العليمي فقد الثقة في التحالف العربي ويدعوا لتحالف دولي جديد    الحرب الإعلامية ضد المشروع الجنوبي    المنحة السعودية مربوطة بتحقيق الإصلاحات والحوكمة الرشيدة    صرف النصف الثاني من معاش إبريل 2021 للمتقاعدين المدنيين    صورة نصرالله تثير جدلا في لبنان    معاريف الصهيونية: التكتيك اليمني يُفشل الجيش في اكتشاف المسيرة قبل انفجارها    تعز تنتصر للعدالة    معارك اليمنيين مع الإمامة    الشيخ الزنداني رفيق الزبيري وصانع الوعي الجمهوري    إعلام إسرائيلي: توقف الحركة الجوية في مطار بن غوريون وصفارات الإنذار تدوي في عدة مناطق    عدن.. نقطة أمنية تعتقل محامي    الفريق السامعي يدين العدوان الصهيوني على العاصمة صنعاء    المفوضية الأوروبية تعلن عن مساعدات عاجلة لليمن    ضابط استخبارات يستولي على مستشفى خيري ويحوله إلى سجن    سريع: ضرب يافا بصاروخ انشطاري .. وافشال جزء من الهجوم على صنعاء    ميدان التحرير بصنعاء يشهد إيقاد شعلة ثورة 26 سبتمبر الخالدة    الرئيس الزبيدي: القوة لن تزيل الحوثي وحل الدولتين هو الأمثل    الرئيس الزُبيدي يُعزي حاكم الشارقة في وفاة الشيخ سلطان بن خالد القاسمي    وزير الدفاع ورئيس الأركان يهنئان الرئيس المشاط بعيد ثورة 26 سبتمبر الخالدة    بعروض كشفية وحضور رسمي.. مارب توقد شعلة العيد ال63 لثورة 26 سبتمبر    مصادر البروتينات النباتية.. تَعَرف عليها ؟    تعز تُوقد شعلة العيد ال63 لثورة 26 سبتمبر وتُضيء سماء المدينة بالألعاب    بدء صرف نصف معاش ابريل 2021 للمتقاعدين    تراجع الأسهم الأوروبية بضغط من خسائر قطاعي الصحة والصناعات    صرف إعاشة أبناء وأرامل الشهداء والمفقودين لشهر سبتمبر    المقيل اليمني .. طقس اجتماعي بين الحميمية والتحديات    إتلاف 62 طن من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في العاصمة    الداؤودي: استمرار حملة التفتيش لضبط المواد الغذائية الفاسدة بالمنصورة    محافظ حضرموت يتفقد أعمال تطوير منشأة غاز بروم    افتتاح مدرسة النقوب في نصاب بتمويل من الإمارات    تنفيذي الحصين بالضالع يناقش تقارير المكاتب الإدارية للفصل الثالث    الرئيس الزُبيدي يبحث التعاون الأمني مع أوغندا والصومال    الصين تتهم أمريكا بتوجيه ضربة خطيرة للنظام التجاري المتعدد الأطراف    الشاي وصحتك.. 3 أكواب كافية لصنع الفرق    راتب محافظ المركزي المعبقي أعلى من راتب رئيس أمريكا    شرطة تعز تعلن ضبط أحد المطلوبين أمنيا وتواصل ملاحقة آخرين    25 لاعبة يدشن أول منتخب سعودي للفتيات تحت 15 عاما    صنعاء... الحصن المنيع    كوش أول ألماني ينضم إلى الألعاب المحسنة    هاتريك ألفاريز يمنح أتلتيكو انتصارا دراماتيكيا    "جيل الشاشات".. كيف خطفت الهواتف تركيز الطلاب؟ وهل يمكن استعادته؟    نادي 22 مايو يكرم الشاب محمد وهيب نعمان    قرعة صعبة لآرسنال وليفربول في ثمن نهائي الرابطة    الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين ترد على تقرير هيومن رايتس ووتش    العاقل يبحث خطط تطوير المكاتب الإعلامية في العاصمة و3 محافظات    عمار المعلم .. صوت الوطن وروح الثقافة    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يبحث مع مركز اللغة المهرية آفاق التعاون المشترك    القسام تدعو لركعتين (ليلة الجمعة) بنية الفرج لمرابطي غزة    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    نائب وزير المياه يبحث ترتيبات إحياء يوم اللغة المهرية    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    الراحلون دون وداع۔۔۔    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    في محراب النفس المترعة..    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَنْ يخلف.. صانع الرؤساء؟
نشر في التغيير يوم 12 - 01 - 2008

(المكتب السياسي) لحزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي المعارض، وترك مكاناً شاغرا في زعامة قبائل حاشد كبرى القبائل اليمنية.. وفوق هذا وذاك، خسرت السياسة اليمنية رجلا ظل ولعقود خلت رجل التوازنات وصاحب الكلمة المسموعة والوجه المقبول بحسب العرف السائد في اليمن.. كما أن رحيله غيب دورا مهما وداعما قويا من اليمن للقضايا العربية والإسلامية التي ناصرها بقوة وبالأخص القضية الفلسطينية.
