من الوهلة اﻷولى قد تبدو الحرب التي تشهدها اليمن حاليا صراعا محتدما على سلطة مهترئة لدولة هشة ظلت لعقود في قبضة أسرة حولتها إلى تركة خاصة وإرث عائلي! قد يبدو اﻷمر كذلك حينما يختزل الصراع بين نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحلفائه من الحوثيين من جهة، ورئيس ضعيف ليس له من اﻷمر شيئا غير تلك البنود التي نصت عليها المبادرة الخليجية لحل اﻷزمة التي نشبت بعد ثورة 2011م، والتي قضت بتسليم السلطة لنائب الرئيس عبدربه منصور هادي. ولكن الصورةتبدو مختلفة تماما، والأمور أكثر تعقيدا، والمؤشرات المنبعثة من هنا وهناك تبدو أكثرخطورة. ما تشهده اليمن من أحداث أكبر من كونه صراعا بين فصيلين أوطرفين على الساحة اليمنية، ولا نكون قدجانبنا الصواب إذا قلنا أنها أصبحت حربا بالوكالة لقوى إقليمية ودولية لها مشاريعها الخاصة بها، ولها أذرعها الممتدة في اليمن، والتي باتت تعمل ليل نهار على تأجيج الصراع وصب الزيت على النار وإذكاء نار العداوة والحقد بين أبناء الوطن الواحد، من خلال تحريكها لهذه اﻷذرع، وإن كنا لا ننسى أن لهذه اﻷذرع مصالح أيضا وحسابات أخرى.!!! تلك اﻷطراف هي اللاعب الحقيقي في الساحة اليمنية والمستفيد الوحيد في إطالة أمد الحرب في البلاد، حيث بدا واضحا أن كل ذراع من تلك اﻷذرع أصبح يتبنى أجندة من اﻷجندات المتصارعة، والتي جعلت من اليمن ساحة لتصفية الحسابات.!! الأخطر في اﻷمر هو تدويل القضية اليمنية، لتبدو المسألة أكثر تعقيدا، وأشبه ما تكون بالمتاهة التي لا تنتهي، فاﻷمور أصبحت خارجة عن السيطرة، فكل طرف له أهدافه وله مشروعه، ولن ينظر إلا من عين مصلحته الخاصة، دون مراعاة ﻷي إعتبار، ولا مجال للحديث هنا عن تقريب وجهات النظر، أو إيجاد أرضية مشتركة للخروج باليمن من أزمته.! صحيح أن الأطراف المتنازعة (الداخلية) لها مصالحها الخاصة، سواء الرئيس السابق علي عبدالله صالح، أو اللاحق عبدربه منصور هادي، أوجماعة الحوثي، أوالحراك الجنوبي المسلح، ولكن من المعروف أنها أصبحت أدوات للاعبين الكبار، فهم من يحركونها، ويديرونها، ويمولونها، ويتعاملون معهم كما لوكانوا بعض أسلحتهم الشخصية.!!! فهل يدرك الفرقاء في الساحة اليمنية حجم المؤامرة التي باتت تنصب شباكها لﻹيقاع ببلد بحجم اليمن ﻹضافة حلقة إلى سلسلة (البلدان العربية المنكوبة)!؟ هي دعوة إذا لكل وطني يفكر بمصلحة هذا البلد، فما زال هناك بصيص من اﻷمل، وما زالت بأيدينا بعض اﻷوراق التي ربما تكون كفيلة بحل اﻷزمة!! وعلى الرغم من الهوة التي أنتجتها الحرب فما زلنا نعول على عقول وهامات وشخصيات ونخب موجودين في كل اﻷطراف، ستفصح عنهم اﻷيام المقبلة وإنا لمنتظرون.