قلق في مصر بعد المسيرة التي نظمها المتظاهرون بميدان التحرير المطالبون بإسقاط حكومة الفريق أحمد شفيق وكل أذناب الحزب السابقين، في حين تكهن بعض المراقبين بأن هناك احتمالات بتورط عناصر أمنية في محاولة اغتيال اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق.
الأخبار
أعرب مراقبون ومحللون عن احتمال ضلوع أذناب النظام السابق في حادث تعرض اللواء عمر سليمان في محاولة اغتياله منذ أيام، خاصة الفريق الذي كان يرفض تولي سليمان سدة الحكم وتشير أصابع الاتهام لعناصر من جهاز أمني لعب دوراً بارزاً في حالة الانفلات والحوادث التي شهدتها مصر خلال ثورة يناير، وذلك بعد أن فجر أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية عن مفاجأة حيث أكد صحة الأنباء التي تحدثت عن تعرض عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية السابق لمحاولة اغتيال قبيل تنحي مبارك وأشار إلى أن جهات التحقيق تبذل جهودا كبيرة لتعقب الجناة والكشف عن تفاصيل الحادث.
- جددت مليونية جديدة في ميدان التحرير بالقاهرة أمس الدعوة لإسقاط حكومة أحمد شفيق وتشكيل حكومة وطنية جديدة “خالية من أي رموز لنظام الرئيس السابق" محمد حسني مبارك، حيث طالبت بمحاكمة الأخير ورموز نظامه ومصادرة أملاكهم، وبعد أن نجح بعض المتظاهرين في حصار مقر مجلس الوزراء صدرت دعوات لحصار وزارات العدل والخارجية والداخلية يوم الجمعة المقبل .
- صرّحت وزيرة العدل الألمانية زابينه لويتهويزر شنارنبرجر بأن ألمانيا لم تتلق حتى الآن طلبا من مصر لتجميد أرصدة الرئيس السابق حسني مبارك، ولكنها تلقت فقط طلبات بتجميد أرصدة خمسة مسئولين مصريين سابقين, وأنه تتم دراسة هذه الطلبات في عجالة, مؤكدة في الوقت نفسه أنها لا تستطيع تحديد موعد البت النهائي في هذه الطلبات.
- على وقع التحركات الشعبية في كل من تونس ومصر التي تواصلت أمس، إضافة إلى اتساع سيطرة الجماهير الليبية على مزيد من المدن والمناطق وتقديم المزيد من الدبلوماسيين الليبيين في العالم استقالاتهم والتحاقهم ب "حركة 17 فبراير"، شهدت 8 عواصم عربية عدة مظاهرات شعبية حاشدة ترفع شعارات الإصلاح تعبيراً عن صحوة عارمة تجتاح العالم العربي والتي أفرزتها الثورة المصرية ومن قبلها التونسية.
الرأي
طالب الكتاب العرب بتطهير فلول النظام السابق في مصر من مواقع اتخاذ القرار حتى لا تخرج فلول الحزب المغضوب عليه جماهيريا للالتفاف على مطالب الشعب، فيما انتقد بعض الكتاب السماح للقرضاوي بإلقاء خطبة الجمعة بميدان التحرير، في حين قلل آخرون من حجم القرضاوي والإخوان الذي يستخدمون التقية السياسية لعدم إخافة الغرب من نواياهم في الوصول إلى السلطة، هذا وقد أكد محللون أن مصر ستقود موجة التغيير في العالم العربي نظرا لأن الحكام العرب ليس لديهم ما يقدمونه لشعوبهم الفاقدة للثقة بهم، إلا من خلال تكرار السيناريو نفسه، والخروج بعدها بقمع أكثر شراسة من ذي قبل، لكن تحرر مصر يعني بدء مرحلة جديدة من التنمية.
