" التغيير" خاص : قبل أن نبدأ بالتعرف على الدور الذي تلعبه الصحافة المستقلة في الانتخابات القادمة , لا بد من التعرف على المقصود بالصحافة المستقلة حيث جاء في القانون رقم ( 25 ) لعام 1990م بشان الصحافة و المطبوعات : مادة ( 4) : الصحافة المستقلة تمارس رسالتها بحرية في خدمة المجتمع وتكوين الرأي العام والتعبير عن اتجاهها بمختلف وسائل التعبير في إطار العقيدة الإسلامية والأسس الدستورية للمجتمع والدولة وأهداف الثورة اليمنية وتعميق الوحدة ولا يجوز التعرض لنشاطها الا وفقا لأحكام القانون مادة ( 5 ) الصحافة حرة فيما تنشره وحرة في استقاء الأنباء والمعلومات من مصادرها وهي مسئولة عما تنشره في حدود القانون ومع ذلك تبدو هذه النصوص عامة وهلامية , ولم تحدد بدقة ماهية الصحافة المستقلة , وتركت المسألة لطلبات استخراج التصاريح بإنشاء الصحف التي يحدد أصحابها في ترويستها عبارة ( عامة مستقلة ) رغم ان الكثير منها ليست كذلك وهذا ما أثبتته الممارسة العملية لهذه الصحف . ومع ذلك تبقى هناك العديد من الصحف ونخبة من الصحفيين الذين ظهرت توجهاتهم المستقلة في النشر والكتابة , وان اظهروا في بعض الأحيان تحيزا لهذا الطرف او ذاك انطلاقا من قناعتهم الفكرية والسياسية . والصحافة المستقلة بشكل عام أثبتت مقدرتها على الإسهام الفاعل في تشكيل الرأي العام والتأثير عليه ويتوقع ان تسهم بفاعلية كبيرة جدا في الأسابيع القادمة , تجاه تفاعلات الحياة السياسية إزاء المعترك الانتخابي القادم بشقيه الرئاسي و المحلي . وهذه التوقعات تتبنى على الاحتمالات والمؤشرات التي تتجه إلى ان المنافسة ستكون شديدة وحامية الوطيس كما يقال , ومع ذلك أثبتت السنوات الماضية ان الصحافة المستقلة , تمر بحالة فتور وجمود في علاقتها بالسلطة أو أحزاب المعارضة وذلك مرده إلى الأتي : 1 عدم المبادرة من قبل الأحزاب والقيادات الحزبية إلى التواصل المستمر مع الصحافة المستقلة والصحفيين المستقلين , وان وجد تواصل فهو محدود ويعتمد على علاقات وصداقات شخصية فردية بين الجانبين 2 لوحظ أن الأحزاب تفتقر كثيرا لقواعد البيانات والمعلومات التي تجسد أنشطتها وبرامجها وخططها مثل ( المكتبات المراكز البحثية الأرشيف ) , وهذا يؤثر سلبا على مصادر معلومات الصحف المستقلة 3 من المؤسف جدا ان التجارب في السنوات الماضية جعلت الكثير من الصحفيين المستقلين والناشطين يشعرون ان الأحزاب لم تستوعب بعد مدى أهمية الصحافة عامة والمستقلة خاصة , في التأثير على الرأي العام 4 وجود فجوة بين الأحزاب والصحفيين المستقلين والتي يؤدي اتساعها باستمرار إلى حالة من العدائية والتنافر مع الكثير من القيادات و النشطاء داخل الأحزاب 5 لوحظ ان تفاعل الأحزاب مع الكثير من القضايا والهموم الصحفية , يعتمد على معايير وعلاقات شخصية أضرت كثيرا بالعلاقة بين الأحزاب والصحفيين الناشطين . 6 لوحظ ان طرفي المعادلة السياسية في اليمن يغيبان الصحافة والصحفيين الفاعلين أثناء مناقشة القضايا الهامة , وهو أمر يجعل الصحافة بعيدة الإسهام في صنع الكثير من الأحداث بشكل ايجابي . 