طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    الخارجية الأمريكية: قواتنا ستواصل عملياتها في اليمن حتى يتوقفوا عن مهاجمة السفن    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    الجيش الباكستاني يعلن تعرض البلاد لهجوم هندي بعدة صواريخ ويتعهد بالرد    أكثر من 80 شهيداً وجريحاً جراء العدوان على صنعاء وعمران والحديدة    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    اليمنية تعلق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء والمئات يعلقون في الاردن    الخارجية الإيرانية تدين الهجوم الصهيوني على مطار صنعاء    محمد عبدالسلام يكشف حقيقة الاتفاق مع أمريكا    صنعاء .. وزارة الصحة تصدر احصائية أولية بضحايا الغارات على ثلاث محافظات    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    التحالف والشرعية يتحملون مسئولية تدمير طائرات اليمنية    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    سحب سوداء تغطي سماء صنعاء وغارات تستهدف محطات الكهرباء    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 52,615 شهيدا و 118,752 مصابا    البدر: استضافة الكويت لاجتماعات اللجان الخليجية وعمومية الآسيوي حدث رياضي مميز    المجلس الانتقالي وتكرار الفرص الضائعة    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    رئيس مؤسسة الإسمنت يتفقد جرحى جريمة استهداف مصنع باجل بالحديدة    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    سلسلة غارات على صنعاء وعمران    اسعار المشتقات النفطية في اليمن الثلاثاء – 06 مايو/آيار 2025    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    حكومة مودرن    ريال مدريد يقدم عرضا رمزيا لضم نجم ليفربول    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على طاولة مؤتمر الحوار الوطني الشامل 1- 3
نشر في الوسط يوم 21 - 03 - 2013


د. عبد الوهاب راوح عضو مجلس الشورى
تأتي هذه المقاربة من ثلاثة أجزاء:
* وصف المشهد السياسي: مكونات الحوار وحمولاتها إلى المؤتمر.
* الحلول المقترحة انطلاقا من باطن المشكلة لا من خارجها.
* آليات تحقيق تلك المقترحات وضمانات إنفاذها وديمومتها.
ويتحدد نطاق هذه المقاربة في إطار القضية الجنوبية وأدبية ( ضوابط الحوار)
أولا، وصف المشهد السياسي:
مكونات الحوار وحمولات كل منها إلى طاولة المؤتمر
***
تشهد اليمن اليوم، في بعض الخطابات السياسية، تحديا غير مسبوق، من حيث كونه يتجاوز أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. مجتمعة إلى وضعها الوجودي وتوصيفها السياسي ممثلا في كيانها القانوني.
وبالنظر إلى طروحات المكونات التي ستلتئم على طاولة الحوار، إن شاء الله، يمكن تصنيفها إلى ثلاثة خيارات رئيسة هي:
1. الإصلاح الجوهري في إطار الوحدة.
2. الإصلاح في إطار الفيدرالية:
‌أ- فيدرالية شطرية.
‌ب- فيدرالية متعددة الأقاليم ( دونما مس لأراضي الشمال أو الجنوب ) بما يعني تشطير التشطير.
‌ج- فيدرالية متعددة الأقاليم ( مع تداخل بين أراضي الشمال والجنوب سابقا)
3. الحوار في إطار الانفصال ( فك الارتباط)
تلك مكونات بنية المشهد التداولي الجاري حاليا تحضيره في غرف مغلقة ( كل حامل سياسي وما يريد)، ليأتي موعد انعقاد المؤتمر وكل فريق قد رتب أوراقه وفق أجندته.
