كتب/ عبده فارع نعمان يبدو أنه كتب لمجتمعنا أن يحاط بسياج غليظ من التملق والنفاق من جماعات لا يهمهما إلا كيف تلهث وراء ما يشبع جشعها ونهمها على حساب المصالح العليا للمجتمع، دون أن يعبأ أي من هؤلاء بصدق ما يقولون أو الكذب في كل الأحوال "كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا" والواقع يعرفه الخاص والعام وهو أن الشعب اليمني تحكمه مسارات التملق وخيوط النفاق والأساليب الانتهازية التي عادة ما تمضي بسلطة تلك صفاتها إلى مهاوي التخلف والانحطاط، لأن النفاق لا يحصد منه إلا ما يعكر صفو الحياة ويحول دون النظرة البعيدة إلى مستقبل مشرق جديد. وأصحاب الفضول والمتجسسون كثر يدفعهم هذا النوع من حب الاطلاع على مخبآت الآخرين وأسرارهم وما يختلج في داخلهم للاستحواذ على كل شيء لغرض في نفس يعقوب.. وهم في كل ذلك لا يبتغون إلا التكسب والحصول على ما يجود به أي ممن وهبهم الله السلطان والنفوذ العبثي. ولذلك فهم لا ينافقون إلا أصحاب البلاط من حيث تعبئة آذانهم المفتوحة والمهيأة لسماع (أي كلام ظالم يجر كلاما بائسا) لا يأتي إلا (للدس الرخيص) أو الغيبة والنميمة رغم نهي الله جل جلاله في قوله: "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم". وهو -أي الإثم- كثير في بيئتنا وما أكثر شره، خاصة عندما يخلو من الصدق والدقة ويغلب عليه الفسق والنفاق. قال تعالى "إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون" وقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" وهنا يبدو جليا فوات أوان الندم وضياع وقته هباء ولكن بالاستدراك لم يضع الوقت. بل ما زال بالإمكان تلافي آثار هكذا ممارسات لأنها تكاد في الغالب أن تصيب الوطن والمواطنين بمخاطر الجهالة التي وردت في الآية إذا ما تمادى المتزلفون في كذبهم وغيهم من حيث التصدي لمصادر العدل والحرية في وسط المجتمع، ولسان حال هكذا سلطات "إنما العاجز من لا يستبد". ودائما ما يتعرض الشرفاء من الناس للاضطهاد ويقعون في مصايد الأذى حتى تصل الأمور إلى الحرمان من حقوقهم واستحقاقاتهم الشرعية والقانونية في الانتماء للوطن وحق المواطنة "السوية" على حد تعبير الأستاذ/ عبدالرحمن علي الجفري، وهو المصطلح الصائب على الإطلاق، وبه يمكن تصعيد الأذى أو تهدئته.. "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم".. فينكشف المستور ويختفي المكشوف.. فيجد الصيادون من مختلف الجهات -الأصلية والفرعية- صيدهم في الماء العكر. فيصطادونه ببراعتهم المعروفة والمألوفة وبسرعة خاطفة تصل ذبذباتها إلى تلك الآذان المفتوحة لكل ما يقال وينقل بحرامه دون الحلال ليصبح الحلال حراما والحرام حلالا. فتسوء الظنون وتخيب الآمال. ويفقد الإنسان قيمته وتضيع حقوقه بكاملها، وربما تصل الأمور به لأن يفقد مآثره والمناقب، غير أن الأمل بالتفاؤل في أن تبقى للإنسان كرامته وعزته والشرف في تاريخه والحضارات.