7 يشعر الصحفي المستقل انه ضحية لطرفي العملية السياسية , الأمر الذي يجعله دائما في حالة من الارتياب والتشويش تجاه الكثير مما يطرح . ومع ذلك ورغم كل هذه الأجواء المشحونة بعدم الانسجام والشعور بالتباعد , أثبتت الصحف المستقلة والمواقع أنها رقم صعب وحاسم ومؤثر في الحياة السياسية بل ان الكثير منها لعبت أدوارا لا يستهان بها وكأنها هي التي تؤدي الدور المطلوب من المعارضة , مع ان المسألة غير مخطط لها وتعتمد على اجتهادات وقناعات فردية ومستقلة . ولهذا بإمكان الصحافة المستقلة ان تقوم خلال الفترة القادمة . وبالذات بعد تصحيح ما سبق بما يلي : 1 كشف وفضح اختراقات وسائل الإعلام الرسمية من خلال حملة مراقبة دقيقة , تكشف كل الأخطاء والتجاوزات في مرحلة الدعاية الانتخابية , وبما يجسد متطلبات حيادية الإعلام الرسمي 2 اذا ما وقفت بعض أو كثير من الصحف المستقلة مع مرشح اللقاء المشترك في حملة انتخابات قوية , قد تكون عرضة لملاحقات قانونية كثيرة , وهذا يتطلب تشكيل فريق قانوني نشط يكون عند مستوى هذه الملاحقات ,وعند مستوى ملاحقة الطرف الأخر في قضايا مشابهة . 3 يفضل خلال المرحلة القادمة إيجاد مراكز إعلامية نشطة جدا لدى طرفي العملية السياسية يكون بإمكانها استقطاب الصحفيين والصحف من خلال ما يصدر عنها من بيانات ومعلومات رصينة وجذابة . 4 تواجه الصحف المستقلة ( المهنية ) مشكلة حقيقية فيما يتعلق بالموارد والإمكانات , ويبقى أمامها خياران اما ان تستمر على حالها وظروفها لتعبر عن خياراتها المهنية , وأما ان تتحول الى صحافة ابتزاز وإساءة . ومن هذا المنطلق فان هذه الصحف بحاجة إلى للدعم والمساندة كي تقوم بدورها في التوعية المطلوبة . 5 إيجاد تحالفات حقيقية بين الصحافة المستقلة والقوى السياسية سواء في السلطة او المعارضة , امر مطلوب , لان مثل هذه التحالفات ستتشكل خلال الفترة القادمة ولكنها ليست مبنية على أسس إستراتيجية وإنما آنية , بل قد تعتمد الكثير منها أساسا على منافع سريعة . 6 نظرا لاختلاف وأهمية الانتخابات القادمة عن اي انتخابات سابقة فان الأحزاب والصحافة المستقلة مطالبة بإيجاد آليات جديدة في تناول تفاعلات الحياة السياسية , واعتقد ان الأخبار والتحليلات الموجهة و التناولات الرصينة المعتمدة على الحقائق والأرقام والمصداقية , سيكون من شأنها الإسهام الفاعل في مكافحة الفساد وإحداث التغيرات المطلوبة التي هي في الأساس تمثل صلب اهتمام ومطالب كل القوى في الساحة الوطنية 7 أثبتت الصحافة الإلكترونية المستقلة مقدرة كبيرة في تناول و إبراز مختلف التفاعلات , بل أنها أصبحت أهم مصدر أخباري يستعان به ... ويتوقع ان تشكل بوابة هامة للتغبير والتأثير في المرحلة القادمة , ولكن رغم كل ما تقوم به هذه المواقع إلا أنها تبقى بحاجة الى الدعم والمساندة . فقد أثبتت أنها أهم واحدث وسيلة في التأثير بل وتشكيل الرأي العام , ويزيد على ذلك امتداد تأثيرها إلى ابعد نقطة في الكرة الأرضية ولكن ما سبق يتطلب منا ان نعرج قليلا إلى المعوقات التي قد تواجه الصحافة المستقلة , واقصد بذلك محظورات النشر... وهي التي وردت في القانون رقم 12 لسنة 94 بشأن الجرائم والعقوبات الباب الخامس " الفصل الأول " محظورات النشر مادة (103): يلتزم كل من العاملين في الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية وبصفة خاصة المسؤولين في الإذاعة المسموعة والمرئية وكل من صاحب الصحيفة رئيس التحرير المسؤول وصاحب المطبعة ودور النشر والصحفيين بالامتناع عن طباعة ونشر وتداول وإذاعة ما يلي: 1- ما يمس العقيدة الإسلامية ومبادئها السامية أو يحقر الديانات السماوية والعقائد الإنسانية. 