بهذا الرحيل، أصبح اليمنيون اليوم أكثر إتقانا لطرح الأسئلة دون قدرة على وضع الإجابات أو ربما تهيباً من مواجهة أي حقيقة مقبلة بحكم أن الشيخ الأحمر كان الرجل الأقوى في اليمن بعد الرئيس علي عبد الله وذا نفوذ سياسي وقبلي واسع ربما تغلب في بعض جوانبه على الرئيس نفسه، خاصة انه كان شيخ القبيلة التي ينتمي إليها الرئيس نفسه، وصاحب تجربة خصبة خبرت زعماء سابقين لصالح وظروف وتطورات سياسية منها ما جاء بالرئيس صالح إلى كرسي الرئاسة.
يقال هنا عن الأحمر الكثير وتحكي سيرته الذاتية ومشوار حياته الأكثر. يقال مثلا، لا حصراً انه صانع الرؤساء وعراب دستور «الجمهورية العربية اليمنية» سابقاً ومهندس ترميم علاقات اليمن بجواره الخليجي، وحاكم القبائل بدون أن يغدق على زعمائها العطايا وإنما لمكانته القبلية والسياسية وتأثيره في صنع القرار فمن لم يكن الأحمر رحمه الله إلى جانبه سواء كان رئيسا أو مرؤوسا يكون خاسراً دائماً.
ويقول الدكتور محمد الظاهري، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء، ان الشيخ الأحمر كان «بمثابة الحاضر الشاهد على ما يربو من نصف قرن من التاريخ السياسي لليمن المعاصر وشخصية عاشت في مكب أحداث اليمن مجتمعا ودولة وأحزاباً». كما يرى أن شخصية الشيخ الأحمر كانت «تمثل عنوانا وشاهدا لتلاقي التقليدية بالحداثة أو تعايش الأصالة بالمعاصرة، وكذلك تعايش القبلي بالحزبي والسياسي وتعانق البنية الاجتماعية (القبيلة) بالحركة الإسلامية أي تعانق العصبية القبلية بالدين».
ومن أهم الأسئلة المثارة حاليا هي بشأن مستقبل علاقة الرئيس علي عبد الله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام بحزب التجمع اليمني للإصلاح، بعد رحيل الشيخ الأحمر. وهنا يعتقد الدكتور الظاهري في تصريحاته ل«الشرق الأوسط» ضرورة التفريق بين علاقة الشيخ بالرئيس وعلاقة الإصلاح بالمؤتمر. ويصف تلك العلاقة بأنها كانت ذات «سمة تحالفية ومن شواهدها أن الأحمر كان السباق لإعادة ترشيح الرئيس صالح في انتخابات 1999 و2006 وكان هذا الموقف يختلف عن موقف حزب الإصلاح، وبالتالي فتحالف الشيخ والرئيس كان في إطار النظام القبلي مع رئيس النظام السياسي».
أما عن علاقة حزبي المؤتمر الحاكم والإصلاح المعارض فيصفها الدكتور الظاهري بأنها علاقة «خصامية رغم أن الشيخ كان يقود الإصلاح، وهذا يفسر ما قد يبدو تعارضاً بين موقف الشيخ باعتباره رئيسا لحزب معارض وبين موقفه كزعيم قبلي، والملاحظ هنا أن العلاقة الشخصية أقوى من العلاقة المؤسسية والحزبية، وهذا يبدو مسألة ليست مرتبطة فقط بالنظام اليمني وإنما بالنظام العربي عموماً».
