ما الذي يجعلنا ننتظر ان يأتي الحل من الخارج مع أن المشكلة يمنية وعناصرها وأطرافها يمنيون؟ ولماذا ننتظر من الآخرين القيام نيابة عنا بحل مشاكلنا وأزماتنا الداخلية مع ان هذه الاشكاليات هي من صنع ايدينا ولا علاقة للآخرين بها؟ وبأي وجه نطلب من الاخرين تحمل اعباء هذه المهمة الوطنية مع أننا ندرك جيدا كيف قادت التفاهمات الدولية الى تفكيك الصومال والعراق والسودان والبوسنة والهرسك ولا نجهل كيف أدت هذه التفاهمات إلى ضياع سوريا وليبيا وكثير من الدول العربية والإسلامية .. ونعي تماما أن المجتمع الدولي,أو هكذا يطلقون عليه, ما تدخل في بلد إلا وأطاح به وفتته وقسمه الى كنتونات طائفية ومذهبية وجهوية تلفها الصراعات والأحقاد والضغائن والكراهية ؟؟ ولماذا نقبل على أنفسنا أن نصبح طرفا مفعولا به في لعبة التوافقات والتجاذبات؟ في حين ان بوسعنا أن نكون أصحاب القرار والمبادرة في معالجة انقساماتنا وخلافاتنا وفق رؤية وطنية تتسع للجميع وتجعل الجميع يرسمون حاضر ومستقبل هذا الوطن المختطف من قبل ابنائه. ............................................. واهم كل من يعتقد أن حل المشكلة اليمنية بيد الخارج وواهم ايضا من يظن ان التدخل الخارجي في اليمن أصبح مجرد مسألة وقت وأن تسارع خطى (الهروب الدولي) من صنعاء بعد إقدام العديد من الدول العربية والأجنبية على إغلاق سفاراتها وإجلاء بعثاتها الدبلوماسية يمثل شاهدا حيا على أن هذا التدخل صار حتميا في حين ان هروب البعثات الدبلوماسية ليس سوى دليل علىأن هذه الدول قد افرغت لنا الساحة لكي نتقاتل من بيت الى بيت ومن شارع الى شارع وأن نهرق دم بعضنا البعض فيما هم سيتابعون مشاهد معركتنا العبثية عبر شاشات التلفزة في انتظار من سيحسمها لصالحه ليقوموا بتهنئته بالانتصار على ابناء جلدته .. بل إن مثل ذلك ( الهروب الكبير) ما كان له ان يحدث لو كانت تلك البعثات الدبلوماسية تمتلك تقديرات حقيقية عن من سيحارب من ؟؟ وماذا يريد كل طرف ؟؟ على اعتبار أن الجزء الغاطس من المشهد اليمني الراهن مازال اكبر بكثير مما ظهر منه حتى اللحظة. ................................................... وواهم أكثر كل من يراهن على دور مبعوث الاممالمتحدة الى اليمن جمال بنعمر الذي بات بمثابة (المندوب السامي) أو أن نصائحه المموهة والمفخخة ستخترع لنا حلا سحريا في نهاية الامر بل ان الأحرى بأولئك الذين جعلوا من هذا المبعوث رسول (العناية الالهية) مطالبته بالتوقف عن تلك الثرثرات غير الصادقة وغير المقنعة التي تحاول ان تسوغ لنا التدخل الخارجي بصيغته الثانية بحجة ان الصراع في اليمن اصبح متقاطعا مع صراعات أخرى اقليمية الأمر الذي يصعب معه فك الارتباط بين الاثنين من غير تدخل القوى الكبرى التي تتقاسم النفوذ وتتقاسم المصالح وتتقاسم في ذات الوقت مشاريع الحلول. وامام هذه الخدع وجدنا البعض منا يبني حساباته على تدخل واشنطن بفعالية لإعادة عقارب الساعة الى الوراء أي الى ما قبل 21 سبتمبر الفائت وابعد من ذلك