القت التداعيات الأمنية في اليمن الناجمة عن التوسع الهائل لهجمات ونشاطات الذراع اليمنية لتنظيم القاعدة في المحافظات الجنوبية بظلالها على أولويات الحكومة اليمنية ذات الصلة بتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق التسوية الخليجي، بعدما تصدر الملف الأمني أجندة الحكومة الانتقالية والرئيس الانتقالي المشير عبدربه منصور هادي، وخصوصاً بعد التقارير الأمنية الصادرة عن وزارتي الداخلية والدفاع والتي أكدت مضي التنظيم الأصولي في تنفيذ تهديداته بشن المزيد من الهجمات الإرهابية في مناطق متفرقة والمضي في مشروعه بشأن الإمارة الإسلامية . وقياساً بالارباك الداخلي فقد أعاقت تطورات المشهد الأمني ترتيبات كان الوسطاء الدوليون شرعوا بتنفيذها في إطار خطة إعادة هيكلة الجيش والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الذي يأمل اليمنيون في أن تفضي مداولاته إلى نتائج مهمة في مسار التسوية السياسية وخصوصاً بعد إعلان الرئيس التوافقي المنتخب هادي بدء جولة الحوار الوطني الشامل بحلول نهاية الشهر الجاري بالتزامن مع تنفيذ خطة إعادة هيكلة الجيش . وجاء ذلك وسط اتهامات متصاعدة عبرت عنها دوائر سياسية وعسكرية لنظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأجهزته الأمنية بالتواطؤ مع مسلحي تنظيم القاعدة وتزويدهم بالعتاد الحربي لخلط الأوراق وارباك المشهد السياسي، ولاسيما مع تنامي ضغوط الشارع المطالب بتصفية مؤسسات الدولة من رموز النظام السابق، والشروع بخطوات عملية لإعادة هيكلة الجيش تقود إلى تقليص نفوذ نظام الرئيس السابق في مؤسسات الجيش والأمن . وغداة اجتماع استثنائي عقده مجلس الوزراء اليمني لبحث مستجدات المشهد الأمني والتحديات التي فرضتها الهجمات الكبيرة التي شنها تنظيم القاعدة على مواقع الجيش في محافظات شبوة وعدن وأبين والبيضاء وحضرموت والتي أوقعت أكثر من 200 قتيل وعشرات الجرحى، دعت الحكومة إلى تضافر الجهود لمواجهة خطر الإرهاب واضطلاع سائر القوى السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني لمساندة قوات الجيش والأمن في التصدي لخطر القاعدة، كما شددت على توحيد الجهود الاستخبارية والأمنية والعسكرية والعمل برؤية واحدة وخطة متناسقة لمواجهة الإرهاب ودحر قوى الشر” . وحيال الاتهامات التي ترددت بشأن ضلوع رموز عسكرية وأمنية من النظام السابق بالتواطؤ مع التنظيم المسلح، دعت الحكومة اللجنة العسكرية إلى البدء بالترتيبات والإجراءات العملية لإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، كما أكدت أن عدم التهاون في محاسبة المقصرين باتخاذ كل الإجراءات الحازمة بحقهم في حالة الإخلال بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم . وأقرت الحكومة اليمنية تشكيل لجنة وزارية تضم وزراء الدفاع والداخلية والإدارة المحلية والعدل والخدمة المدنية تتولى بالتنسيق مع لجنة الشؤون العسكرية والتحقيق ودراسة الاختلالات الأمنية والتحقيق في ملابسات الهجمات الإرهابية على مواقع الجيش في محافظة أبين الجنوبية، والتحقق من قدرات المسؤولين في المحافظات التي تواجه اختلالات أمنية ومدى التزامهم بأداء واجباتهم على النحو المطلوب وتقديم اقتراحات عاجلة للحكومة لاتخاذ كل ما يلزم للمعالجة . وتعهدت الحكومة “اتخاذ الإجراءات الرادعة لاستئصال شأفة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله وصوره وتقديم كل الدعم للأجهزة العسكرية والأمنية للقيام بواجباتها على الوجه الأمثل لتعزيز الأمن والاستقرار والقضاء على آفة الإرهاب” . وأبدت دوائر سياسية مخاوف من تحول اليمن محطة ثانية للقاعدة بعد أفغانستان وخصوصاً بعد تقارير تحدثت عن وصول طلائع من قوات أمريكية إلى قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج للمشاركة في عمليات ميدانية ضد التنظيم الأصولي . وتقول صنعاء إن المئات من مقاتلي القاعدة من جنسيات عربية وأجنبية ينتشرون حالياً في محافظات عدة وكان لهم دور بارز في وصول أذرع التنظيم إلى قاعدة الديلمي الجوية بمطار صنعاء، حيث فجروا طائرة حربية في أول عملية تخترق أكثر تحصينات الجيش اليمني قوة. وتصاعدت المخاوف من خطر القاعدة مع إعلان وزارة الدفاع عن مخطط إرهابي لمسلحي القاعدة وكشفته أجهزة الأمن ويستهدف شن هجمات على منشآت حيوية ومرافق حكومية ومعسكرات في محافظة شبوة في أول تحذير تصدره الحكومة اليمنية بعد إعلان التنظيم الأصولي تأسيس إمارة إسلامية في هذه المحافظة . وبحسب وزارة الدفاع فإن 300 مسلح من تنظيم “القاعدة” يقودهم إبراهيم البناء (مصري ) وقاسم الريمي وشاكر هامل يخططون لشن هجمات على منشآت حيوية ومعسكرات ومقرات أمنية وكذا الاستيلاء على مرافق حكومية مهمة بهدف توسيع ما يسمى بإمارة عزان الإسلامية إلى مدينة المكلا” . وقالت الوزارة إن قيادة وزارة الداخلية أمرت أجهزتها الأمنية في محافظتي حضرموتوشبوة بتشديد الحراسات والإجراءات الأمنية في جميع النقاط والمنافذ الأمنية المؤدية إلى المحافظتين مع رفع حالة اليقظة الأمنية للتصدي لأي أعمال إرهابية . وكان التنظيم الأصولي هدد بشن هجمات على محافظات جديدة في المحافظات الجنوبية ومنها حضرموتوشبوة سعياً إلى السيطرة على بعض مدنها فيما اعتبر محللون هذه الأنباء محاولة من التنظيم الأصولي لصرف النظر عن هجمات أخرى ربما تستهدف مرافق حيوية واقتصادية وأجنبية .