دخل معتقلو جوانتنامو السنة الثانية عشرة منذ تم افتتاح السجن إبان الحرب على ما تسميه الولاياتالمتحدةالأمريكية بالإرهاب، ولا يزال نزلاء سجن جوانتنامو - الواقع في خليج جوانتناموا بكوبا من اليمنيين - في السجن دون أن تقدم الولاياتالمتحدةالأمريكية المعتقلين للمحاكمة. وفي الوقفة الاحتجاجية اجتمع عشرات من أسر المعتقلين في سجن جوانتنامو يوم أمس الثلاثاء أمام السفارة الأمريكية في العاصمة صنعاء احتجاجا لاستمرار الإدارة الأمريكية باحتجاز المعتقلين اليمنيين في سجني جوانتنامو وباجرام. وقال بيان صادر عن أسر المعتقلين وحقوقيين: "للعام الثاني عشر تستمر معاناة أسرى المعتقلات الأمريكية في جوانتنامو وباجرام، وإنه لمن العار استمرار هذه السياسة التي تنتهجها الولاياتالمتحدةالأمريكية للتنكيل بهؤلاء الأسرى الأبرياء الذين أخرجتهم من القرن الواحد والعشرين إلى قرون ما قبل الحضارة البشرية حيث لا أخلاق تقوم ولا قانون يردع". وتأتي هذه الوقفة نتيجة للتصعيد الذي يتعرض له المعتقلون من ممارسات تعسفية من قبل السجانين الأمريكيين خلال أكثر من شهرين، وقال البيان: "تعلمون أن غالبية الأسرى في سجن جوانتنامو يدخلون الأسبوع التاسع من إضرابهم عن الطعام احتجاجا على استمرار اعتقالهم وعلى المعاملة السيئة التي يلاقونها في المعتقلات، والتي تنطوي على إهانة لكرامة الإنسان ومقدساته". ووجه البيان نقداَ للولايات المتحدةالأمريكية نتيجة لما أسماها فشلها في إقامة العدل، حيث قال البيان:" لقد آن لهذه المعتقلات أن تغلق ولهذه السياسة أن تعترف بفشلها حيث تبنى على غير أساس من حق أو عدالة، وبالعدل قامت السماوات والأرض". وذكر ولي أمر أحد المعتقلين في سحن جوانتنامو: أنه يتم التواصل مع ابنه ولوقت محدد دون الدخول في أي تفاصيل، وقال والد عبدالرحمن الشباطي المعتقل في سجن جواتنامو: "كان يتم التواصل مع عبدالرحمن في معتقله كل شهرين ولمدة محدودة، وحين علمت أن المعتقلين دخلوا في إضراب عن الطعام وجدت أن حالته الصحية متدهورة إذ لم يكن على عادته التي اعتدنا عليها".. وأضاف والد عبدالرحمن: أنه سأل ابنه هل هو مضرب عن الطعام فأجاب بأنه ومع المعتقلين لهم أكثر من شهرين مضربين عن الطعام". ووجه والد عبدالرحمن الشباطي رسالة مناشدة إلى السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين بقوله: "نناشد السفير الأمريكي الذي يرعى التغيير في اليمن أن يكون سجن جوانتنامو على رأس التغيير، حيث عليه أن يساهم في إغلاقه وأن يفرج عن جميع المعتقلين لاسيما المعتقلون اليمنيون". ويتعامل الجنود الأمريكيون مع المعتقلين بالإطعام القسري والإهانة المستمرة لمن يعارض ممارسات الجنود الأمريكيين المستحدثة في السجن خلال هذه الفترة، حيث عبر حقوقيون عن تخوفهم في استمرار الإدارة الأمريكية في اضطهاد اليمنيين لاسيما خلال الشهرين الماضيين وتكرار ما حدث لصلاح السلمي - أحد المعتقلين الذين صفتهم أمريكا في سجن جوانتنامو. وقال رشاد محمد سعيد - منسق الوقفة: إن الحملة التي سميت "بكرامة إنسان" ستستمر حتى يتم الإفراج عن المعتقلين اليمنيين البالغ عددهم سبعة وتسعين معتقلا، وإن أوباما لم يلتزم بتعهده الذي أعلن في 2009م بإغلاق معتقل سجن جوانتنامو. وقد أطلق أوباما خلال حملته الانتخابية إغلاق جوانتنامو، ولكن لم يفِ بذلك حتى اللحظة، ويقول سعيد: إنه حين يُسأل أوباما عن المعتقلين اليمنيين فإنه يتحفظ عن الإجابة أو التحدث عنهم. ويعد معتقل جوانتنامو سجنا سيئ السمعة، فقد بدأت السلطات الأمريكية باستعماله في سنة 2002، وذلك لسجن من تشتبه في كونهم إرهابيين، ويعتبر السجن سلطة مطلقة لوجوده خارج الحدود الأمريكية، وذلك في أقصى جنوب شرق كوبا، وتبعد 90 ميلا عن فلوريدا، ولا ينطبق عليه أي من قوانين حقوق الإنسان إلى الحد الذي جعل منظمة العفو