قالوا إن انطفاءات الكهرباء تطفئ الإبداع لديهم وروحانية رمضان كتب/ عبد العزيز الويز ذهبنا نبغي إصابة أجندتهم الثقافية في رمضان ونستقصي كيف يقضون أوقاتهم فيه مع اليراع والقرطاس والأسفار والفكر والإبداع فحضرت المعاناة بسملة يفتتحون بها حديثاً من نار عن يوميات مثقلة بعذابات انطفاءات الكهرباء المتلفة للأعصاب والدماغ والإبداع ليلا، وجحيم مطاردة غاز الطبخ المنزلي نهارا، وهموم أخرى لم تكن الروح بمنأى من الإنهاك بها ولا الرأس والقلب بالانشغال بقرصاتها وفجائعها، في حين تغتلي خزائنهم المعرفية وذواكرهم بحنين يزيد من درجة تنهيداتهم إلى ماض قريب كان رمضان يمنحهم فيه فرحة كبرى ومنحة لامتطاء الإبداع وبلوغ الرضوان. هكذا هو حال المثقفين في اليمن، حياة ملغومة بمتاعب السياسات الطائشة ومتروسة بأوجاع رجل الشارع العادي وأكثر بزيادة فارق فاتورة الوعي. وكما أننا عذرنا من امتنعوا عن الرد على أسئلتنا لفرط ما لديهم من الشكوى والألم التي وجدوا في البوح بها تأثيرا على صيامهم من الرفث فلا غرابة أن يكون هذا هو حال النخبة وقادة الرأي ورواد النهضة ومشاعل التغيير في رمضان وغيره. قراءة بضوء صيني يرتبط المثقف الشاعر د. سلطان الصريمي برمضان ارتباطاً روحياً ووجدانياً منذ الطفولة ارتباط بالقرية والموالد وإنشاد القصائد الصوفية للبرعي عبدالرحيم وغيره والتعبير عن بعض الهموم "الفَرِحة" حد تعبيره. ورغم انحسار تلك المباهج وانطفائها في حياة الناس إلا أنه قال ما يزال يسعد برمضان والسمر فيه ويمارس فيه طقوسه الثقافية في غمرة همومه المضاعفة في الإنفاق اليومي للأشياء الضرورية وانقطاعات الكهرباء المعكرة للمزاج ولمتعة القراءة والتي قال إنه يتغلب عليها بالفوانيس الصينية والشمع، ويحاول بقدر الإمكان الاستفادة من وقته في الليل. ويواصل الأمين العام السابق لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين أن التعامل مع رمضان يختلف باختلاف المثقفين وثقافتهم المعرفية والسلوكية، وفي حين قال إنه يعكف على قراءة كتاب "مدخل إلى القرآن الكريم" للدكتور محمد عابد الجابري لحظة الاتصال به، ذكرأنه يجد في كتابة المراثي حاجة ماسة ومناخاً خصباً للتعبير واستذكار بعض قضايا الحياة لما لها من علاقة بالشخص المرثي والحياة وعلاقته بهما كما في مرثاته الأخيرة الخاصة بالدكتور الراحل عبدالرحمن عبدالله إبراهيم المتوفى أواخر شعبان المنصرم من العام الجاري. وتأسف شاعر القصيدة الغنائية على زمن مضى كان فيه إلى زمن قريب للمثقفين في اتحاد الأدباء برنامجاً ثقافياً طيلة ليالي رمضان أيام ما كان يتواجد على قمة قيادة الاتحاد. يستدعى إليه كبار المثقفين المحليين والعرب وتذكر منهم الدكتور السوداني بجامعة صنعاء عبدالسلام نور الدين والمفكر السوري طيب تزيني وغيرهما. إلا أن هذا النشاط بحسب الصريمي انعدم الآن مع تغير قيادة الاتحاد ولم يعد موجود ولم يجد ما يبرره سوى قوله ربما أنهم ليسوا من "المخزنين". واختتم "لو أن البلاد كانت بخير ثقافيا لكنا في وضع آخر". الله غالب وفي زاوية أخرى يتحدث الشاعر محمد الشرفي عن وقته في رمضان بقوله "النهار نوم والليل نسجل برنامج صدى القوافي بحكم عضويته في لجنة البرنامج حد كلامه، فيما تأخذ قصص عزيز ميسني الكاتب الأمريكي الساخر جزءاً من وقته في القراءة كما في قصة "ذنب الكلب" و"الحمار الميت"، وفيما يبدي