***
قبل الحديث عن حامل الخطاب الأول ( الحل في إطار الوحدة) ، يحسن، لاعتبار منهجي، أن نعرض أولا لوصف وتحليل الخطابات الأخرى بهدف الوقوف على المعلن والمضمر وراء كل حامل سياسي وخطابه . وذلك كما يلي:
1. خطاب الانفصال ( فك الارتباط) وحامله السياسي
أ‌. مُعلَن الخطاب
يتزعم هذا الخطاب علي سالم البيض علنا وبعض القيادات الجنوبية إضمارا ومعه جماعة الحوثي. وهذا الخطاب منبوذ في معظم أوساط الداخل مرتبط ب (إيران) مرفوض من الخارج الإقليمي والدولي إلى حد " التجريم" حسب تصريح السفير الأميركي بصنعاء في حديثه عن علي سالم البيض ( المؤتمر الصحفي 13 يناير 2013: علي سالم البيض يسكن في بيروت ويتلقى دعماً مالياً من إيران.. ليس لدينا شك في تقديم البيض هذا الدعم للحراك الانفصالي وسيكون مسؤولاً عن ذلك"
ب. مضمر الخطاب
يتمثل مضمر هذا الخطاب في إخراج إقليم حضرموت، وتشكيل إمارة حوثية في شمال الشمال. بما يعني أن المعلن ( = فك الارتباط) يمثل محطة إجرائية تنتهي صلاحيته فور إعلانه، ليبرز إلى العلن جانبه المضمر. وليكن من شأن باقي اليمن، بعد ذلك، ما يكون. وكلما كانت الفوضى عمياء تسود اليمن كان الاصطياد انسب لدى حاملي هذا المشروع. حينها تكون إيران قد أمنت لها جيبا عِرقيا في اليمن حسب ما تطمح اليه أحلامها . وهو ما أشار إليه الأخ المناضل محمد علي احمد في حديثه لقناة العربية : " تحالف علي سالم البيض مع الحوثيين تحت مظلة أنهم من آل البيت"( قناة العربية، موقع أخبار الساعة، أخبار اليوم 24 /12/ 2012)، يعزز من وجاهة هذا القول: إن إيران لا تريد التشطير لذاته فضلا عن أنها لن تنجح في مشروعها معه كما هو الشأن في فشلها سابقا مع وجود الوحدة، وإنما تريد هذين الإقليمين لتحقيق طموحاتها ومراميها التي لا يسمح هذ السياق بإيرادها.
2.خيار الفيدرالية المتعددة الأقاليم
تخلو اليمن ،كما هو معروف، من الانقسامات العرقية أو اللغوية أو القومية بما يعني أن اليمن تخلو من ال(أنا الثقافية) التي تمثل بنية تحتية ل(الأنا السياسية) يترتب على هذا أن الفيدرالية لن تكون إذا فرضت وليدة احتياجات وإنما ستكون وليدة قرارات.
وإذا أضيف ضعف الأساس الاقتصادي لدى المركز والأطراف معا فإن ذلك يضاعف من أزمة الأسس لهذه الخيارات التي وصفها أحد ولاة ولايات السودان بأنها " تجعل من الوالي عمدة بلا أطيان" أو أن الصلاحيات بدون إمكانيات مالية "حبال بلا أبقار" حسب والٍ آخر. نفس الحال السودانية في ضعف الأساس الاقتصادي للأقاليم المتوهمة في أذهان قاصري النظر أو ذوي الهوى المضمر، بما يعني أن الفيدرالية ليست حلا لأوجاع المواطن اليمني بقدر ما هي فشل في الوصول إلى حل أو رغبة لتحقيق مشروعات مبيتة من خارج أوجاع المواطن .
يمكن استثناء منطقتين في اليمن يتوفر فيهما هذ الهاجس، هما محافظة حضرموت، وهاجس الحوثية في شمال الشمال مع فارق أن نزعة حضرموت شعبية نخبوية معا ، في حين أن نزعة الحوثية التي تحركها ثقافة امتياز عرقي لا يساندها معظم أبناء المنطقة الشمالية.
يقول علي سالم البيض في حوار له مع "الجزيرة نت" ونشره موقع ( نشوان نيوز، الأربعاء 16/ 1/ 2013): "أوضحنا في أكثر من مناسبة أن دولة الجنوب القادمة ستكون دولة برلمانية فيدرالية بين محافظات الجنوب لإعطاء فرصة لكل محافظة تحكم نفسها" زاعما أن هذا مجمع عليه من كافة قوى الحراك.
