تأتى الضربات الجوية الروسية لمعاقل تنظيم "داعش" الإرهابي فى سوريا بمثابة تحول عنيف لخريطة الشرق الأوسط، فهذا التدخل العسكرى الروسي هو الأول من نوعه بشكل رسمى، ومُعلن على مر التاريخ. وحول هذا الموضوع قال الباحث المصرى بجامعة نيجني نوفجوراد الروسية الدكتور عمرو الديب إن القوات السوفيتية قد تدخلت بشكل مباشر مرات عديدة سواء بجانب مصر أيام العدوان الثلاثى وفى الفترة ما بين 1969 و1970 وكان هذا الأمر له عظيم الأثر فى وقف إطلاق النار (مبادرة روجرز)، أو بجانب القوات السورية فى الفترة ما بين 1975 وحتى 1982. وأضاف الباحث المصري أن هذه التدخلات من جانب القوات السوفيتية كانت غير معلنه، غير أن روسيا فى الوقت الحالى لها سوابق قليلة فى التدخل العسكرى الخارجى عندما يتم تهديد مصالحها بشكل مباشر، فنراها تدخلت عسكريا فى كلاً من جورجياوأوكرانيا والآن سوريا، مشيراً إلى أن الدخول العسكرى الروسي فى سوريا يضع حداً للتواجد العسكرى الأمريكى فى الشرق الأوسط فبعد حوالى 25 عام على التواجد الأمريكى فى منطقتنا العربية تأتى روسيا وتثبت للولايات المتحدة أن القرار لن يكون احاديا بعد الآن سواء فى منطقة الشرق الأوسط أو فى العالم. وأشار الباحث المصري عمرو الديب إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد فى كلمتة أمام الأممالمتحدة على أن عصر الدولة الوحيدة فى العالم انتهى، وهذا ليس مجرد كلام انما يوجد من العوامل على الأرض ما يدعم حديثه, كما رأينا فى أوكرانياوسوريا من إنتصار فى وجهه النظر الروسية، ورأينا خلال ثلاثة أيام نتائج هامة للضربات الجوية الروسية لم تحققها الضربات الجوية الغربية منذ عام ونصف، وهذا ما أكده المركز الوطني الروسي لإدارة الدفاع قائلا: "الضربات كانت تشن على مدار الساعة من قاعدة "حميميم" في كل عمق الأراضي السورية".. واستطعنا خلال ثلاثة أيام تقويض القاعدة المادية والتقنية للإرهابيين وتقليص قدرتهم الحربية بشكل ملموس". وأوضح الباحث المصري أن هذا الأمر يكشف نوايا الولاياتالمتحدة فى عدم الجدية فى القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، ويوجد من يردد بأن سوريا ستكون بمثابة أفغانستان أخرى للقوات السورية إلا أن هذا الكلام لا يدعمه شيء فروسيا ليست الاتحاد السوفيتى وسوريا ليست أفغانستان لإختلاف طبوغرافيا الدولتين، فأفغانستان عبارة عن جبال و مغارات ولكن سوريا عبارة عن سهول وتلال، وأثبتت التجربة أن الاتحاد السوفيتى فشل فى أفغانستان وكذلك الولاياتالمتحدة. وقال الديب أن القوات البرية الروسية لن تدخل أرض المعركة فى سوريا لعدم الحاجة، فيوجد على الأرض قوات الجيش العربى السورى وقوات حزب الله وقوات إيرانية آخرى فلن تكون هناك خسائر نهائياً فى القوات الروسية إلا إذا تدخلت قوات الدفاع الجوى الإسرائيلى أو تدخلت الولاياتالمتحدة وهذا إن حدث ستكون هناك عواقب لا يعلم مداها إلا الله. وأكد عمرو الديب أن روسيا الآن تعمل على إنشاء مركز معلوماتى فى بغداد يضم كل من روسياوسوريا والعراق وإيران يضم ممثلي هيئات أركان جيوش الدول الأربع، وتتلخص وظائف المركز الأساسية في جمع ومعالجة وتحليل المعلومات عن الوضع في منطقة الشرق الأوسط في سياق محاربة "داعش"، مع توزيع هذه المعلومات على الجهات المعنية وتسليمها إلى هيئات أركان القوات المسلحة للدول المشاركة في المركز، وهذا يدل على ميلاد حلف جديد فى المنطقة العربية، وبإنتظار دخول الصين فيه ضد حلف فعلا موجود تم الإعلان عن وجوده وهو حلف الولاياتالمتحدة, وألمانيا, وبريطانيا, وفرنسا, والسعودية, وتركيا وقطر حيث أعلنت هذه البلدان عن بيان مشترك حول العمل العسكري الروسي في سوريا مؤخراً، مؤكداً أنه يرى أن موقف كل من إسرائيل ومصر فى منتهى الصعوبة لعدم إمكانيتهم فى دخول أى من الحلفين. ____ *المصدر: وكالة "سبوتنيك" الروسية