استعداده وجاهزيته للبدء في إعداد مسرحية استعراضية راقصة عن الوحدة في رمضان بعنوان "السجين قبل الأخير" وفق تكليف من وزارة الثقافة، قال إنه منقطع عن كتابة الشعر لمدة طويلة بسبب انشغاله بمسلسل عن الحركة الوطنية الذي قال إنه أثر على خلايا الشعر لديه والذي أدت مشاكل مالية إلى إعاقة إنتاجه بعد أن انتهى من الجزء الأول منه المقدر ب 35 حلقة. وأضاف أن المسلسل ينوي عمله على 4 أجزاء وقد جمع له من المراجع 3500 مرجع عن الحركة الوطنية من عام 1934 وحتى قيام الوحدة كما هو مخطط له بالإضافة إلى 5000 قصاصة (جزازة)، معلقا "ولكن الله غالب". وفي حين قال شاعر "تحرير المرأة" كما يطلق عليه النقاد إن رمضان بالنسبة له شهر للهدوء والعبادة والقراءة في أهم الكتب التاريخية والأدبية والتثقيف ذكر أنه لا يجد وقت فراغ لديه رغم وضعه الوظيفي "متقاعد" معبرا عن حاجته إلى ساعات فوق الساعات الطبيعية وأنه لم يحس بالفراغ أو الغربة مع التقاعد علاوة على أن لديه عشرات الكتب التي اقتناها من معارض الكتاب وبعض المكتبات ما زالت مختومة كما اشتراها لم يبدأ في قراءتها لعدم توفر الوقت المطلوب لديه لذلك. فرصة للصبر يعتبر رمضان بالنسبة للكاتب والباحث هشام علي بن علي وكيل وزارة الثقافة باعثاً لما هو جميل ومدرسة روحانية لترويض النفس على الصبر، الصبر على غلاظة بعض الناس، الصبر على انطفاءات الكهرباء وعلى الهموم اليومية، إلى جانب أنه مطهرة للإنسان من الأخطاء والسموم وفرصة لمراجعة النفس وعمل جردة حساب سنوية. ويجد هشام في قراءة القرآن وتفسيره وحرصه على الدوام الوظيفي نشاطا ثقافيا يوميا يدوام عليه بحيوية وذكر أن لديه مشروعاً بحثياً ينوي الاشتغال عليه بعنوان "الحداثة عند البردوني" كعمل يطمح لإنجازه في شهر الصيام والقيام. عراك مع الظلام من عاصمة الثقافة كما يسميها البعض تعز الحالمة تحدث الكاتب والصحفي محمد عبدالرحمن المجاهد عن نشاط ثقافي منعدم في رمضان تعيشه تعز ومثقفوها خلافا لما كانت عليه في السبعينات والثمانينات أيام ما كانت شعلة للنشاط الثقافي بأشكاله المتنوعة، ويرجع المجاهد الأسباب إلى القصور الذي يعتري الجهات المسئولة في هذا الجانب، بدءاً بمكتب الثقافة وغياب أنشطة المركز الثقافي بالمحافظة، مرورا باتحاد الأدباء والكتاب فرع تعز إلى جانب غياب الجامعة وفرع نقابة الصحفيين مستثنيا مؤسسة السعيد الثقافية التي قال إنها ما زالت تنافح بفعالية في الأسبوع أو في الشهر وهو أفضل من لا شيء. وفيما أبدى رئيس مجلس إدارة مؤسسة الجمهورية للصحافة والطباعة -سابقا- انزعاجه من انقطاعات الكهرباء الأمر الذي يجعله يقضي معظم ليله في الظلام فيما نهاره يطارد قطرات الماء وانعدام الغاز قال إنه في رمضان يقرأ في كتب الأدب وإذا "تجملت" معه الكهرباء يقرأ جزئين من القرآن إلى جانب قراءة بعض الصحف وكتاب "الجامع" للشيخ عمر محفوظ، وكذا مشاهدة التلفاز وما يقع عليه الاختيار من برامج ثقافية ومسلسلات ذات قيمة معرفية وثقافية. ولرمضان لدى المجاهد قيمة روحانية وإن كان ما يعتمل الآن في الحياة اليومية من معاناة وهموم يفسد هذه القيمة حد قوله إلا أنه ما يزال يحرص على أن تتغذى روحه بهذه الروحانية الرمضانية ويهتم بتنمية مداركه. وأشار المجاهد أنه اعتذر لقرائه عن التواصل معهم في صحيفة "الوحدة" من خلال عموده الأسبوعي "وجهة نظر" بسبب انقطاعات الكهرباء.