وبذلك تكون كل الطرق، وفق مخططَي (الانفصال أو الفيدرالية المتعددة الأقاليم) موصلة إلى روما. بما يعني أن هذين الخيارين وجهان لمقصد واحد، ويسقيان من معين واحد (= إيران) وهما إلى المشروع المضمر ألصق من كونهما خياري معالجة لمشكلات اليمن التي لا يبالي أصحابهما بعد ذلك في أي جحيم تذهب.
3. خطاب الفيدرالية المتعددة الأقاليم مع تداخلها
يأتي هذا التوجه من قبل بعض أصحاب النوايا الحسنة تحت تأثير "إن لم يكن للفيدرالية من بد". حيث يخلو هذا التوجه من هاجس المشروعين السابقين، وإن كانت تنقص حامليه أدبيات الفيدرالية. ثم إن أصحاب هذا التوجه لا يمثلون كتلة مؤسسية تنقل هذا التوجه إلى دعوة .. فخطة.. ومشروع، كما في الخطابين (الانفصالي أو الفيدرالي في إطار التشطير)، فهو إلى (الحَكِيِّ) أقرب منه إلى المشروع المؤسسي المبلور الحامل لمنطق تبريره ووجاهته. بل إن موته سيتم فور انتقاله من ( حكي) إلى (خطاب جدِّ) حين ترفض كل محافظة إعادة رسم حدوها بالإكراه، إذ لا حدود تاريخية لتلك الأقاليم المتداخلة المزمع إيجادها، وقد يحتاج الأمر إلى استفتاء شعبي، لكون هذه الأقلمة الفوقية تخلو من أي رصيد اجتماعي تتأسس عليه، بأن تأتي استجابة له وإشباعا لرغبة ثقافية مشتركة (أنا ثقافية) تتطلع إلى أن تتجسد في (أنا سياسية) مستقلة تدير وفقها شئونها. فالقول: خمسة أقاليم مثل ستة، مثل سبعة.. الخ كلها تمثل طرحا اعتباطيا غير مبرر، طرح مكتبي فوقي ليس انعكاسا لنداء واقع بقدر ما هو يسعى الى تخليق واقع لا رحم له في الأرض. وهو ما يعني أيضا أن هذا "الحديث" (المعاق في ذاته) ليس أكثر من كونه ترفا عبثيا لذاته لا يلامس أوجاع المواطن ( مقصد المؤتمر)
ولعل خير ما نقرؤه في هذا الشتات اللغوي أنه يمثل سلامة البنية الاجتماعية لأبنائه، وهم كثيرون. حيث لا إحساس لديهم بتمايز اجتماعي من شأنه أن يدفعهم إلى تبني مشروع فيدرالي خاص بهم: مضمرا كان أو معلنا. وهؤلاء هم الذين ستسقط عليهم الفيدرالية من فوقهم ومن خارج حاجتهم ووعيهم، إن فرضت عليهم، وهم الذين سيدفنونها لذات الاعتبار.
***
4. خطاب الإصلاح في إطار الوحدة
يأتي حملة هذا الخطاب من غالبية أبناء اليمن نخبة وعامة، وهو الصوت الذي يمثل الرشد السياسي ويخلو من مخبوءات حاملي المشروعات الصغيرة على حساب البيت اليمني وعلى حساب الضمانات الموضوعية لأمنه و استقراره، وعلى حساب ما يرجوه أبناء اليمن من المؤتمر - الأمل من مخرجات. كما أن هذا الصوت هو المتناغم مع مقتضيات المطالب الإقليمية والدولية. ولا شك في أن مجيء وفد مجلس الأمن إلى صنعاء ( 27/ 1/ 2013) وأمين عام مجلس التعاون الخليجي، ومن قبله زيارة الأمين العام لمجلس الأمن ( 19 /11/ 2012) وتأكيد الكلمات المعلنة في المؤتمر الصحفي على وحدة اليمن واستقراره ووحدة أراضيه إلى جانب قراري مجلس الأمن (2014/ 2051) والمبادرة الخليجية ( مرجعية مؤتمر الحوار).. ما يمثل رسوخ وثبات مبدأ خيار الحل في إطار الوحدة في خطاب المجتمع الدولي والإقليمي وغالبية أبناء اليمن.