وفي ضوء هذه المعطيات، يرى رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء أن رحيل الشيخ الأحمر لن يؤثر بشكل فاعل على العلاقة بين حزب الإصلاح من جهة والرئيس صالح وحزبه المؤتمر من جهة أخرى لأنها «علاقة متأزمة خاصة بحكم موقع الإصلاح كأكبر حزب معارض في اليمن».
ويعتقد الظاهري أن الشيخ الأحمر «ترك اليمن وهو يعيش ضعفاً على مستوى الدولة والمجتمع والنظام السياسي». ويعرب عن أمله أن يمثل رحيل الأحمر «جرس إنذار لمكامن هذا الضعف» الذي يعتقد أن الخروج منه يتطلب شروطاً موضوعية هي في نظرة «تفعيل سيادة القانون والانتقال من الوعظ السياسي إلى مكافحة الفساد، من شرعية الوحدة إلى شرعية الإنجاز والأداء».
ويجزم الأكاديمي اليمني في رده على سؤال ل«الشرق الأوسط» بعدم وجود أي شخص يملأ الفراغ الذي تركه الاحمر، «لسبب بسيط، وهو أن الأحمر رحمه الله شكل قاسما مشتركا بين الأنظمة القائمة في البلاد. وقلما تجد شخصية تجمع بين هذه الأنظمة بدليل جنازته الحاشدة وأسلوب توديعه من قبل قرابة مليون مواطن، وهي جنازة أعلنت وجود فراغ كبير تركه رحيل هذه الشخصية». ورغم اعتراف قيادي بارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي كان يرأسه الأحمر، بالخسارة الكبرى لرحيله، إلا أن الدكتور محمد سعيد السعدي، الأمين العام المساعد للحزب يقلل من أهمية التكهنات بتأثر الإصلاح بهذه الخسارة، وبحسب قوله، فان «الإصلاح حزب مؤسسي وله انتشاره ولوائحه وأنظمته لأنه قام على أسس صحيحة. ورغم الفراغ الكبير الذي أحدثه رحيل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر رحمه الله، إلا أن النظام المتبع داخل الحزب هو نظام لا مركزي والشخصية الأولى هي مرجعية وليس عليها اعتماد كلي في التنفيذ».
ويقول السعدي ل«الشرق الأوسط» إن «الشيخ كان له تأثيره ليس على الإصلاح فقط وإنما على العمل السياسي في البلد بصورة عامة سواء في الحكومة أو المعارضة». يضيف: «نحن فعلا خاسرون بذهابه لكن هذه هي الدنيا.. والإصلاح سيمضي بفكرته ودعوته وسياساته المعتمدة من قبل أعضائه والمرسومة بسياسات لا تقوم على الاعتماد على الأفراد بشكل خاص وإنما تقوم على أساس تنظيم بأكمله».
ويستبعد السعدي تفاقم الخصومة السياسية مع الرئيس صالح وحزبه الحاكم اثر رحيل الأحمر لأن «الأخ الرئيس أصلا المسالك إليه مفتوحة وليست هناك قطيعة.. ونحن فلسفتنا حتى وإن تباينَّا في الرؤى السياسية، تقوم على انه لا ينبغي أن تكون هناك قطيعة مع القيادة السياسية، فالتواصل ضروري لمصلحة البلد وليست هناك فائدة من الخصومة السياسية». وفي الوقت الذي كلفت فيه الهيئة العليا (المكتب السياسي) لحزب التجمع اليمني للإصلاح محمد عبد الله اليدومي، نائب الأحمر القيام بمهام رئيس الهيئة إلى حين انعقاد المؤتمر العام المخول بحسب النظام الداخلي للحزب بانتخاب رئيس للحزب، فانه لا بد من الإشارة إلى انه ما زالت هناك أكثر من ثلاث سنوات على الموعد العادي لعقد المؤتمر.. غير أن السعدي يعتقد أن أي تطورات يمكن أن تحدث يمكن أن توجب عقد مؤتمر عام استثنائي للحزب.