تطهير فلول النظام السابق من الحكم مطلب شعبي
تساءل الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان في صحيفة القدس العربي، عن سر بقاء الفريق شفيق رئيسا للحكومة، وهو الذي يتباهى بأنه تلميذ نجيب، وصديق مخلص للرئيس المخلوع حسني مبارك وأدى القسم أمامه؟ مشيرا إلى أن عدم اكتمال عملية التغيير، يثير الخوف من إعادة استنساخ النظام فيها بطريقة أو بأخرى، خاصة أن وزارة شفيق التي عينها الرئيس المخلوع حسني مبارك ما زالت تمارس مهامها، وكأنها حكومة ميدان التحرير. ولماذا الاحتفاظ بوزير عدل متهم بتزوير الانتخابات الرئاسية عام 2005 حتى يفوز الرئيس مبارك بالأغلبية، وبنسبة كبيرة من الأصوات؟ ثم يتم بعد ذلك اعتقال الدكتور أيمن نور لأنه تجرأ وخاض الانتخابات منافسة للسيد الرئيس، وتصدر الأوامر للصحف وأجهزة الإعلام بتشويه صورته، وللأمن بشق حزبه.
وقال الكاتب الدكتور إبراهيم العاتي في صحيفة القدس العربي: إن الشعب المصري العظيم أثبت أنه على درجة كبيرة من الوعي، ولم تنطل عليه مخططات السلطة ومكرها، وكشف عن معدنه الأصيل وروحه الحضارية المتجذرة في الخامس والعشرين من كانون الثاني ( يناير) هاتفاً بنداء الحرية، ومقدماً القرابين من خيرة شبابه في سبيلها.
الجيش يقف أمام القرضاوي لتحويل مصر إلى "خومينية سنية"
قالت صحيفة القدس العربي نقلا عن صحيفة إسرائيل اليوم العبرية تخوفها من أن تتحول مصر إلى "خومينية سنية" يقولها الداعية الإسلامي الدكتور يوسف القرضاوي، مشيرا إلى أن الجيش هو الحائل الذي يقف بين الإخوان والسلطة في مصر: وقالت الصحيفة العبرية: إن الذي يقف بين القرضاوي والإخوان وبين تحقيق رؤياهم هو الجيش المصري، العالِم جيدًا بخططهم السياسية. ونتيجة المعركة بين الطرفين تتعلق كثيرا بالدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة وهي المشغولة الآن بتقدير من جديد لسياستها مع مصر. ينبغي الأمل ان يكون متخذو القرارات في عواصم الغرب قد استمعوا ايضا للاصوات التي انطلقت يوم الجمعة الاخير من ميدان التحرير وأن يكون ذلك من بين سائر التقديرات.
وعلى جانب آخر انتقد الكاتب طارق الحميد في صحيفة الشرق الأوسط، تفكير إسرائيل في مفاوضة القرضاوي بدلا من الأنظمة الحاكمة في العالم العربي، وقال: يبدو أن الإسرائيليين يعتقدون أنه باتت للقرضاوي الكلمة العليا في مصر، والعالم العربي، ويعتقدون أنه أصبح المرشد الأعلى للأمة الإسلامية. وهذا تسطيح، وجهل بحقائق الأمور؛ فالإخوان المسلمون حسموا أمرهم من قضية التعامل مع إسرائيل منذ فترة طويلة، كما يبدو، وهم لا يستخدمونها إلا لتجييش الشارع العربي، وابتزاز الأنظمة العربية، ومنها النظام المصري السابق، وإلا فكيف نفسر تصريحات الإخوان المسلمين بعد تنحي نظام الرئيس حسني مبارك؟ حيث صرح أحد أعضاء الجماعة، قائلا، حول اتفاقية كامب ديفيد: إن الاختلاف، أو الانتقاد، لاتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية كانا حين طرح الأمر للنقاش، لكن بعد توقيع الاتفاق فإن الأمر بات ملزما. هذا هو موقف الإخوان المعلن بعد تنحي مبارك، وهذه هي التقية السياسية بالطبع.
من جانبه استنكر السياسي الإخواني كمال الهلباوي في صحيفة القدس العربي، ما صرح به مسئول مصري من أن السماح للإخوان بإنشاء حزب، يشبه التصريح بإنشاء حزب نازي في ألمانيا، وقال: إن أحدا لم يكن يتصور أن يقوم مسئول مصري متعلم، مهما كان قريبا من السلطة ممن يتحدثون عن التنمية والنهضة والحرية والحزب الورقي الحاكم، بأن يحذر الغربيين من الإخوان المسلمين، لأنه يرى أن السماح لهم بالعمل السياسي مثل تقنين الحزب النازي في ألمانيا. إذا قال مسئول مصري عربي هذا الكلام لأهل الغرب، وهو لا بد أنه يدرك خطورة ويكيليكس، فماذا كان يقول لحكام العرب ومسئوليهم، وخصوصا في الاجتماعات السرية، والعرب ليسوا من أهل ويكيليكس ولم يعملوا أي حساب لويكيليكس من قبل؟ ولم يعد أي شيء سراً بعد اليوم.