موقع هذا الخيار ضمن مكونات مؤتمر الحوار
إذا كان هذا الصوت الراشد يحظى بهذا الحضور الطاغي داخليا وخارجيا، فما موقعه داخل مكونات المؤتمر؟
لعل المتتبع لمكونات المؤتمر يلاحظ من المحاذير ما يلي:
* إن فعل المناكفات السياسية بلغ مدى يجعل جدلية الحوار لدى بعض مكوناته محكومة بتصفية حسابات مباشرة وآنية غير معلنة كثيرا- من شأنه ،إن ساد، أن يؤثر سلبا على مجريات الحوار ومن ثم على مخرجاته!
* إن الحوار المثمر هو الحوار الذي يكون بين رأي ورأي (رأي ? ? رأي) وهي بيئته الطبيعية، لا بين رأي و مصلحة (رأي ? ? مصلحة فئوية)، أو بين رأي ورغبة (رأي ? ? رغبة) في إفشال ذلك الرأي، مكايدة لصاحبه. ذلك أن الرأي لا يلتقي ويثمر إلا يلتقي محاورا مع رأي، ومع المصلحة الفئوية او الرغبة يتحول الحوار بين رأي وذرائعية.
يدفع الى طرح هذا المحذور ،الذي نرجو ان نكون خاطئين فيه، ما نلمسه في حمولات بعض اطراف الحوار. وهي حمولاتٌ، صوتُ اليمن معها في الهامش إن لم يكن إقصاء ذلك الصوت، لدى بعضها، هو المستهدف انتصارا لمشروع مخبوء ، أو إرواءً لسُعار الكيد السياسي.
بعبارة أخرى، لا خوف من أن يواجه رأي برأي أو حجة بمثلها، وإنما الخوف من أن يواجه رأي بمصلحة أو هوى مسبق، فينتقل الحوار من حوار من أجل اليمن إلى حوار حولها، ومن صراع من أجل اليمن إلى صراع عليها. فتكون لعنة التاريخ الثانية بعد لعنة "ربنا باعد بين أسفارنا"، حينها نصبح مرة أخرى عند حسن ظن إبليس بنا كما صدق ظنه على بعض الحمقى من آبائنا. (ولقد صدَّق عليهم إبليس ظنه) (سورة سبأ ، 20)
كل تلك الاعتبارات مجتمعة ترفع من وتيرة القلق، لا من عدم إمكان انعقاد المؤتمر وإنما من مخرجاته ومن تداعياتها.
تصورات أولية فيما يجب عمله:
1. تشخيص المشكلات واستخراج الحلول من باطنها
إن بقاء المشهد السياسي العام كما يتجلى في طبيعة اطراف الحوار (= مكوناته) وفي طبيعة العلاقات القائمة بينها، وفي طبيعة حمولة كل منها إلى مائدة الحوار.. تدفع كلها ، مجتمعةً كما تقدم، إلى القلق من المخرج العام للمؤتمر، بأن يأتي بحلول من خارج المشكلات لا من باطنها، فتبقى المشكلات القائمة قائمة من ناحية، لتضاف اليها المشكلات التي ستولدها الحلول الجديدة (كحل الفيدرالية) من ناحية أخرى. وهذا شأن كل معالجة تأتي بحلول من خارج المشكلة، لقصور في الشخيص، أو لرغبة وهوى مبيَّت، كمن يقتلع ضِرسا سليما عمدا، أو ظنا منه أنه اقتلع الضرس مصدر الشكوى. فيضيف شكوى جديدة إلى الشكوى القائمة.
لهذا الاعتبار تأتي أهمية إيجاد دليل مرجعي لموضوعات الحوار.
