-مدهش هذا التبرير الذي نسمعه اليوم وهو يوزع نفسه على كل الجرائم التي تقوم بها الجماعات الإرهابية المسلحة في العراق, بل أن أصحاب هذا التبرير يدعون صراحة الى دعمها بالمال والسلاح والمجاهدين بوجه من يسمونهم بالروافض , مع ان ارهابها و وحشيتها لا يقف عند حد ولا يفرق بين ضحاياها أكانوا شيعة أو سنة ولا يعرف هذا التوحش حدودا جغرافية ولا حدودا انسانية .! وجه الدهشة هنا هو ان يأتي هذا التبرير الذي يقول ان سياسة الاقصاء التي مارسها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هي التي تعطي الحق لتلك الجماعات ان تقوم بما تقوم به من مذابح وفظائع بحق الانسانية, الدهشة تصعق المستمع اكثر هي حين تأتي هذه التبريرات من جهات واشخاص اعتبروا خروج الجنوب بثورة (سلمية) وليس بثورة مسلحة تذبح وتكفّر وتفجر من اقصاهم منذ عام 1994م اعتبروا هذه الثورة السلمية جريمة لا تغتفر وفتنة وخروج سافر عن ولي الأمر وعن الشريعة والشرعية المزعومة.! قمة النفاق وذروة التضليل والتدليس هذه الذي نراه ونسمعه اليوم . - هذا النفاق أضحى اليوم عابراً للقارات, ما هو موجود داخلياً ليس أكثر من مرآة عاكسة للنفاق السياسي العالمي. فمثلا الولاياتالمتحدةالأمريكية اليوم في اوكرانيا اصبحت حريصة اكثر من الاوكرانيين أنفسهم على وحدة اراضيهم وضد انفصال اقليم (القرم) وضمه الى روسيا. وهي أي الولاياتالمتحدة لها تاريخ طويل بهذا المسلك. فكيفي ان نشير الى حقيقة واحدة في التاريخ الامريكي حدثت منتصف القرن التاسع عشر حين حدثت الاضطرابات بدولة المكسيك المجاورة لها, ودعمت الولاياتالمتحدة انفصال منطقة تكساس عن المكسيك لتصبح جمهورية مستقلة بين عامي 1836 م و1845م (جمهورية تكساس ) Republic of Texas,لتدخل فوراً في حرب ضروس مع الوطن الأم(المكسيك) بسبب الحدود بينهما, دخلت الولاياتالمتحدة على الخط بالحرب الى جانب جمهورية تكساس ضد المكسيك المطالب باستعادة ارضه المتمردة تكساس قبل ان تضمها الولاياتالمتحدة الى اتحاد ولاياتها, لتصبح ثاني أكبر ولاياتها واغناها, بل هي اليوم اكبر رقعة زراعية على المعمورة ,في ذات الوقت الذي تحركت قواتها بحرب شاملة ضد المكسيك أحتلت وضمت نصف الاراضي المكسيكية الى اراضيها مثل كاليفورنيا ونيو مكسيكو وغيرهما. ولنا ان نتخيل مساحة هذه الولايات بالنسبة لجزيرة القرم التي احتلتها روسيا وضمتها الى اراضيها مؤخرا. وهي أي روسيا التي تتحدث هي الأخرى عن ضرورة احترام سيادة وارضي الغير, في الوقت الذي فصلت عنوة القرم عن جارتها (جمهورية اوكرانيا) مثلما فصلت قبلها عن جمهورية جورجيا اقليمين هما أبخازيا و أوسيتيا الجنوبية ليصبحا دولتين مستقلتين بقوة الدب الروسي.