قطع رواتب عناصر "المتشددين" في اليمن ضمن إصلاحات "الشرعية"    حماس تعلن موقفها من خطة ترامب بشأن قطاع غزة    حزام عدن يلقي القبض على 5 متهمين بالتقطع    اعترافات طفلٍ وُلد مكبلاً بشهوة الثورة والحزب    "حماس" تعلن الموافقة على الإفراج عن أسرى الاحتلال وتسليم القطاع لهيئة فلسطينية مستقلة    جبهة الإسناد اليمنية.. حضور فاعل غيّر الواقع وأكدته الوقائع    رئيس إصلاح المهرة يدعو إلى الاهتمام بالموروث الثقافي واللغوي المهري    فلسفة الحرية    المنتخب الوطني الأول يغادر إلى ماليزيا استعدادًا لمواجهة بروناي    بعد تهديدات حوثية: إندلاع حرائق في أكبر مصفاة نفط بأمريكا    تُكتب النهايات مبكراً لكننا نتأخر كثيراً في قراءتها    500 صوت حر في قبضة الاحتلال    تقرير أممي يحذر من انهيار الإجراءات الأخيرة للبنك المركزي بعدن    السقلدي: روايات تهريب الأسلحة عبر ميناء عدن تفتقر للشفافية وتثير الشكوك    الإسباني ألونسو يسجل أسرع زمن للفورمولا1    "فيفا "يكشف عن الكرة الرسمية لكأس العالم 2026    غدًا انطلاق فعاليات "مهرجان خيرات اليمن" بصنعاء    عمال ميناء يوناني يضربون تنديدا باعتراض اسطول الصمود    معدل البطالة في منطقة اليورو يسجل ارتفاعا    برشلونة يعلن اصابة لامين يامال    عاصفة مدارية شمال بحر العرب    مليشيا الحوثي تعاود اختطاف طفلين في إب وتطارد آخرين على خلفية الاحتفال بثورة 26 سبتمبر    صنعاء .. الإفراج عن سجينة    صعدة: استشهاد واصابة مواطنين اثنين في قطابر وكتاف    دبي تحتضن الليلة انطلاق بطولة "طريق الأبطال" للفنون القتالية    انطلاق فعاليات المعرض الثاني للطاقة الشمسية والري الحديث بعد غد الأحد    فضيحة وقود دوعن مليارات في جيوب بن حبريش والمواطن غارق في الظلام    سقوط مشروع الوحدة وشرعية تمثيل الجنوب واليمن    تهريب الأسلحة إلى الحوثيين.. بين فبركة الخبر وإخفاء الحقيقة    قرار الأمم المتحدة رقم (18-1949) بتاريخ 11 ديسمبر 1963 الخاص بالجنوب    تعز تناقش مواجهة مخاطر الكوليرا وتحديات العمل الإنساني    سجناء حماية الأراضي يعيشون أوضاع غير إنسانية    تدشين عمليات جراحة القلب المفتوح في مستشفى الثورة بالحديدة    محافظ شبوة يوجه بتقييم تنفيذ تكليفات المكتب التنفيذي    مدرسة 22 يونيو بالمحفد تكرم طلابها المتفوقين في العام الدراسي المنصرم    #عاجل وفد الانتقالي الجنوبي يقدم إحاطة مهمة للكونغرس الأمريكي (صور)    كشف ملابسات جريمة قتل الشاب عماد حمدي بالمعلا    محافظ حضرموت يتابع أوضاع جوازات منفذ ميناء الوديعة    نقطة سناح خطر على ميناء عدن    بعد عام.. النصر يعود بالزوراء إلى الانتصارات السبعة    الشرطة تضبط متهماً بقتل زوجته في بعدان    سان جيرمان يقهر البارشا بثنائية    دوري ابطال اوروبا: بي أس جي يظهر معدنه رغم الغيابات ويصعق برشلونة في معقله    جريمة مروعة في عدن.. شاب ينهي حياة خاله بسكين    «المرور السري» يضبط 110 سيارات مخالفة في شوارع العاصمة    سياسيون يحتفون بيوم اللغة المهرية ويطلقون وسم #اللغه_المهريه_هويه_جنوبيه    وقفة لهيئة المحافظة على المدن التاريخية تنديدا باستهداف العدو الصهيوني لمدينة صنعاء القديمة    مفتاح يطلع على حجم الاضرار بالمتحف الوطني    أنا والحساسية: قصة حب لا تنتهي    من تدمير الأشجار إلى نهب التونة: سقطرى تواجه عبث الاحتلال الإماراتي البري والبحري    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    وفاة امرأة بخطأ طبي في إب وسط غياب الرقابة    مراجعة جذرية لمفهومي الأمة والوطن    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    صنعاء... الحصن المنيع    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    في محراب النفس المترعة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب بين "عقيدة الصدمة" و "إدارة التوحش"
نشر في التغيير يوم 21 - 10 - 2014

تقوم "عقيدة الصدمة" (عنوان كتاب عن صعود الرأسمالية المتوحشة، ناعومي كلاين 2009) على مبدأ استغلال الكوارث الكبيرة بأنواعها الطبيعية أو الناجمة عن الحروب أو نتيجة انهيارات داخل المجتمعات، والتي تتسبب في صدمات سيكولوجية عامة تضع تلك الشعوب المصابة تحت سلطان الهلع الذي يقود الى تسوية أرضية الذاكرة من خلال مسح البيانات الحسية بحيث تصبح ككتلة صماء جاهزة للاشتغال عليها بأزاميل قوانين السياسات الاقتصادية النيوليبرالية لخدمة المؤسسات الرأسمالية. وهو نهج لاديمقراطي في تكريس أنظمة السوق الحر التي أصبحت سمة رئيسية للاقتصاد العالمي، بل وتُعتبر الحروب مشروع استثمار رأسمالي متنوع وضخم يتحقق من خلال ما يسمى "تمرير العلاج بالصدمات".
