قوبل اتفاق وقف الحرب في صعدة وحرف سفيان التي ظلت مشتعلة طوال الستة الأشهر الماضية بردود أفعال مرحبة محلية وخارجية . وبالرغم من مضي مايقارب الأسبوع على دخول إتفاق وقف العمليات العسكرية حيز التنفيذ ومباشرة اللجان المكلفة بذلك أعمالها فإن عراقيل داخلية على الميدان بدأت في البروز لإجهاض محاولات إحلال السلام الذي يحتاج لكثير من الجهد والنوايا الحسنة في سد الثغرات أمام تجار الحروب . وكالعادة في كل إتفاق لوقف الحرب بين السلطة والحوثيين يجري تبادل الإتهامات بخرق الإتفاق غير أنها هذه المرة جاءت من طرف السلطة التي باشرت بعد ساعات من دخول إعلان وقف العمليات العسكرية حيز التنفيذ إتهامها للحوثيين بخرق الإتفاق ومحاولتهم إغتيال وكيل أول وزاة الداخلية اللواء محمد القوسي الذي نجا منها في حين قتل فيها جندي وجرح آخر ، لكن الحوثي سارع إلى نفي هذا الإتهام ونسبه الى تجار الحروب . وفيما اكد الطرفان رصدهما لبعض الخروقات ، فقد أبديا الحرص على استمرار المضي في تنفيذ اتفاق وقف الحرب ، كما نشرت تصريحات صحفية يمكن وصفها بالحصيفة لمسؤولين حكوميين تغلب حسن النوايا في حديثهم عن الخروق التي يتهم اتباع الحوثي بإرتكابها ، ومن ذلك قول وزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي إن وقف الحروب دائماً ما تتبعه خروق لوقف إطلاق النار من هنا أو هناك " مقللاً من خروقات الحوثيين بقوله " لا أعتقد بأن حادثة خرق الحوثيين لوقف إطلاق النار تشكل إشكالية في السير في تحقيق السلام والأمن ". وفي المقابل أكد الحوثي أن أتباعه رصدوا خروقات للسلطة تمثلت في استمرار الزحف العسكري في مناطق المنزالة وصعدة ، لكنه اشار الى تفضيلهم التغاضي عنها لإفساح المجال أمام السلام . اللجان المشكلة من اعضاء مجلسي الشورى والنواب من السلطة والمعارضة للإشراف على تنفيذ وقف الحرب باشرت أعمالها منذ السبت الفائت لكن بعضها تشكو من عدم الالتقاء بممثلي الحوثي . جميع اللجان الأربع التقت مطلع الأسبوع بمحافظ صعدة المعين حديثاً طه هاجر والذي أكد على استعداد قيادة المحافظة على التعاون الكامل مع اللجان وتذليل كافة الصعاب أمام عملها ، مشدداً على ضرورة التزام العناصر الحوثية بتنفيذ الشروط الستة دون مراوغة أو مماطلة للوصول الى الأهداف المنشودة وتحقيق الأمن والاستقرار. وتتوزع اللجان على محور صعدة برئاسة النائب المؤتمري علي أبو حليقة ، والشريط الحدودي مع المملكة العربية السعودية برئاسة النائب عن الحزب الحاكم العميد محمد يحيى الحاوري رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس النواب ، ولجنة محور حرف سفيان يرأسها النائب المستقل علي عبدربه القاضي أما لجنة الملاحيظ فيرأسها العميد علي بن علي القيسي عضو مجلس الشورى . على الميدان الهدوء يعم كافة الجبهات في محافظة صعدة وحرف سفيان التابعة لمحافظة عمران منذ السبت الفائت بعد إعلان دخول اتفاقية وقف إطلاق النار حيز التنفيذ من منتصف ليل الجمعة ، حيث يؤكد عضو لجنة محور الملاحيظ زيد الشامي أن معدل التزام السلطة والحوثيين باتفاق وقف الحرب في هذا المحور وصل الى 99% ، وقال في تصريحات صحفية إن النقطة الأولى من الاتفاقية التي تنص على وقف إطلاق النار نفذت بشكل جيد ، مشيراً الى أن الأحداث العارضة التي رافقت تنفيذ الاتفاقية كانت احداثاً فردية لاتعكس بالضرورة نوايا مبيتة لدى أي من الطرفين ، وأضاف انهم الآن ماضون في تنفيذ النقطة الثانية المتمثلة في فتح الطرقات وإزالة النقاط التابعة لجماعة الحوثي بحيث يتسنى للنازحين العودة الى قراهم وتمكين السلطة المحلية من القيام بواجبها،متوقعاً أن تستغرق تنفيذ النقاطالست قرابة عشرة أيام . وطالب الشامي جميع الأطراف بالعمل على تنفيذ الاتفاق وتفويت الفرصة على تجار الحروب الذين قال إنهم يسعون لخلق مبررات لاستئناف الحرب . وقالت جماعة الحوثيين إنها فتحت تسع طرق كانت تغلقها خلال الحرب التي استمرت ستة أشهر بين مقاتليها وقوات الجيش في جولتها السادسة. وأوضح بيان لمكتب عبدالملك الحوثي يوم الاثنين