ثلاث محافظات يمنية على موعد مع الظلام الدامس.. وتهديد بقطع الكهرباء عنها    أبوظبي اكستريم تعلن عن طرح تذاكر النسخة الرابعة التي ستقام في باريس 18 مايو الجاري    مأساة في تهامة.. السيول تجرف عشرات المساكن غربي اليمن    عندما يغدر الملوك    النائب العليمي: مليشيا الحوثي تستغل القضية الفلسطينية لصالح اجندة ايرانية في البحر الأحمر    بعد إقامة العزاء.. ميت يفاجئ الجميع ويعود إلى الحياة قبيل وضعه في القبر    جزار يرتكب جريمة مروعة بحق مواطن في عدن صباح اليوم    قارورة البيرة اولاً    أساليب أرهابية منافية لكل الشرائع    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    حرب غزة تنتقل إلى بريطانيا: مخاوف من مواجهات بين إسلاميين ويهود داخل الجامعات    مهام العليمي وبن مبارك في عدن تعطيل الخدمات وإلتقاط الصور    المحطات التاريخية الكبرى تصنعها الإرادة الوطنية الحرة    العدالة تنتصر: قاتل حنين البكري أمام بوابة الإعدام..تعرف على مراحل التنفيذ    متصلة ابنها كان يغش في الاختبارات والآن يرفض الوظيفة بالشهادة .. ماذا يفعل؟ ..شاهد شيخ يجيب    أتالانتا يكتب التاريخ ويحجز مكانه في نهائي الدوري الأوروبي!    الدوري الاوروبي ... نهائي مرتقب بين ليفركوزن وأتالانتا    ضوء غامض يشعل سماء عدن: حيرة وتكهنات وسط السكان    لا وقت للانتظار: كاتب صحفي يكشف متطلبات النصر على الحوثيين    الحوثي يدعو لتعويض طلاب المدارس ب "درجات إضافية"... خطوة تثير جدلا واسعا    في اليوم 216 لحرب الإبادة على غزة.. 34904 شهيدا وأكثر من 78514 جريحا والمفاوضات تتوقف    قوة عسكرية جديدة تثير الرعب لدى الحوثيين وتدخل معركة التحرير    مراكز مليشيا الحوثي.. معسكرات لإفساد الفطرة    ولد عام 1949    الفجر الجديد والنصر وشعب حضرموت والشروق لحسم ال3 الصاعدين ؟    فرصة ضائعة وإشارة سيئة.. خيبة أمل مريرة لضعف استجابة المانحين لليمن    هموم ومعاناة وحرب خدمات واستهداف ممنهج .. #عدن جرح #الجنوب النازف !    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    أمين عام حزب الشعب يثمن موقف الصين الداعم للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    منذ أكثر من 70 عاما وأمريكا تقوم باغتيال علماء الذرة المصريين    الخارجية الأميركية: خيارات الرد على الحوثيين تتضمن عقوبات    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    وفاة الشيخ ''آل نهيان'' وإعلان لديوان الرئاسة الإماراتي    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    5 دول أوروبية تتجه للاعتراف بدولة فلسطين    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    تصاعد الخلافات بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر والأخير يرفض التراجع عن هذا الاشتراط !    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الإخوان» الإيرانيون!
نشر في الوطن يوم 20 - 05 - 2008

هل قال مرشد الإخوان المسلمين في مصر، مهدي عاكف، جديدا حينما انحاز إلى حزب الله اللبناني الشيعي في هذه الأزمة؟ وهل أبدت جبهة العمل الإسلامي الأردنية، ذراع الاخوان السياسية، جديداً وهي تؤيد حزب الله فيما فعله في بيروت والجبل، باعتباره رمز المقاومة ومؤدب العرب الصهاينة؟
قد يبدو الموقف للمراقب عن بعد عجيبا وغريبا، إذ كيف تؤيد جماعة اسلامية سنية، توصف بالأصولية، جماعة أخرى شيعية، في معركة طرفها الآخر يغلب عليه الطابع السني «أهالي بيروت الغربية».