ويقول الشيخ يحيى أبو إصبع، الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني إن غياب الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر عن مسرح الحياة السياسية في اليمن مثل فراغاً كبيراً من الصعب ملؤه «مهما بذل من إمكانات وطاقات بسبب أن الشيخ الأحمر عاش وعاصر السياسة اليمنية لأكثر من نصف قرن وعايش أجيالا وأجيالا. ويؤكد في تصريحات ل«الشرق الأوسط» أن الفراغ الذي تركه الشيخ الأحمر في الظروف الراهنة «يجعلنا في أمس الحاجة إليه سواء فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية أو الأمنية أو التطورات في الجنوب أو صعدة». وفي يوم تشييع جثمان والده إلى مثواه الأخير، دعا الشيخ حميد الأحمر القبائل اليمنية إلى صلح عام لمدة عام كامل تكريما لوالده تتوقف خلاله الثارات القبلية والحروب والمظاهر المسلحة. وبدأت بالفعل بعض القبائل استجابتها للدعوة. وبسبب المكانة الكبيرة التي كان يحتلها الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر، فان هناك مخاوف بشأن قدرة أنجاله على تغطية جزء من الفراغ الذي تركه رحيل والدهم، وبالأخص نجله الأكبر الشيخ صادق بن عبد الله الأحمر الذي خلف والده قبيل رحيله بأشهر في زعامة قبائل حاشد وتسنم مقاليد الأمور القبلية. وهنا، يعرب القيادي الاشتراكي أبو إصبع عن ثقته بإمكانية ذلك فعلا ويثني ثناء كثيرا على جميع أنجال الأحمر، وفي مقدمتهم الشيخ صادق وأخوه الشيخ حميد، ويقول «إن صادق رجل محترم وعلاقته بالناس طيبة، وهو ليس صغير السن فقد تجاوز عمره الخمسين عاما، وانه يمكن أن يقوم بدور غير اعتيادي خاصة مع علاقاته بقبائله والقبائل اليمنية الأخرى والشيخ حميد بات شخصية سياسية مشهورة ومحط احترام كبير في أوساط المعارضة وغيرها والشيخ حسين شق لنفسه طريقا آخر بحيث يوجد في وضع سياسي لا هو مع السلطة أو المعارضة وهذا سيكسبه في المستقبل مكانة سياسية خاصة، وانه أكثر أولاد الأحمر تدخلاً في المشاكل والأوضاع القبلية وتقديم وبذل المال والوقت لحل هذه المشاكل ولا يمكن إغفال أدوار أولاد الأحمر الآخرين فهم وبحكم البيئة التي عاشوا فيها عايشوا القضايا ولم ينعزلوا عنها بل أنهم في خضم الأحداث». لكن وفي نفس الوقت ينبه ابو اصبع وهو احد مشايخ القبائل اليمنية ايضا إلى جانب دوره السياسي مما سماه «محاولات السلطة شق الوضع القبلي بشكل عام كما عملت بين قبائل بكيل أو القبائل الأخرى وكما تعمل الآن في قبائل حاشد».
وشهدت الفترة الماضية من مرض الشيخ الأحمر وابتعاده عن الحياة السياسية وعن اليمن بشكل عام للعلاج في السعودية، والتي قاربت العام ونصف العام، توترا ملحوظا بين النظام الحاكم ممثلا في شخص الرئيس علي عبد الله صالح وبين أنجال الأحمر وبالأخص الشيخين حميد وحسين، فالأول قطب من أقطاب المعارضة (إصلاحي إسلامي) وأحد رجال المال والأعمال الكبار في البلاد، والثاني اتخذ خطوات جعلت منه رقما لا يستهان به رغم صغر سنه. ويصف أبو إصبع أولاد الأحمر بأنهم «أشبال من ذلك الأسد» وإن «لديهم نفس الطموح والتطلعات ولا يمكن أن يسمحوا لأحد بأن يحجمهم أو يسلب أدوارهم، وهذا أمر مسلم به لذلك صادقوا قوى واختلفوا مع أخرى وتحالفوا مع قوى أخرى أيضا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.