كمن يبحث عن قطعة سُكَّر في مُدن النمل.. وكمن يبحث عن زغرودة في بيت عزاء.. هكذا يقضي اليمنيون حياتهم بحثاً عن بهجة مسروقة.. بهجة تمت سرقتها بالتواتر والعنعنة، وبسند صحيح يعرفه الخاصة والعامة، ومع ذلك يظل الشعب يبحث عن هذه البهجة، دون يأس، وهو يعرف أنه لن يجدها. شعبٌ يضيع وقته في البحث عن شمعة، ويقنع بكشَّاف ضوء صيني يربطه على رأسه، ليقضي ليله وهو يتقمَّص شخصية عمَّال المناجم.. شعبٌ يبتهج بقرار جمهوري، وهو يعرف أنه لن يتم تنفيذه.. تماماً كقرار تحويل الفرقة الأولى مدرع إلى حديقة تمت تسميتها 21 مارس، وما زال يحلم بأن تحدث معجزة لتنفيذ قرار الرئيس الذي لا يبدو أنه نادم على إصدار هذا القرار، ولا يبدو أنه آسفٌ على قراراته التي فقدت مفعولها، كما لو أنها كيس ملح إنجليزي انتهت تاريخ صلاحيته، فأصبح ضرره أكثر من نفعه. شعبٌ نائمٌ، ورئيس يرفض أن يستيقظ، وحكومة تتقوقع على نفسها وتمشي ببطء سلحفاة فقدت قدميها في حادث لم تعرف شيئاً عن تفاصيله حتى اللحظة. ظلَّت المعارك تدور في صعدة، وفي الجوف، وفي عمران، والدولة تتفرَّج وكأنها تشاهد فيلم أكشن، رغم معرفتها بأن القصة واقعية، وكل الشخصيات حقيقية، لكن يبدو أن الترجمة لم تكن مفهومة!! وظلَّت التقطُّعات قائمة في الخطوط الطويلة، وضحايا النهب والتقطُّع تحتل حيزاً من أخبار الصحف، لكن يبدو أن الدولة كانت تكتفي بأرشفة هذه الدماء. وحين يتم اختطاف أكثر من 80 فتاة في صنعاء، خلال شهر واحد فقط، ولم تحرِّك الدولة ساكناً تجاه هذا الأمر، فقد وجب خلعُها كمسمارٍ صدِئ سيتسبَّب بموت الشجرة إن بقي مغروساً في جذعها.