وعلى جانب آخر، أشار الكاتب محمد عبد الحكم دياب في صحيفة القدس العربي إلى ما يصرح به المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير الداخلية حول الشرطة وضرورة عودتها مرة أخرى بعدم إعادة هيكلتها. وفكرة إعادة الهيكلة لا يمكن تناولها بمعزل عن موقف عموم المصريين، خاصة قوى الثورة، وهي قوى عريضة بالملايين، وليست محصورة في فئة أو شريحة معينة؛ إنها باتساع المجتمع المصري بكل مكوناته غير الفاسدة، التي شاركت في الثورة؛ كل فرد فيها يشعر بأن الثورة ثورته وأنه أحد صناعها، وأن دم الشهداء لا يجب أن يذهب هباء، وعددهم ليس بالقليل، بعد أن اقترب عددهم من خمسائة شهيد وأكثر من خمسة آلاف مصاب وجريح ومعاق.
تشابه شديد بين الثورات العربية وردود أفعال حكامها
قال الكاتب علي جرادات في صحيفة الخليج الإماراتية: أثبتت وقائع التاريخ العربي وشواهده أن مصر ليست الدولة العربية المركزية فقط، بل، هي مفتاح الأمة العربية ومعيار عافيتها أيضاً . لذلك، ومع احتساب اختلاف السرعة والخصوصية وطبيعة العصر، فإنه لا غرابة في أن تنعكس ثورة مصر على بقية الأقطار العربية، كما انعكست الثورة الفرنسية في زمانها على بقية البلدان الأوروبية.
أكد الكاتب ماجد الشاهري في صحيفة القدس العربي أن هناك تشابها كبيرا في ثورات العالم العربي، مشيرا إلى أن هذه الثورات تفصلها مدد زمنية كي تستوعب ما حدث، وتقوم بالبناء عليه، وقال: إن المشترك في هذه الثورات انها من دون قيادات رأسية ظاهرة ومن دون أحزاب مهيمنة، والظاهر فيها إلى الآن أنها ثورات شعبية بالمعنى الاجتماعي الحرفي للشعبية. اي انها فوق الأحزاب والتكتلات - بمختلف أشكالها - تعرف ما تريد ولكنها من دون أدوات لتحقيق ما أرادته قي مرحلة ما بعد الانتصار - واعني بالأدوات القيادة الواحدة المتفق عليها - وهو الأمر الذي أدى الى جعل رموز او شخوص من النظم المهزومة المخلوعة سواء في تونس او مصر هي التي تتكفل او تشرف على تحقيق مطالب واهداف الثورة في البلدين - وعلى ما يبدو سيتكرر هذا في ليبيا.
وأوضح الكاتب خليل حسين في صحيفة الخيلج الإماراتية أن أوجه تشابه وتباين بين الثورتين السابقتين في مصر وتونس والحالية في لييبا تم من خلال آلية مواجهتها، وقال: في التونسية والمصرية فزاعة الإسلام السياسي المتطرف ظهرت بقوة، كما في الثالثة . دعوة الخارج إلى تأييد الأنظمة وعدم دعم الثورات ولو بالبيانات، خوفاً من الإمارات الإسلامية التي ستطيح بالديمقراطية الغربية التي تدّعي هذه الأنظمة وصلا بها . إعلانات واضحة بالجملة والمفرق بأن من في هذه الأنظمة هي ما زالت صالحة لاحتواء شعوبها ومنعها من حكم نفسها بنفسها والتعبير عن تطلعاتها. واستطرد: بين هذه الثورات الشعبية مشترك يتمثل في عفويتها وقدرتها على التغيير منفردة، ورفعها لشعار واحد هزَّت أنظمة وأسقطتها بأيام بعدما حكمتها وتحكّمت بها عقوداً وعهوداً . شعار واحد، مفاده “الشعب يريد"، وتنسل المطالب على الكثير من المطالب إضافة إلى النظام . والمشترك أيضاً في ما بينها عدم وجود أحزاب معارضة فاعلة إلى جنبها، وإن وجدت كانت وراء هذه الجماهير لا أمامها، ومن الممكن أن يكون هذا الأمر سر نجاحها حتى الآن .
