Tale of Two Institutions (1) هذه مقارنة بين بلدين عربين متشابهين تقريباً في كل شيء حتى في الاوضاع الارهابية الكارثية التي يعيشانها هذه الايام ؛ الا في امر واحد يختلفان فيه اختلافاً جوهرياً؛ وهذا الاختلاف" يظهر " في تلك "المنشأة" التي كوَّنها كل بلد منهما لكي "تكافح الفساد" ! البلدان هما العراق واليمن ؛ أما المنشأتان فهما : "هيئة النزاهة العراقية " و " الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد " ! وهذه مقارنة بين الهيئتين المذكورتين اتيت بها للوقوف على ما تتسم به تجربة كل منهما في مسيرة معركتها ضد الفساد ؛ ومن ثم سنتأمل العلاقة بين التجربتين وبين " المظاهر " الاربعة التي وصفها الفيلسوف الاغريقي ابكتيتوسEpictetus قبل الفين سنه .
المقارنة (1) الدستور أ/ العراقية : ذكرها الدستور العراقي بالاسم ، فقد عدل اسمها من "مفوضية" الى "هيئة النزاهة " – ماده رقم 102 (صدر الدستور العراقي في سنه 2005م) ب/ اليمنية : لم ينص عليها الدستور اليمني الساري في اي من مواده . (2) القانون أ/ العراقية : القانون الذي تطبقه هو قانون " هيئة النزاهة " رقم (30) لسنه 2011م وفيه واحد وثلاثين ماده ب/ اليمنية : تطبق الهيئة قانونين وهما : القانون رقم (30) لسنه 2006م في شأن الاقرار بالذمة المالية، والقانون رقم (39) لسنه 2006م في شأن مكافحة الفساد ويُعتبر الاخير ، هو قانونها الأساسي الذي تحدد فيه اسلوب تكوينها وفيه ثمانية واربعين ماده .
(3) الإدارة أ/ العراقية : خصص لها القانون الفصل الثاني منه تحت عنوان "تكوين الهيئة " ويضم سبع مواد (مادة 4/10) وتتألف القيادة الإدارية من رئيس للهيئة بدرجة وزير المادة (4) ويكون له نائبان فقط؛ الاول اختصاص قانون ويحمل درجة وكيل وزارة اما النائب الثاني فيكون باختصاص تربية واعلام ويحمل هو الاخر درجة وكيل وزارة (المادة 8). والى جانب الرئيس ونائبيه ، سمى القانون ثمان دوائر فنية متخصصه في مادته العاشرة مثل دائرة التحقيقات ودائرة الوقاية والدائرة القانونية .... الخ وولى على كل دائرة رئيساً بدرجة مدير عام حددت المادة ذاتها شروط كفاءته واهم واجباته . وبذلك تكون هذه المادة قد حددت معالم "الهيكل التنظيمي " لهيئة النزاهة الامر الذي تفتقده "الهيئة اليمنية " حتى اليوم رغم مرور سته وثلاثين شهراً على تشكيلها !! الرئيس الحالي لهيئة النزاهة هو :الدكتور حسن نعمه الياسري ، الذي تقلد مناصب عديده ومنها دون حصر : - عضو مجلس النواب - وخبير قانوني في الجمعية الوطنية العراقية ، و - مستشار لجنة كتابة الدستور العراقي ، ومناصب تنفيذية أخرى بحسب سيرته الذاتية. ب/ اليمنية :خصص لها قانونها (( مثل القانون العراقي )) الفصل الثاني منه تحت عنوان "تشكيل الهيئة " ويأتي في الباب الثاني من القانون (( القانون العراقي لم يقسم الى ابواب بل اكتفى ب "الفصول")). وبموجب المادة (9) من القانون ، التي تتفرع الى سبع فقرات ، تتألف القيادة الإدارية للهيئة من احد عشر عضواً (فقرة أ ) ويحمل كل واحد منهم درجة وزير ، وبذلك يكون المشرع اليمني قد بالغ جداً في الأمرين ؛ إن في العدد (فاق عددهم حكومة سويسرا بأربعة وزراء) وإن في منح درجة الوزير "بالجملة" ! وبالنسبة لرئيس الهيئة ونائبة ، يتم اختيارهما بواسطة الاعضاء الاحد عشر ومن بينهم في اول اجتماع لهم بعد مباشرة عملهم وفقاً للمادة ( 11) من القانون . الرئيس الحالي للهيئة أمرأه : أفراح بادويلان – انحصرت خبرتها العملية في