كان الحضور المصري ومضمون كلمة الرئيس محمد مرسي اهم ما لفت الانظار في قمة عدم الانحياز التي بدأت اعمالها في طهران امس. فقد لقي مرسي ترحيباً حاراً ليس فقط من الرئيس الايراني احمدي نجاد الذي استقبله عند مدخل قاعة المؤتمرات، بل كذلك من ضيوف القمة الذين صفقوا له طويلا، باستثناء الوفد السوري الذي انسحب مع رئيسه وليد المعلم وزير الخارجية احتجاجا على كلمة مرسي، التي شكلت الحدث الثاني البارز في القمة. فبينما سعت ايران البلد المضيف لان تأخذ مؤتمر عدم الانحياز باتجاه تصنيف المسألة السورية كواحد من بقية المواضيع المطروحة امام القمة، حولها الرئيس المصري الى قضية رئيسية تتقدم غيرها من القضايا. ووصف مرسي النظام السوري بأنه «ظالم»، مشددا على ان ما تشهده سوريا «ثورة على غرار ثورة مصر»، وهو ما دفع بالمعلم ووفده للانسحاب ومغادرة القاعة. وقال مرسي: «ان نزيف الدم في سوريا في رقابنا جميعا، وعلينا ان ندرك ان هذا الدم واولياءه لن يتوقف دون تدخل فاعل منا». وقد اعاد الظهور الدولي المصري لمرسي التألق لمصر وهي دولة مؤسسة لحركة عدم الانحياز، مكرساً عزلة النظام السوري رغم ان المؤتمر ينعقد في طهران الحليف الوحيد لنظام الاسد في المنطقة. اما الرئيس محمود احمدي نجاد فلم يتناول في كلمته بالجلسة الملف السوري. وحرصت القيادة الايرانية على كسب تأييد عالمي ضد العقوبات، عشية تقرير «الذرية» المتوقع في فيينا، ونفى المرشد آية الله علي خامنئي النية في التسلح النووي وهاجم التحرك الدولي، فرد عليه الامين العام بان كي مون داعيا الى «الالتزام الكامل بقرارات مجلس الامن والتعاون الوثيق مع الذرية». المعلم يؤكّد انسحاب الوفد وقناة العالم «تنفي»! حرصت قناة العالم الإيرانية على نفي انسحاب الوفد السوري من الجلسة الافتتاحية للقمة، وذهبت إلى حد القول إن وزير الخارجية السوري وليد المعلم هو وحده الذي خرج، لإجراء مقابلة مع القناة ثم عاد إلى القاعة! لكن ما أوردته القناة يتناقض مع ما قاله المعلم بالذات الى التلفزيون السوري من أن الوفد (بكامله) انسحب، «رفضاً لما تضمنته كلمة مرسي من تحريض على استمرار سفك الدم السوري»، وفق تعبيره. وفي تصريحاته لقناة العالم بالذات، اعتبر المعلم كلام الرئيس المصري «تدخلاً بالشأن الداخلي السوري». من المؤتمر ● تسعى ايران من وراء استضافتها - ذات الكلفة الباهظة للمؤتمر - الى اثبات امر واحد، وهو ان العقوبات لم تعزلها سياسياً أو اقتصادياً. ● اعتُبر الرئيس المصري محمد مرسي اهم زائر، فوصوله الى طهران يعد عاملاً له تأثير اساسي، وقد يملأ الفراغ الذي تستغله ايران في لبنان والاراضي الفلسطينية والعراق. ● حظي مرسي باهتمام ملحوظ من جانب الزعماء والقادة ورؤساء الوفود. واستقبله الرئيس احمدي نجاد عند مدخل قاعة المؤتمرات. طهران - أ ف ب - هيمن الملف النووي الايراني والموقف من النزاع في سوريا على اعمال افتتاح قمة دول عدم الانحياز في طهران امس. وهذه القضايا بددت مظاهر الانسجام الدبلوماسي التي كانت ايران تحاول اعطاءها عن قمة هذه الحركة التي تضم 120 عضواً. واحتل الاهتمام انسحاب الوفد السوري من القاعة، استنكاراً لما اعلنه الرئيس المصري محمد مرسي حول ضرورة المساعدة في التخلص من نظام بشار الاسد. جاء ذلك قبل ان