2- ما يمس المصلحة العليا للبلاد من وثائق ومعلومات سرية أو إفشاء أسرار الأمن والدفاع عن الوطن وفقاً للقانون. 3- ما يؤدي إلى إثارة النعرات القبلية أو الطائفية أو العنصرية أو المناطقيه أو السلالية وبث روح الشقاق والتفرقة بين أفراد المجتمع أو ما يدعو على تكفيرهم. 4- ما يؤدي إلى ترويج الأفكار المعادية لأهداف ومبادئ الثورة اليمنية أو المساس بالوحدة الوطنية أو تشويه التراث والحضارة اليمنية والعربية والإسلامية. 5- ما يؤدي إلى الإخلال بالآداب العامة، وما يمس كرامة الأشخاص والحريات الشخصية بهدف الترويج والتشهير الشخصي. 6- وقائع الجلسات غير المعلنة لهيئات سلطات الدولة العليا. 7- وقائع التحقيق أثناء مرحلتي التحقيق والمحاكمة بما يؤثر على سير العادلة والتي يحظر فيها النشر من أجهزة البحث والتحري والإدعاء والقضاء. 8- تعمد نشر بيانات أو أنباء أو معلومات أو أخبار غير صحيحة بهدف التأثير على الوضع الاقتصادي وأحداث تشويش أو بلبلة في البلاد. 9- التحريض على استخدام العنف والإرهاب. 10- الإعلانات المتضمنة عبارات أو صورا تتنافى مع القيم الإسلامية والآداب العامة أو قذف وتشويه سمعة الأشخاص أو الاعتداء على حقوق الغير أو تضليل الجماهير. 11- إعلانات المستحضرات الطبية والتجميلية والمواد الغذائية دون إذن من الجهة المختصة. 12- التعرض بالنقد المباشر والشخصي لشخص رئيس الدولة ولا أن تنسب إليه أقوالاً أو تنشر له صوراً إلا بإذن مسبق من مكتب الرئيس أو وزارة الإعلام مالم يكن هذا القول أو التصوير تم في حديث عام للجمهور أو في مقابلة عامة ولا تسري هذه الأحكام بالضرورة على النقد الموضوعي البناء. اما ( الفصل الثاني ) فقد تعرض في المواد ( 110 104 ) لإحكام جزائية تقضي بالحبس والغرامة والإغلاق ومنع مزاولة المهنة والحجز الإداري والمصادرة وهناك مشكلة تواجهها الصحافة بشكل عام وهي ازادج عدد من النصوص الواردة في القانون رقم 12 لسنة 1994م والخاص بالجرائم والعقوبات , والتي نصت على تجريم عدة أفعال خاصة بحرية الرأي والتعبير , حيث نص في الباب السادس منه على جرائم العلانية والنشر والتحريض العام والسخرية من الأديان وإهانة رئيس الدولة والهيئات النظامية ونشر أخبار تكدر السلم العام والأفعال والصور المخلة بالآداب العامة وجريمة حيازة الصور التي تسيء إلى سمة البلاد وجريمة التهديد بإذاعة الأسرار الخاصة وكذلك جريمة القذف والسب . فالمادة ( 103 ) من قانون الصحافة اشتملت على ما يلي : 1 حاولت التوسع في نطاق المسؤولية الصحفية واستتبعه بالطبع التوسيع في نطاق المسؤولية الجنائية وهو أمر غير محمود في نطاق حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير 2 حاولت المادة ( 103 ) محاصرة حرية الرأي والتعبير بان عددت وسائل العلانية وهي الطباعة والنشر والتداول. وفي الأخير احب ان استشهد بما قاله أحدهم " عندي ان أعيش في بلد به صحافة دون قانون ولا ان أعيش في بلد به قانون بلا صحافة " . يسمح بإعادة النشر بشرط الإشارة إلى المصدر: موقع التغيير.