ارتفاع ضحايا قصف العدو الصهيوني لمدرستين تأويان نازحين الى 52 شهيدا    الجنوب.. معاناة إنسانية في ظل ازمة اقتصادية وهروب المسئولين    قيادي في "أنصار الله" يوضح حقيقة تصريحات ترامب حول وقف إطلاق النار في اليمن    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    هي الثانية خلال أسبوع ..فقدان مقاتلة أمريكية "F-18" في البحر الأحمر    كيف تُسقِط باكستان مقاتلات هندية داخل العمق؟    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 7 مايو/آيار2025    وزير الشباب ومحافظ ذمار يتفقدان أنشطة الدروات الصيفية    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    الإرياني: استسلام المليشيا فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها والمضي نحو الحسم الشامل    الكشف عن الخسائر في مطار صنعاء الدولي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    57 عام من الشطحات الثورية.    الحوثيين فرضوا أنفسهم كلاعب رئيسي يفاوض قوى كبرى    الإمارات تكتب سطر الحقيقة الأخير    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    بذكريات سيميوني.. رونالدو يضع بنزيما في دائرة الانتقام    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    صرف النصف الاول من معاش شهر فبراير 2021    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن : صحفيون يوقعون على المسودة الأولية لوثيقة الشرف الصحفي لدعم ومساندة الحوار الوطني الشامل
نشر في التغيير يوم 04 - 07 - 2013

أقر المشاركون في الورش التحضيرية لمؤتمر الإعلام اليمني والحوار الوطني ، مسودة أولية لمشروع ميثاق الشرف والمبادئ العامة لأخلاقيات الصحافة المهنية ودعم ومساندة مؤتمر الحوار الوطني الشامل .
المسودة التي خلص اليها المشاركون في الورش التحضيرية التي نظمتها على مدى 4 أيام مؤسسة ريجين للتنمية وحقوق الإنسان، بالتعاون مع مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان والمنتدى الإنساني بدعم وتمويل من الوكالة الألمانية للتعاون الفني جي أي زد، تتضمن كيفية تغطية فعاليات مؤتمر الحوار الوطني بموضوعية وحيادية ومهنية عالية تعزز من قيم الحوار والاتفاق والوفاق والمصالحة الوطنية وتحقيق السلم الاجتماعي بين اوساط المجتمع وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية والجهوية والحزبية والمذهبية وبما يتفق مع الطبيعة الاستثنائية للمرحلة الانتقالية.
وأكد المشاركون أهمية وضع المبادئ العامة وخارطة الطريق التي ينبغي ان تلتزم بها كافة وسائل الإعلام الرسمية والحزبية والأهلية وبما لا يخل بمضمون الرسالة الإعلامية او توظيفها لإثارة الفتن والصراعات والنعرات المذهبية والحزبية والمناطقية والجهوية وبما يكفل تحقيق التوازن والحد الأقصى من الحيادية في تغطية قضايا مؤتمر الحوار الوطني لتحقيق النجاح المطلوب والخروج بالبلاد إلى بر الآمان.
وفي ختام الورش التحضيرية التي شارك فيها نحو 40 مشاركاً يمثلون عدد من المؤسسات الإعلامية الرسمية والأهلية والحزبية أشار رئيس مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان عز الدين الأصبحي إلى أهمية الورش التحضيرية لمؤتمر الإعلام والحور الوطني للخروج بميثاق شرف صحفي يضمن للصحفي حقوقة وواجباته، والوقوف أمام الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيين اليمنيين والسعي لإيجاد رؤية مستقبلية لهم كونهم أكثر الناس عرضة للتهميش والانتهاك وبدون تأمين وحماية.
وكانت الورش التحضيرية التي استمرت أربعة أيام تناولت 3 محاور رئيسية هي دور الإعلام في تعزيز الحوار الوطني المسئوليات والواجبات قدمت خلالها 4 أوراق عمل بعنوان" دور الإعلام في تعميق ثقافة الحوار لدى المواطن، للدكتورة بلقيس علوان، واخلاقيات الصحافة اثناء الحوار قدمها رئيس لجنة التدريب بنقابة الصحفيين اليمنيين نبيل الأسيدي، وترشيد الخطاب الإعلامي في فترة الحوار الوطني، قدمها نقيب الصحفيين الأسبق عبد الباري طاهر،و تناول رئيس اللجنة الإعلامية بمؤتمر الحوار الوطني محمد الأسعدي ورقة عمل بعنوان " الحوار الوطني والإعلام خلال الفترة السابقة رؤية من الداخل".
