محمود حداد - كشف تقرير نتائج المراجعة المشتركة للقطاع الصحى ووضعه الراهن -أعدته وزارة الصحة اليمنية بالتعاون مع وحدة القرض التابعة للبنك الدولى بهدف معالجة الاختلالات - واقعا مأساويا في هذا القطاع الحيوي ومؤشر ينذر بتدهور لا يحمد عقباه في حالة استمرار ذلك الوضع. التقرير الذي حصل عليه الوطن ، شخص الواقع الراهن إلى أربع مكونات (القيادة ،التخطيط ،الموارد البشرية ،الموارد الاخرى) ، مؤكدا أن الأهداف المثالية للألفية الثالثة والمتصلة بالوضع الصحي المنشود في المستقبل تبدو بعيدة التحقيق في اليمن ،مشيرا إلى انخفاض الميزانية للقطاع الصحي ويستدل على ذلك من المخصص السنوي للفرد وتراجع حصة الصحة من الإنفاق الحكومي وقال أن "ما ينفقه الأفراد والأسر على الخدمات الصحية عالٍ بالمقارنة مع المصادر التمويلية الأخرى" . وبحسب التقرير الصادر منتصف الاسبوع الماضي فان هناك غيابا واضحا للمعايير النمطية للمرافق من حيث ( المبنى ، الكادر ، الخدمة ، الأدوية والتجهيزات ونفقات التشغيل )، فضلا عن تدني نسبة تغطية الفئات المستهدفة بالخدمات الصحية الأساسية . وقال أن "المستفيدين من الخدمات الصحية غير راضين عن الخدمات المقدمة وسلوك مقدمي هذه الخدمات ، كما أن مقدمي الخدمات الصحية غير راضين عن وزارة الصحة بسبب تدني الأجور وغياب الحوافز المادية والمعنوية ورداءة ظروف العمل". وأكد التقرير غياب الدلائل والمعايير لجودة الخدمات التي تقدمها مرافق الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات وكذلك غياب المعايير السريرية للأمراض سواءً بالمستشفيات العامة أو الخاصة . مشيرا إلى أن نظام المديريات الصحية والمرتكز على اللامركزية ومشاركة المجتمع – كما ورد بإستراتيجية إصلاح القطاع الصحي – "لا يبدوا أنه قد حقق تقدماً ملموساً منذ البدء بتطبيقه ولم تدل المؤشرات على أي تقدم حقيقي في الارتقاء بنظام تقديم الخدمات بالمديريات الصحية أو تحقيق نتائج ذات أثر" . وأضاف أن "معظم محاولات تطوير النظام الصحي العام تتوجه بالتركيز إلى تحسين وتطوير المدخلات والقليل يخصص لآليات وأساليب التشغيل التي يفترض أن تستخدم هذه الموارد بكفاءة وانضباط لتحقيق المخرجات المرجوة ". وفي إطار القيادة اكد التقرير ان تصميم الهيكل التنظيمي الحالي لوزارة الصحة لا يطبق فعليا على ارض الواقع كما ان المستويات الادنى للنظام الصحي لا يوجد لها مهمه واضحة مع وجود تداخل في المهام واعتقاد سائد بصعوبة تغيير النظام، لافتا إلى أن الهيكل التنظيمي الحالي للوزارة غير متوازن بسبب أن بعض التكوينات الإدارية لديها صلاحيات أكثر من الأخرى إضافة إلى أن هناك العديد من التكوينات الادارية تتبع الوزير . وفيما أبان وجود الأطر العامة للتشريعات والقوانين ، إلا انه اعتبر الثغرات القانونية فيها يؤدي إلى ضعف في تطبيقها بسبب عدم الاهتمام وسؤ الفهم وسوء الاستعمال . ونبه التقرير إلى غياب وانحياز وضعف في المحاسبة فضلا عن انعدام الإجماع بين القيادات الصحية والشركاء حول الاستراتيجيات الطويلة والقصيرة المدى. وقال انه "بالرغم من التحسن في الكفاءات الفنية فان هناك شعور عام بالحاجة الملحة إلى تعزيز القدرات الإدارية والى المزيد من التفويض في المهام إلى المستويات الأدنى والحد من معدل تغيير الموظفين والذي يسبب عدم استقرار النظام. وفيما أكد أن الموارد المالية المخصصة لا تلبي متطلبات