إزاحة نصف السكان إلى مادون خط الفقر.. شاركت اليمن في الاحتفاء بيوم التحرك العالمي للحد من الفقر على طريقتها الخاصة وذلك بإزاحة أكثر من نصف سكانها إلى مادون خط الفقر وتغطية مايقارب سبعة ملايين بالجوع المزمن. أهداف الألفية التي التزمت بلادنا بالوفاء بها ومن ضمنها التخفيف من الفقر اشرف زمنها على الانتهاء دون أي مؤشر للحكومة بالتقدم نحو تحقيقها،وهو ماجعل ممثل الإنمائي في صنعاء يجدد التأكيد على عدم وجود أي جدوى من الشعارات إذا لم تكن هناك جدية من أصحاب القرار بإيجاد استراتيجيات ناجحة للتنمية وتنويع الاقتصاد واعتماد الحكم الرشيد والقضاء الفعلي على الفساد. وبدوره النداء العالمي للحد من الفقر فقد خصص شعاره للعام الحالي لتأنيب البلدان الفقيرة واستنهاض همتها لتغيير واقعها وترك الاتكالية على الغير"انهضي وتحركي أيتها الدول الفقيرة لمناهضة البطالة..لمناهضة الاتكالية على الدول الثرية ..لمناهضة الفساد والغلاء والفقر...والركض نحو العمل والتنمية الشاملة " لكن احتفائية التحرك العالمي للحد من الفقر التي أقيمت في صنعاء مطلع الأسبوع الحالي لم يشهدها مسؤولو التنمية والتخطيط والاقتصاد في الحكومة، رغم توجيه دعوة إليهم للحضور والمشاركة، وحرصت على التواجد فيها ممثلة المنسق المقيم للأمم المتحدة (براتيبها مهتا) التي أكدت أن الطريق لا تزال صعبة أمام اليمن لتحقيق أهداف الألفية الثالثة، يوم واحد وبضعة دقائق، للوقوف والتضامن مع الفقراء والمهمشين في جميع محافظات اليمن، ليست كافية وليست حلا للحد من الفقر، كما تقول منسقة الأممالمتحدة ، لكنها اعتبرت الوقوف "خطوة رمزية" تذكر المسئولين والقادة بمسؤولياتهم لاتخاذ إجراءات، وصفتها ب" العاجلة" وأن يقولوا" جميعا بصوت واحد لا للفقر وبالنظر الى واقع البلاد فإنها تعيش ظروفاً بالغة الصعوبة في كافة الأصعدة،لكنها على المستوى الاقتصادي اشد انفراطا ،فحرب صعدة والتهاب الجنوب ونشاط القاعدة والتوتر السياسي الحاصل فضلا عن مساوئ الإدارة الحكومية ساهماً كثيرا في الدفع ببلد مغرق بالفساد إلى عتبة الانهيار.= وبدل من أن يكثف الحاكم جهوده لمعالجة الأزمة الاقتصادية،يذهب بعيدا عن ذلك بإعلانه بناء مزيد من المتاريس وشراء الأسلحة لمواصلة قتال المناهضين له،في حين تشير التوقعات الى اكتساح الجوع المزمن خلال العامين القادمين غالبية السكان ويكشف تقرير لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لمنطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا وأوروبا الشرقية أن الغذاء في اليمن لا يزال بعيد المنال بالنسبة للفئات الأشد فقراً، كما أن أكثر من واحد من بين كل ثلاثة يمنيين يعانون من الجوع المزمن. ويتصاعد القلق اكثر حين يظهر تقرير رسمي حديث أن 21.8% من الأسر اليمنية تواجه انعداماً للأمن الغذائي ومن بينها 6.9% تعاني من الجوع الشديد. ويقول التقرير الصادر عن وزارة التخطيط إن انعدام الأمن الغذائي يمثّل أحد أهم القضايا المقلقة لليمن وقد ازداد هذا الوضع خطورة بعد الارتفاع العالمي في أسعار السلع , بدءاً من عام 2007 بالرغم من انخفاض أسعار السلع مؤخراً وحتى قبل ذلك. وتزداد مشاكل البلاد الاقتصادية بسبب تفشي الفساد وتراجع الإنتاج النفطي وانخفاض أسعاره وانكماش تدفق الاستثمارات الاجنبية ومحدودية الصادرات اليمنية واغلاق أسواق الجوار عليها وخاصة السعودية منها،وغياب الدور الحكومي عن تنمية الموارد الذاتية،اضافة الى ارتفاع مديونية البلاد الخارجية التي وصلت نهاية يونيو الماضي إلى خمسة مليارات و862 مليون دولار .