لفت انتباهي أثناء مشاهدتي ومتابعتي لبعض القنوات د.خالد حسن الحريري التلفزيونية الفضائية المصرية قيام العديد من شباب الجامعات العربية باعتصامات ومظاهرات داخل أروقة جامعاتهم للمطالبة بالتغيير لبعض القيادات الأكاديمية والإدارية في بعض كليات الجامعات المصرية . وضرورة تطوير الأداء الأكاديمي والإداري في الجامعات المصرية ليواكب المرحلة الجديدة في مصر مرحلة ما بعد ثورة التغيير في النظام السياسي المصري والتي قادها شباب مصر في الخامس والعشرين من يناير الماضي . وبنظرة سريعة إلى واقع جامعتنا اليمنية ومدى حاجتها للتطوير والتغيير نجد أن معظم هذه الجامعات وخاصة الجامعات الحكومية في أمس الحاجة إلى تطوير أدائها الأكاديمي وبرامجها وخدماتها ومساقاتها الأكاديمية ونظم ووسائل وأساليب أداء وتقييم هذه البرامج والخدمات لطلابها والمجتمع, بالإضافة إلى حاجة بعض هذه الجامعات إلى التغيير للعديد من قياداتها الأكاديمية والإدارية التي مضى على تعيينها أعوام عديدة وأزمنة مديدة دون أن تسهم هذه القيادات في إنتاج قيمة مضافة علميا وبحثيا وإداريا تحقق فائدة ملموسة لجامعاتها أو مجتمعها, بل أن العديد من هذه القيادات وللأسف الشديد حققت خلال مسيرة قياداتها الأكاديمية أو الإدارية في الجامعة قيماً مادية مضافة لنفسها عززت وضعها المادي والمعيشي في المجتمع ورسخت مركزها القيادي لفترة طويلة الأجل في جامعاتها وجعلتها من رموز الفساد المالي والإداري في هذه الجامعات والمجتمع وحجر عثرة أمام أي جهود أو محاولات للتطوير والارتقاء بالأداء الأكاديمي والإداري في هذه الجامعات, وركزت هذه القيادات جهدها في الحفاظ على وضعها ومصالحها الشخصية ومحاربة كل عنصر جديد أكاديمي أو إداري في محيط عملها يحمل فكرا حديثا أو يمتلك رؤية متطورة وفعالة لتطوير وتحسين الأداء الإداري والأكاديمي في الجامعات باعتبار مثل هذه العناصر المبدعة تشكل مصدر خطر وتهديد لهذه القيادات ووضعها ومركزها الأكاديمي والإداري في الجامعات . وذلك بدلا من ان تركز هذه القيادات على الارتقاء بالأداء الأكاديمي والإداري في أقسامها وكلياتها وجامعاتها ليواكب متغيرات العصر ومتطلبات الجامعة وسوق العمل من مخرجات الجامعات . لقد سبق لي وغيري من أساتذة الجامعة كتابة العديد من المقالات حول الجامعات اليمنية وضرورة تطوير أدائها الإداري والأكاديمي بالإضافة إلى تقديم بعض البحوث والدراسات في هذا الاتجاه خلال العامين السابقين, لكن للأسف الشديد لم أجد لهذه الكتابات والدراسات صدى على ارض الواقع العملي مما جعل اليأس والإحباط يتسلل إلى نفسي وقلمي فأحجمت لفترة عن الكتابة حول هذا الجانب لكن ثورة الشباب في بلادنا ووطنا العربي أعادت إلى نفسي وقلمي بصيصاً من الأمل في أن نجد اليوم وغدا في قيادات التعليم العالي والجامعات في بلادنا من يعير ما نكتبه ونقوله وننادي به بعض الاهتمام وينظر إليه بعين الحريص على خدمة وطنه ونهضته وتقدمه باعتبار التعليم محور أساس وتقدم ونهضة الشعوب, ولا ينظر إلى ما نكتبه وننادي به لتفعيل وتطوير الأداء الإداري والأكاديمي بجامعاتنا على انه استهداف شخصي أو أننا نطمع من خلاله إلى الحصول على مكاسب ومصالح شخصية أو حب للظهور ... الخ, فالله وحده يعلم مدى حرصنا على الارتقاء بأداء جامعاتنا نحو الأفضل بما يعزز مكانتها ومركزها محليا وعالميا . ويعزز من دورها ومساهمتها في خدمة المجتمع . إن جامعتنا الحكومية اليوم تقف أمام جملة من التحديات التي أفرزتها ظاهرة العولمة والتطور المتنامي في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وأساليب وتطبيقات تكنولوجيا التعليم ودخول جامعات خاصة وأهلية محلية وعربية وأجنبية متنوعة إلى سوق التعليم العالي في الجمهورية اليمنية، وبالتالي فإن بقاء وقوة هذه الجامعات وقدرتها التنافسية وتعزيز مكانتها في المجتمع مرهون بمدى قدرتها على مواجهة هذه التحديات من خلال المبادرة إلى إحداث التغيير والتطوير في برامجها وقياداتها وأساليب ونظم أدائها بما يواكب التطورات التكنولوجية والمتغيرات الحديثة في هذا المجال الهام والحيوي ويلبي متطلبات العصر الراهن الذي أصبح فيه معيار نجاح وتقدم أي جامعة أو مؤسسة تعليمية يقاس بالمستوى العلمي والأكاديمي لخريجيها ومدى تسلحهم بمهارات تطبيقية تتلاءم ومتطلبات سوق العمل المعاصر ,ومدى مساهمتها في خدمة مجتمعها وبيئتها, وليس بعدد خريجيها أو بجرعات الحفظ والتلقين لمقررات بعيده عن الواقع العملي ومتطلبات سوق العمل ..ولاشك بأن تعزيز قدرة الجامعات اليمنية على التغيير ومواكبة التطورات المعاصرة يتطلب في المقام الأول وجود قيادات إدارية وأكاديمية عليا في هذه الجامعات تمتلك ثقافة التغيير وتؤمن بضرورة القيام به وتجسيده على ارض الواقع في مختلف جوانب ومجالات الأداء الإداري والأكاديمي بالجامعات اليمنية ,وتدير مهامها بروح المبادرة والإبداع وليس برد الفعل, وتعمل على دعم وتشجيع ورعاية المبدعين وصناع التغيير من أساتذة وطلاب الجامعات وتمكينهم من نشر وتطبيق إبداعاتهم لتحقيق التطور والنهوض بجامعاتهم وتعزيز قدرتها على مواكبة أحدث التطورات المعاصرة . والله من وراء القصد. * أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز [email protected]