هل ينبع هذا من موقف متجاوز لكل الحواجز، ومرحب بالإنسان، أي إنسان، دون النظر للونه وعقيدته ومذهبه؟ أم أن القصة ليست بهذه البراءة؟
إذا كان الموقف الاخواني هذا ينبع من قلب التسامح والإخاء، فلماذا إذن سطر الإخوان في تاريخهم صفحات وصفحات من الصراع والإثارة مع آخرين اختلفوا معهم، من نفس المذهب، بل وربما من نفس التيار الاخواني؟ أين ذهبت هذه السماحة الفكرية والعقيدية التي فاضت شلالات إزاء حزب الله الخميني وإزاء إيران؟ الحقيقة أن العلاقة بين «نفس» وروح التنظيم الاخواني، هي علاقة ترابط بينه وبين الإسلام الشيعي بالنسخة الخمينية، والحجة دوماً: مواجهة العدو الخارجي، حينا بريطانيا او اسرائيل او امريكا، ويشتركون في تقديس السياسة ورفعها الى مرتبة الدين، تماما كما يصنع حزب الله الايراني في التعامل مع قضية السياسة الخارجية، وكأنها قضية الايمان بالله، لا تقبل القسمة على اثنين، فهي محسومة سلفاً بتوجيه السماء. وهذا بالضبط هو نهج الاخوان المسلمين في النسخة السنية، هذا المناخ من تصعيد السياسة ومركزة العمل فيها باتجاه المقاومة ومعاداة الخارج، وتهميش كل جوانب السياسة الأخرى، بما فيها سياسة التنمية الداخلية، هو بالضبط المناخ الذي ولدت فيها الاصولية الشيعية المسيسة الحديثة، وعلى رأسها حزب الدعوة العراقي في الخمسينات، لدرجة أن بعض قادة حزب الدعوة كانوا أساسا عاملين في حزب التحرير العراقي الذي أسسه سني فلسطيني، منشق عن الاخوان، هو الشيخ تقي الدين النبهاني، والسبب في هذا التدفق او سهولة الانتقال من حزب التحرير او الاخوان السنيين الى حزب الدعوة الشيعي، هو مساحة التفكير والأحلام الآيديولوجية السياسية المشتركة، وقد كان من مؤسسي حزب الدعوة (الذي ينتمي إليه نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي) الشيخ عارف البصري، وهو ناشط اصولي شيعي، اتى الى حزب الدعوة من حزب التحرير السني.
ويخبرنا الكاتب البحريني، منصور الجمري، عن أن شخصيات شيعية اسلامية عراقية التحقت بحزب الدعوة بعدما كانت تعمل في كنف جماعة الاخوان المسلمين في العراق كما في بحثه (صفحات من تاريخ الحركة الإسلامية البحرينية من «الدعوة» إلى «أحرار البحرين» إلى «الوفاق»). المنشور في جريدة «الوسط».
يذكر الشيخ السوري، القريب من الاخوان، علي الطنطاوي في مذكراته كيف احتفى الاخوان السوريون بالناشط الايراني الاصولي الثوري، نواب صفوي، زعيم حركة «فدائيان مبارز» حينما قدم للشام، وهو أي صفوي كان السلف الفكري والسياسي للخميني. وقد ذكره الخميني كثيرا في خطبه بعدما عاد الى طهران منتصراً.
الفكرة من هذا كله أن هناك «صلة رحم» سياسية بين حركة الإخوان المسلمين السنية، وتوابعها ومن يدور في فلكها من كتاب وصحافيين يقدمون انفسهم باعتبارهم مستقلين اسلاميين او «وطنيين»، وبين الحركة الشيعية الخمينية بكل تفرعاتها، والخيط الناظم لهذه العلاقة، هو الاشتراك الكبير في تسييس الاسلام الكلاسيكي لصالح اجندة سياسية ورؤى محددة للحل والدولة والمجتمع، وتكاد لا تشعر بالفرق المنهجي الكبير بين ادبيات الاخوان المسلمين وجماعة كحزب الله، لولا انك تتذكر من حين لآخر ان هذه مجموعات شيعية وتلك سنية أثناء الإحالات التاريخية أو تذكر الأبطال الرموز او اسم الفردوس الاسلامي المرتجى، فهو تارة
«الخلافة» وتارة دولة «صاحب الزمان» فلدى الشيعة يبرز الحسين والعباس وزينب.. وترى ألقاب حيدرة والكرار، ولدى الاخوان السنة: عمر بن الخطاب وصلاح الدين ونور الدين.. الخ.
من اجل ذلك فلم يكن غريبا موقف كموقف مرشد الجماعة في مصر مهدي عاكف، وهو يدافع بعنفوان وقوة، عن الخط الإيراني الأصولي الثوري تكاد معها تعتقد انه ولد في قم او في جبل عامل! يقول في مقابلة نشرت معه في «الوطن العربي» في اغسطس (آب) 2006، متحدثا عن طبيعة التحالف بينهم وبين حزب الله: «هو تضامن وتحالف وتأييد وكل شيء». وحينما طلب منه الجواب حول وجود اجندة ايرانية للسيطرة على المنطقة العربية وإشاعة النفوذ الإيراني، بادر بالقول: «فلنترك هذا الكلام جانبا، ما يقال عن أجندة إيرانية يقوله أعداء الأمة». ويبدي إعجابه باللغة الجدلية الايرانية وتفكير ملالي طهران فيقول: «الإيرانيون عندما تتحدث معهم تجد كلامهم موزونا فيه المنطق والحجة ولا يتحدثون إطلاقا عن رغبتهم في السيطرة وإنشاء دولة عالمية».