أما "إدارة التوحش" فهو كتاب ألفه كاتب محلي (بإسم مستعار)، وضع فيه فصول متعددة ومتشابكة لكنها في الأخير تقر بأن تلك الإدارة هي المرحلة الأخطر التي تعيش فيها الأمة، وتلخص فكرة رئيسية تقوم على "ضرورة استغلال مناطق الفوضى" التي تظهر بعد حروب أو انقلابات أو انهيارات أو كوارث من أجل إنشاء، وبسط نفوذ الدولة الاسلامية، أي أن تبنى الدولة الإسلامية الفاضلة بوسائل متوحشة تعافها الأديان والأخلاق الإنسانية. ويتم في حاضرنا المرعب بشكل أو بآخر تطبيق العقيدة والإدارة بشكل ثنائي متكامل يقود الى نتيجة واحدة بحيث تصبح المقدرات العربية المادية والروحية عرضة للنهب الخارجي بينما داخلياً يتم ارتكاب الفضائع ألتي وصلت صورها الى قارات العالم وشعوبها وألحقت ضرراً بالغاً بالهوية الاسلامية في أذهان العامة من غير المسلمين. وهكذا اصبحت المنطقة بأسرها رهينة النظام الرأسمالي المتعطش وإدارة التطرف الإسلامي المتوحش.
معلوم أن المنطقة العربية مرت بحالات من الصدمات الكبيرة لفترات طويلة ومتكررة خلفت ذهول وهلوسات تراكمت حتى تكاد أن تنغمس في السياق الجيني لسكانها، ليتم ربما تسجيلها لاحقاً، إن طالت وتعمقت، في الشفرة الوراثية للبشرية العربية. لقد عاصر عالم العرب هزات غيرت ملامحه السياسية والثقافية والنفسية إبتداء من حرب 67م، التي قادت إلى تفكيك المشروع القومي وأدخلت قضية فلسطين في دهاليز المساومات اللانهائية بل وفضحت هشاشة الدول العربية والمفارقات العظيمة بين الخطاب والسلوك، ومروراً بحرب العراق واحتلاله، ثم تنامي ظاهرة الإرهاب الديني والصراعات الطائفية الدموية. وهذه الأخيرة تمثل مُنتج نهائي للهزات الروحية والجسدية ذات الجذور البعيدة في التاريخ الاسلامي والتي تم تفعيل نموها لمقتضيات الصراع والحروب بالوكالة.
عقيدة صدمات الحروب الكبيرة التي يطبقها الغرب الرأسمالي في المنطقة ويمرر علاجها بأشكال متعددة وتحت ذرائع تتناسل وتتشعب، وإدارة التوحش التي تجسد أقصى حالات الخيال لمريض معتل نفسيا، انعدمت لديه وظيفة الضمير، متلازمتان أدخلتا العرب في حالة استنزاف فضيع لم يحصل لأي أُمة في التاريخ الحديث، يتم من خلالها استلاب ونهب للدين والثروة والثقافة.. وليست الفضاعة هنا بل الفضاعة بأن الأمة تقتل نفسها أو تستدعي من يقتلها وتدفع له الأجر المجزي.
لا أحد يستطيع أن يتصور أن تداعيات الأزمات المختلفة، التي ما تزال تتجذر وتتشعب بشكل مرعب في المجتمع العربي، سوف تستمر خلال زمن منتظر ومرتقب وتتسبب في اشعال الحروب (التنظيفية) بمسميات مختلفة، لسنوات أو لعقود. وهي مدة ليست مقدرة بشكل دقيق ونهائي لأنها ستكون مطاطية ومرنة جداً كيفما تقتضي الحاجة الماسة عند الغرب للإستثمار فيها، وإطلاق يده لحصاد طويل يسلب من خلاله بلاد العُرب بخيامها ونوقها وأسواقها ويتركها مغتصبة، ملوثة، مرهقة، فاقدة للذاكرة، ثم يستلم أجره وينصرف ليتركها خلفه تستغيث به مرة ثانية، وهكذا، في دورة شيطانية لن تصحو منها الا بصبح وما الصبح بقريب.
لا يجد المرء لحظة زمنية محددة تحمل على كاهلها كل أثقال التاريخ وتعقيداته ومساوئه كالراهن العربي وهذا يفسر الضياع الشديد والبؤس الذي يعيشه العقل العربي أيضاً، مع غياب مخيف لدور المثقف والفيلسوف والمصلح الديني والاجتماعي ورواد الفكر. ولأن العرب يفتقدون كل شيء عدا جعير الكلام فأن فضائياتهم ومنابرهم مسخرة لما يخدم مشاريع تمهد لهندسة الصدمة الآتية من وراء البحار، والتوحش البلدي جداً الذي يتقمص روحانية الخلافة العصماء.
زمن يستحق بكاء وعويل على خط نواكشوط باب المندب. فما الذي بقي لا يستحق الرثاء غير مستقبل بعيد ربما سيأتي قبل أن تصبح الأُمة جماعات متفرقة من " السكان الأصليين ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.