2. الدليل المرجعي لموضوعات الحوار
من الملاحظ أن مؤتمر الحوار قد توفر له النظام المرجعي الإجرائي لإدارة الحوار (= النظام الداخلي: ضوابط الحوار) غير أنه بحاجة إلى إطار مرجعي إضافي (رقم 2) يستند على مكون ( مجالات الحوار) ليجعل منه الدليل المرجعي لموضوعات الحوار من شأنه توفير الإجراء المأمون لتناول موضوعات الحوار بكفاءة وفاعلية واقتصاد في الجهد والوقت.
وتأسيسا على هذا الاحتياج المبرر، يمكن أن تصنف المقاصد العامة للمؤتمر استجابة لحاجتين عامتين:
1. الشكوى النوعية كما ترد في خطاب الحراك بكل مكوناته في الداخل والخارج، وكما ترد في صوت المواطن الجنوبي: العام والنخبوي على حد سواء.
2. الشكوى العامة كما ترد في عموم الشارع اليمني سواء في أطرافه أو في مركزه.
* يتم إعداد مصفوفة لكل منهما وفي سياق الأطر المحددة في نظام برنامج الحوار وإن كنت أرى أن تلك الأطر تفتقر إلى الرابط المشترك الذي يجعل منها تفريعات لأطر عامة.
* يتبع بعد ذلك إعداد مصفوفات فرعية في نطاق كل مجال من مجالات الحوار المشار اليها في النظام مع مراعاة المنهجية العلمية في الإعداد من حيث رصد المشكلة ومقترحات معالجتها وآليات تنفيذ المعالجات بشفافية ومصارحة ومسئولية وواقعية تجعلها قابلة للتحقيق وقابلة للقياس ومؤشرات التنفيذ. كما يتم وضع عمود للضمانات الكفيلة بتأمين نجاح تلك المعالجات( دستورية أو قانونية) كما يجب وضع آلية متابعة تتمتع بسلطة إنفاذ واسعة ولا يمنع من أن تكون دولية أو إقليمية في بعض البنود التي تقتضي ذلك.
* بعد إعداد المصفوفات الرئيسة كأطر مرجعية للحوار، يكون التوقيع عليها من مكونات الحوار وبشهادة اطراف المتابعة الإقليمية والدولية. وتمثل هذه الأدبية الدليل العام المرجعي للحوار .
إن هذا الإسهام لا يصادر إسهاما آخر ولو أدى إلى اقتراح تصور آخر، ذلك أن المهم الجوهري هو تأمين مطلب الدليل المرجعي لموضوعات الحوار الذي وصف بأنه مطلب وجيه محدد الموضوع .
3.موضوعات الحوار وموقع القضية الجنوبية فيها
جاءت موضوعات الحوار كما وردت في (المادة: 10) من مشروع (النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني الشامل:ضوابط الحوار) في 12 موضوعا تحدد أن يكون لكل موضوع منها مجموعة حوارية محددة.
وبمراجعة هذه الموضوعات يلاحظ ما يأتي:
* إنها متداخلة، وفي بعضها غموض .نلمس ذلك في التداخل بين مكوني: بناء الدولة / الحكم الرشيد. وبين بناء الدولة /استقلالية الهيئات ذات الخصوصية. الحقوق والحريات/ التنمية/ القضايا الاجتماعية والبيئية.. الخ. ولعل في مقترح الدليل المرجعي للموضوعات ما يعمل على إنهاء ذلك التداخل وتنازع الاختصاصات لدى بعض مجموعات الحوار.