وناقشت الورشة الثانية محور الإعلام والتغطية المهنية للصراعات فترة الحوار الوطني ، قدمت خلالها 4 أوراق عمل بعنوان" الصحافة المقروءة والتغطية المهنية للصراعات اثناء الحوار الوطني، للباحث والصحفي نشوان العثماني، والصحافة الحساسة للصراعات ..دور الإعلام في تخفيف الصراعات وبناء ثقافة الحوار للصحفي محمد الغباري، والصحافة التلفزيونية والأذاعية والتغطية المهنية للصراعات اثناء الحوار الوطني للصحفي والباحث طاهر شمسان، والصحافة الالكترونية والتغطية المهنية للصراعات اثناء الحوار قدمها مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاعلامية راجح بادي.
كما تناولت الورشة الثالثة مساندة وسائل الإعلام للحوار الوطني ، ناقش فيها المشاركين 4 أوراق عمل تناولت أساليب التأثير على وسائل الإعلام وفرص الاستقلال والمهنية قدمها مراسل إذاعة سوا الأمريكية عرفات مدابش، وكيفية توفير بيئة إعلامية مساندة لثقافة الحوار والسلم الاجتماعي للصحفي عارف ابو حاتم، وورقة الإعلام الجديد وصحافة المواطن ، إمكانيات جديدة لإشراك المواطنين في الحوار وتوصيل الأفكار، لرئيس مؤسسة وجوه للإعلام منصور الجرادي.
وأثريت أوراق العمل بالنقاشات والمداخلات و القراءات والاستخلاصات وتقديم رؤى ومقترحات ساهمت في إخراج وثيقة أولية لأخلاقيات الصحافة سيتم مناقشتها وإقرارها في مؤتمر الإعلام والحوار الوطني المقرر انعقاده في منتصف الشهر الجاري للخروج بالصيغة النهائية للوثيقة او الميثاق وتوزيعها على وسائل الإعلام المختلفة للعمل بها لنشر ثقافة الحوار والتسامح والحد من نشر الأخبار التي تعمل على زعزعة السلم الاجتماعي وتؤجج الصراع بين مكونات المؤتمر المختلفة.
وفي نهاية الجلسات تم إعلان المسودة الأولية والتوقيع عليها من قبل المشاركين تمهيداً لتقديمها إلى مؤتمر الإعلام اليمني والحوار الوطني لإقرارها النهائي .
" التغيير " ينشر ورقة تأثير المال السياسي على وسائل الإعلام في اليمن المقدمة من الاستاذ عرفات مدابش
• مراسل راديو سوا الأميركي
• مراسل جريدة الشرق الأوسط اللندنية.
• رئيس شبكة التغيير للإعلام .
تقديم ملخص موجز:
لا يمكن الفصل بأي من الأحوال بين السياسة والصحافة , فهما مكملان لبعضهما البعض بغض النظر عن ملابسات وظروف أي مرحلة سياسية في أي بلد كان , ويعد التأثير السياسي إحدى علامات الحكم أو المعارضة في وسائل الإعلام غير أن موضوع المال السياسي وتأثيره قضية أخرى ترتبط ارتباطا جذريا بالتأثير السياسي على وسائل الإعلام , رغم أن للتأثير عدة وسائل وأهداف وطرق والمشكلة تكمن في أن هذا التأثير لهذا النوع من المال له مخاطر على مهنية وسائل الإعلام التي يسيطر عليها وعلى توجهاتها وبالتالي على المتلقين .
وهذه الورقة هي عبارة عن خلاصة متواضعة لكاتبها تحاول محاكاة الواقع الذي تمر به الصحافة اليمنية وبالأخص خلال السنوات القليلة الماضية ، ومن أهم النتائج التي تتوصل إليها أن هناك مشكلة تعانيها الصحافة اليمنية جراء المال السياسي فقد فقدت الكثير من مهنيتها ، كما تتضمن الورقة المتواضعة جملة من الحلول البسيطة التي يرى الكاتب أنها مجدية وناجعة في حال الصحافة اليمنية ، كأن تقترح الورقة على الصحف الصغيرة الاتحاد في مؤسسات صحافية مساهمة بما يمكنها من التحول إلى العمل المؤسسي وفقا لمعايير أكثر دقة وأكثر جدوى ، مع التأكيد على مسالة التفريق بين المال السياسي والتأثير السياسي ، فالمال السياسي يمكن ان يستخدم لتحقيق مآرب معينة لكن التأثير السياسي يمكن أن يكون عبر سلطة على وسيلة الإعلام أو عبر المال إذا كان صاحب الأخير ذو نشاط سياسي ومالي في نفس الوقت ، أو انه سياسي ذو مصالح مالية مخفية وهو في الأصل رجل سياسة محترف .
