شهد الخامس من يونيو 1989م وقوع أحداث دامية في "الميدان السماوي" في بكين، ادت إلى سقوط مئات القتلى من المتظاهرين المطالبين بالحرية والديمقراطية، بعد تدخل مدرعات الجيش الصيني لتفريق ملايين المتظاهرين، فهل تتكرر هذه الاحداث في القاهرة في ميدان التحرير؟ يجدر التذكير بقيام الجيش التايلاندي العام الماضي بسحق انتفاضة ذوي القمصان الحمر في تايلاند بعد ان ذكر المتحدث باسم الجيش الكولونيل سونسرن كاوكومنيرد ، ان رجاله سيستخدمون اسلحتهم اذا ما حاول "القمصان الحمر" اقتحام الاسلاك الشائكة الموضوعة على مدخل حي المال في بانكوك. وقال ان "قوات الامن ستبدأ بالغاز المسيل للدموع، واذا لم تتمكن من وقف المتظاهرين، سيقوم الجنود بتحركات حاسمة بالرصاص الحي". واضاف "لدينا معلومات ميدانية تفيد عن وجود +ارهابيين+ مسلحين بقنابل يدوية وزجاجات حارقة واسيد". وما لبث "القمصان الحمر" ان اعلنوا تراجعهم مفضلين تعزيز مواقعهم بدلا من التظاهر. ومع ذلك قام الجيش بسحق الانتفاضة. ثورة المصريين في خطر: الشواهد تدل ان النية في القاهرة مبيتة وان الامن وميليشيات الحزب الوطني قد يتوليان التنفيذ بملابس مدنية وبتواطؤ الجيش الذي سيدعي ان المعركة كانت بين طرفين من المتظاهرين وانه لم يشأ استخدام السلاح حتى لايتهم بقتل المتظاهرين. وقد قالت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين امس الخميس، قبل يوم مما اسماه المحتجون "جمعة الرحيل"، حول الاعتداء على الصحفيين وطردهم من محيط ميدان التحرير: ان السلطات المصرية تريد تطبيق استراتيجية دون وجود شهود. عمرسليمان بدوره كان واضحا ومنذرا في حديثه الى التليفزيون المصري: بان استمرار الاعتصام غيرمقبول لانه استمرار لشلل الدولة وهدم للدولة. وهذا كلام في غاية الصراحة والوضوح وانذار بسحق المعتصمين. يوم الاربعاء الذي شهد الهجوم على المحتجين المعتصمين في ميدان التحرير، والذي دام شطرا من النهار وطوال الليل، اثار الشكوك بوجود تنسيق بين المهاجمين ووحدات الجيش المصري المنتشرة في المنطقة. فاولا كان الجيش يفتش عن اسلحة مع الداخلين للتظاهر الى ميدان التحرير، وثانيا جاء بيان الجيش ليطلب رواح المتظاهرين الى بيوتهم، وثالثا كان الجيش يسمح بدخول البلاطجة باسلحتهم ودروعهم وحيواناتهم في التحرير، ورابعا كانت الفضائيات الحكومية تركز على اصابات بطريقة اوحت بان الغرض منها تدخل الجيش لتفريق المتظاهرين بالقوة. صحيفة الدستور المصرية وتحت عنوان "خاص: تفاصيل الخطة التي أقرها جمال مبارك للهجوم بالبلطجية على متظاهري ميدان التحرير" كتبت الصحيفة تقول: "حصل الدستور الأصلي على معلومات مؤكدة من مصادر موثوقة تكشف تفاصيل الخطة التي شارك فيها جمال مبارك نجل الرئيس من أجل إطلاق مجموعة من البلطجية على المتظاهرين والمعتصمين بميدان التحرير، وهي الخطة التي تم تطبيقها يوم الأربعاء الماضي وتسببت في مقتل وإصابة ما يقرب من 1000 متظاهر حتى كتابة هذه السطور." وأضافت: "وقالت المصادر أن جمال مبارك الذي لايزال يشغل منصب أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني حتى الآن، قد اجتمع مع كل من صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني وماجد الشربيني أمين تنظيم الحزب الذي حل بدلا من أحمد عز، ورجلي الأعمال إبراهيم كامل ومحمد أبو العينين، إضافة إلى النائب رجب هلال حميدة، وحسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة ممثلا لوزارة الداخلية." وتابعت: "وأن ذلك الاجتماع عقد صباح الثلاثاء، وفيه تم الاتفاق على خطة فض المتظاهرين المعارضين المتمركزين في ميدان التحرير منذ الجمعة 28 يناير وتقضي الخطة بالهجوم على المتظاهرين عبر ثلاث فئات، الأولى رجال الأمن المركزي بملابس مدنية، والثانية موظفي بعض شركات رجال الأعمال الذين تم تعليق صرف رواتبهم لحين المشاركة في الهجمة والثالثة مجموعة من البلطجية الذين تم الاستعانة بهم سابقا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وتم الاتفاق على أن ساعة الصفر والبدء في تنفيذ الخطة ستكون عقب انتهاء كلمة الرئيس التليفزيونية." وكانت صحيفة الجارديان قد كشفت عما يمكن تسميته تحالف المافيا ودور جمال مبارك فيه فكتبت تحت عنوان "استحوذوا على الشركات وأسهم البورصات وسرقوا أموال الغلابى.. 