كتب/ د. عبد الرزاق مسعد سلام 1) عقدان من التطورات المتسارعة داخليًا وخارجياً لازالت اليمن تعيش تطورات دراماتيكية مستمرة منذ ما قبل الوحدة اليمنية عندما كان نظاما الجنوب والشمال يحاولان إسقاط بعضهما بعضاً بالحروب الإلغائية نيابة عن الولاياتالمتحدة وشركائها والاتحاد السوفيتي وشركائه في المنظومتين الشرقية والغربية واستمرت هذه التطورات منذ قيام الوحدة اليمنية بين شمال وجنوب اليمن في مايو من عام 1990م، حيث استطاع اليمنيون تحقيق وحدة شطري اليمن خلال ستة أشهر بدولتيهما وشعبيهما واقتصادهما وباختلافهما في كل شيء تقريباً وهو ما أفضى إلى أن يصاب الشعب اليمني والعالم العربي والإسلامي والإنسانية بالذهول المريب لأن فترة التوحيد كانت حالة خارقة للعادة فهذهِ الفترة الزمنية لم تكن كافية حتى لتوحيد شركتين تجاريتين محليتين أو حتى ناديين رياضيين..وهذا ما تأكد لكل اليمنيين والعرب والعالم باندلاع حرب الإقصاء والإلغاء والقتل والتدمير للجنوب القليل العدد والعدة سياسياً وعسكرياً وشعبياً وحقوقياً بعد أربعة أعوام لقيام الوحدة اليمنية أي في عام 1994م. بأحداث الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001م بعد ضرب وتدمير القلب التجاري والسيادي للولايات المتحدةالأمريكية من قبل تنظيم القاعدة..المشارك في حروب التحرير للوطن وللشعب الأفعاني المسلم من احتلال الاتحاد السوفيتي عام 1979م..وهو التنظيم الذي انضوى بداخله كل المجاهدين العرب والإسلاميين من جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية وبدعمها اللاّ محدود وبدعم الدول العربية والإسلامية الغنية بالمال والفقيرة بالرجال.. واستمرت اليمن في أن تعيش أوضاعاً دراماتيكية.. كونها من إحدى الدول العربية والإسلامية المتحالفة مع تنظيم القاعدة والذي استخدمته في حرب الشمال على الجنوب ولإسقاط الوحدة اليمنية في حرب غير عادلة وغير وطنية وغير إنسانية وغير أخلاقية أبداً.. حيث لازالت الحكومة اليمنية المكونة من تحالف حرب 1994م تحاول في طموح غير مشروع وغير ديني ولا وطني ولا حقوقي أن تلغي شعب الجنوب والتهام ثروته وأرضه ومحاولة قمعه وتقتيل أبنائه وتدمير مدنه دوريا منذ عام 1994م .. وحتى بعد إعلان العالم حربه على الإرهاب من قبل الأممالمتحدة بعد 2001م وبعد نهوض الجنوبيين شعبياً في حركة سلمية مباركة بقيادة قوة قائدة حكيمة ترفض العنف ممثلة بحركات الحراك الجنوبي الميمون.. خلال أربعة أعوام منذ أواخر 2006م حتى اليوم..وكانت اليمن منذ 2004م وكثمرة طبيعية لمقاومة المظالم الشعبية وكثمرة للحرب الإلحاقية للجنوب..نتيجة لذلك شهدت مناطق شمالية، منها صعدة والجوف وعمران على حدود مدينة صنعاء العاصمة حروباً مدمرة وبشعة فيها سحقت جبالاً ودمرت قرى وشردت مئات الآلاف ولا زالت المأساة قائمة بالرغم من وقف إطلاق النار بجهود دولية وعربية قطرية اللاعب الايجابي الرئيسي فيها..