إتلاف كمية كبيرة من الذخائر والألغام غير المنفجرة في أبين    عاجل: قوات دفاع شبوة تتمكن من الاطاحة بقيادات بارزة في تنظيم القاعدة الإرهابي    بروتوكول تعاون بين "المصرية الهندسية" والاتحاد المصرى للدارتس    تدشين أولى رحلات تفويج الحجاج جواً من مطار عدن الدولي    بلجيكا.. اكتشاف أنبوب مياه روماني فريد من نوعه    كريستيانو جونيور يكتب أول سطر من مسيرته الدولية    دخول تخفيضات الرسوم الجمركية الإضافية بين بكين وواشنطن حيز التنفيذ    لتأخره في توصيل "الطلب".. قيادي حوثي يعتدي بعنف على عامل مطعم بإب    الحوثي يلغم اليمن.. دلالات وأبعاد ضبط ثلاثة ملايين صاعق ومتفجرات بالبحر الأحمر    الجزائري ولد علي يصل المكلا    أجواء حارة في الصحاري والسهول    من وادي عومران إلى وادي حضرموت.. مشروع جنوبي لتفكيك بؤر الإرهاب بالمنطقة    بعد زرع الفتنة والفرقة بين الأهل.. حضرموت نحو التدمير الذاتي    عملية نوعية في عمق العدو وبيان للقوات المسلحة بعد قليل    موقع بريطاني: الولايات المتحدة أنفقت مليارات الدولارات في حرب هزمت فيها    "بلو سكاي" التابعة ل "عبدالحافظ العليمي" تستولي على قطاع S2 عقلة شبوة (وثيقة)    أبو عوذل: لا مجال للمزايدة على وطنية ونضال عبدالعزيز الشيخ    الفقيد صالح علي السعدي.. من الرعيل المؤسس لنادي شعب حضرموت    إب .. اختناق جماعي داخل بئر يودي بحياة 6 اشخاص    الاردن تعلن سقوط صاروخ مجهول المصدر بمحافظة معان    الرأسمالية المتهالكة تواجه أعمق أزماتها: هل ينقذها "عرّاب الصفقات" ترامب؟    مكتب زراعة الأمانة يكرم مركز الشهيد "هاني طومر" الصيفي ب200 شتلة من الأشجار المثمرة    فرنسا ردا على إسرائيل: لا أحد يملي علينا موقفنا من الاعتراف بالدولة الفلسطينية    علماء روس يطورون طريقة للتنبؤ بالأمراض الوراثية والمناعية    الكلمةُ شرفٌ لا يُباع.. ومسؤولية لا تُزوَّر    الوطنية توضح حول أسعار منتجاتها من مادة الاسمنت    الفريق الوطني يطالب بزيارة اممية لسجون المجرم "طارق عفاش"    النفط يتراجع من أعلى مستوى له في أسبوعين    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 13 مايو/آيار 2025    مناقشة أوجه التعاون بين وزارة النفط والمركز الوطني للوثائق    "البكري" يستقبل السفيرة البريطانية "شريف" ويبحثان سبل التعاون ودعم الشباب    إنتخاب اللاعب طه المحاقري رئيساً للجنة الرياضيين باللجنة الأولمبية اليمنية    وزير النقل يعلن جهوزية مطار صنعاء لاستقبال الرحلات    برعاية وزير الأوقاف.. وكالات الحج والعمرة تقيم اللقاء السنوي مع الحجاج في العاصمة عدن    مصر تستعيد 25 قطعة أثرية من واشنطن    حكيمي رابع مغربي يتوج بجائزة أفضل لاعب أفريقي بالدوري الفرنسي    البغدادي يكشف عن اخفاء قسري لمحامي في صنعاء ويطالب بالاسراع في كشف مصيره    مركز نهم الجمركي يحبط محاولة تهريب كمية من الزبيب الخارجي    البعثات الطبية الصينية في وادي حضرموت    كفى عبثًا!!    وزير داخلية مصر يصدر أمرا ببحث شكاوى اليمنيين والافراج عن المحتجزين    علماء يحققون اكتشافا مذهلا عن الأصول الحقيقية لليابانيين    ألونسو يطلب صفقات لترميم دفاع الريال    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تتضامن مع الصحفي عدنان الأعجم    تدشين دليل الخدمات المرورية في مركز الإصدار الآلي الموحد    "اليونيسيف" تطلق مبادرة للحد من نقص التغذية في اليمن    المناخ الثوري..    اللواء ناصر رقيب يشيد بإنجازات القوات الخاصة في مأرب    فتاوى ببلاش في زمن القحط!        قراءة نقدية في كتاب موت الطفل في الشعر العربي المعاصر .. الخطاب والشعرية للدكتور منير فوزي    حقيقة استحواذ "العليمي" على قطاع وادي جنة5 النفطي شبوة    نساء عدن: صرخة وطن وسط صمت دولي مطبق.!    صبحكم الله بالخير وقبح الله حكومة (أملصوص)    أمريكا.. وَهْمٌ يَتَلَاشَى    مرض الفشل الكلوي (4)    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب بين "عقيدة الصدمة" و "إدارة التوحش"
نشر في التغيير يوم 21 - 10 - 2014

تقوم "عقيدة الصدمة" (عنوان كتاب عن صعود الرأسمالية المتوحشة، ناعومي كلاين 2009) على مبدأ استغلال الكوارث الكبيرة بأنواعها الطبيعية أو الناجمة عن الحروب أو نتيجة انهيارات داخل المجتمعات، والتي تتسبب في صدمات سيكولوجية عامة تضع تلك الشعوب المصابة تحت سلطان الهلع الذي يقود الى تسوية أرضية الذاكرة من خلال مسح البيانات الحسية بحيث تصبح ككتلة صماء جاهزة للاشتغال عليها بأزاميل قوانين السياسات الاقتصادية النيوليبرالية لخدمة المؤسسات الرأسمالية. وهو نهج لاديمقراطي في تكريس أنظمة السوق الحر التي أصبحت سمة رئيسية للاقتصاد العالمي، بل وتُعتبر الحروب مشروع استثمار رأسمالي متنوع وضخم يتحقق من خلال ما يسمى "تمرير العلاج بالصدمات".
