تتناول الصحافة في بلادنا العديد من الظواهر عبدالعزيز بن بريك السيئة في حياتنا العامة منها ما يمس حياة المواطن, ومنها ما يمس العديد من الأمور المهمة التي تؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني عبر الفساد الذي استشرى في العديد من المؤسسات الحكومية. حيث تظهر الصرخات من فم الصحافة الوطنية والأهلية والحزبية وتؤشر بالملموس عبر الوثائق والأدلة الدامغة التي تؤكد صدق تلك الطروحات, والمؤسف أنها تقابل بكثير من الدم البارد الأمر الذي يجعل من أشاروا إليهم بالفساد أن يطوروا أساليبهم عبر طرق شتى لأن لسان حالهم يقول “كلام جرايد" ونراهم مستمرين في فسادهم وإفسادهم دون أن يعيروا ما تم طرحه أي اهتمام. هذه الأساليب الميتة في تعامل أولئك النفر من الفاسدين مع ما يقومون به تنطلق من أن لا أحد يستطيع محاسبتهم باعتبار أنهم قد سبكوا كل ما يفعلونه بحيث يصعب على الآخر معرفة فسادهم القاتل. ومن خلال متابعتي عمّا تقوم به الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد, فإن الأرقام والتصريحات هي السائدة في كل عملها دون أن تثير ولو مرة بإظهار فاسد ما في مؤسسة بعينها, بل يغلب على طابع عمل الهيئة بكل أفرعها ومؤسساتها ذلك الركود والهدوء في مكافحة الفساد عبر التصريحات النارية أو الشكوى والصعوبات وما إلى ذلك من الإرادة المشلولة في متابعة القضايا المطروحة أمامها. الواقع أن الرتابة القائمة في عمل الهيئة جعلها تفكر في إطلاق لغة الأرقام دون وجود مسميات للحالات المنظورة أمامها, وهذا في اعتقادي يطيل عمر الفاسدين ويجعلهم يرتّبون أنفسهم لجولات أخرى أشبه بجولات المصارعين في الحلبات. لغة الأرقام الهائلة التي أطلقتها الهيئة تكفي لأن نقضي على رؤوس الفساد, ولكن عدم وجود النية والفعل يجعل الهيئة عبارة عن هيئة لكشف الفساد وليست هيئة لمكافحة الفساد!!. وإذا تساءلنا: كم حالة تمت إحالتها إلى القضاء, أو أن القضاء فصل في العديد من الحالات, سنرى أن الأرقام هي التي تبرز أمامنا دون تقديم أولئك الفاسدين وإظهارهم عبر وسائل الإعلام لكي يتعظ من هم يفكرون بنهب المال العام. ألم يكفِ أن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح, رئيس الجمهورية قد أشار في أكثر من مناسبة إلى ضرورة اجتثاث الفساد ومحاسبة الفاسدين, وإعطاء الضوء الأخضر للهيئة بتفعيل عملها بحيث تكون هيئة للوطن دون غيره, أم أن الهيئة في انتظار ترتيب عملها وبانتظار لمن يقوم بإرشادها في ممارسة أدائها حتى تبدأ بمهامها؟!. هناك العديد من التجارب في عدة دول, وليس العيب في أن نستفيد من تجارب الآخرين حتى نؤدي عملنا بالشكل المطلوب.