أعرب نواب في البرلمان عن تخوفهم من تأسيس دولة الفضيلة الدينية في اليمن تباشيرها إصرار لجنة أحكام الشريعة في البرلمان مجددا على طرح تعديلات لقانون الجرائم والعقوبات طابعهااجتهادات فقهية متشددة ومقوضة للديمقراطية والحريات. وفي السياق شهدت جلسة البرلمان أمس الثلاثاء اعتراضات حادة من نواب على التعديلات التي أعادة لجنة تقنين الشريعة طرحها في تقرير جديد ، معتبرينً التعديلات الموضوعة تراجعاً عن التوجه الديمقراطي. ووصف رئيس كتلة حزب المؤتمر الحاكم النائب سلطان البركاني تلك التعديلات" بأنها كارثية وتجانب الصواب وتتعارض مع الحريات "، محذرا من أن تعديلات لجنة تصنيف أحكام الشريعة الإسلامية على القانون تجعل اليمن أمام العالم أكثر تخلفا من طالبان . وقال:" هذه التعديلات ستفتح النار على اليمن في الداخل والخارج" ، متهما لجنة التقنين بأنها كانت غير موافقة على مدى أربع سنوات اقترحت خلالها تعديلات على القرار الجمهوري بالقانون رقم (12) لسنة 1994م بشأن الجرائم والعقوبات ، متسائلا عما إذا كان هناك فراغا قانونيا يجعل البرلمان يستعجل في تعديل القانون في ظل وجود تشريع نافذ . وذهب طرح نواب آخرين إلى اعتبار التعديلات الموضوعة من لجنة التقنين يغلب عليها اجتهادات مذهبية معينة وأعرب اخرون عن تخوفاتهم من نصوص تضمنتها التعديلات باعتبارها سالبة للحريات. وفيما طلب وزير العدل د. غازي الأغبري خلال الجلسة مهلة شهر لإبداء ملاحظات على تعديلات اللجنة التي قال أن الحكومة غير موافقة على الكثير منها ، أقر البرلمان إعادة التعديلات إلى ذات اللجنة لتدارسها مع الجانب الحكومي وهي المرة غير الاولى التي يصد فيها مقترحات لجنة التقنين من تعديلات على قانون الجرائم والعقوبات. والقرار الجمهوري بالقانون رقم (12) لسنة 1994م بشأن الجرائم والعقوبات ، أثار تنازع متواصل فيما يتعلق بتعديلات مواده . لجنة تقنين احكام الشريعة بالمجلس والتي يغلب عليها سيطرة حزب الإصلاح الاسلامي المعارض على مدى دورات البرلمان، ترى أحقيتها الدستورية في دراسة القانون ووضع التعديلات المناسبة وان كان متأخرا بجانب ما يقدم من تعديلات حكومية. بالمقابل يشكك نواب مرارا في سلامة إجراءات طرح اللجنة لتعديلات في القانون باعتبار أن هذا القانون أساسه قرار جمهوري اشترط حينها الدستور قبل تعديله في 2001م أن يعرض على البرلمان في أول فترة انعقاد بعد صدوره للدراسة والتمحيص . فيما أحيل القرار بقانون بحسب تقرير لجنة تقنين الشريعة الدارسة له في 2003م عقب العمل بالدستور الجديد الذي يلغي صلاحية رئيس الجمهورية بإصدار قرارات بقوانين. وبالإشارة إلى عدم سلامة الإجراءات فأن الدستور واللائحة البرلمانية صريحان في أن مشاريع والقوانين وتعديلاتها تقدم من الحكومة ،أو من نائب أو عدد من النواب ويعرض على البرلمان للنقاش من حيث المبدأ ثم يحال للجنة المختصة،أو للجنة الدستورية لإبداء الرأي إن كان مقدماً من نائب في البرلمان. وبعيدا عن تنازع الحكومة وحزبها الحاكم مع حزب الإصلاح الإسلامي المعارض برلمانيا حول المخول بوضع وصيغة التعديلات في قانون الجرائم والعقوبات ، فان غالبية ما يقدم من كلا الطرفين يتفق في مسار واحد معيق للتطور الديمقراطي وسيادة القانون بصبغة كانت دينية أو سياسية. وصد أكثر من تعديل في قانون الجرائم والعقوبات وضعته لجنة تقنين الشريعة المتتابعة في المجلس ،سيما ذات الصلة بتكريس الفضيلة بمفاهيمها المتشددة والسالبة للحريات وإعاقة السياحة والاستثمار. وبالمقابل أعيق من قبل اللجنة ونواب داخل المجلس أكثر من مشروع تعديل لمواد في ذات القانون تقدمت به الحكومة تتعلق بالتمييز للمرأة كالمساواة بالدية وعقوبات زواج صغيرات السن ونحوه فضلا أحكام جديدة متصلة باستغلال الأطفال ، غير نصوص تخص تشديد عقوبات تتعلق بالمساس باستقلال ووحدة وسلامة اليمن واراضيها والاشتراك في عصابات مسلحة والتحريض على التمرد والعصيان المسلح أو قطع الطرقات العامة وإتلافها وإعاقة الحركة فيها ،فضلا عن تشديد عقوبات فضفاضة اتصلت بإشاعة أخبار بقصد تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق ضرر بالمصلحة العامة وكذا الإساءة المقصودة علنا لرموز البلاد ومؤسساته.