للقتل العبثي. لقد قتل الشيخ بدير هو و10 من أسرته ودمرت منازله في يريم، تحت أنظار لواء عسكري كبيري يرابط في يريم، ويتبع الحرس الجمهوري المنحل، بل أن هذا اللواء العسكري فرَّط بمسئوليته الدستورية حيال الشيخ بدير وعائلته، وسهل بتخليه عن مسئولياته، للقتلة تنفيذ جريمتهم بهذا الكم الهائل من الحقد الطائفي اللعين.. جميع تلك المركزيات كانت تأمل في تفجير حرب تصفية سياسية وطائفية، مع قوى الإسلام السياسي السني، في خلط خبيث للدلالات فيما يخص الإرهاب، إذ لم يعد تنظيم القاعدة هو المستهدف من الحرب الكونية، لكونه يتطابق مع مفهوم الإرهاب من وجهة نظر الغرب وأمريكا تحديداً، وإنما الإسلام السني هو المستهدف، بكل تنوعاته وهو الذي يمثل صلب الدين الإسلامي ووجه الصحيح. مؤتمر الحوار الوطني لا يجبُّ ما قبله، نقبل بنتائجه ومخرجاته نعم، ولكن كل الأعمال الإجرامية التي ارتكبتها المليشيا الحوثية المسلحة وغيرها من الأطراف، بما فيها تلك التي تمت بدعم أو تواطؤ من سلطات الدولة وفاعلين سياسيين معروفين ومن النظامين الإقليمي والدولي، يجب ألا تسقط بالتقادم، أو تُطوى عبر اتفاقيات ترتب على عجل للتسامح السياسي. إنها جرائم حرب بحق الإنسانية، لا الشريعة الإسلامية ولا القانون الدولي يقبلان بتجاوزها مهما طال الزمن. "من صفحته في الفيسبوك"