تضطلع المملكة العربية السعودية بدور أساسي وحيوي هام في كل ما يجري من متغيرات سياسية رئيسية في اليمن الجار الجنوبي للملكة، حيث كانت المملكة دائما وعلى امتداد التاريخ الحديث للدولة اليمنية تحتضن المؤتمرات التصالحية بين الأطراف السياسية اليمنية المتصارعة او ترعاها، انطلاقا من سياسة المملكة العربية السعودية الثابتة تجاه اليمن والمتمثلة بالحرص على مصلحة اليمن وضمان امنه واستقراره وتطوره. ان المملكة العربية السعودية بقيت طوال العقود الماضية الدولة العربية المجاورة لليمن الأكثر اهتماما بالشأن اليمني والأكثر دعما لليمن في مختلف المنعطفات التاريخية الحرجة، حيث كانت تقدم الدعم المالي بلا حدود ومن دون منة او اذى وانما انطلاقا من سياستها الثابتة تجاه اليمن وهي الحرص على ان تبقى اليمن دولة مستقرة وامنه وباقتصاد معافا قادر على النمو والثبات امام الازمات المالية العالمية والعواصف الاقتصادية المفاجأة، كما كانت المملكة تسعى وبشكل دائم الى احتواء الصراعات السياسية في اليمن من خلال تشجيع الأطراف السياسية اليمنية على الحوار ورعاية الاتفاقات السياسية اليمنية الداخلية. ان بصمات المملكة العربية السعودية الإيجابية تجاه اليمن اكبر من الهرطقات الإعلامية التي تحاول التقليل من شانها او تسعى الى محوها او تشويهها بخصوص الشأن اليمني الداخلي وما يعتريه من صعوبات ومشكلات وتحديات جمة سواء كانت سياسية او اقتصادية او غير ذلك من التحديات الأخرى، فالمملكة هي من اخرج اليمن من جحيم الحرب الاهلية عام 1967م برعايتها للمصالحة بين الجمهوريين والملكيين آنذاك ودعمها الغير محدود للاقتصاد اليمني في تلك المرحلة، كما ان المملكة هي من جنب اليمن مخاطر الانزلاق في الحرب الاهلية عام 2011م، حيث تزعمت الرياض دول مجلس التعاون الخليجي بتقديم المبادرة الخليجية وقدمت الرياض كل وسائل وسبل الدعم لنجاح تلك المبادرة حتى تكلل ذلك بحضور كافة فرقاء العمل السياسي اليمني الى الرياض التي احتضنت فعالية التوقيع على المبادرة الخليجية لإنهاء الازمة السياسية اليمنية، وجنبت اليمن ويلات الحرب الاهلية. وفي ظل التوتر السياسي الراهن في اليمن وما شهدته من تصعيدات خطيرة بعد انسداد الأفق السياسي وتوقف الحوار الوطني بين الأحزاب والقوى السياسية اليمنية بسبب الإجراءات التي أقدمت عليها الجماعة الحوثية باقتحام مؤسسات الدولة وقصر الرئاسة ومحاصرة الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء في بيوتهم ومن ثم اصدار اعلان دستوري ومحاولة فرضه على الجميع كأمر واقع استنادا الى القوة، التي رفضتها القوى والأحزاب السياسية اليمنية رغم التهديدات التي تتلقها من الجماعة والتي من شانها دفع الأمور نحو المواجهة العسكرية واغراق البلاد في اتون حرب أهلية وخيمة، وهذا ما يستدعي الدور الإيجابي للملكة العربية السعودية في احتضان مؤتمر وطني يضم القوى السياسية اليمنية ويلزمها بالمصالحة والعودة الى الحوار ونبذ العنف وعدم استخدامه لتحقيق مكاسب سياسية كما فعلت الجماعة الحوثية في الآونة الأخيرة. ان الحل الوحيد للخروج من التأزم السياسي الراهن وتجنيب البلاد من الانزلاق في اتون حرب أهلية، يتمثل في اعتقادي في الاستجابة للدعوات الخيرة الرامية الى عقد مؤتمر وطني يضم كافة فرقاء العمل السياسي اليمني في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، التي بمقدورها نزع فتيل الازمة الراهنة من خلال اجراء مصالحة وطنية يوقع عليها الجميع ويلتزم الجميع بمقتضاها باعتماد الحوار الندي لغة للتفاوض وليس اعتماد القوة العسكرية والعنف لغة لحل الخلافات، ولذا فان الوقت قد حان لعقد مؤتمر وطني تصالحي في الرياض كونها المكان الوحيد والمناسب لاحتضان هذه الفعالية الوطنية الكبيرة، كما انها العاصمة الوحيدة القادرة على إنجاح المصالحة الوطنية لما تمتلكه من تاريخ حافل بالمبادرات التصالحية بين الأطراف اليمنية المتصارعة عبر التاريخ اليمني الحديث، وأيضا لما للرياض من مبادرات إيجابية خيرة تمثلت بالدعم المالي للاقتصاد اليمني عدة مرات خلال العقود الماضية.