وهذا مكن النظام من التوجه إلى تعزيز قواته المسلحة الحديثة بالعدة والعتاد الغير مسبوق في تاريخ الشعوب لمحاصرة جميع مدن وقرى الجنوب ولم تكتف هذهِ القوات بالانتشار فحسب بل عمدت إلى ضرب عدد من المدن وقمع الحركات السلمية وبتوسيع السجون واعتقال كل من يرفض نتائج حرب 1994م وفي مقدمة أولئك قادة الحراك الجنوبي ، مثلما يحصل دائماً منذ قيام هذا الحراك الوطني الجليل وآخر أُولئك المعتقلون قسراً دون أي مبرر الأب الروحي للحراك المناضل حسن باعوم والمناضل حسن زيد ورفقته ويجري ترتيب الحوادث المأساوية والمحاكمات الصورية لكوادر الحراك تحت مسميات وأفعال متقنة وغير متقنة ، في محاولة مستحيلة لا هوادة فيها للقضاء عليه وعلى الحق الجنوبي بطريقة واضحة للعيان وللرأي العام الوطني والدولي . ومما لاشك فيه فإن الحراك الجنوبي السلمي سيظل الأداة الأولى القادرة على إجبار هذا النظام سلمياً بعيداً عن العنف وتحقيق العدالة المرجوة للجنوبيين والوصول الى الحق المنشود ، على الرغم من التخبط الاعلامي الكبير للاعلام والصحافة الرسمية والموازية ، المصدر الوحيد والأوحد في الساحة الرسمية اليمنية لنقل الاخبار والاحداث وترويجها مع ما يرافق ذلك من تعتيم إعلامي مفروض على كل الصحافة والاعلام الغير رسميين .. ذلك التخبط الكبير السياسي والاعلامي والامني حاول منذ ايام الحرب السادسة على صعدة في الشمال وحصار مدن الضالع وردفان وزنجبار وحوطة لحج وحوطة شبوة ولودر ومودية ومنذ قرون وميعاد خليجي عشرين وبعده حاول ويحاول النظام عبرهجمات استباقية واعلامية وعسكرية شرسة ومدمرة .. وبإلصاق هذا الحراك وقادته وأهله بالإرهاب وبتنظيم القاعدة بالرغم من اختلاف الاثنين عن بعضهما وظروف وجودهما وظهورهما وبمنهجهما وثقافتهما وإهدافهما وقضيتهما وأفكارهما الجذرية المتباعدتين كبعد الشمس عن الارض .. فالقاعدة لها هدفها العالمي والاممي لتحرير العالم الاسلامي من الغرب وتأثير الغرب والحراك الجنوبي له قضيته الوطنية المتمثلة باجتثاث آثار حرب 1994م وحروب الاربعة الاعوام الصغيرة من العقد الاول للألفية الثالثة الميلادية لهذا نعتقد بأن إلصاق الارهاب والعنف بالحراك سوف لن يكون له مستقبل ناجح مهما ألصقت الدولة بقياداته بعض التهم جزافاً ومهما نصبت المحاكم الاستثنائية أو حتى المشانق ..فإن الرأي العام المحلي والعربي والاسلامي لن يفقدوا عقولهم بعد . لقد رافق ذلك تطورات أمنية وحرب معلنة بين القاعدة والدولة اليمنية منذ ما قبل 2010م وفي بداية العام تم الإعلان عن اكتشاف عمل إرهابي ضني سرعان ما ثبت عن اكتشاف راكب نيجير اسمه فاروق عبد المطلب مسافراً من اليمن عبر الخطوط الجوية الأمريكية إلى لوس أنجلوس ويحمل متفجرات كادت تودي بالطائرة وركابها لولا يقظة الأجهزة الأمنية..وتبع ذلك اكتشاف سيارة مفخخة تعود لباكستاني أمريكي في تايمز سكوير في مدينة نيويورك وبالأمس القريب تم اكتشاف الطرود الملغمة المرسلة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وإلى ما سمي بالمعابد اليهودية وذلك عشية الانتخابات النصفية لمجلس النواب والشيوخ الأمريكيين وكل ذلك تم ويتم في ظل حرب دائمة بين تنظيم القاعدة المعلن تأسيسة في جزيرة العرب منذ زمن ليس بالبعيد، ويبرز العلامة الديني أنور العولقي الأمريكي الجنسية كقائد خطير مع التنظيم على أمن الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا والعالم..في ظل مطالبة رسمية أمريكية وبريطانية بالسماح لهم بالقيام بعمل عسكري كبير لتحرير المناطق اليمنية من القاعدة.. وتحظى اليمن اليوم بدعم مادي وأمني وعسكري واستخباري وصل حد تأسيس قواعد للطائرات الأمريكية بدون طيار في اليمن.. بل وبإدعاء وزير الخارجية اليمني بأن اليمن يمتلك طائرات بدون طيار، وآخر ذلك الدعم هو الفريق الامني الرفيع المستوى الذي خطط وأشرف في دورة خليجي عشرين ، بعيداً عن وثائق ويكليكس المثيرة للجدل .! 