الدولية تقول: إن معتقل جوانتنامو الأمريكي يمثل همجية هذا العصر. ويعتبر مراقبون أن معتقل جوانتنامو تنمحي فيه جميع القيم الإنسانية وتنعدم فيه الاخلاق ويتم معاملة المعتقلين بقساوة شديدة مما أدى إلى احتجاج بعض المنظمات الحقوقية الدولية واستنكارها والمطالبة لوضع حد لهذه المعاناة وإغلاق المعتقل بشكل تام. وفي سياق آخر انتقد القنصل السعودي، المحتجز لدى تنظيم القاعدة في اليمن عبدالله الخالدي، المملكة العربية السعودية. وقال: إن حكومته ترغب في القضاء عليه وتصفيته كما حدث لجزائريين مختطفين قبل أسابيع في عين أميناس بالجزائر، وقال: إن ما تقوم به حكومة بلاده يتناقض كلياً مع ما يصرح به العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود من اهتمامه بالمواطن السعودي. وقال الخالدي: "إن ما قدمته حكومة المملكة العربية السعودية هو التجاهل لي، مقابل ما قمت به من خدمتها في الداخل والخارج، و لمح إلى ضلوع المملكة العربية السعودية في قتل الشيخ عدنان القاضي بقرية السرين في سنحان. وخلال المقابلة التي بثتها منتديات تابعة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، يوم أمس الثلاثاء، يبدو أن التنظيم يحاول أن يحرج الحكومة السعودية كون القنصل الخالدي وجد منه التنظيم ثروة معلوماتية، وهو ما يجعل التنظيم ينتقل من بث مناشدات الخالدي للمملكة إلى حوار يوجه فيه نقداَ لاذعاَ لها. وتظهر في التسجيل المرئي مع الخالدي صورٌ من الأقمار الصناعية للقاعدة الأمريكية التي تنطلق منها الطائرات بدون طيار في السعودية. حيث قال الخالدي: "إن الطائرة التي قتلت الشيخ أنور العولقي بمحافظة الجوف في 30-سبتمبر-2011م انطلقت من قاعدة أمريكية داخل الأراضي السعودية، وإن هناك تنسيقا رباعيا (سعودي، يمني، أمريكي، عماني) لإدارة عمليات الطائرات من دون طيار التي تنطلق من المملكة العربية السعودية لضرب أهداف في اليمن". وكان تنظيم القاعدة قد اعتقل القنصل السعودي الخالدي في أبريل 2012م، في منطقة المنصورة بمدينة عدن. في صراع قديم للسيطرة على العاصمة.. هادي فعل ما عجز عنه صالح بانتظار القادم في العادة يُصاحب كل قرار يقود إلى تغيير يطال مراكز قوى تجذرت لتصبح واقعًا تم القبول به والتعايش معه ثمنًا يجب أن يُدفع سواء في حال حدوث التغيير بصفقة سلام أو بخيار مواجهة. وفي ما له علاقة بنفاذ قرار الهيكلة وإبعاد قوى ظلت مهيمنة لأكثر من ثلاثة عقود على الجيش يبدو أي ثمن محتملاً إن لم يكن متضمنًا إعادة نفس القوى لممارسة ذات النفوذ من خلال قنوات الدولة الأخرى في تكرار يعيد إنتاج الماضي ويتقاطع مع المستقبل. ليست المرة الأولى التي يتم فيها إعادة ترتيب الجيش، إذ كان بدأها الرئيس السابق مع اختلاف أن صالح حاول هيكلة الجيش في إطار السيطرة عليه بجعل أولاده على رأس أقوى ألويته تدريبًا وتأهيلًا بينما هيكلة اليوم قامت بانتزاع هذه السيطرة، ومن ضمنها ما لم يقدر عليه سابقه مع علي محسن ومنطقته الشمالية، وعلى رأسها الفرقة الأولى مدرع الذي حاول نقلها مرارًا إلى عمران، ولم يفلح كما أفلح مع اللواء/ محمد اسماعيل، الذي كان قائدا للواء الثامن صاعقة الذي كان يتمركز على تلال صُباحة حين أبعده عن صنعاء، وعينه رئيسًا للمنطقة الجنوبية في حضرموت. إلا أنه ابقى على المعسكر كمؤخرة، وظل يتحجج لتأخير عملية الانسحاب، ولم ينسحب منها إلا بعد أن استلم ثلاث مرات إيجارات نقل، وهي بالملايين، واعتبرت تسوية وتعويضًان عقبها سلم الموقع للقوات الخاصة ،التي يقودها نجله، وكان قيادي عسكري رفيع نقل مدى حزن محمد اسماعيل آنذاك.. معتبرًا أن ما يحدث مؤشر استبعاد، وإن كان تم نقله إلى منصب أرفع. استدعاء حكاية كهذه للتدليل على ما تعنيه العاصمة لقيادات جيش تعتقد أنه لن يكون لها دور في الحكم دون أن يكون لها ذراع عسكري يُلوح به لفرض توجه