كما أشار الدكتور محمد السعيد إدريس في صحيفة الخليج إلى أن هناك الكثير من عوامل التشابه في الإخفاق الذي أظهره النظام التونسي ومن بعده النظام المصري ويتكرر الآن في ليبيا واليمن . أول هذه العوامل المسؤولة عن السقوط هو الاعتقاد الخاطئ لكل نظام عربي أنه دائماً على صواب ولا يفعل إلا كل ما هو صحيح، وأنه محصن من أي اهتزازات أو اضطرابات، وأن كل من يمكن أن يقف في وجه النظام هو إما مستأجر من الخارج أو عميل لقوى خارجية، وأنه جزء من مؤامرة خارجية تستهدف النظام.
قال الكاتب صالح عوض في صحيفة الشروق الجزائرية: لا يمكن توصيف ما عليه الشارع العربي وهو يتابع أحداث ثورة مصر إلا بعودة الروح وعودة الإحساس بالذات في مواجهة التحديات القاهرة.. فشعوب العرب في مشرقهم ومغربهم وصلت أمواج الثورة إلى حدود قلوبهم فغسلتها من سخائمها وطهرتها من العجز ولعل البعض لا يزال غير مصدق إلى أي حد وصلت هذه الثورة.
وقال الكاتب الدكتور غسان قلعاوي بصحيفة الخليج الإماراتية إن مصر الأصيلة جديرة بالتغيير وبتبني نموذج اقتصادي فيه الكثير من ملامح ما علمتنا إياه مصر قبل عقود الانهيار العربي، عندها سيتطور دور مصر في عالمها العربي ليمثل “الأمل والقدوة معاً" ويبرز نماذج التنمية الحقيقية الأخرى في الهند وفي ماليزيا وفي تركيا وكوريا وسواها . وأضاف: صحيح أن نماذج التنمية تلك لم تكن بؤرة لعوامل أجنبية واضحة وصريحة في إعاقتها لتنميتها، لكن وعي عرب التغيير لأثر هذا العامل الأجنبي الخطر كفيل بالتغلب عليه لا بالحرب، فقد لا تكون الحرب ضرورية لتحجيم كيان متسلط بحصار واعٍ وبجهد تنموي يدرك عدو تنميته ويكشف أساليبه .
وأشار الكاتب حسن مدن في الصحيفة سالفة الذكر إلى أن التطورات الجديدة في الوطن العربي، بعد ثورتي تونس ومصر وما تلاهما، جاءت لتؤكد هذه الوجهة، حيث دفعت إلى الواجهة بفعاليات شبابية، لم يُعرف عنها الميل إلى السياسة في ما سبق، ولكنها بالتأكيد كانت تبحث عن خيارات أفضل لأوطانها، من خلال التواصل عبر شبكات التواصل الحديثة، في غياب الحريات في الواقع الفعلي . وتابع: يبقى أن الشعار المتصل بإمكانية بناء عالم عربي أفضل من هذا الذي نعيشه اليوم غدا اليوم شعاراً جاذباً لكل القوى التي ترغب وتعمل في سبيل ان ترى أوضاع أوطاننا وشعوبنا وقد تغيرت جذرياً، وكسرت حالة الجمود وتخثر الدماء في عروق وشرايين مجتمعاتنا، وهو إلى ذلك شعار واقعي لأنه ينظر في الممكنات لا في المستحيلات .
قضية أخرى انتقد الكاتب مأمون فندي في صحيفة الشرق الأوسط، الدساتير القديمة وواضعيها، وقال: لا أجد غضاضة في نقد تلك الهالة التي نضفيها على عظمائنا من الكتاب ومن كتبة الدساتير، هؤلاء أناس عاديون يحتاجون إلى المساعدة ويحتاجون إلى نقد جاد، فالدروشة السياسة لا تصلح لعالم ما بعد 25 يناير. وأضاف: أعلم أن في ذلك خسارة سياسية في مواجهة الرأي العام، ورفع المرآة أمام الجميع حتى نرى صورتنا على ما هي عليه وليس كما نتمناها. دساتيرنا كلها سيئة ولا تصلح إلا لعصور الاستعباد، و«الدساتير المحترمة مالية الدنيا»، فلنأخذ لأنفسنا دستورا محترما ونضيف إليه صبغتنا المحلية.