- التأثير السياسي :
هناك عدة أنواع من التأثير والتأثر الذي تتعرض له وسائل الإعلام , فمثلا لا يمكننا مناقشة هذا الأمر فيما يتعلق بوسائل الإعلام الحزبية أو الحكومية , فكلاهما يخضعان لتوجيهات الحزب أو الحكومة أو الجهة المصدرة بغض النظر عن مسألة التمويل , فالصحافي المسؤول هو عبارة عن موظف ينفذ سياسة إعلامية مرسومة ليس إلا , رغم أن اليمن ومنذ عقود تفتقر إلى سياسة إعلامية واضحة ومحددة لوسائله الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرتبة وتعتمد سياسة الإعلام في اليمن على قدر العلاقات الشخصية التي تربط المسؤول الأول في هذه المؤسسة أو تلك أو هذه الوسيلة أو تلك بمراكز صنع القرار وهي متعددة في بلد كاليمن الذي يعاني من وهن في بنية مؤسسات الدولة , وغياب تام للتنسيق فيما بينها وتخبط يرجع إلى ضعف القدرات الإعلامية والذاتية بأهمية الإعلام وبآلية استخدامه بالطرق الصحيحة والمناسبة , وأيضا تجهل كثر من المسؤولين غير الكفوءين ووسائل الإعلام التي ترتبط بأحزاب سياسية وجهات ومؤسسات حكومية - ملزمة في كل الأحول – بتطبيق سياسة الحزب أو الدولة والصحافي المسؤول عندما يأتي إلى هذه المؤسسة أو تلك ( حزبية – حكومية ) في الغالب يكون من نفس المدرسة وحتى إن جاء من خارجها فهو على التصاق بها وعلى علم ودراية بتلك السياسة التي أسندت إليه المهمة للقيام بها .
ويجب أن يتذكر الجميع أن وسائل الإعلام الحكومية والحزبية ممولة من الحكومة أو الحزب وبالتالي فأنه لا مكان لرأي الصحافي المسؤول أو المحرر " إلا بالتي هي أحسن " , لكن المشكلة الحقيقة هي التي تواجهها وسائل الإعلام الأهلية أو المستقلة وهذه الوسائل – في الغالب – لا تحصل على دعم مالي ثابت ومتواصل وإن حدث ذلك – وهذا نادر جدا – فتظل تحت طائلة التهديد من قبل الممول وتصبح رهن مزاجه وأهوائه وتقلباته حسبما تتجه بها رياح السياسة .
ويعد التأثير السياسي لاعبا رئيسيا في توجهات وسائل الإعلام المشار إليها ( حكومية – حزبية ) ، فهو يخضع للأوضاع السياسية القائمة ويتماشى مع تقلباتها ضد الدول والأشخاص والجهات ، ولكنه نمطي ودائما ما يستمر في العمل بوتيرة وسيلة الإعلام الحزبية أو الرسمية في التغطية الخبرية وفي سياسة نشر المقالات وغير ذلك من فنون العمل الصحافي وبالتالي تظل فيه الحرية محدودة للغاية لأنه يتأثر بسياسة الجهة التي تتبع لها وسيلة الإعلام .