التخطيط في القطاع الصحي ولا تواكب عمليات الإنفاق لتحقيق هذه المتطلبات ، انتقد التقرير انعدام المعلومات الموثوقة وغياب النظام الوطني للمعلومات الصحية، مشيرا إلى ان هناك تعدد في نماذج التقارير الإحصائية لجمع المعلومات بين مواقع تقديم الخدمات الصحية المختلفة كما أن وصولها من المواقع الى المركز غير منتظم وغير موثوق. وأضاف ان " الخطط الصحية السنوية لا تشمل أنشطة المتابعة والتقييم إضافة إلى ندرة وجود مؤشرات يمكن من خلالها التقييم فضلا عن أنها لا تعكس الوضع الوبائي للمديرية. وفيما يتعلق بالموارد البشرية أكد التقرير عدم وجود إستراتيجية حول تنميتها ، مشيرا إلى ضعف التشريعات المهنية التي تنظم أداء الكادر في القطاعين العام والخاص ، كما ان التوزيع غير عادل للكادر ،بالإضافة إلى عدم كفاية إعداده وضعف كفاءته الفنية والإدارية . واظهر التقرير "عدم ملائمة مخرجات المعاهد الصحية مع متطلبات القطاع الصحي ، إضافة إلى وجود شك في جودة تأهيلهم" ،منتقدا غياب إحصاءات أو سجلات موثوقة تحدد إعداد وتوزيع الموظفين أو إعداد العاملين حديثاً أو الذين تركوا العمل في القطاع الصحي . واكد ذات التقرير فيما يتعلق بالموارد المالية أن النظام المالي الحالي غير عملي فيما يتعلق بتلبية الاحتياج للقطاعات وآلية تدفق الأموال ،كما ان توزيع المخصصات المالية بين مختلف مستويات الخدمات غير عادل. أما فيما يتعلق بمكون الأدوية والإمدادات فتحدث عن عدم تحديث السياسة الدوائية وانعدام القوانين والتشريعات النوعية التي تنظم قطاع الصيدلة وإنعدام إجراءات تنفيذها ، وغياب المرجعية التي تنفذ محتوى السياسة الدوائية على جميع المستويات . كما كشف عن وجود تداخلات في المهام والاختصاصات بين الجهات المسئولة عن الإمداد الدوائي والتجهيزات الطبية والقطاعات الأخرى ، مشيرا عدم الترشيد (بالزيادة والنقصان ) في تقديرات الاحتياج والشراء للأدوية الأساسية وتوفيرها على جميع المستويات . وبالرغم من تنويه التقرير إلى التحسن في مستوى الإدارة التخزينية في المستودعات الإقليمية ، غير انه وبالمقابل أكد ضعف في مستوى الإدارة التخزينية على مختلف المستويات . وبذات الاتجاه تحدث التقرير عن وجود سياسات سعريه للأدوية ولكنه قال انه" لا يتم تنفيذها على أرض الواقع" كم "لا توجد مؤشرات واضحة ومؤكدة حول الاستخدام الرشيد للدواء في مختلف مواقع تقديم الخدمات الصحية في القطاعين العام والخاص ". وبالرغم من مجانية الأدوية الأساسية –كما اشار التقرير ، إلا أن المرضى يتوجهون للقطاع الصحي الخاص ، وذلك بسبب عدم توفر الأدوية الأساسية وعدم انتظام الإمداد في القطاع العام . وفي تشخيصه لواقع التجهيزات ( تكنولوجيا الصحة ) أكد التقريرعدم توفر بعض التجهيزات التقنية الأساسية في المستوى الأول لتقديم الخدمات الصحية وهناك أحياناً شك في جودة المتوفر ، كما أن هناك انعدام أنظمة الصيانة للتجهيزات الطبية في المرافق الصحية . وفيما أوضح التقرير انعدام التنسيق مع شركاء التنمية على كافة مستويات النظام الصحي وانعدام الرؤيا المشتركة حول أولويات القطاع الصحي والإطار العام للعمل المستقبلي الذي يعزز التوافق والاصطفاف مع شركاءنا في التنمية ، اكد التقرير غياب التنسيق بين القطاعين العام والخاص ،مشيرا إلى أن وزارة الصحة دوراً تنظيمياً من خلال التعاون في التخطيط للمستقبل وتوجيه استثمار القطاع الخاص .