2) التطورات الاقتصادية والتدهور المعيشي للشعب: لازالت هذه المسألة تشهد تدهوراً ملحوظاً مستمراً لم يتوقف منذ أمد بعيد وخصوصاً التدهور المعيشي للشعب في ظل عدم وجود رقابة صارمة على الأسعار وارتفاعها المفرط دون رقيب وفعل سياسات جرع البنك الدولي والأدلة كثيرة..باستثناء بعض من سنوات العسل الشطرية عندما كان النظامان يتصارعان من سنوات قبل الوحدة ويتنافسان لإظهار نفسيهما أقرب إلى الشعب ثم ما تبع ذلك في سنوات الوحدة حتى نهاية حرب 1994م.. وعلى الرغم من توقف صرف الدولار عند 215 ريالاً بعد أن كان قد وصل في وقت سابق حدود 260 ريالاً للدولار .. واستطاعت الحكومة إيقاف التدهور المستمر لسعر الريال وهي بذلك أثبتت بأنها تعمل بإيجابية عندما يتطلب الأمر ذلك وخصوصاً وأن الدولة والحكومة على علم بأن الأغلبية ممن يديرون الإقتصاد صناعة وتجارة داخلية وخارجية، ومقاولات واحتكار للوكالات هم من عناصر الدولة الكبيرة، كذا مؤسسات الدولة (( الخاصة )) مثل المؤسسة الإقتصادية اليمنية التي أستولت على الكثير من المؤسسات العامة في عدن ومناطق الجنوب .. ومعهم الحلفاء والشركاء المندمجون مع تلك العناصر والمؤسسات في عملية دورة الرأسمالية الشطرية.. المسيطرة على حركة الرأسمال التجاري والصناعي والاقتصادي والنفطي والثروات والمقاولات..وهؤلاء جميعًا يسيطرون أو يطبقون سيطرتهم على السوق اليمنية وحركة التجارة الداخلية والخارجية والمقاولات والثروات الكبيرة والصغيرة بحماية قانونية وغير قانونية مباشرة وغير مباشرة من مؤسسات القمع المنيعة المتنوعة ومن النيابات العامة وأهم فروع القضاء المسيطر عليه 3) الأوضاع السياسية اليمنية اليوم : بإقرار النظام الانتخابي المعدل من قبل مجلس النواب فإن النظام الحاكم بقيادة المؤتمر الشعبي العام يحاول إثبات أن قراره بالدخول في الانتخابات البرلمانية وحيداً في ابريل القادم من العام القادم بدون المعارضة الرسمية المعترف بها ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك اصبح مسألة مفروضاً منها في حال لا تخضع هذه المعارضة لشروط الحاكم المملاة عليها قسراً أو طوعاً إن النظام الحاكم بقيادة المؤتمر الشعبي العام قد قرر إيقاف الحوار مع أحزاب اللقاء المشترك وقرر ربما تكتيكياً دخوله الانتخابات البرلمانية وحيداً في إبريل القادم من العام القادم بدون المعارضة الرسمية المعترف بها ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك.. بعد أن كانا قد جددا إتفاقية فبراير من عام 2009م باتفاقيتي يوليو من عامنا هذا نصتا على العودة إلى اتفاق 2009م وتشكيل لجنة حوار متكافئة من حزب السلطة وحزب اللقاء المشترك بمئة ممثل لكل منهم والتي تقلصت حتى أصبحت رباعية الدفع ! لقد اعتقدنا عند توقيع اتفاقية يوليو ومن الكتاب من اعتقدوا كذلك بأن السلطة... بالأمس واليوم وحزبها الحاكم..