الجزء الرابع من المشهد الرابع. عمر : مليكي رب إبله، وللكعبة رب يحميها . سعد : أسألك عن حلمك . عمر : حلمي، هو حلم مليكي . سعد : وما هو حلم مليكك ؟ عمر : (سارحاً) حلم مليكي..حلم مليكي . سعد : نعم يا عمر..نعم . عمر : (مطرقاً)حلم مليكي أن يظل رباً لأبله، وأن يظل الرب حاميا للكعبة دوماً وأبداً . سعد : يا ويلك يا سعد، وأنت تعود كما كنت، قبل أن يقول عوف، وهم أين ما كانوا مثلنا..يا ويلك..يا ويلك . المقه : (تنظر إلى سعد نظرة عتاب) لا تيأس يا سعد، وإذا كنت قد قلت من وحي اللحظة، فأنت قد استشرفت المستقبل، أنا المقه..أنا من يستشرف المستقبل القريب، والبعيد، سوف يقول شاعر في المستقبل القريب البعيد : ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى عدوا له ما من صداقته بد. وأنا إذ كنت أستمع إلى ضيوفنا وسعد، استشرفت ما سوف يقوله الشاعر، كأنه لسان حال ملك الحيرة، وملك الغساسنة، وصديقهما فارس والروم... عامر : (مقاطعاً) بل عميلان لفارس، وروما . المقه : صه يا عامر، وأنت كما قالت لميس، تقاطعني يا عامر..حسناً لو لم يكونا كذلك، لماذا قال الشاعر من نكد الدنيا، ولسان حال الشعب وحاكمهم مستبد . سعد : يا ويلك يا سعد، فكما كنتم يولى عليكم . المقه : هاأنت ياسعد تستشرف المستقبل مجدداً، وما قلته سوف يقوله غيرك في المستقبل القريب..القريب . سعد : (يجثو على الأرض..مطرقاً)..سعد الخايب..سعد الخايب . المقه : انهض، فإذا كنت كذلك، فلن تتحرر من المحتل المستبد، والمقيم المستبد..كن دائماً الحالم المتفائل انهض يا سعد . سعد : (ينهض، حزينا)..ناهضا، أم جاثيا، فأنا سعد الخايب المقه : بل سعد الحالم . عمر : فهل تأذن لنا أم أسعد ؟ مالك : (وعوف) وقد أجبنا على سؤال سعد . المقه : (تخاطب الحشد) فهل تأذنون ؟ الحشد : لن نأذن قبل أن نعرف من قتل سيف؟ المقه : قتله من له مصلحة في قتله. الحشد : من بالتحديد. المقه : ولماذا لا تسألون الحارث؟ الحارث : قد أجبت، قتل غيلة وغدراً. المقه : غيلة وغدراً، فمن اغتال ومن غدر. ديمانوس : تستشرفين القريب القريب، والبعيد البعيد ولا تستشرفين من أغتال ومن غدر. المقه : استشرف المستقبل القريب، والبعيد بأحداثه وشخوصه، الشخوص هي من تصنع الحدث والأحداث، وبالأمس كان حدثاً سوف يبقى ما بقي التاريخ، وشغله الشاغل، ومن أحدثه شخص أو أشخاص له أو لهم مصلحه، ومن له أو لهم مصلحة كثيرون، فكيف لي أن استشرف وهم كثيرون؟ عامر : تحدث ديمانوس عن الاستشراف وأنت تتحدثين عن الماضي، أختلط عليك الأمر، فإذا كنت تستشرفين المستقبل فلماذا لم تحذري سيف؟ المقه : أحذره، يعني جلوسه في غرفته لا يبارحها، أحذره ممن، وهم كثيرون؟ الحشد : ونحن نريد أن نعرف: من هم الكثيرون؟ المقه : كثيرون..كثيرون. عامر : كثيرون..كثيرون، تعرفين لو كنت تستشرفين . المقه : ولماذا لا تكون أنت؟ عامر : (دهشاً) أنا! المقه : لمَ لا؟، أو لم تكن تريد الملك لنفسك..يسود الهرج والمرج للحظات، ثم تواصل المقه قائلة.. المقه : ولماذا لا يكون ديمانوس، فقد كان يريد الملك لنفسه؟، ولماذا لا يكون الحارث، وهو من أصبح نائباً لوهرز على أحد القبل اليمنية؟..تصمت للحظات، ثم تقول. المقه : (عينها على الضيوف) ولماذا لا تكونون أنتم؟ الثلاثة : (حائرين) نحن!! المقه : لا أحد يريد سيف الحل، فلماذا لا تكونون أنتم؟ الثلاثة :......!! الحشد : تجيبين على سؤالنا بأسئلة، نريد جواباً شافياً. الحارث : لو لم تكوني زوجة سيف... المقه : (مقاطعة) بل الملك سيف. الحارث : كيف ما كان الحال، فلو لم تكوني كنت أمرت الجند بجرك إلى السجن. المقه : هكذا المستبدون، يسجنون ويقتلون بسبب كلمة أو رأي، فلماذا لا تجيب على سؤالي ولماذا لا يجيب عامر وديمانوس؟ الحارث : لك أن تصدقي أو لا تصدقي، فقد قُتل غيلة وغدراً. عامر : لماذا لم تقولي: لماذا لا يكون القاتل، هو من استقدمه سيف؟ ديمانوس : إذا كان قد فعل، فذلك مصير كل عميل. المقه : إذا كانوا هم، فذلك ينفي عنه العمالة لهم. عامر : هم أم لا، مادام قد استعان بهم، استعان بالأجنبي فقد كان عميلاً. المقه : تغارون من سيف، وما فعله من أجل تحرير اليمن، وتصفونه بالعمالة لفارس، ثم إننا(نعيش في عصر الإباحية الدولية). الحشد : (متعجبين)..عصر الإباحية الدولية !. المقه : هكذا سيقولون في المستقبل البعيد..البعيد دفاعاً عن سيف. الحشد : عصر الإباحية الدولية..دفاعاً عن سيف..لم نفهم..لم نفهم. المقه : في عصرنا،كل دولة مباحة للدولة الأخرى، تحتلها متى أرادت، ومتى كانت أقوى منها، أما في المستقبل البعيد..البعيد، فسيكون لكل دولة حدودها المعترف بها، وممنوع على الدولة الأخرى أن تحتلها. عامر : أجزم بأن استشرافك قد خانك يا المقه، فالقوة ربما تسبيح، حتى ولو كان هناك حدود. المقه : أحسنت يا عامر..استشرف ثواراً يحسنون الكلام ولا يحسنون الأفعال، المستبدون الجدد..استشرف مستقبلاً تكون فيه روما وفارس، وحال العرب كما هو اليوم، وربما فارس أو روما، والمصيبة أكبر إذا كانت فارس أو روما. عامر : فإذا القوة تستبيح، فلماذا سيدافعون عن سيف؟ المقه : اسمع يا عامر، اسمع يا ديمانوس، اسمع أيها الحشد، اسمعوا كلكم، ماذا سيكتب أحدهم في المستقبل البعيد..البعيد (سيف بن ذي يزن هو رمز الحركة الوطنية الأولى من نوعها في الجزيرة العربية ضد الوجود الحبشي التي لا يختلف عليها اثنان ويعني التشكيك فيها تشكيكاً في التاريخ اليمني كله، ومن ثم العربي الإسلامي لما للتاريخ اليمني ولتلك الحركة بالذات من أثر فيه..ولولاها لخضعت الجزيرة للأحباش ولما كان الإسلام والحضارة الإسلامية العظيمة، وباختصار شديد لتغير مجرى التاريخ العربي ولسار في اتجاه آخر مغاير). عامر : (ساخراً) تستشرفين، حتى ما سوف يقولونه، ويكتبونه، أحسب أنه خيالك المريض و..يصمت عندما يشاهد النعمان خارجاً من بين الحشد متوكئاً على العصا.. النعمان : لماذا صمتَّ يا عامر؟ عامر : كان لي أن أصمت، ومن رباني وأحتضن أمي وحافظ على سري مقبلاً علينا. النعمان : ولماذا كان لك؟ عامر : احتراما وتقديراً لكم. النعمان : (ساخراً) احتراماً وتقديراً، وأنت كما قالت لميس..حسناً..حسناً..جانبك الصواب وأنت تقول عن خيال المقه بأنه الخيال المريض، أعرف المقه منذ نعومة أظافرها..المقه النابغة منذ نعومة أظافرها، وحالفه الصواب من سماها المقه..ما قالته المقه بأن أحدهم سوف يقول ما قالته المقه، فيه تعبير وكلمات جديدة علينا، لكنها مفهومة، ويحتاج إلى نقاش. المقه : على الرحب والسعة، تفضلوا. النعمان : سمعتكم تتحدثون عن الاستبداد، وأحدهم الذي قالت عنه المقه قد استبد برأيه عندما يقول في المستقبل البعيد..إلى أن قال(لا يختلف عليها اثنان ويعني التشكيك) إلى أخر ما قال، فربما أن غير سيف كان سيظهر، ربما من الداخل وخاصة أن قوة الأحباش كانت قد ضعفت بعد قتال يكسوم ومسروق..ربما أنه سيحب سيفا حباً جماً، فكان استبداد المحب . المقه : ما بعده تفسير لما قبله . النعمان : تقصدين عندما قال أو سيقول : ولولاها لخضعت الجزيرة إلى أخر ما قال أو سيقول . يتيع