براقش نت - منذ انطلاق الثورة الشبابية السلمية قبل حوالي ثلاثة أشهر في عدة محافظات يمنية، ظهرت حكايات تبدو أقرب إلى الخرافة، في حين راجت معلومات وشائعات كثيرة روجها أطراف الأزمة عبر وسائلهم الإعلامية. من أحد مكبرات الصوت المعلقة على جدار بناية مجاورة لخيمته، يتابع الآلاف من المعتصمين وبشغف، الأصوات المتنوعة التي تنطلق من المنصة الرئيسية لساحة التغيير أمام بوابة جامعة صنعاء. لكن هذه المرة كثير من الشباب أزعجهم نبأ احتفت به المنصة، أو على الأقل الشاب الذي أذاعه. ويروي محمود (23 عاماً)، وهو مقيم في ساحة التغيير، أنه كان منهمكاً يهمهم بأغنية حماسية 'هذه يومي أسير في ضحاها' للفنان اليمني الشهير أيوب طارش، وإذ بالصوت القادم يعلن نبأ هاما، لكنه شعر بالاستياء بمجرد سماعه. يقول محمود ل'الجريدة': 'إنه ليس أكثر من خرافة'.
أحلام وخروف
أعلن مذياع منصة ساحة التغيير ذات مساء، خبراً مفاده أن هناك امرأة تقول إنها رأت في منامها الرسول (ص) وهو يقول لها 'أنت الآن داخل الجنة'، وفي ذلك إشارة الى 'مكان الساحة' التي يحتشد فيها مئات الآلاف. ويقول عضو ائتلاف شباب الثورة ياسر العامري ل'الجريدة' إنه ورفاقه لا يحبون أن يروجوا مثل هذه الحكايات في أوساط الساحات حتى وإن كان بعضها صحيحا، كالخبر الذي أظهر مع الصورة ولادة خروف مكتوب على رأسه 'ارحل' وتم بيعه لأحد الشخصيات المؤيدة لثورة الشباب. وأشار العامري (27 سنة)، إلى أنه وغيره من الشباب المعتصمين والمساندين، يؤمنون بأن هناك طموحا واحدا هو إسقاط النظام بطريقة حضارية سلمية وبشعارات ومعلومات وآراء تظهر أنهم نواة حقيقية لمستقل الدولة المدنية المنشود، 'على العكس مما يروجه النظام وأتباعه لقلة قليلة من اليمنيين محاصرين بالجهل والأمية'، على حد قوله.
تأثير الخرافة
وعلى الرغم من أن هذه الحكايات تبدو 'مخجلة ومضحكة في آن واحد'، حسب بعض الشباب، إلا أنها تترك تأثيراً لدى البعض من كبار السن الذين لم يأخذوا حقهم من التعليم والتوعية. وقد احتفت وسائل إعلام رسمية بخبر شاب من محافظة عمران وقاصرة من محافظة حجة أقدما على الانتحار عندما سمعا أن الرئيس سيتنحى عن السلطة. وبنوع من الجزم، يؤكد المواطن غالب ناجي، من محافظة إب، أن هناك يدا إلهية وملائكة واقفين في صف الرئيس صالح، وذلك كتعليق على ما نشرته وسائل إعلام رسمية من خبر مفاده أن رياح عاتية اقتلعت خيام المعتصمين ضد الرئيس في محافظة حجة. لكن نشوان دحان وهو أحد شباب التغيير، يسخر من هذا الخبر. ويقول في احد تعليقاته الطريفة على صفحته الشخصية في ال'فيس بوك': 'سبحان الله... شفتوا يا جماعة... حتى الملائكة ينتمون إلى الحزب الحاكم،'، في إشارة منه أن هناك مبالغة في نشر الخبر تصل إلى درجة الخرافة. ويعتقد مراقبون محليون أن استدعاء مثل هذه الخرافات والمعلومات المضللة أمر طبيعي في مثل هذه الأزمات التي تنشب بين طرفين اثنين في مجتمعاتنا التقليدية كاليمن. ويقول الصحافي نائف حسان ل'الجريدة' إن المجتمعات التقليدية ومنها اليمن مازالت الخرافات تنتشر فيها وتؤثر للأسف، على كثيرين. ذلك أن بعض أفراد المجتمع اليمني مازال يؤمن أن السماء يُمكن أن تتدخل بشكل مباشر في الأرض لصالح س أو ص من الناس'، مضيفاً أن 'العرب أحيوا الخرافة في صراعاتهم وخلافاتهم، تأريخياً'. كل هذا ليس ببعيد مما يمارسه القذافي في ليبيا مثلا، بأن 'العين أصابت الشعب الليبي بمقتل'.