يتحول الخوف إلى رهاب عندما يضطر الشخص إلى تغيير نمط حياته حتى يستطيع التعامل معه. يعرف الرهاب بأنه خوفٌ شديدٌ أو غير منطقي، أو ذعر يثار بفعل أمرٍ محدد أو ظرفٍ محدد، إلى درجة يؤدي فيها إلى تقييد الحياة بشكلٍ كبير. ويحاول من يعاني من الرهاب بذل أقصى جهده لتجنب شيءٍ أو موقفٍ ما قد يعتبره معظم الناس أمراً غير مؤذٍ. يشعر المصاب بالرهاب بالذعر بمجرد التماس مع الشيء الذي يخشاه أو حتى بمجرد التفكير بالتماس معه. ولكن ذلك لا يعني أن على المصاب الحياة مع الرهاب، حيث أن جميع أنواع الرهاب قابلة للعلاج، كما يقول البروفيسور اسحق ماركس من مؤسسة الأمراض النفسية في جامعة King's College London. "لا حاجة لأن يستمر أحد بالمعاناة، اذ يستطيع الناس تجاوز الرهاب".
لا تؤثر جميع أنواع الرهاب على حياة الشخص اليومية، كالرهاب من الأفاعي ophiophobia على سبيل المثال، إلا أن بعضها الاخر قد يجعل الحياة الطبيعية أمراً فائق الصعوبة، كرهاب الأماكن المكشوفة agoraphobia. يقول ماركس، مؤلف كتاب with Fear Living الذي يتحدث عن الجهد الشخصي في مواجهة الرهاب: "يبدأ الأشخاص بطلب المساعدة عندما يؤثر الرهاب على حياتهم- على سبيل المثال، قد يضطرون إلى ترك وظيفتهم لعدم القدرة على استعمال وسائل النقل العامة، أو البقاء في المنزل لتجنب لقاء الناس. وهي حالةٌ معيقةٌ تؤثر في 8% من سكان المملكة المتحدة في مرحلةٍ ما من حياتهم". تكون بعض أنواع الرهاب خاصةً بشيءٍ واحد – كالخوف من العناكب أو المرتفعات أو أطباء الأسنان- أو تكون أكثر شمولاً، كالخوف من الأماكن المكشوفة، أو من التواصل مع الناس (الرهاب الاجتماعي) أو حتى الذعر من حدوث رهاب (phobophobia). أكثر أنواع الرهاب شيوعاً أنواع الرهاب العشر الأكثر شيوعاً في المملكة المتحدة، حسب تقرير مجلة Anxiety UK هي: * الرهاب الاجتماعي social phobia - الخوف من التواصل مع الناس. * agoraphobia - الخوف من الأماكن المكشوفة. * emetophobia - الخوف من التقيؤ. * erythrophobia - الخوف من احمرار الوجه خجلاً. * driving phobia - الخوف من القيادة. * hypochondria - الخوف من المرض. * aerophobia - الرهاب من الطيران. * arachnophobia - الخوف من العناكب. * zoophobia - الخوف من الحيوانات. * claustrophobia - الخوف من الأماكن المغلقة المقيدة. قد يبدأ الرهاب الاجتماعي كحالةٍ من الخجل، يتفاقم فيما بعد ليصل إلى مرحلة تؤدي إلى اضطراب الحياة. يترافق رهاب الأماكن المكشوفة عادة مع نوبات ذعر. ويميل الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الرهاب إلى تجنب الأماكن التي تحرض هذا الذعر. يقول البروفيسور الطبيب النفسي بول سالكوفيسكيس في جامعة King's College London: "يعد كل من الرهاب الاجتماعي ورهاب الأماكن المكشوفة أكثر إعاقةً للحياة الطبيعية من أنواع الرهاب المحددة، حيث من النادر أن يؤثر الرهاب الخاص بأمرٍ محدد بشدة في الشخص". "يعد التعايش مع أنواع الرهاب الخاص بشيءٍ واحد أسهل بكثيرٍ من أنواع الرهاب المعمم، حيث لا تستطيع الذهاب إلى الأماكن المزدحمة وتجنب الناس في وقت واحد ". كيف يبدأ الرهاب؟ لا تعد كيفية تطور الرهاب أمراً مفهوماً تماماً، ويعتقد أن أنواع الرهاب المحددة تنشأ في مرحلة الطفولة، في عمرٍ يتراوح بين العام الرابع والثامن للطفل. يقول سالكوفيسكيس: "يبدأ الرهاب الاجتماعي ورهاب الأماكن المكشوفة في وقتٍ متأخر، يبدأ الرهاب الاجتماعي عادةً عند البلوغ، بينما يبدأ رهاب الأماكن المكشوفة عادةً في المراحل الأخيرة من المراهقة وبداية العشرينات". ويوضح البروفيسور أن مؤالفة الأطفال مع الأشياء التي يخافونها هو طريقة جيدة لمنع تطور الرهاب لديهم. "وبهذا نستطيع إزالة خوف الشخص من العناكب (على سبيل المثال) قبل أن يتحول الأمر إلى مشكلةٍ في المستقبل". تقديم المساعدة في الرهاب يتضمن علاج أنواع الرهاب المحددة نوعاً من تعريض الشخص لأكثر شيءٍ يخافه بشدة. يمكن أن يطبق العلاج بالتعرض الذاتي، وهو نوع من العلاج السلوكي الإدراكي (CBT)، باستخدام كتب الجهد الشخصي، مجموعات المساعدة الذاتية، أو بمساعدة برنامج حاسوبي يسمى مقاتل الخوف FearFighter. حصل هذا البرنامج على موافقة الخدمات الصحية الوطنية NHS، وتم تطويره بشكلٍ أساسي لمعالجة الأشخاص الذين يعانون من الرهاب أو من نوبات الذعر. أظهرت الدراسات أن برنامج مقاتل الخوف قد حسن الأعراض لدى المرضى القلقين أو المصابين بالرهاب بنفس المستوى تقريباً الذي حسنه العلاج وجهاً لوجه. ويتطلب الدخول إلى البرنامج إحالةً طبيةً. قد تكون مضادات الاكتئاب ضروريةً لبعض الأشخاص الذين يعانون من الرهاب. من المهم معالجة الرهاب فور ظهور الأعراض. يقول سالكوفيسكيس: "إذا استمر الرهاب لمدة سنة أو أكثر لدى البالغين، فإنه لن يتوقف إلا إذا قام الشخص بتخطيه عن طريق العلاج بالتعرض الذاتي."