أما "إدارة التوحش" فهو كتاب ألفه كاتب محلي (بإسم مستعار)، وضع فيه فصول متعددة ومتشابكة لكنها في الأخير تقر بأن تلك الإدارة هي المرحلة الأخطر التي تعيش فيها الأمة، وتلخص فكرة رئيسية تقوم على "ضرورة استغلال مناطق الفوضى" التي تظهر بعد حروب أو انقلابات أو انهيارات أو كوارث من أجل إنشاء، وبسط نفوذ الدولة الاسلامية، أي أن تبنى الدولة الإسلامية الفاضلة بوسائل متوحشة تعافها الأديان والأخلاق الإنسانية. ويتم في حاضرنا المرعب بشكل أو بآخر تطبيق العقيدة والإدارة بشكل ثنائي متكامل يقود الى نتيجة واحدة بحيث تصبح المقدرات العربية المادية والروحية عرضة للنهب الخارجي بينما داخلياً يتم ارتكاب الفضائع ألتي وصلت صورها الى قارات العالم وشعوبها وألحقت ضرراً بالغاً بالهوية الاسلامية في أذهان العامة من غير المسلمين. وهكذا اصبحت المنطقة بأسرها رهينة النظام الرأسمالي المتعطش وإدارة التطرف الإسلامي المتوحش.
معلوم أن المنطقة العربية مرت بحالات من الصدمات الكبيرة لفترات طويلة ومتكررة خلفت ذهول وهلوسات تراكمت حتى تكاد أن تنغمس في السياق الجيني لسكانها، ليتم ربما تسجيلها لاحقاً، إن طالت وتعمقت، في الشفرة الوراثية للبشرية العربية. لقد عاصر عالم العرب هزات غيرت ملامحه السياسية والثقافية والنفسية إبتداء من حرب 67م، التي قادت إلى تفكيك المشروع القومي وأدخلت قضية فلسطين في دهاليز المساومات اللانهائية بل وفضحت هشاشة الدول العربية والمفارقات العظيمة بين الخطاب والسلوك، ومروراً بحرب العراق واحتلاله، ثم تنامي ظاهرة الإرهاب الديني والصراعات الطائفية الدموية. وهذه الأخيرة تمثل مُنتج نهائي للهزات الروحية والجسدية ذات الجذور البعيدة في التاريخ الاسلامي والتي تم تفعيل نموها لمقتضيات الصراع والحروب بالوكالة.
عقيدة صدمات الحروب الكبيرة التي يطبقها الغرب الرأسمالي في المنطقة ويمرر علاجها بأشكال متعددة وتحت ذرائع تتناسل وتتشعب، وإدارة التوحش التي تجسد أقصى حالات الخيال لمريض معتل نفسيا، انعدمت لديه وظيفة الضمير، متلازمتان أدخلتا العرب في حالة استنزاف فضيع لم يحصل لأي أُمة في التاريخ الحديث، يتم من خلالها استلاب ونهب للدين والثروة والثقافة.. وليست الفضاعة هنا بل الفضاعة بأن الأمة تقتل نفسها أو تستدعي من يقتلها وتدفع له الأجر المجزي.
لا أحد يستطيع أن يتصور أن تداعيات الأزمات المختلفة، التي ما تزال تتجذر وتتشعب بشكل مرعب في المجتمع العربي، سوف تستمر خلال زمن منتظر ومرتقب وتتسبب في اشعال الحروب (التنظيفية) بمسميات مختلفة، لسنوات أو لعقود. وهي مدة ليست مقدرة بشكل دقيق ونهائي لأنها ستكون مطاطية ومرنة جداً كيفما تقتضي الحاجة الماسة عند الغرب للإستثمار فيها، وإطلاق يده لحصاد طويل يسلب من خلاله بلاد العُرب بخيامها ونوقها وأسواقها ويتركها مغتصبة، ملوثة، مرهقة، فاقدة للذاكرة، ثم يستلم أجره وينصرف ليتركها خلفه تستغيث به مرة ثانية، وهكذا، في دورة شيطانية لن تصحو منها الا بصبح وما الصبح بقريب.
لا يجد المرء لحظة زمنية محددة تحمل على كاهلها كل أثقال التاريخ وتعقيداته ومساوئه كالراهن العربي وهذا يفسر الضياع الشديد والبؤس الذي يعيشه العقل العربي أيضاً، مع غياب مخيف لدور المثقف والفيلسوف والمصلح الديني والاجتماعي ورواد الفكر. ولأن العرب يفتقدون كل شيء عدا جعير الكلام فأن فضائياتهم ومنابرهم مسخرة لما يخدم مشاريع تمهد لهندسة الصدمة الآتية من وراء البحار، والتوحش البلدي جداً الذي يتقمص روحانية الخلافة العصماء.
زمن يستحق بكاء وعويل على خط نواكشوط باب المندب. فما الذي بقي لا يستحق الرثاء غير مستقبل بعيد ربما سيأتي قبل أن تصبح الأُمة جماعات متفرقة من " السكان الأصليين ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.