المرشد ورغم انه قال هذا قبل سنتين، إلا انه هذه الأيام وبعد غزوة بيروت التي نفذها الحزب الإلهي، عاد وجدد التأييد والدعم لهذا الحزب الخميني، ضاربا عرض الحائط بأي كلام عن توسع ايراني في كل قضايا العرب. لأن كل شيء «مدنس» بالنظر الى القضية المقدسة لديه وهي: مواجهة امريكا والصهيونية، ولو خربت البلدان كلها، في تناغم عجيب مع كلام مندوب حزب الله في حوار الدوحة، محمد رعد، حين ووجه بالحذر من سلاحه المصوب نحو اهالي بيروت والجبل، فقال: «سلاحنا مقدس».
لماذا هذا التوتر والحنق لدى الاخوان المسلمين السنيين والاخوان المسلمين الشيعيين، او لنقل بين حزب الله السني وحزب الله الشيعي، فيما يخص مسألة السلم والعيش الهادئ والتوجه نحو الحياة والتنمية؟
لماذا هذا التصعيد العنيد والمغلق إزاء قضية السياسة؟ هل هذا كله خالص من دون شوائب، ام انه خطاب شعبوي لكسب عاطفة الجماهير المحبطة؟ ام ان الأمر أعقد من ذلك ويعود الى صراع مزمن بين تيار الدعوة للتنمية الداخلية والإصلاح الاقتصادي والتعليمي، وبين تيار المواجهة الخارجية وتأجيل او تهميش كل شيء من اجل هذه المواجهة؟ كما لاحظ بذكاء الدكتور عبد المنعم سعيد في مقالته المنشورة في هذه الجريدة الأربعاء الماضي.
موقف الاخوان المسلمين من هذه الغزوة لحزب الله، موقف خطير، والغريب أن المرشد، ورغم براغماتيته ومكر الاخوان السياسي المعتاد، تخلى هذه المرة عن تلاعبه بالالفاظ، وابدى التأييد الصريح لحزب الله فيما اقترفه، وفعل مثل ذلك بعض الاصوات الاسلامية المصرية المحسوبة على الاعتدال، وهي تصدح بالتأييد لحزب الله فيما فعله على قناة المنار!
يبدو لي في تفسير هذا الموقف، فوق التشابه في التفكير السياسي الاصولي، والنكاية بالنظام المصري الحاكم، هو الحرص من قبل «سيد» الجماعة على كسب ود «سيد» المقاومة، وبالتالي سيدة الاثنين: إيران، التي تدعم حركة حماس الاخوانية، وهي اول تنظيم اخواني ينشئ سلطة في العالم العربي، مهما كانت محاصرة او معزولة، فهي في النهاية سلطة الامر الواقع، ولديها وزراء وأجهزة، ولا من داعم لها الا ايران وتابعها حزب الله الذي يردد أمينه العام، اسم حماس كما يردد اسم «خيانة» لكل خصومه! هذا الموقف من جماعة الاخوان المسلمين يشير الى عمق الازمة التي يشعرون بها في النظام السياسي العربي، فهم في حالة خصام دائم معه، وربما يرون، وهم محقون في ذلك، انهم يملكون قاعدة شعبية كبيرة، فلماذا لا يصلون الى السلطة ويحكمون، مثلما وصل برعمها «حماس». واذا ما كانوا يفكرون في ذلك، وهم حتما يفكرون، فمن يمكن ان يوصلهم الى كرسي الخلافة السني إلا الملا الصفوي في طهران، في مفارقة عجيبة من مفارقات الزمان..
الاخوان، وحزب الله وجهان لعملة واحدة، هي اختزال الدين في مشروع سياسي سلطوي، والحجة الجاهزة دوماً: العدو الخارجي، ملغين كل عدو آخر حتى ولو كان عدو الجهل والفقر والتخلف والكساح العلمي.
ايران تقف من بعيد، وهي تدير اللعبة بمهارة وحرفية، وتحرك البيادق بكل اقتدار، لكنها، ومهما طالت تظل لعبة مؤقتة تنتهي بانتهاء غمامة الجهل والتخدير، مثلما انتهت غمامة حزب الله الصيفية.
[email protected]
*الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.