ما إذا كان المسار سياسيًا، ويجعله واقعًا إذا ما تجاوزه. بالتأكيد كان المشهد أمام هادي مربكًا إلا أنه كان واضحًا بالقدر الذي مكنه من التعامل مع اللاعبين الرئيسيين في الأزمة، باعتبار أنه كان قريبًا من الجميع بحكم منصبه كنائب رئيس، وهو ما جعل منه شاهدًا على أحداث عدة، وإن لم يكن مؤثرًا فيها. ومن خبرة تراكمت كان هادي يعرف متى يواجه ومتى يغضب ويصمم لفرض رأيه. وكمقدمة يمكن البناء عليها لِما أصبح واقعًا اليوم لابد من استرجاع يوم كان فاصلًا في تأريخ السلطة في اليمن حين اتفقت الأطراف على تقاسم الحكومة بين المؤتمر والمشترك، وتم حينها الاتفاق على أن يتم توزيع الوزارات في قائمتين، إحداها كان أبرز ما فيها وزارة الدفاع والخارجية، فيما الثانية ضمت معظم الوزارات التي لها علاقة بالإمساك بمفاصل الدولة والتأثير على الناس وأهمها المالية والإعلام والداخلية والعدل. قادة المشترك هم من وضعوا القائمتين برضا المؤتمر لكي يمنحه ذلك الحق باختيار إحدى القائمتين، باعتبار أن طرفًا يوزع الوزارات والآخر يختار. والشاهد أنه، وعلى الرغم من إلحاح قيادات في المؤتمر على اختيار القائمة الثانية، إلا أن هادي - وكان ما يزال نائبًا - أصر على اختيار القائمة التي على رأسها وزارة الدفاع، وبغض النظر عن التبريرات التي ساقها آنذاك، ولم يكن يعنيها عن مخاوف من انقلاب أو الإطاحة بقائد الحرس فإن اختيارًا كهذا كان فقط مجرد أرضية تم بناء أول عمود عليها حين أصر على بقاء اللواء محمد ناصر أحمد وزيرا للدفاع ضدا على رغبة صالح، وأبلغه عبر السفير الأمريكي حينها أن واحدًا منهما فقط من سيختار الوزراء، وكانت المواجهة الأولى. وحين جاء أعضاء من اللجنة العامة كان من بينهم سلطان البركاني ويحيى الراعي لإقناعه باختيار أي كان بدلًا من محمد احمد ناصر، انفجر غضبًا، وأنهى اللقاء بطريقة لم يسع الوسطاء حينها سوى المغادرة. والمجال لا يتسع هنا لإيراد أسباب مخاوف صالح من إعادة تعيين ناصر وإن كان للأمر علاقة بأسلوب تعامل يتناقض مع ما كان يفرضه حكم المنصب واحترامه من علاقة للرئيس بمرؤوسيه، وبالذات أقرباء الرئيس. إلا أن ما هو مهم قد أصبح واقعًا حين تم التعيين بانتظار تحقيق الأهم، وهو الأصعب المتمثل بإبعاد ما يمكن اعتبارهم ديناصورات الجيش عن القيادة الفعلية بعد أن تمت إزاحتهم بقرار سابق. القرار الذي يمكن اعتباره أقرب للتسوية منه للقرار الثوري كان لابد أن يكون على هذا النحو من التوازن القائم على استبعاد من قيادة السلطة العسكرية مقابل مناصب تحمي من الملاحقة وقبل ذلك فيها إتاحة لمراعاة مصالح خاصة بغرض جبر الضرر. وكان أن تم استحداث مواقع مستشارية الرئيس كوعاء للقادة السابقين، ومنهم مهدي مقولة ومحمد صالح الأحمر، كما تم تعيين احمد علي سفيرا في الإمارات كون كل اسرة صالح هناك يطلبون عِلمًا ويديرون مصالح، وغير بعيد من ذلك تعيين طارق كملحق عسكري في المانيا، وبالمقابل تم تعيين هاشم الأحمر ملحقًا عسكريًا في المملكة كمتابع لعلاقات أسرته التي تضررت مؤخرا مع قيادات المملكة، التي صارت تبحث عن وجوه وأياد جديدة في اليمن، وفي ظل اللاعب الجديد في اليمن "قطر" صار للثورة ممثل هناك وهو محمد علي محسن المنضم إليها. ويتوج القرار بإبعاد علي محسن عن القيادة الفعلية للفرقة والجيش بحيث يتحكم الرئيس وحده بمدى تنامي سلطاته من عدمها في ظل قرارات أوجدت واقعا جديدا، يقول: إن النصف من العسكريين صاروا جنوبيين وبصلاحيات حقيقية، ومن أن الجيش لم يعد تحكمه منطقة واحدة حتى وإن تعالت الأصوات صياحًا من أن قائدا هنا أو هناك محسوب على هذا الطرف أو ذاك، فإن تملك مقر قيادة وعتادًا وجيشًا وميزانية مفتوحة لا تقارن بأية حال مع منصب مهما كان رفيعا، سيظل يبحث له عن ساند شرعي لقرار يمكن أن يتخذ، وهنا يمكن الحديث عن غصة صعب ابتلاعها..