محكمة الاحداث (قاضية احداث ) ولا تملك للأسف أية خبره في إدارة مرفق عام. (4) أسلوب الاختيار أ/ العراقية: يختار مجلس النواب العراقي بالأغلبية المطلقة رئيس الهيئة من بين ثلاثة مرشحين تسميهم لجنة مؤلفة من 9 أعضاء من لجنة النزاهة والقانونية يكون ملبياً لشروط الكفاء' والخبر' والنزاهة التي حددتها المادة (5) من القانون . وتكون ولايته لمدة خمس سنوات . وبالنسبة للنائبين فيخضعان للأسلوب ذاته عند اختيارهما (المادة 8) ب/ اليمنية: يقدم مجلس الشورى الى مجلس النواب قائمة مرشحين ثلاثين شخصاً ( فقرة ج) وبدوره ، يزكي مجلس النواب عن طريق الاقتراع السري أحد عشر شخصاً من بين قائمة المرشحين (فقرة د) ثم يرفع الى رئيس الجمهورية اسماء الفائزين الاحد عشر ليصدر قراره بتعيينهم (فقرة ه) . استدراك هذا الاسلوب القانوني تم اتباعه بحذافيره في قرار الرئيس صالح (رقم 23) لسنة 2007م الذي عين اعضاء الهيئة السابقة التي امتدت ولايتها من عام 2007م حتى 2013م وكانت برئاسة المهندس الفذ أحمد محمد الأنسي؛ وهو الأمر الذي لم يحصل مع الهيئة الحالية التي عينها الرئيس هادي بموجب القرار (54) لسنه 2013م برئاسة أفراح بادويلان فقائمة الاحد عشر عضواً التي اعدها مجلس الشورى لم تدخل قط مجلس النواب ، وهو الشرط الذي حددته الفقرة (د) من المادة (9) من القانون ويعتبر أكثر الشروط خطورةً وهو قيام مجلس النواب باختيار الاحد عشر عضواً ب "الاقتراع السري " . وأهمية هذا الشرط الجوهري تكمن في أن "شرعية " الاحد عشر عضواً تقوم عليه وعدم المرور بهذا الشرط الجوهري "الاقتراع السري " يعني "الإطاحة " بشرعية الاعضاء الاحد عشر ،وبالتالي انتهاك "مشروعية " قرار التعيين لمخالفته القانون . وهذا ما ذهب اليه القضاء اليمني الذي حاكم مشروعية القرار وادانه بإلغائه وابطال مفعوله عبر المحكمة الإدارية في أمانة العاصمة صنعاء وبدرجاتها الثلاث ؛ حكم الابتدائية في تاريخ 12/1/ 2014م ثم حكم الاستئناف في تاريخ 20/10/2015م واخيراً حكم المحكمة العليا في الحادي والعشرين من أغسطس هذا العام 2016م . "والصاعق"للعقل هو انه قد مر على صدور حكم المحكمة العليا أكثر من شهر وما زال الاعضاء مع زعيمتهم يحضرون الى مكاتبهم دون خجل ، وكأن شيئاً لم يكن ؛ لا بل ، تسعى رئيستهم سعياً حثيثاً لاستخراج "قصاصة" من اية سلطة كانت في صنعاء لتمديد صلاحياتهم لأية فترة كانت تحت يافطة "تصريف" اعمال ؛ ولكن الغرض الخفي هو للاستمرار في "الاستحواذ" على أموال الهيئة !! أماعبارة "تصريف الاعمال" فهي عملية سياسية عليا لها علاقة بالحكومة اي مجلس الوزراء او بعبارة اخرى لها علاقة بالوطن ككل كأن نقول حكومة تصريف اعمال Caretaker Government عندما يحصل فراغ دستوري مؤثر على أوضاع البلد والمجتمع ككل وليس "أوضاع هيئة " !! أما هذه الهيئة التي تتألف من مئتين وعشرين موظفاً لا غير،فيمكن تصريف اعمالها بكل سهوله من طرف امينها العام وطاقم الجهاز التنفيذي الذي يقع تحت مسؤوليته الى حين تصحيح اوضاع الهيئة وتعديل قانونها " المعيب "! واية سلطة في صنعاء تتجاوب مع افراح بادويلان في مسعاها للحصول على التمديد سوف تتورط في مساءلة قضائية من الدرجة الاولى وسوف تخسر رضا الناس عنها ؛ لان تجاوبها مع أعضاء الهيئة الذين فقدوا مشروعيتهم وشرعيتهم في وقتٍ واحدٍبحكم المحكمة ؛ سيكون ذلك التجاوب بمثابة عملٍ من اعمال الفساد . يتبع ............. لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet