في قراءة تأملية فاحصة لما يجري في ساحات وميادين التغيير باليمن - منذ سقوط ثاني الاصنام التي هجنت الشعوب العربية وجعلتها فريسة للفساد والعبث والفوضى والتسلط ، بل وجعلت منها شعوبا محبطة خائفة ذليلة منكسرة – توصلت الى استنتاجات .. قد تكون واقعية بنسبة كبيرة ، وقد تكون ابعد قليلا ... لكنها تظل في محيط ما يجري .. ولا تبتعد عنه بأي حال من الاحوال . في ميادين وساحات التغيير المطالبة بالرحيل واسقاط النظام تتواجد جموع يحدوها - من حيث المبدأ - الطموح المشروع في الخلاص من حكام يرون فيهم عنوانا للكثير من علامات الافلاس السياسي الشامل . وهذه الجموع تتألف من تنظيمات وفرق وفئات يمكن تقسيمها على النحو الآتي :- - اعضاء التجمع اليمني للإصلاح (جماعة الاخوان ) ، ويمثلون 30% . - اعضاء الحزب الاشتراكي اليمني وعناصر الحراك الجنوبي ، ويمثلون 10% . - اعضاء الحزب الناصري ، ويمثلون 10% . - اعضاء حزب الحق والحوثيون ، ويمثلون 10%. - الشباب المنتمون للأحزاب الاصغر والمستقلون ، ويمثلون 15% . - المتعاطفون والمستقيلون من المؤتمر الشعبي العام ، ويمثلون 5% . - مجموعة من الفاسدين الذين كانوا شركاء فاعلين في وصول اليمن الى ما وصلت اليه وكأنهم يقومون بإعادة التموضع ترقبا لكل الاحتمالات ، وهؤلاء يمثلون 5%. - القبائل والانتهازيون والمتربصون من اصحاب التجارب المعارضة - فيما سبق من عمر الجمهورية - لدولة المؤسسات والنظام والقانون ، ويمثلون 10% . -المرتزقة والمأجورون من افراد بعض القبائل القادمون على نفقة بعض المشائخ وهؤلاء يماثلون من حيث الضمائر الميتة والولاء من يطلق عليهم مسمى البلاطجة لدى الطرف الاخر ، ويمثلون 5% . وجميع هؤلاء بنسبهم التقريبية المختلفة لا يتجاوز عددهم الفعلي ثلاثة ملايين شخص في عموم المحافظات التي تتواجد فيها ساحات التغيير والاعتصامات . أما في الجانب الآخر الذي يقف سندا ودعما للحاكم بمبادراته المتتالية ، وهم ايضا يطمحون فعليا في الخلاص من مرحلة حرجة يرونها فترة مرضية مترهلة اوصلت البلد الى هذا النفق المظلم ، فيمكن تقسيمهم على هذا النحو :- - محبين ومخلصين للحاكم لقناعتهم بإنجازاته مهما كان حجمها ، ويمثلون 10%. - مسؤولين وقيادات مدنية وعسكرية نافذة تخشى سوداوية المستقبل ، ولا تمتلك القدرة على اجابة السؤال : من اين لك هذا ؟ في حال سقوط النظام ونجاح الثورة ، وهم يمثلون 10%. - عناصر سلبية من تلك التي تمارس الفساد ، وتعشق المال العام حين تأت المكرمات والعطايا وتؤمن بفكرة (الفود اوالفيد )ولا يعنيها أمن واستقرار الوطن او خرابه ، وهم يمثلون 25% . - متعاطفون مع الحاكم ومؤيدون لمبادراته ..خوفا من المصير المجهول في حال انزلقت الاوضاع الى لغة البنادق ، وهؤلاء يقرأون ما يجري من زاوية متناقضات ما تحتضنه مخيمات الساحات المطالبة بالتغيير ، ويمثلون 55% ويمكن تقدير عدد هؤلاء بحوالي خمسة ملايين شخص كحد اعلى . أما الاغلبية الصامتة أوالمتفرجة التي اكتفت حتى الآن بالمتابعة لما تبثه الفضائيات وما تنشره وكالات الانباء وهم في الحقيقة السواد الاعظم من جموع ابناء اليمن، فيمكن تقسيمهم الى ثلاث فرق :- - فريق مع فكرة وطموح وحلم التغيير بطريقة سلمية ديمقراطية ، وفقا لرؤية الحاكم ، ويمثلون 50%. - فريق متعاطف مع شباب الثورة المطالب بسرعة الرحيل ، لكنه يخشى همجية وعنجية بعض المغامرين ذوي الماضي السيئ الذين يتدافعون الى الساحات لأغراض مريبة ، ليست بعيدة - من وجهة نظرهم - عن هواجس التمزق والتشظي والفوضى والحرب الاهلية ، ويمثلون 30% . - فريق خامل وسلبي يتعاطف مع الحاضر بكل ما فيه من فساد او تدني طالما لم تحدث تطورات اسوأ تنهار معها دماء اضافية وتتساقط فيها ارواح بريئة من فلذات وابناء الوطن ، وهؤلاء يمثلون 20%. ومجموع تعداد الاغلبية الصامتة يتجاوز الخمسة عشر مليونا . فهل تعني هذه المؤشرات والقراءات اننا بالفعل امام تجربة مختلفة تماما عن تجربة الثورتين التونسية والمصرية ؟ وان على ابناء هذا الوطن العظيم ان يختاروا اسلوبا مختلفا للمعالجة ؟ هل يدرك الساسة واصحاب القرار الذين يحركون الساحات والميادين ان المسألة أشبه ما تكون باللعب بالنار؟ هل يعلمون ان ثقافة تبادل الاتهامات وتعميم ثقافة الانتهازية والزج بالشباب في اتون معركة غير متكافئة قد يعجل بتحقيق الصوملة المقيتة ؟ أم ان لهم رؤى مختلفة تجعل من الاستمرارية اسلوبا وطريقة قد تتمخض عنها تحولات وقناعات تعيد للشباب ألق تطلعاتهم في تحقيق ثورة سلمية راقية ؟ حقيقة أنا لااخشى العقلاء فهم اكثر فهما واستيعابا وقدرة على التعاطي وفق فلسفة الحكمة اليمانية . لكنني - وربما يشاطرني البعض تخوفي - اخاف تطرف وحماقات من افسدوا الحياة وخلعوا ثيابهم المتسخة وارتدوا قمصان الزهد وصاروا ينشدون الدولة الحديثة التي يسودها الاخاء والحب والقانون والسلام !