يسلم مرسي رئاسة المؤتمر «وحركة عدم الانحياز» الى الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، الذي لوحظ ان كلمته لم تتناول مباشرة اي شيء له علاقة بالملف السوري. خامنئي: النووي السلمي وقد افتتح المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الجلسة بخطاب شدد فيه على أن ايران «لا تسعى أبداً إلى التسلح النووي». لكنه أكد انها «لن تتخلى عن حق الشعب الايراني في استخدام الطاقة النووية لغايات سلمية». واضاف «الجمهورية الإسلامية تعتبر استخدام الاسلحة النووية والكيميائية وامثالها ذنباً كبيراً لا يغتفر. لقد أطلقنا شعار «شرق اوسط خال من السلاح النووي» ونلتزم بهذا الشعار». وحول العقوبات الاقتصادية، قال ان «حالات الحظر التي سماها الهاذرون باعثة على الشلل لم تبعث على شللنا، لا بل انها رسخت خطانا وعلت من هممنا». كي مون يرد: «الالتزام الكامل» وفي هذا الاطار، رد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في خطابه بالقول إن على ايران بناء الثقة حول سلمية برنامجها النووي عبر «الالتزام الكامل بقرارات مجلس الامن والتعاون الوثيق مع الوكالة الذرية»، محذرا من اندلاع «دوامة عنف» على خلفية النووي. ودعا الامين العام ايضا قادة «كل الاطراف» في الازمة النووية الى «وقف التهديدات الاستفزازية»، التي يمكن ان «تتطور سريعا الى دوامة عنف». من جانب آخر، ندد كي مون في خطابه بإنكار ايران لمحرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية، ولحق اسرائيل في الوجود. مجلس الأمن و«الدكتاتورية» من جهته، انتقد المرشد الاعلى بشدة مجلس الامن، وقال ان «المجلس ذو بنية وآليات غير منطقية وغير عادلة وغير ديموقراطية. هذه دكتاتورية علنية ووضع قديم منسوخ انقضى تاريخ استهلاكه». واضاف ان «غرفة عمليات العالم يجب ألا تدار بدكتاتورية عدة بلدان غربية». وتابع «ينبغي التمكن من تشكيل وتأمين مشاركة ديموقراطية عالمية على صعيد الادارة الدولية». مرسي: النظام الظالم من جانب آخر، وصف د. محمد مرسي، الذي يقوم بأول زيارة لرئيس مصري الى طهران منذ 1979، النظام السوري بانه «ظالم»، وشدد على ان سوريا تشهد ثورة على غرار ثورة مصر، وهو ما دفع بالوفد السوري الى مغادرة القاعة. وقال مرسي في خطابه الافتتاحي «الثورة المصرية مثلت حجر الزاوية في حركة الربيع العربي، ونجحت في تحقيق اهدافها السياسية لنقل السلطة الى الحكم المدني». واضاف ان هذه الثورة بدأت بعد ايام من ثورة تونس، وتلتها ليبيا واليمن، واليوم «الثورة في سوريا ضد النظام الظالم». وأكد ان مصر «على اتم الاستعداد للتعاون مع كل الأطراف لحقن الدماء، وتدعو الأطراف الفاعلة الى اتخاذ مبادرتها من اجل وقف نزيف الدم وايجاد حل للازمة». وفيما كان مرسي يلقي خطابه انسحب الوفد السوري برئاسة رئيس الحكومة وائل الحلقي من القاعة. تبرير لخروج الوفد إثر ذلك، اتهمت دمشق الرئيس المصري بالتحريض على سفك الدم السوري في خطابه. " القبس الكويتية " ونقل التلفزيون السوري عن وزير الخارجية وليد المعلم قوله إن الوفد انسحب «احتجاجاً على مضمون كلمة مرسي الذي يمثل خروجا عن تقاليد رئاسة القمة، ويعتبر تدخلا بشؤون سوريا الداخلية، ورفضا لما تضمنته الكلمة من تحريض على استمرار سفك الدم السوري».