وبحسب تقرير شهري للبنك المركزي اليمني عن التطورات المصرفية والنقدية فإن مديونية اليمن الخارجية سجلت ارتفاعاً بلغ 8 ملايين و800 ألف دولار في أواخر يوليو 2009 مقارنة مع ما سجله شهر يونيو. وتتوزع المديونية اليمنية لمؤسسات تمويل دولية منها الصندوق الدولي للتنمية وصندوق النقد الدولي إضافة إلى مؤسسات إقليمية كصندوق أوبك وكذا بلدان أوروبية والولاياتالمتحدة الأميركية. وطبقا لذات التقرير فإن مؤسسات التمويل الدولية ما تزال على قائمة الجهات الدائنة لليمن بمقدار ثلاثة مليارات و87 مليون و800 ألف دولار, منها مليارا و139 مليوناً و400 ألف دولار لهيئة التنمية الدولية. ويشير التقرير إلى أن بقية المديونية توزعت على الصندوق العربي للإنماء والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) والبنك الإسلامي للتنمية وصندوق النقد الدولي وصندوق الأوبك والاتحاد الأوروبي. ويلفت التقرير إلى أن مديونية اليمن للدول الأعضاء في نادي باريس جاءت في المرتبة الثانية بمقدار مليار و742 مليوناً و100 ألف دولار, منها مليار و219 مليوناً و300 ألف دولار لروسيا, فيما توزعت بقية المديونية على اليابان ،الولاياتالمتحدةالأمريكية ،فرنسا ،ايطاليا ،اسبانيا ،الدنمرك ،هولندا وألمانيا. وبحسب التقرير فقد حلت مديونية اليمن للدول غير الأعضاء في نادي باريس في المرتبة الثالثة بمقدار 836 مليوناً و400 ألف دولار في حين بلغت مديونيتها لجهات غير مسماه نحو 195 مليوناً و700 ألف دولار بنهاية يوليو الماضي وفي سياق ، قال تقرير حكومي منفصل إن احتياطي اليمن من النقد الأجنبي شهد تراجعا قياسيا بلغ 19.8 بالمائة في السبعة أشهر الأولى من العام ليصل إلى 6.796 مليار دولار مقارنة مع 8.469 مليارات دولار في الفترة المقابلة من 2008. وأضاف التقرير الصادر عن البنك المركزي اليمني أن المعروض النقدي تراجع أيضا في نهاية يوليو 2009 إلى 1.933 تريليون ريال (9.7 مليارات دولار) من 1.969 تريليون ريال في الشهر السابق. وأرجع التقرير انخفاض المعروض النقدي إلى عوامل أهمها انخفاض الأصول الخارجية للقطاع المصرفي اليمني في يوليو إلى 1.703 تريليون ريال من 1.706 تريليون ريال في الشهر السابق. وكان احتياطي اليمن سجل أعلى مستوى له في يوليو تموز العام الماضي عندما بلغ 8.469 مليارات دولار قبل أن يبدأ التراجع بسبب تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية جراء الأزمة المالية التي أثرت أيضاً سلبا على العائدات النفطية اليمنية. وبالتوازي مع ذلك تشهد اليمن هبوطا في تدفقات الاستثمارات الاجنبية حيث أظهر تقرير الاستثمار العالمي لعام 2009 الصادر عن لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "إسكوا" ومؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" هبوط تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في اليمن إلى 463 مليون دولار عام 2008 بسبب الأزمة المالية والاقتصادية الحالية. وتعليقا على ذلك قال مسئول يمني " من المؤكّد أن انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر نحو اليمن سيعمل وبلا شك على