50 في المائة من عائدات كل الشركات في مصر تصب في جيوب عائلة مبارك" تقول: "ثروة عائلة مبارك تقدر بحوالي 55 مليار دولار" ما هو علاء وجمال زي ولادك يا وجيه'..هذا ما قاله حسني مبارك بالحرف الواحد منذ 15 عاما للمرحوم وجيه أباظة، وكيل عام شركة 'بيجو' عندما ذهب إلى 'الريّس' ليشتكي له أن نجليه علاء وجمال يفرضان عليه دفع عمولة ضخمة لهما عن كل سيارة "بيجو" تباع في مصر." واضافت: "تؤكد اعترافات ووثائق ووقائع، أن مبارك حوّل الاقتصاد المصري إلى نظام 'الأوليجاركى' وهو نظام احتكاري تمتلكه الأسرة الحاكمة وحفنة من بطانتها، مما جعل الفساد جزءا مكملا للحكم ونجم عنه بطالة واستغلالا غير مسبوقين وسط غلابى مصر." وتابعت: "ما تسمّى ببطانة أو عصابة مبارك، تقبع في مؤسسات أنشأها جمال وأمه سوزان، الهدف منها النهب المنظم لثروات مصر من خلال تفريخ رجال يدينون بالولاء الأعمى لهما لاستغلالهم في نهب مصر والسيطرة على مقدراتها بتعيينهم في المناصب الحساسة التي من خلالها ينفذون هذا المخطط." وعلى مدى السنوات الخمس الماضية كشفت الرسائل التي نشرتها ويكيليكس عن القلق المتزايد لعدم وجود خطة لخلافة مبارك، والتخوف من استيلاء جمال، الابن الأصغر لمبارك على السلطة من والده، وذلك من خلال رسالة تعود لابريل/نيسان 2006 تقول إن "سوزان مبارك زوجة الرئيس المصري هي المحفز الرئيسي لابنها جمال في خلافة والده"، إلا أن إمكانية حدوث ذلك تبدو صعبة لتدني شعبيته في الشارع المصري. وبدا يوما الخميس واليوم الجمعة كاخطر يومين على الثورة الشعبية. فالنظام وازلامه سيفعلون اي شئ وكل شئ للقضاء عليها. وكانت الوسيلة الوحيدة لتجاوز الخطر هو حشد جماهيري كبير بمئات الآلاف يرابط في ميدان التحرير وميدان عبد المنعم رياض ومداخلهما يوم الخميس وليله الجمعة حتى يشترك في تظاهرة جمعة الرحيل. رفع الحاله القصوى للجيش ضد المتظاهرين وانزال الصاعقة اخذ ينذر بحمام دم. وكان على الانتفاضة الحذر واتخاذ تدابير مضادة والاستعداد للمقاومة الشعبية الفعالة. ولعل قادة الانتفاضة قد تذكروا الاعمال الوحشية لجنرالات امريكا في الارجنتين والسلفادور وتشيلي وحتى اليونان وغيره وغيرها. فقد ظهر الامر يوم الاربعاء كما لو ان الانتفاضة او الثورة تفقد زمام المبادرة لصالح الجيش الذي يطالبه الناس بالحماية، ونظرا لعدم وجود قيادة للانتفاضة تتفاوض مع القيادات في الجيش. وهو ما ترك الساحة خالية لمبارك ومناصريه. ويبدو ان هناك خطة لانهاك المتظاهرين عن طريق البطء المتعمد في التعامل مع المتظاهرين من جهة واستعمال العنف مع الشعب بواسطة عناصر الشرطة والبلاطجة التابعة للشرطة في تهديد امن المواطنين والمتظاهرين وترويعهم. كانت ثورة الجيش 23 يوليو 1952 قد شكلت مجلسا لقيادة الثورة يستمد شرعيته منها ويطالب الاخوان المسلمون بانشاء مجلس مماثل لهذا المجلس يستمد شرعيته من الشعب وثورته لااصدار القرارات السيادية مثل: تنحية رئيس الجمهورية ونوابه من مناصبهم اعلان قيام المجلس بتولي جميع الاعمال السيادية التشريعية والتنفيذية بقرارات لها قوة القانون .والغاء الدستور واقالة مجلس الوزراء وحل مجلسي الشعب والشورى واصدار الاوامر الى جميع الاجهزة التنفيذية وعلى راسها القوات المسلحة بما يجب. في البداية أعلنت الجماعة أنها لن تشارك في الاحتجاجات ولم تبد اهتماما بها، ثم جرفها المد واضطرت للمشاركة حتى لا تفقد مصداقيتها وقد لوحظ غياب الشعارات الإسلامية حتى يوم جمعة الغضب، حين ألقى الإخوان بثقلهم خلف الاحتجاجات. حماية المجتمع الدولي: وحتى الآن يقوم المجتمع الدولي بتقديم حماية معنوية للجماهير المحتجة. وطبقا للبي بي سي : فقد حذَّر نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن نظيره المصري عمر سليمان من التعرُّض لمن سيشاركون بتظاهرات يوم الجمعة "جمعة الرحيل" للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس حسني مبارك الذي يطالبه معارضوه بالرحيل عن الحكم فورا. ونقل بيان وزَّعه البيت الأبيض عن بايدن قوله إنه "يتعيَّن على الحكومة المصرية منع أعمال العنف ضد المتظاهرين، واتخاذ خطوات مباشرة لضمان انتقال السلطة في البلاد بشكل سلمي". وقال البيان إن نائب الرئيس الأمريكي خاطب سليمان "مشددا على أن الحكومة المصرية مسؤولة عن ألاَّ تقود المظاهرات السلمية إلى أعمال عنف أو ترهيب أو تخويف للمتظاهرين". كما طالب بايدن أيضا السلطات المصرية بالسماح للصحفيين ولناشطي حقوق الإنسان بممارسة "عملهم الهام"، داعيا إلى "الإفراج الفوري عن المعتقلين". من جهتها، حثَّت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، سليمان، والذي كان مبارك قد عيَّنه قبل أيام في هذا المنصب الشاغر منذ قرابة ثلاثة عقود، على البدء "فورا" بإجراء محادثات مع المعارضة في البلاد حول نقل السلطة. حثَّ الأمريكيون سليمان على البدء "فورا" بإجراء مفاوضات مع المعارضة لنقل السلطة. وطالبت كلينتون سليمان بالبر "بوعوده بالتغيير"، قائلة: "لقد تحدث نائب الرئيس (المصري) سليمان اليوم عن الحاجة لإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، وهذا أمر جوهري". وتابعت قائلة: "إنني أحثُّ الحكومة، وممثلي أوسع طيف من المعارضة ذات المصداقية، ومؤسسات المجتمع المدني، والفصائل السياسة في مصر على الانخراط فورا بمفاوضات جادة بشأن مرحلة الانتقال المنظم والسلمي للسلطة". كما أدانت كلينتون الاعتداءات التي تعرض لها الصحفيون في مصر بسبب تغطيتهم للاحتجاجات التي تجري تشهدها البلاد. وقالت الوزيرة الأمريكية إن الحكومة المصرية والجيش يتحملان "مسؤولية واضحة في حماية الإعلاميين والمتظاهرين وبقية أفراد الشعب". ومن جهة اخرى اعربت الولاياتالمتحدة والدول الاوروبية والامم المتحدة عن ادانتها الشديدة للمضايقات والاعتداءات التي تستهدف وسائل الاعلام الاجنبية في مصر. وتفيد التقارير الواردة من مصر بتعرض أعداد متزايدة من الصحفيين لاعتداءات ومضايقات من قبل مؤيدين للرئيس مبارك. وتشهد شوارع العاصمة المصرية مطاردة لمراسلي وسائل الاعلام ممن يحملون آلات تصوير الذين يتعرضون للهجوم من قبل رجال يرتدون ثيابا مدنية. وأعرب الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون الخميس عن قلقه تجاه ما وصفه بحملة تهريب تتعرض لها وسائل الإعلام الأجنبية في مصر ووصف ذلك بأنه "معيب وغير مقبول". واعلن خمسة من قادة دول الاتحاد الاوربي, هي فرنسا وبريطانيا والمانيا وايطاليا واسبانيا, في بيان مشترك أن "الاعتداءات التي تستهدف الصحافيين غير مقبولة على الاطلاق". كما انتقدت منظمة مراسلون بلا حدود ما وصفته ب "أعمال العنف المنهجية" التي يرتكبها انصار الرئيس مبارك. واعربت المنظمة في بيان عن انزعاجها من " المطاردة حقيقية لوسائل الاعلام التي تغطي الاحداث في مصر وتعرب عن قلقها العميق على سلامة جميع الصحفيين الموجودين الان في القاهرة". من رئيس دولة إلى رئيس عصابة: يقوم الرئيس المصري وانصاره بأعمال ترهيب وترويع واسعة بغرض البقاء في السلطة. ونقلت الانباء محاصرة بلطجية الرئيس لمنزل رئيس حزب الكرامة في قريته نجع حمادي في الريف المصري وقيام مجموعة منهم بالهجوم على مكتب قناة الجزيرة في القاهرة وتدمير محتوياته. ويبدو ان هذه الاسنفزازات ستقنع الجماهير في انحاء مصر لاخذ الامور بين ايديها والاستيلاء على السلطة في كل المحافظات بالقوة كما يفكر الاخوان المسلمون، او مواجهة الفشل وانتقام المافيا.