مع زيادة أعمال العنف في اليمن وارتفاع منسوب المخاوف من حرب أهلية مدمرة، تظل المبادرة الخليجية طوق النجاة للخروج من هذه الأزمة حتى وإن انحدر اليمن نحو حرب بين القوات المؤيدة للرئيس علي عبدالله صالح والقوات المنشقة عن نظام الحكم بقيادة قائد الفرقة الاولى مدرعة اللواء علي محسن الاحمر. وفي حين أن صالح وخصمه يعتقدان أن للقوة العسكرية سيمكن كل طرف من تحقيق الانتصار على الطرف الآخر، الا أن المعطيات على الارض الواقع تشير الى أن الحل السلمي وفقا للمبادرة الخليجية مازال يمثل المدخل الفعلي للخروج من الازمة وتحقيق عملية الانتقال السلمي للسلطة، لا لأن المبادرة تحظى بإجماع دولي منقطع النظير فحسب، ولكن لأنها تتفهم واقع اليمن وظروفه وتتوافق مع تطلعات شعبه بالتغيير. كما أن الحل السلمي سيعزز من فرص قيام دولة مدنية ويقلص دور القوى التقليدية لصالح المنظومة السياسية. الحل السياسي ويؤكد رئيس «المجلس الوطني لقوى الثورة» محمد باسندوه أن المجلس يتمسك ب «الحل السياسي الذي يلبي الحد الأدنى من مطالب الشعب العادلة». وأضاف باسندوه «من المهم بالنسبة لنا في هذه الظروف الصعبة والخطيرة التي تعيشها بلادنا أن يتحقق النقل الفوري للسلطة باعتباره المدخل إلى تنفيذ المبادرة الخليجية، ذلك لأن استمرار الوضع على ما هو عليه وبقاء الأمر الواقع أمر ستكون له مخاطر قد تصل حد الزج بالوطن في المجهول». ومع استمرار الجهود الدبلوماسية لمنع انفجار الموقف واقناع صالح بالتوقيع على المبادرة، قال باسندوه إن الرئيس اليمني «لا يزال يعزو رفضه التوقيع على المبادرة الخليجية بحجة عدم وجود الاتفاق سلفاً على آلية مزمنة لتنفيذها، في حين أنه رفض الموافقة على الآلية المقترحة من قبل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر رغم أن نائب الرئيس عبدربه منصور هادي كان قبل بها ووافق عليها». مراوغة ويعتبر باسندوه ما يصف انها «مراوغة صالح» في رفض التوقيع على المبادرة الخليجية لا تحمل من تفسير سوى أن «هذه السلطة لن تتخلى عن تشبثها بالاستمرار بالحكم، ربما لأنها تراهن على خيار القوة وحده»، على حد تعبيره. ويطالب باسندوه الثوار ب«الحفاظ على سلمية الثورة وعدم الانجرار إلى مربع العنف مطلقاً، مهما كان الثمن الذي يتعين دفعه»، مضيفاً: «ذلك انطلاقاً من حرص المجلس الوطني على عدم الانزلاق إلى حرب أهلية والغرق في فوضى عارمة لأن هذا ليس في مصلحة شعبنا على الإطلاق». وقال باسندوه إن «المعارضة تشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن تعاطيها الايجابي مع مبادرة دول الخليج ومع آلية المبعوث الأممي وسفراء الدول الصديقة بمسؤولية وحكمة بدأ يؤتي ثماره بالفعل، بدليل ما صدر عن المجلس الوزاري لدول الخليج والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واسبانيا وغيرها من تصريحات وبيانات واضحة تدين أعمال القتل التي ترتكبها القوات الموالية للنظام». وفي حين تتراجع آمال فرص الحل السلمي لحساب المواجهات المسلحة بعد الخطاب الذي ألقاه صالح، فإن رئيس مجلس قوى الثورة يرى الامر خلافا لذلك. ويقول ان «تعاطي المعارضة مع مبادرة الخليج ما كان ليؤتي ثماره لولا صمود وتصميم الثوار على تصعيد ثورتهم، ذلك لأن فعلكم الثوري هو الأساس وما العمل السياسي إلا مكمل له». رؤية غربية يرى دبلوماسيون غربيون أن «تصلب موقف الرئيس علي عبدالله صالح ورفضه المتواصل التوقيع على المبادرة الخليجية مرده الاعتقاد أن بإمكان القوات التي يقودها نجله وأقاربه حسم الموقف عسكريا لصالحه، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق في بلد غالبية شعبه يمتلك السلاح ويجيد استخدامه، ولأن مثل هذه الخطوة يمكن أن تفجر صراعات في كل مكان، لكن لن يكون بمقدورها حسم الموقف لصالح طرف دون غيره».