تفاقمت أزمة اختطاف الميليشيات الحوثية لمدير مكتب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي, بعد رفضها الإفراج عنه, وسط إدانات عربية وخليجية واسعة لما قامت به الجماعة المتمردة. وعلمت صحيفة “السياسة” من مصادر مطلعة أن الجهود التي يقوم بها وزير الداخلية اليمني اللواء جلال الرويشان, للتفاوض مع جماعة الحوثي للإفراج عن مدير مكتب هادي, أمين عام الحوار الوطني أحمد عوض بن مبارك, المختطف من قبل الجماعة في سجن خاص بهم في صنعاء منذ أول من أمس, وصلت إلى طريق مسدودة في ظل إصرار الحوثيين على تراجع الرئيس عن قرار تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم وتصحيح الاختلالات داخل الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار, وإقالة بن مبارك من منصبه, في وقت يصر هادي على الإفراج عن مدير مكتبه من دون قيد أو شرط ومن دون النظر إلى مطلب الحوثيين. وقال القيادي في جماعة الحوثي علي القحوم في تصريح خاص ل¯”السياسة”, “إن مطالب اللجان الشعبية التي أوقفت بن مبارك كانت واضحة فلابد من إعادة النظر في مشروع تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم وسرعة تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية ومعالجة الأوضاع في محافظتي مأرب والجوف”. وأضاف القحوم “إن إيقاف بن مبارك تم حتى لا يمرر مشروع الأقاليم والإفراج عنه مرتبط بإعادة النظر في هذا المشروع الذي تقف وراءه دول خارجية مشبوهة, فهو يتبنى هذه الفكرة ويسعى إلى تنفيذها وليس لدينا موقف من شخصه”. في المقابل, علمت “السياسة” من مصادر مطلعة أن اللجنة الرئاسية المكلفة بمعالجة الأوضاع في محافظتي مأرب والجوف عادت أمس إلى صنعاء احتجاجا على اختطاف بن مبارك, في وقت كثف رجال القبائل في مأرب من حشودهم لمواجهة مسلحي جماعة الحوثي وهددوا بإيقاف إنتاج النفط والغاز وأضافوا إلى عتادهم لمواجهة الحوثيين أكثر من 400 طاقم مسلح. وذكرت وكالة الأنباء اليمنية أن الرئيس هادي رأس أمس, اجتماعاً استثنائياً لمجلس الدفاع الوطني (أعلى هيئة عسكرية في البلاد) بحضور رئيس مجلس النواب يحيى الراعي ورئيس الحكومة خالد بحاح, للبحث في مستجدات الأوضاع الأمنية والتطورات الراهنة على مختلف مستوياتها. وأفادت مصادر محلية في محافظة شبوة شرق اليمن أن رجال القبائل ردوا على اختطاف بن مبارك بقطع كل الطرق المودية إلى المحافظات الشمالية, كما أضرب جميع موظفي المكاتب الحكومية والشركات النفطية عن العمل لمدة 24 ساعة, استجابة لدعوات “اللقاء الجنوبي الموسع”. وألقت واقعة اختطاف الحوثيين لابن مبارك الذي ينتمي إلى الجنوب بظلالها على الجنوبيين, حيث دعا البيان الصادر عن “اللقاء الجنوبي الموسع” الوزراء والقيادات السياسية وأعضاء مجلسي النواب والشورى والهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار من أبناء الجنوب إلى تعليق عضويتهم في كافة المجالس, وطالبوا أبناء محافظاتشبوةومأرب وحضرموت بإيقاف عمل شركات النفط والغاز. واعتبروا اختطاف بن مبارك استهدافا للجنوب واستهدافا لمؤسسة الرئاسة وشرعية الدولة وانقلابا على مخرجات مؤتمر الحوار, وأمهلوا السلطة والحوثيين 24 ساعة للإفراج عنه. ودعا أحمد الميسري القيادي الجنوبي في حزب “المؤتمر الشعبي” الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح, الجنوبيين مدنيين وعسكريين الموجودين في الشمال إلى العودة إلى الجنوب لأن الشمال لم يعد مكانا آمنا لبقائهم فيه. وقال الميسري في تصريح لصحيفة ”السياسة”, “إن اختطاف بن مبارك يمثل استخفافا واهانة وإذلالا ليس للجنوبيين فقط بل لكل اليمنيين وعدم احترام للجنوبيين على وجه الخصوص, وما حدث لن يمر مرور الكرام, فالحوثيون أخطأوا خطأ فادحا وما فعلوه قلب العالم كله على رؤوسهم”. ورأى “أن اختطاف بن مبارك لم يكن امرأ مفاجئا له, مادام الحوثيون قد اعترضوا على مخرجات الحوار وعلى شكل الدولة وباتوا يسيطرون على كل شيء ولا يريدون إلا تنفيذ ما يعجبهم فقط, ويختطفون من يريدون ويعتقلون من يريدون فإن نفذوا شيئا سلما كان بها وإلا نفذوه بالقوة كما فعلوا مع بن مبارك”. ولم يستبعد الميسري أن يكون الهدف المقبل للحوثيين هو رأس الرئيس هادي نفسه, “لأنهم وصلوا إلى مدير مكتبه وسيصلون إلى رئيس الوزراء خالد بحاح, وقد يعتقلونهما في أي وقت بعد أن أعلنوا أن لديهم خطوات تصعيدية للدفاع عما يسمونه بثورة 21 سبتمبر وحمايتها”. وفي إطار ردود الفعل الدولية تجاه اختطاف مدير مكتب هادي, فقد دانت جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومملكة البحرين, ما أقدمت عليه جماعة الحوثي. وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي, إن هذه الحادثة تمثل بادرة خطيرة تستهدف استقرار اليمن ووحدته الوطنية وتعمل على تقويض العملية السياسية وتدفع البلاد نحو مزيد من التدهور, وطالب بإطلاق سراح بن مبارك فورا. كما وصف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني اختطاف بن مبارك بأنه عمل إرهابي يتنافى مع جميع القيم والمبادئ الأخلاقية والإسلامية ويتعارض مع المصلحة العليا لليمن. وفي المنامة, أكدت وزارة الخارجية البحرينية في بيان “أن مثل هذه الأعمال الإرهابية تهدف إلى تقويض العملية السياسية في اليمن, وزعزعة الأمن والاستقرار فيها”.