وجدنا آخر يبني مواقفه على حماسة الحلف الاخر من اجل إيصاله الى مبتغاه وغاياته دون ان يعي هذا او ذاك واقع ان الاطراف الخارجية لا تحركها العواطف وانما المصالح وأن صراعها في اليمن سيكون ثمنه انهيار اليمن وتشظيه ليس فقط الى جنوب وشمال ووسط ضائع وإنما الى دويلات وقبائل وطوائف ومذاهب تأكل بعضها بعضا في حروب تتفوق في جاهليتها على كل حروب عصور الجاهلية الاولى . .............................................. الى أين نحن ذاهبون؟ هذا هو السؤال الاكثر رواجا في بلد صار كل ما لديه فائض احلام مقابل فائض من البؤس والفقر والبطالة والانهيارات المتلاحقة الى درجة تكاد فيها اليمن ان تكون الدولة الوحيدة في هذا العالم من تبحث عن مصيرها وعن استقرارها وعن وحدتها وعن هويتها وعن غدها ومستقبلها, ولذلك ظلت أنظار ابنائها شاخصة على مدى اسابيع نحو (الموفنبيك) في انتظار ما ستسفر عنه حوارات المتفاوضين من اتفاقات وحلول للانسداد الحاصل والفراغ السياسي الذي يضع البلاد والعباد على حافة الهاوية إلا ان كل هذه الأيام التي قضاها جلاوزة السياسة وحواراتهم التي تبدأ من الصباح وحتى منتصف الليل قد اخفقت وعلى أقل تقدير حتى اليوم في أن تعدهم بان الحل صار على الأبواب وأن من يشاركون في هذه الحوارات قد استبدت بهم خيالات التنظير الى الحد الذي لم يستوعبوا معه ملامح الخطر الذي يتربص بهم وبمجتمعهم. ........................................... وحين تكون الاجابة عن سؤال الناس الى أين ذاهبون؟؟ اللاشيء والمراوحة واللا امل في الخروج من عنق الزجاجة فإنهم يشعرون أن ظهورهم أصبحت للجدار وهو الشعور الذي صار طافحا في احاسيس غالبية اليمنيين الذين لم تترك لهم القوى المتحاورة أية مساحة بيضاء للتفاؤل بعد أن ملأت هذه القوى كل المساحات بالأدخنة والحرائق, وما لم تخلص نوايا كل المكونات ويتصالح كل يمني مع نفسه قبل ان يتصالح مع اخوته فلن تقوم لهذه البلاد قائمة . كما وأنه ما لم تتكاتف جهود اليمنيين في اتجاه إخراج وطنهم من المأزق الراهن فلا مجلس الأمن ولا الأممالمتحدة ولا الاتحاد الاوروبي ولا الجامعة العربية ولا مجلس التعاون الخليجي ولا كل منظمات العالم ستكون قادرة على حلحلة مشاكل وأزمات اليمن . .......................................... اذا اراد اليمنيون الخير والتقدم والاستقرار لبلادهم فمفاتيح الحل بأيديهم اما اذا تركوا بلادهم تتقاذفها المجموعات الإقليمية والدولية فان الاخرين لن يكونوا أرحم بهذه البلاد من ابنائها وكل ما سيفعله مجلس الأمن أو الاممالمتحدة في اخر المطاف لن يكون اكثر من ضم اليمن الى قائمة الازمات المزمنة على غرار الصومال والعراق وسوريا وهايتي وكشمير وربما فلسطين . فهل يحكم المتفاوضون ضمائرهم ووطنيتهم ويعودوا الى جادة الحق والصواب لينزع كل واحد منهم من داخله أهواء وأنانية النفس الأمارة بالسوء ليتسنى انقاذ اليمن من الغرق والضياع؟؟ الفرصة ما تزال قائمة والوقت لم يفت بعد للوصول الى (طوق النجاة). صحيفة الثورة