- المال السياسي :
ويلعب المال السياسي دورا مهما في التحكم بتوجهات وسائل الإعلام الأهلية والمستقلة والتي تمول : من الباطن أو تعتمد على الإعلانات لمواصلة مسيرتها ، حيث تخضع تلك الوسائل ( الصحف مثلا ) لما يمليه الممولون والمعلنون – في كثير من الأحيان - وهناك في الحالة اليمنية سلسلة صحف ومواقع اليكترونية جرى تأسيسها على فرضية أنها مستقلة وأهلية وهي في الأساس تتبع بعض الجهات السياسية والحزبية والحكومية بطرق أو أخرى ، ويقوم على تلك الصحف بعض من الصحافيين الذين قبلوا أن يكونوا في هذا الموقف وان يلعبوا هذه الأدوار . وسنجد أن تلك الوسائل الإعلامية تفتقد لمصداقيتها مع مرور الوقت أمام القارئ أو المتصفح أو المشاهد أو المستمع ، وفي الحقيقة يمكن النظر إلى الأمر هنا من منظارين : الأول أن تلك الوسائل اضطر مؤسسها أو مؤسسيها إلى التعامل المالي مع احد ركائز السياسة في البلاد من اجل الحصول على التمويل للإصدار في ظل شحة الإعلانات وفي ظل سوق الإعلانات غير النشط في اليمن بسبب انه لا يعتمد على الطلب والغاية والحاجة ، وأسباب ذلك عديدة ، منها : تجيير الإعلانات بصورة ولأهداف سياسية واستخدامها كورقة ضغط ، في غالب الأوقات ، وعدم وجود سوق إعلانية بالشكل المتعارف عليه في الكثير من البلدان ، رغم ان الصورة بدأت تتحسن مؤخرا بطرق ووسائل إعلانية في الشوارع وفوق المباني ، لكن يظل العامل السياسي لاعبا مهما في هذه السوق التي تعتبر جديدة على اليمن لأنها لم تتطور .. وعندما يتطور سوق الإعلانات ويتخلص من الارتباط بالمصالح السياسية ، ستجد وسائل الإعلام اليمنية نفسها قادرة على تمويل نفسها بصورة ذاتية دون الحاجة إلى الارتهان لمعلنين لديهم أجندات سياسية .
- علاقة القوى السياسية بوسائل الإعلام:
لكل بلد في العالم طريقة للعلاقة بين الصحافي والسياسي والصحافة والسياسة بصورة عامة ، وفي اليمن ظهرت عادت الشلل في هذه العلاقة ، والتي انقسمت بين علاقات حزبية وعلاقات مصالح شخصية وذاتية وتظل " مقايل القات " هي ابرز ملامح " الحشوش " السياسي والصحافي إن جاز التعبير للوسط الصحافي والإعلامي ، حيث يلحظ أن الأحاديث تأخذ منحى غير المنحى المفترض أن تأخذه ، فبدلا من النقاشات الجادة والحقيقية لوضع البلد وحالة الوضع السياسي والتطورات القائمة في ظل التسوية السياسية ، نجدها تتجه نحو الغيبة والنميمة ( الحشوش ) بحق الزملاء والسخرية والاستهتار وهذا يفقد الصحافي قدرته على ممارسة عمله الحقيقي وهو صناعة الأخبار وإجراء التحقيقات الصحافية الحقيقية التي تجلي الحقائق أمام القارئ الذي لا يريد كلام " مقايل قات " وإنما يريد معلومات وأرقام توضح له حقيقة مستقبل بلده ، فهو لا يعنى بما يقوله فلان عن علان ...!
وخلال السنوات القليلة الماضية تبين أن هذه العلاقة ونوعيتها وأسلوبها بين الصحافي والسياسي ، أدت إلى فرز نجده قد تجلى بصورة واضحة خلال الثورة الشبابية التي اندلعت في فبراير 2011 ، حيث انقسم الوسط الصحافي إلى أشطار وحدثت فيه انشقاقات مشابهة ومماثلة لتلك التي حدثت داخل بنية نظام حكم الرئيس علي عبد الله صالح وبالتالي كان الالتصاق أو العلاقات التي تربط الصحافيين بالسياسيين حاضرة في تلك الانشقاقات بصورة أو بأخرى وتجلت في التغطيات الصحافية للأحداث ونقل وجهات النظر ، حيث بين الكثير من الصحافيين ووسائل الإعلام مواقف سياسية مغايرة لما كانوا يظهرونه ، وبدت في تلك الفترة – والى الآن – الاتجاهات الحقيقية للقوى السياسية في الساحة متجلية في ما تنشره وسائل الإعلام ، إضافة إلى عمل يمكن وصفه بالخفي – سابقا – ويتعلق بقيام بعض الأطراف السياسية بتمويل صحف ووسائل إعلام من الباطن طوال سنوات وكان الهدف الوصول إلى المرحلة الراهنة ا والى حين " عوزة " أو احتياج ، مثلا : صحيفة " أخبار اليوم " التي لم يكن خافيا أن اللواء علي محسن الأحمر يقوم بتمويلها وأنها تنفذ أجنداته وسياساته ، لكن العامة لم يكونوا على اطلاع ودراية بذلك ولم تكن الصحيفة تعلن ذلك صراحة ، ولكن مع الاحتجاجات أو الأزمة ظهرت بصورة جلية مواقف الصحيفة والجهة التي تتبعها .
وحزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي لعب دورا كبيرا في تحصين نفسه بوسائل إعلام رديفة لوسائله الإعلامية التي يمتلكها ، فقد دعم عددا من الصحافيين لتأسيس صحف وغيرها ومولهم والآن هم يقومون بأدوار لا يمكن تخيلها في الوقت الراهن لصالح توجهات الحزب والأحزاب المتحالفة معه .. أما الرئيس السابق علي عبد الله صالح وعائلته وحاشيته فقد انتبهوا مؤخرا إلى أهمية الإعلام ودوره في الحياة السياسية عندما بدأ التضييق عليهم في الحكم ، وبالتالي هم يحاولون تأسيس إمبراطورية إعلامية ( مرئية ومسموعة ومقروءة ) ، وأيضا يمولون وسائل إعلامية أخرى من الباطن من اجل المصداقية ، وفي الأخير يظل من حق أي طرف سياسي القيام بما يراه مناسبا في إطار الدستور والقانون من اجل حماية مصالحه والدفاع عنها ، وما يقوم به الإصلاح أو المؤتمر أو صالح أو صالح الابن يظل في إطار القانون طالما لم يستخدم لبث الانشقاقات الطائفية والمناطقية وأية أمور تتعارض مع القانون اليمني ، لكن ضعف الإمكانات المادية لدى حلفاء أو شركاء " الإصلاح " في تكتل " اللقاء المشترك " حالت دون أن تقوم تلك الأحزاب والشركاء بتحصين أنفسهم بوسائل إعلامية عبر الانترنت أو عبر الصحافة المقروءة أو عبر الموبايل ، لأن الفارق كبير بين الجانبين من حيث التنظيم وجهات التمويل ، وربما لذلك نجد ضعفا في تواجد وحضور معظم أحزاب اللقاء المشترك في المشهد اليمني إلا بما يرغب " مطبخ الإصلاح " في إظهاره عبر وسائله الإعلامية وله الحق – كل الحق – في ذلك ، لان معظم الأحزاب اليمنية لم تواكب ثورة التكنولوجيا وتتعاطى معها وتستفيد منها ، رغم أن المشكلة – باعتقادي – لا تكمن في الجانب المالي ، فتلك الأحزاب تصرف أموالا طائلة بدون أن تستثمرها بصورة سليمة في وسائل إعلامية فاعلة ، بالإضافة إلى سيطرة العقليات القديمة على مراكز القرار في تلك الأحزاب وبالتالي باتت متحجرة ولم تترك الفرصة للأجيال الجديدة بالمشاركة وتحديث وسائل الإعلام الحزبية .
- مؤتمر الحوار الوطني .. والإعلام اليمني:
لقد حظي ويحظى مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن الذي انطلق في 18مارس ( آذار ) بتغطية إعلامية لا بأس بها في وسائل الإعلام اليمنية ، وبالقدر الذي كانت متفائلة في بداية انطلاق المؤتمر ، إلا أنها عادت إلى مربع المناكفات الحزبية والسياسية وبدأت في التغطية من زوايا تخدم نوايا تلك الوسائل أو القائمين عليها أو محاولة اصطياد لهفوات وأخطاء وحوادث في المؤتمر ، دون التركيز على المضمون الحقيقي لما يناقشه مؤتمر الحوار .. وشخصيا – مع الاعتذار على التعبير - أتحدى أي شخص أن يجلب لي صحيفة واحدة ( يمنية ) قامت بتغطية أعمال المؤتمر بصورة متواترة ومتتالية ومنظمة وبمهنية تامة ويمكن أن تعتبر مرجعا للباحثين بشأن ما دار في المؤتمر منذ انطلاقه حتى اللحظة ، فوسائل الإعلام الحكومية تكتفي بخبر رسمي أو أكثر وتهتم كثيرا بتغطية نشاطات المسؤولين في المؤتمر وبطريقة تقليدية يعرفها الجميع ، أما وسائل الإعلام الحزبية فتقوم بالتغطية ونشر الأخبار من الزوايا التي تتناسب وسياساتها وسياسات الجهات التي تتبع لها ، أما المستقلة ففي الغالب تعتمد على ما يصل إليها من تسريبات من " كواليس " المؤتمر أو من مصادر خاصة بها وفي أحيان كثيرة لا تجد الإمكانيات المادية لتخصيص أو إيفاد من يعمل على تغطية أخبار المؤتمر بصورة يومية ، وفيما يتعلق بوسائل الإعلام الخارجية فهي لا تختلف كثيرا عن الإعلام المحلي ولكن تظل الأولويات لديها هي ما يتعلق بحدث كبير يستحق النشر على مستوى خارجي.