إن الجماعة فتحت الطرق بين صعدة وآل عقاب والمهاذر وآل عمار والعمشية وساقين وحيدان والملاحيط وحرض. وأضافت الجماعة أن مسلحيها أنهوا التحصن في منطقة القطعة على الطريق بين صعدة والبقع وأزالوا الحواجز منها. وقال البيان " قمنا بفتح طريق (صعدة ساقين حيدان الملاحيط حرض) وإنهاء التمترس في محيط منطقة الملاحيط . وتأكيداً لذلك قال محافظ محافظة صعدة طه عبدالله هاجر : إن بعض المواطنين بدأوا بالعودة إلى مناطقهم القريبة من مدينة صعدة منذ يومين كمناطق آل عقاب والمدينة القديمة والمناطق المجاورة لها , وأكد أن عددا من مدراء المديريات توجهوا إلى مقرات أعمالهم لاستئناف مهامهم، وهم مدراء مديريات كتاف ورازح والحشوة والصفراء التي سيطر عليها الحوثيون أثناء الحرب ،غير أن هاجر أوضح وجود بطء شديد فيما يتصل بتنفيذ آلية النقاط الست وأعاد ذلك إلى تخلف بعض ممثلي الحوثي عن حضور لقاءات بعض اللجان . لقد قوبل إعلان وقف الحرب بمباركة دولية، حيث رحبت به الأممالمتحدةوروسيا وفرنسا والولايات المتحدةالامريكية التي عبر مسؤول في خارجيتها عن أمل بلاده في نجاح الجهود المبذولة لإحلال السلام والأمن وإعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب والتي من شأنها وضع حلول نهائية لجولات المواجهات المتجددة ، في حين الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) وعلى لسان المتحدث باسمه (مارتن نيزركي) وصف وقف إطلاق النار ب"المشجع"، معربا عن أمله في أن يستمر كونه سيوفر "فرصة لإنهاء الصراع الدائر في اليمن بشكل نهائي"، حسب قوله، مشيرا إلى استمرار دعوة الأممالمتحدة إلى ضرورة تأمين "وصول كامل" للمساعدات الإنسانية التي ينبغي تقديمها إلى السكان المدنيين المتضررين من الصراع العسكري. لكن روسيا وفي بيانها الذي أصدرته خارجيتها، زادت على ترحيبها، تأكيد موقفها الثابت والداعم لجهود الحكومة اليمنية في سبيل تعزيز دعائم الأمن والاستقرار، ومعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية لتحسين مستوى حياة الشعب اليمني. أما المتحدث بإسم وزارة الخارجية الفرنسية "برنار فاليرو" فقد اعتبر وقف المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين أنباء طيبة للغاية عن اليمن بالنسبة للمسؤوليين الفرنسيين ، متمنياً أن يتطور وقف إطلاق النار ليصبح سبيلاً للتوصل لتسوية دائمة للنزاع . وعلى المستوى الداخلي رحبت احزاب اللقاء المشترك بإتفاق وقف الحرب ، كما اعلن عدد من علماء اليمن من بينهم محمد بن محمد المنصور والمرتضى بن زيد المحطوري ومفتاح مباركتهم لقرار إيقاف الحرب ودعمهم المطلق لكل جهود السلام ومعالجة كافة الأزمات بالحوار السلمي والتفاوض المباشر للخروج بالبلاد من أزماتها وإحلال السلام والاستقرار . وعن موضوع الأسرى السعوديين فيعتبر ضمن اولويات شروط الاتفاق ، وكانت مصادر رسمية قالت إن وسيطاً خاصاً سيتسلمهم في غضون اليومين الأولين لمباشرة اللجان لعملها وأن طائرة خاصة ستقلهم الى صنعاء، حيث سيتم بعدها تسليمهم للجانب السعودي ، غير أن شيئاً ما عرقل ذلك . أما السعودية فقد جددت على لسان مساعد وزير الدفاع الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز الإعلان عن شروطها التي يتم تنفيذها على الأرض وفقاً للاتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين وقال إن السعودية تشترط للتوصل الى تسوية نهائية للعدوان على اراضيها المحاذية لليمن أن تحل قوات من الجيش اليمني على امتداد الشريط الحدودي لضمان عدم عودة المسلحين الحوثيين الى التسلل ، كما تشترط إعادة خمسة اسرى سعوديين إليها في غضون مهلة لاتتجاوز 48 ساعة والتي انتهت ليل الأحد الماضي دون أن تكون السعودية قد تسلمتهم. وكبادرة قال الحوثيون انها بحسن نية منهم للسلطات اليمنية قاموا بتسليمها الاثنين الفائت واحداً فقط من الجنود السعوديين الأسرى برتبة عريف واسمه يحيى عبد الله عامر وذكرت مصادر مطلعة أن الحوثيين يشترطون لتسليم الأسرى السعوديين إطلاق السعودية لكافة الأسرى من أتباعهم .؟