* إن القضية الجنوبية تمثل القاطرة التي يتوقف على مخرجاتها بناء الحوار في باقي موضوعاته . فلا حديث عن: بناء الدولة أو استقلالية الهيئات ذات الخصوصية أو عن الحكم الرشيد ... إلخ إلا وفق ما تسفر عنه المداولات في موضوع القضية الجنوبية. بل إن هذه الموضوعات في حال استقر الخيار الفدرالي ستنقلب رأسا على عقب بما في ذلك منظومة" النظام الداخلي للحوار"، وذلك لتحول بنية النظام الذي تأسس عليه حال إعداده. حيث الجهد سينصرف بالتبعية إلى متطلبات النظام السياسي الجديد للدولة المتمثل في اللامركزية السياسية (= الفيدرالية) وهذا بالضرورة سيتطلب إضافة موضوعات جديدة، كما سيتطلب بالضرورة توفر خلفيات متخصصة في أدبيات الفيدرالية لدى المشاركين في الحوار الذي سيمتزج فيه السياسي بالفني. وذلك ما يخشى منه، كما أن الوطن سيدخل في مرحلة انتقالية طويلة معقدة وتجريبية متخبطة غير مدروسة. كما أن تجارب الفترات الانتقالية تؤكد أنها لا تسمح بالتخطيط أو البرامج ذات البعد الاستراتيجي الشامل، كون تلك البرامج لا تتم في بلدان تمر في مرحلة انتقال. نفس الحال في متطلبات التعاون الاستراتيجي الدولي، حيث لا تتم مع البلدان التي تمر في مرحلة تشكل، إذا ما استثنينا تلك البرامج الجزئية كما في برامج رعاية الطفولة ذات النطاق المكاني والزماني المحدد. وهذا يعني أنه لا رعاية دولية لليمن مع خيار الفيدرالية إذا جاءت فوقية على مستوى الداخل من ناحية، ومتعارضة مع توجهات الرعاة الدوليين، فضلا عن كونها انتصارا للمشروع الإيراني المشبوه في اليمن، وهو ما لا تسمح به الدول الراعية، ومن ثم باقي الدول والمنظمات ذات النشاط التنموي في اليمن .
* لكل ما تقدم، تكون المحصلة النهائية العامة أن مشروعا خطيرا هذا شأنه: أي يعاني من أزمة أسس على صعيد الداخل وفي نفس الوقت، يفتقر إلى مباركة المجتمع الإقليمي والدولي...، سيكون مشروعا فاشلا بامتياز، فاشلا في ذاته قبل ميلاده ونشأته، لأنه جاء وليد ما هو سياسي (= المناكفات والمخططات التآمرية) لا استجابة لما هو اجتماعي. فهو حمل خارج الرحم وميلاد خارج مجرى الطبيعة.
***
4.الإصلاح المنشود في إطار الوحدة
فما هو الإصلاح في إطار الوحدة؟
* الإصلاح الذي يقوم على كسر البنية المركزية القائمة التي تعيد انتاج ما هو قائم ولا يتجاوز جديدها تجديده.
* الإصلاح الذي يمثل إنشاء عقد جديد بين أبناء اليمن على صعيد الحريات الأربع المفتاح: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية.
* الإصلاح الذي يتأسس على المساواة واحترام الكرامة في المواطنة المتساوية وتجسيد تلك المساواة بإجراءات عملية ملموسة قابلة للقياس، وتحصينها بمرجعية دستورية وتجسيدها بأطر مؤسسية.
* الإصلاح الذي يتأسس على تحديد ما ينبغي وما لا ينبغي أن تعمله الدولة، وما يعمله المركز وما لا ينبغي أن يعمله.
* كسر البنية السياسية في صناعة الحكم وإصدار القرار. فلا مركزية للحكم في أسرة أو قبيلة أو جهة.
* مراجعة وتصويب العلاقة القائمة بين الدولة والشعب بحيث لم تعد الدولة هي المنفردة بصناعة القرار السياسي والتنموي والخدمي، وإنما يشاركها في ذلك القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني. وهو ما يمثل العتبة الأساس في الولوج إلى الحكم الرشيد.
ذلك ما تحاول هذه المقاربة أن تسهم فيه في محورها الثاني، انطلاقا من واقع المعاناة، وسعيا نحو إعادة بناء مجسد في معالجات عملية عينية مستخرجة من باطن تلك المعاناة كما تقدم.
موضوعات الحوار: الجوهري والثانوي والإجرائي
وقبل الدخول في اقتراح ما هو جوهري في الإصلاح تكون لنا عودة إلى موضوعات الحوار كما جاءت في مشروع ( ضوابطه) لمعرفة ما هو جوهري منها كموضوع "بناء الدولة" وما هو ثانوي، كموضوع " البيئة"، على أهميته...، وما هو إجرائي، كموضوع " المجموعة التوفيقية" ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.