- الدور الايجابي والدور السلبي:
يمكن أن تعلب وسائل الإعلام وطنية دورا ايجابيا كبيرا في نجاح التسوية السياسية القائمة في ضوء المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن الدولي ، ويمكنها في نفس الوقت أن تلعب دورا سلبيا ربما يؤدي إلى أن تتأذى التسوية والبلاد عموما ، وعندما نتحدث عن الدور الايجابي هو العكس تماما للدور السلبي ، لا نقصد التغاضي عن أية أخطاء أو تجاوزات في المؤتمر وما يتعلق به وعدم تناولها والنشر حولها ، ولكن المقصود هو عدم تبني أخبارا مدسوسة كالتي نتابعها كل يوم وتحاول تعكير صفو سير مؤتمر الحوار الوطني ، والدور الايجابي يكمن في شعور الجميع بأن اليمن يحاول تجاوز عنق الزجاجة ولم يتجاوزها بعد ولكنه في الطريق ، فهناك مشكلات ليس لها أول أو أخر تواجه اليمن في الجنوب وصعدة والتطرف والإرهاب والاقتصاد ، ويمكن أن تلعب الصحافة ووسائل الإعلام دورا مهما في تناول هذه القضايا وتحقيق السبق والانفرادات ولكن بطريقة مهنية ومدروسة ومحسوبة العواقب ، فوسائل الإعلام سلاح قوي في المعارك السياسية وربما – باعتقادي – أن بعض الصحافيين والإعلاميين لا يدركون أن هذا السلاح قوي وذو حدين وأنهم في موقف المسؤولية ، إضافة إلى ضعف أداء معظم وسائل الإعلام وافتقارها لمعايير مهنية منذ فترة طويلة ولكن الظاهرة تزايدت مع بداية ثورة الشباب ، حيث فقد بعض وسائل الإعلام وقارها في التغطية وانساقت إلى المواقف السياسية .
- الفرص والحلول :
أمام وسائل الإعلام اليمنية عدة فرص وقوائم طويلة من الحلول من اجل أن تتخلص من تأثير المال السياسي على أدائها وسياساتها ، فمثلا :
- أن تندمج عدد من الصحف في صحيفة واحدة وكبيرة كشركة مساهمة والبحث عن مصادر تمويل عبر الإعلانات من شركات من خارج اليمن ، فكلما كانت الصحيفة كبيرة ولها حضور كبير ، كانت فرص حصولها على الإعلانات كبيرة ، والجميع يعرف أن شركات إقليمية ودولية من مصلحتها أن توجد في السوق اليمنية وان تصل إلى القارئ اليمني ، وكلما كانت الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية ذات تأثير كبير في الشارع كانت لها حظوة كبيرة لدى الأوساط المعلنة ، لكن يجب أن يكون ذلك في ضوء سياسة مرسومة .
- ومن الحلول التي يمكن أن تلجأ إليها الصحف ووسائل الإعلام ، هي التعامل والتعاون مع منظمات دولية متخصصة في مجال دعم وسائل الإعلام المستقلة ، ومن تجربة شخصية في هذا المجال أكاد اجزم أن من تعاملنا معهم – من المنظمات الدولية - لم يتدخلوا يوما في سياستنا التحريرية الخاصة بموقع ( التغيير نت ).
- ومن الحلول وجود نقابة صحافيين قوية تستطيع الدفاع عن الصحف وملاكها وعن محرريها ، والمقصود بالدفاع عن الصحف أن تساهم في وضع قانون يلزم الجهات الحكومية بالإعلان في الصحف الأهلية والمستقلة على غرار الصحف الحكومية وأيضا نقصد هنا أن تكون النقابة حارسا أمينا لحقوق العاملين في الصحف والمؤسسات الإعلامية بحيث يتم ردع أي تجاوزات قد تؤثر على المهنية وأيضا تؤدي إلى الانحراف نحو البحث عن مال سياسي للتمويل لأي مشروع .
إن تحول الصحف الصغيرة في اليمن إلى مؤسسات إعلامية كبيرة ، سوف يكون رافدا للصحافة اليمنية والعربية وسيختفي شبح صحافة الأشخاص و " المقايل " وستظهر صحافة حقيقية تقوم على العمل المؤسسي والمعايير المهنية ، وهنا لا يمكن لأي مال سياسي أن يحاول من الاقتراب من هذه الصحافة الحقيقية والمحترمة والواعية .
تمنياتي لهذه الندوة بالتوفيق والنجاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.