تقرير - على بعد أسبوعين من انتخابات رئاسية مبكرة في اليمن حدد موعدها الزمني في ال21 من فبراير الجاري -بمقتضى مخرجات التسوية الخليجية وبرعاية وإشراف خليجي دولي - اتفق على مرشحها طرفي الأزمة التي دخلت عامها الثاني وأكلت الأخضر واليابس.. لا يزال الشارع اليمني منقسم حول نفسه بين متفائل ومتشائم وإن كانت الأكثرية للأول من إمكانية إحداث الانتخابات المرتقبة انفراجة ملموسة للأزمة بانعكاساتها المتفاقمة امنيا ومعيشيا واقتصاديا ،إذ لا يزال مصير التيار الكهربائي وحركة شاحنات الوقود ومشاريع ضخ المياه للمنازل والمظاهر المسلحة - مرهونة بمزاج أطراف الأزمة وخاضعة لنتائج احتساب وتسديد فواتير أدواتها. ومع كل خطوة للجنة العليا للانتخابات والاستفتاء باتجاه إنجاز الاستحقاق الانتخابي المرتقب يقابلها ارتفاع ملحوظ في تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية وتضييق الخناق على العاصمة في حصار عقاب جماعي على سكانها المثقلين بصراع مراكز القوى الناهبة للبلاد والعباد والعابثة به على مدى عقود داخل النظام ومؤخرا بخروجها من رحمه لسرقة مستقبل التغيير والتحول في منحى ممزوج بتعميم انفلات أمني يسوق للفوضى في عموم البلاد لإجهاض وإعاقة الانتخابات المقرة في ال21 من الشهر الجاري . وكشف مسئول بشركة النفط اليمني أمس الأول احتجاز 13 شاحنة محملة ب700 لتر ديزل في طريق عام بمحافظة ذمار (وسط اليمن) على ذمة مطالب شخصية لجماعة مسلحة احتجزت شاحنات الوقود هناك ، في حين كانت مصادر رسمية أكدت نصب مجندين بقوات الفرقة الأولى مدرع والتي يقودها اللواء المنشق علي محسن صالح بمشاركة مليشيا الجناح القبلي والديني المتطرف لجماعة الإصلاح (أكبر أحزاب المعارضة في اليمن قبيل تقاسمه مقاعد الحكومة مع حزب المؤتمر ) نصبوا عدة كمائن وقطاعات على عدد من الخطوط الطويلة ومنها الخطوط المارة بمحافظة ذمار ومديرية باجل محافظة الحديدة غربي اليمن . واشتكى مدير شركة النفط بأمانة العاصمة خالد جرعون حصاراً اقتصادياً جائراً على العاصمة ومعاناة الشركة جراء حملة تقطعات واسعة لناقلات المشتقات النفطية في الخطوط المؤدية إلى العاصمة ( صنعاء - الحديدة - ذمار - صنعاء ) و (الحديدة – مناخة – صنعاء ) وفي الخط البديل (الحديدة – المحويت – صنعاء ) مشيراً إلى بذل الشركة جهوداً مضنية لتوفير النفط للعاصمة رغم انخفاض حصتها من 90 مليون لتر شهرياً إلى 40 مليون لتر فقط . ويقول محمد الحاشدي من سكان العاصمة أنه متشائم من إمكانية انفراج الأزمة المعيشية والاقتصادية ووصول ناقلات النفط إلى العاصمة بسهولة وكذا إعادة التيار الكهربائي وباقي الخدمات على الأقل لسابق عهدها ،مبرراً ذلك بنشوء ما أسماها سوق المفاوضات والتكسب السياسي على حساب معاناة المواطنين . وأوضح الحاشدي أن سوق المفاوضات يعني إيعاز أطراف سياسية وعسكرية وقبلية لعناصرها بقطع الطرقات وضرب أنانبيب النفط وخطوط الكهرباء للضغط على الطرف الآخر وتحقيق مكاسب