تحقيق عجز في ميزان المدفوعات خصوصاً إذا تزامن هذا التراجع مع انخفاض النفط وانخفاض مستويات أسعاره في السوق العالمية، وبالتالي تراجع عائدات تصديره الأمر الذي سيعمل على زيادة الضغوط على السياسات المالية والنقدية وعلى مؤشرات التعامل مع العالم الخارجي. وقال تقرير الإسكوا :إن البلدان العربية ما زالت تعاني بدرجات مختلفة من مشاكل تعيق تحسين مناخ الأعمال واستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، ولا سيّما فيما يتعلق بتنفيذ العقود وإعطاء الرخص، وهما مجالان لا يزالان يتطلبان الكثير من الإجراءات والوقت، كذلك عدم وجود محاكم تجارية للبت في النزاعات بين المستثمر والجهات المحلية، أو عدم كفاءة هذه المحاكم في حال وجدت، الأمر الذي ينعكس سلباً على جهود هذه البلدان لتشجيع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر وعلى كفاءة استخدام الموارد وتعزيز التنافسية. وأكّد التقرير أن الأزمة المالية والاقتصادية الحالية أثّرت سلباً على تدفقات الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى دول منطقة الإسكوا "14 دولة عربية" فتراجعت إلى حوالي 60 مليار دولار في عام 2008، مقابل 64 مليار دولار في عام 2007، أي بنسبة انخفاض بلغت حوالي 6.3%. وتوقّع التقرير السنوي الذي حمل عنوان "الشركات عبر الوطنية والإنتاج الزراعي والتنمية" أن تزيد حدّة معدل انخفاض الاستثمارات الأجنبية في المنطقة خلال العام الحالي نتيجة كساد الاقتصاد العالمي وما تتعرض له الشركات عبر الوطنية من أزمات مالية مما أدّى إلى تأخّر تنفيذ عدد من المشروعات في الدول الأعضاء في الإسكوا. وأشار إلى أن الشركات عبر الوطنية هي المساهم الأكبر في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة عالمياً. ولاحظ التقرير "اقتصار دور الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية على الجانب المالي، ولم يؤد إلى زيادة انتقال التكنولوجيا الحديثة أو إلى ارتفاع كبير في الصادرات لهذه الدول، أي أن مزايا تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول الأعضاء لم تتحقق جميعها بعد. وإلى الآن لم يتحقق تفاعل كبير بين شركات الاستثمار الأجنبية والشركات المحلية، سواء عن طريق المشاركة في المشاريع التي يديرها الاستثمار الأجنبي المباشر أو عن طريق عقود تعاون في مجالات التدريب وبناء القدرات المهنية والفنية للعاملين وغيرها من الأنشطة الهامة لزيادة قدرة الشركات المحلية على المنافسة وتعزيز إمكانياتها. ولا يزال نشاط الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية في مجال البحث والتطوير محدوداً، فلم يساعد على إنشاء قواعد للبحث والتطوير ومراكز بحث متقدمة أو مراكز تدريب متطورة إلا بشكل محدود، وبالتالي لم تستفد اقتصادات دول المنطقة الاستفادة المرجوّة حتى الآن من جهود دعم تدفق هذا الاستثمار". وأوصى تقرير الإسكوا بالعمل على إعادة صياغة سياسات الاستثمار في المنطقة العربية لجذب وتوجيه الاستثمارات الأجنبية إلى القطاعات الإستراتيجية، وعلى رأسها قطاع الزراعة والصناعات الزراعية من أجل مواجهة أزمة الأمن الغذائي التي تعاني منها المنطقة منذ عقود. وتشمل منطقة الإسكوا دول الأردن والإمارات والبحرين وسوريا والسودان والعراق وعمان وفلسطين وقطر والكويت ولبنان ومصر والسعودية واليمن.