إنما تمارس أساليبها الرافضة للحلول والمعالجات والأفكار العملية والنظرية التي تتقدم بها معارضة اللقاء المشترك حتى بعد أن أقتنعوا بإقصاء معارضة الحراك الجنوبي القوي في الداخل وممثليه الأقوياء في الخارج والحوثيين في الداخل والخارج على أمل مستحيل في محاولة تهميش وتصغير القضايا الكبيرة التي يحملونها والتي يعتبر حلها صمام أمان لليمن شماله وجنوبه. إن ماهو مؤكد فإن السلطة ستحاول محاورة المشترك أفراداً وجماعات من وراء كواليس السياسة بعد أن وضعت كل ماوقع عليه في 2009م و2010م على الرف.. ويستطيع الحكم وحزب الحكم على الحصول على مزيد من التنازلات مستخدما العصا والجزرة..والتخويف الأمني حول سلامة وأمن قادة المشترك ومصالحهم الاقتصادية والتجارية الخاصة.. حتى يضمن الحاكم قيام إنتخابات يتم الاتفاق عليها مسبقاً حول نصيب المؤتمر والذي لم ولن يتنازل عن الأغلبية المطلقة وبأي ثمن وحتى وإن أدى ذلك إلى دمار الوطن كله.. والمهم أن لاتتكرر نتائج الانتخابات الرئاسية من عام 2006م ! وعلى الرغم من إعتقادنا بأن النظام الحاكم وحزب المؤتمر الشعبي العام باتخاذهم خطوات إنفرادية لدخول الانتخابات إلا أنهم يُمارسون تكتيكاتهم ولكن من جانب آخر فقد أثبت النظام أنه لايضع إعتباراً للمعارضة أبداً وحتى الشمالية إلا من النواحي النفعية وحسب المدى المتعارف عليه والمكانة الجهوية والقبلية وبما لايخرج عن الجلباب الأبوي للحاكم. ومن موقع قوته وسلطته ونفوذه.. معتمداً على المؤسسة العسكرية والأمنية والاستخباريه الضاربة كعامل حاسم في املاء الشروط عليها والقمع والقتل، وأرهاب الدولة الرسمي على المعارضة الأخرى كأبناء الجنوب وحراكهم الميمون المكافح من أجل إجتثاث آثار حرب 1994م الظالمة والحروب الصغرى الملحقة بها خلال الأعوام القليلة الماضية، والمتمثلة بضرب المدن الجنوبية بالأسلحة الثقيلة وقتل وقمع المسيرات الشعبية السلمية، أو بإشعال الحروب المستمرة كحروب صعدة الست التي لم تندمل جروحها ولازالت تتأجج تحت رماد ونار خافتتين ويمتلك النظام أساليب التأثير على قوى شعبية ليست بالقليلة وهذهِ القوى لازالت تتمثل وعياً فطرياً عادياً، ووعياً ماقبل العادي بإيجابياته وسلبياته، وتأثيراً قوياً متوارثاً لثقافة الحروب، والغزوات العصبية القبلية والشطرية. وتأثيراً قوياً على مؤسسة دينية مشحونة بقناعات مسبقة على ضرورة الخضوع لقوة ونفوذ الحاكم المطلق وحتى وإن كانت تحت عباءة الديمقراطية المزيفة والبدائية الشكلية.. إضافة إلى إعتماده على رأسمالية شطرية ((شمالية)) تتحرك بالريموت كنترول وهي على استعداد للذهاب إلى أبعد الحدود مع النظام بعد أن ضمنت تحقيق إندماج نفعي ومصلحي ومصالح مشتركة وتقاسمت السيطرة الاقتصادية الصناعية والتجارية والمقاولات الكبيرة وتقاسم الوكالات الاقتصادية الصغيرة والكبيرة منها، وأخيراً وجب علينا التأكيد بأن هذا النظام المطلق العنان قد أسس على ثقافة القمع الداخلي المتوارثة منذ عهود الخلافة الإسلامية الغير راشدة والخلافة المملوكية العثمانية والموروث الإمامي والحروب التقليدية.. وإتباع سياسة فرق تسد وخلق الفتن بين أبناء الشعب والوطن عبر إثارة النعرات القبلية والعصبية والذاتية ضمن نهج ثابت متوارث منذ قرون وهو ما واجهه الجنوبيون عند موافقتهم طوعاً على الوحدة اليمنية منذ قيام الوحدة اليمنية مروراً بتمزيقها في محاولة طموحةِ إلى إلغاء الكيان الشعبي الوطني الجنوبي بحرب 1994م وبالحروب الداخلية كقواعد يمنية شطرية ثابتة منذ قرون!