مادية وسياسية وترتيبات من نوع التحضير لسيناريو انقلابي جديد ومرتقب . وتوقع في حديث ل"الوطن" أن اقتراب موعد الانتخابات وحشد الأحزاب لأنصارهم لإنجاحها أمر يعتبره اللواء علي محسن القريب من جماعات التطرف والجهاد والطامح ليكون راعي النظام الجديد لتكريس استبداد وفساد مضاعف يتفرد فيه مع قوى التطرف للحكم ، خطر يتهدده في حال نجاح العملية الانتخابية ولذلك فإنه يجند مشائخ وشخصيات معروفة بالولاء له ويغدق عليهم الأموال لنشر مليشيات لهم وتسليحهم وتوزيعهم على كل المحافظات سعياً لإعاقة الانتخابات وإعادة الأزمة إلى مربعها الأول . وكشفت مصادر أمنية نصب معاون للواء محسن يدعى العقيد حفظ الله صوفان كميناً ليل السبت الماضي برفقة مجموعة مسلحة نصبهم قطاعاً مسلحاً على طريق باجل مدينة الشرق والسطو على 4 شاحنات للوقود ونقلها إلى منطقة مجهولة . ويتمركز العقيد صوفان والموالي للواء علي محسن مع مجاميع مسلحة في التباب المطلة على الخط العام الذي يربط بين صنعاء والحديدة منذ بداية العام الماضي ويقوم بقطع الطريق ونهب المارة . ويؤكد عبدالجبار المحبشي – سائق شاحنة مشتقات نفطية – تكبدهم خسائر فادحة جراء اعمال القطاعات وتعرض حياتهم للخطر ، ولذلك هو متفائل بان تنهى الانتخابات المرتقبة هذه الاعمال الاجرامية ويعودون لممارسة حياتهم العملية واستئناف نشاطهم التجاري بحرية . خطوط نقل التيار الكهربائي المنقطعة على العاصمة وغيرها منذ سبعة أشهر ومتفاقمة بشكل لافت مؤخرا رغم وعود حكومة الوفاق ووزير الكهرباء الجديد المنتمي لحزب الإصلاح،هي الأخرى لا تزال في مرمى نيران جماعات قبلية مسلحة موالية للواء المنشق والجناح القبلي والديني المتشدد لتجمع الإصلاح ..بل إنها باتت فيما يبدو سوقا خصبا لجنى الأموال وبالعملة الأجنبية .. وأواخر الأسبوع الماضي لم تنجح (فدية ) مالية قدرت بآلاف الدولارات حملها قيادي حكومي إصلاحي بصحبة معاون آخر للواء على محسن يدعى العتمي – لم تنجح- في إعادة التيار الكهربائي ومنع مليشيا التطرف الإصلاح –القاعدي في مديرية نهم بمحافظة صنعاء من ضرب أعمدة الكهرباء الناقلة للتيار من الغازية في مأرب بنقيل بن غيلان وقبلها في مناطق بمأرب تحت النفوذ ذاته.. فالظاهر أمام مراقبي التسوية من سفراء الخليج والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مساعي حكومية لإعادة الخدمات بإرضاء القبائل بمبرر لأعمالهم التخريبية في فرض العقاب الجماعي بأنهم ساخطين على النظام وتهميشه لقراهم من الخدمات واعتداء الجيش عليهم ،رغم حقيقة مسعاهم في احتلال المعسكرات. غير أن الأوامر واقعا ، كما ظهر وتكشف مؤخرا لتيار من ثالوث اكتمل وضوحا "حكومي – قبلي مليشياتي-عسكري متمرد" قائم على أساس اعتبار القضية بقرة حلوب لجني الأموال المستخدمة لتغذية أعمال العنف والتخريب وشراء الولاءات في عموم البلاد بترتيبات بسط السيطرة والنفوذ سعيا وراء تفرد في مرحلة انتقالية حرجة للانقضاض على الحكم انقلابيا.